الأربعاء، 8 يوليو 2020

*سراج النعيم يكتب : (الفساد) واستثمارات رجال الأعمال السودانيين بالخارج للاعب الرئيسي في تأخر السودان*


........ 
يبقي (الفساد) المستشري منذ النظام البائد، واستثمارات رجال المال والأعمال السودانيين خارج البلاد اللاعب الرئيسي في تأخر السودان عن اللحاق بركب الدول المتطورة سياسياً، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا موفكريا.
إن (الفساد) الأكثر تأثيرا ذلك الذي تتم اساءته بإستخدام السلطة الممنوحة لبعض الشخوص بما يتناسب واهواء من يتقلدون المناصب التنفيذية في (الحكومة)، وظهر ذلك بجلاء في نظام الرئيس المخلوع عمر البشير على مدي ثلاثة عقود حكم خلالها النظام البائد البلاد حكماً احاديا، وذلك من خلال حزب المؤتمر الوطني (المحلول)، وبالتالي فإن من ينتمي إليه يطوع السلطة لتصب في  مصلحته الشخصية، وليس لديه إستعداد لأن تكون المصلحة عامة، مما حول ذلك التفكير المحدود المسئول أو الوزير أو الرئيس إلى (سماسمر) أو (تاجر) أو (رجل أعمال) حتي أصبح البعض أثري أثرياء السودان، وذلك بامتلاك السلطة، الثروة والنفوذ، فالموظف الفقير أضحي من الأثرياء في السودان بالاستفادة من (الفساد) الذي استشري في النظام  السياسي المتنوع في أشكاله، وسهل ذلك التنوع الالتفاف حول المال العام، والذي مع مرور الأيام أصبح كسبا مشروعا له ولحزبه أو تنظيمه الذي يتجه إلى توظيف من يدينون له بالولاء، وبالتالي لا يعتمدون على مؤهل أو كفاءة أو خبرة بقدر ما أنهم يعتمدون اعتمادا كليا على المحسوبية والتذكية، وربما هذا النهج كان مداخلا قويا للرشوة والابتزاز، مما سهل للأنشطة الإجرامية المحمية بالقوانين، وذلك في ظل سلطة تنفيذية (هشة).  
ومما ذهبت إليه فإن (الفساد) استشري في كل مفاصل الدولة بلا استثناء، وأصبح كل فاسد يمارس فساده بالصورة التي تروق له، وعلى أعلي مستوي، وهو الأمر الذي ينطبق عليه المثل القائل : (كيف يستقيم الظل والعود اعوج)، و(إذا كان رب البيت بالدف ضارب، فشيمة أهل المنزل الرقص والطرب). 
إن أخطر أنواع (الفساد) ذلك الذي تحميه الصلاحيات الممنوحة للفاسد، وهي أشبه بترك الحبل على القارب، وعليه يمارس إجرامه المحمي بالقوانين المفصلة على حسب تلبية الرغبات، هكذا يستفيد (الفاسد) من التأثيرات السياسية على الوزارات، المؤسسات، الشركات والمصارف، مما يجعل السلطة التنفيذية تمارس كل أنواع الفساد، ومثل هذا السلوك يطلقون عليه تجميلا (التسهيلات)، بالإضافة إلى الابتزاز الذي يتم في كثير من معاملات هي حق من حقوق المواطن، إلا أن الفاسد يستفيد من الظروف الاجتماعية والعقلية القائمة في إطار البحث عن (وساطة) قبل التوجه لقضاء المعاملة لدي المصلحة الحكومية المعنية، والتي أضحى (الفساد) الأخلاقي فيها عميقا، ويمثل تحدياً خطيراً في إيقاف عجلة التنمية، لذا يظل (الفساد) السياسي الأخطر لأنه يقوض النظام الديمقراطي، ويعوم مسارات التنمية، يعيق عملية العدالة، مما يجعل المساءلة غير جائزة لمن يستغل السلطة لمصلحته الشخصية، وبالتالي ينجم عن ذلك (فساد) في السلطة التنفيذية والعدلية، وهذا الفساد يفقد الحكومة هيبتها وسيادتها للقانون، فلا إنصاف في توزيع الخدمات بعدالة، هكذا ينخر الفساد كالسوس في الوزارات، المؤسسات، الشركات والمصارف، مما يجعلها غير قادرة على أداء الدور المنوط بها في ظل التجاوزات، واستنزاف الموارد، فكل شيء مسروق، وكل شيء يباع ويشترى، ومثل هذا الواقع المعاش يسفر عنه تقويض الشرعية المنوط بها ضبط حركة المال العام بما يصب في المصلحة العامة. 
وخلال السنوات الماضية لعب (الفساد) دوراً أساسيا في إيقاف عجلة التنمية الاقتصادية، إذ أن الأموال التي يفترض أن تدخل الخزينة العامة تذهب إلى الخزن الخاصة، وهذا يعود إلى التشوهات التي حدثت آنذاك، وكلما انتشر (الفساد) في القطاع العام شجع القطاع الخاص على ممارسة ذات الفعل بصورة أبشع من حيث تمرير المعاملات المشكوك في سلامتها أو غير المشروعة، وبالتالي يأخذ صاحبها حق ليس من حقوقه، وهو أمر يفتح الباب مشرعا للفاسد لزيادة نفقاته دون مراعاة للمصلحة العامة، متجاوزا بذلك ضوابط العمل الإداري الذي يأخذ في إطارها (الرشوة) مقابل هذه المعاملة أو تلك، وهذه المعاملة يستحدث في إطارها القرارات التي يؤخر إنجازها في وقتها المحدد، فالفساد ايا كان يشوه العمل الإداري المنحصر في إطار تقديم الخدمات للجمهور بمقابل بدلاً من إنجازها (مجاناً)، ويساعد على ذلك طالب المعاملة من المصلحة المعنية، وهي تجد الحماية من جهات ربما تكون نافذة في الحكومة، الأمر الذي جعل التنافس منحصرا في الفساد أكثر من الصلاح، ما يعني ذلك عدم التنافس في السوق التجاري الذي سيطر عليه المفسدين من خلال بعض الوزارات، المؤسسات، الشركات، المصارف المفتقرة للكفاءة، مما أنتج عن ذلك تشوهات اقتصادية في القطاع العام، وتحول المال العام لاستثمارات تصب في مصلحة أشخاص يستفيدون من الفساد لسرقة ونهب الأموال العامة بصورة مقننة، وذلك من خلال التعقيدات الفنية لإخفاء معالم  التعاملات غير المشروعة، ما يؤدي إلى زيادة التشويه القائم أصلاً، والذي تنجم عنه  معدلات عدم الإلتزام بالضوابط الحافظة للمال العام، وأمثال هؤلاء يرفضون المراجعة القانونية الداخلية، وبالتالي يستمر (الفساد)، مما يؤدي إلى تردي الخدمات الحكومية، وزيادة الضغوط على ميزانية الحكومة.
فيما يقول خبراء الاقتصاد بأن أحد أسباب اختلاف معدلات التنمية الاقتصادية بين أفريقيا وآسيا يعود إلى أن الفساد في أفريقيا قد إتخذ شكل اشتقاق الإيجارات الذي ينجم عنه تحريك رأس المال إلى الخارج بدلاً من استثماره في الداخل (وهو النمط التقليدي والمحبط الذي نشهده في قيام الحكام الدكتاتوريين الأفارقة بإنشاء حسابات مصرفية لهم في بنوك سويسرا). أما الإدارات الفاسدة في آسيا من قبيل إدارة سوهارتو فغالباً ما إتخذت هيئة الحصول على حصة في كل شيء (طلب الرشى)، إلا أنها تمكنت بخلاف ذلك من توفير جميع شروط التنمية عن طريق الاستثمار في مشاريع البنية التحتية ودعم سيادة القانون وما إلى ذلك. ويقدر الباحثون في جامعة ماساشوسيتس ان تهريب رؤوس الأموال من 30 دولة أفريقية للفترة بين 1970 و1996 قد بلغ 187 مليار دولار وهو ما يفوق مديونيات هذه الدول مجتمعة، وهو ما ينجم عنه تخلف أو تنمية منقوصة وهو ما أطره الاقتصادي مانكور اولسون في نظرية وضعها لذلك). وأحد العوامل التي تقف خلف هذا السلوك في حالة أفريقيا كان عدم الاستقرار السياسي وحقيقة أن الحكومات الجديدة عادة ما تصادر أرصدة الحكومات السابقة التي حصلت عليها عن طريق الفساد. وهذا ما شجع المسؤولين على تخزين ثرواتهم خارج البلاد لكيلا تطالها قرارات المصادرة الحكومية في المستقبل.

🛑 Awtar Alaseel news  https://www.facebook.com/groups/sraj2222/

🛑 alarisha news 
http://alarisha.net/wp-admin/customize.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...