..........................
زوج يهجر زوجته في ظروف غامضة فتلجأ إلي محكمة الأحول الشرعية
........................
حرم شداد : الظروف الاقتصادية القاهرة وراء هجر وهروب الأزواج
.......................
وقف عندها : سراج النعيم
.....................
تواصل (الدار) فتح ملف سيدات لا (متزوجات) ولا (مطلقات) ولا (أرامل) ومع هذا وذاك ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ إليهن ﻧﻈﺮﺓ ﻋﻄﻒ ﻭﺷﻔﻘﺔ ﻧﻈﺮﺓ يرفضنها ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻮﻫﻠﺔ ﺍﻷﻭﻟﻲ ﻟﻤﺎ ﺗﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﺩﻻﻻﺕ ﻭﻣﻌﺎنى ﺗﺒﻴﻦ ﻋﺠﺰﻫﻦ ﻋﻠﻲ ﻣﺠﺎﺑﻬﺔ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ، ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﻦ ﻳﺴﺘﺜﻤﺮﻥ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﺧﺎﺻﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﺎنت ﻣﺪﻟﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﻴﻂ ﺃﺳﺮﺗﻬﺎ التى ﺗﻈﻬﺮ ﻟﻬﺎ انها محبطة، ﻭﺃﻥ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﻮﻗﻔﺖ وﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ إلي ﺳﺎﺑﻖ ﻋﻬﺪﻫﺎ.
ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺒﻘﻲ ﻧﻈﺮﺓ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ لهن ﻧﻈﺮﺓ للكثير من السيدات نظرة عطف ﺗﺪﺧﻠﻬﻦ فى ﺣﺎﻟﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻏﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻌﻮﺑﺔ ﻧﺴﺒﺔ ﺇلي ﺍﻟﻀﻌﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻤﺘﺎﺯ ﺑﻪ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻋﺎﻣﺔ، ﻭﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺃﻥ ﺗﻐﺎﻟﺐ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻀﻌﻒ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺪﻣﻮﻉ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻨﻈﺮﺓ على ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﻧﻈﺮﺓ ﺗﺪﻋﻮﻫﻦ ﺇلى ﺃﻥ ﻳﻜﻦ ﻗﻮﻳﺎﺕ ﻭﺻﺎﺑﺮﺍﺕ ﻭﺣﻜﻴﻤﺎﺕ ﺣﺘﻰ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯﻥ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺑﺴﻼﻡ.
فيما أصبح هجر الأزواج لزوجاتهم أو أسرهم من الظواهر الاجتماعية السالبة المنتشرة بصورة مقلقة جداً، والشاهد علي ذلك قاعات المحاكم الشرعية والإعلانات عبر الصحف السيارة، فالأزواج يخرجون من المؤسسة الزوجية أو الأسرة ولا يعودون إليها لأسباب كثيرة منها الظروف الاقتصادية، والهجر ليس ظاهرة جديدة بقدر ما أنه أصبح في هذا العصر أكثر انتشاراً واشد قسوة وايلاماً.
ومن القصص المؤثرة في هذا الإطار ما ذهبت إليه أحدي السيدات قائلة : أنا واحدة من نساء بلادي لا (متزوجات) ولا (مطلقات) ولا (أرامل)، إنما (معلقات) مع وقف التنفيذ، وبالتالي لا ندري ما الوضع الذي نركن له في ظل هذا المصير المجهول، السؤال هل نحن (متزوجات) وفي عصمة أزواجنا، ولا نستطيع أن نعيش حياتنا كسائر السيدات المستقرات في عش الزوجية، أم إننا (مطلقات) تلقائياً بسبب الهجر أم (أرامل) باعتبار أننا لا نعرف إن كان أزواجنا أحياء أو أموات!.
وتضيف : المهم إنني عندما مرت بي الأيام والشهور والسنين بعد الزواج وجدت نفسي دون بصيص أمل في عودة زوجي من مهجره، فلم يكن امامي حلاً سوي أن ألجأ إلي محكمة الاحوال الشرعية وأرفع عريضة دعوي بواسطة محامي متخصص في هذه القضايا مع التأكيد بأنني لا أعلم وضعي القانوني، عموماً كنت أذهـب إلي الـمحكمة وأظل في الانتظار مع بعض الرفيقات الأخريات اللواتي لديهن قضايا مماثلة إما لاغتراب أزواجهن أو هروبهم لأسباب اقتصادية، وفي كلا الحالتين لا يتصلون هاتفياً ولا يبعثون برسائل.
وتابعت : هجرني زوجي بعد شهور من إتمام مراسم الزفاف، وبما إنني ظللت علي ذلك النحو لسنوات تحمست لحسم وضعي بالقانون.
وتمضي : مشكلتي تكمن في إنني تزوجته بعد قصه حب عنيفة استمرت لفترة من الزمن حتى أنها كانت مضرب مثل وسط الأهل والأصدقاء، وقبل أن يهجرني زوجي نهائياً كان يعمل في وظيفة مرموقة في الخرطوم وراتبه كبير بعد أن تم توظيفه بمؤهل أكاديمي عال إلا أنه وفيما بعد تم الاستغناء عن خدماته، فقرر علي إثر ذلك الهجرة لدولة نفطية دون أن يفكر في المصير الذي سأؤول إليه من بعده، المهم أنه كان يبعث لي بالرسائل في الأيام الأولي ثم قطعها بعد أن وعدني بإرسال إقامة، وما أن مرت شهور علي ذلك إلا وانقطعت اخباره نهائياً الأمر الذي حدا بشقيقه السفر إليه في الدولة المعنية بحثاً عنه إلا أنه لم يعثر عليه.
وتسترسل : بطريقتي الخاصة علمت أنه تزوج من أجنبية، وقرر قطع علاقته بالسودان، وعندما اتخذ هذا القرار المصيري لم يسأل نفسه ماذا عني أنا التي ظلت انتظره .
وتستمر : قال لي المحامي الذي يترافع عني في قضيتي إذا كان زوجك المهاجر يبعث لك بمبالغ مالية وتستلميها منه رغم الغياب فإنك ما زلتي في عصمته ولكن إذا حدث العكس بإمكانك الانفصال المهم بعد عدة جلسات تم تطليقي منه وبدأت حياتي من الصفر.
وتؤكد خبيرة علم الاجتماع الدكتورة حرم شداد أن الأسباب الأساسية وراء هجر الأزواج لزوجاتهم هي تحمل أعباء المعيشة الأسرية في ظل ظروف اقتصادية تزداد سوءاً يوماً تلو الآخر، وهذه الظروف أدت إلي تفكك نسيج الكثير من الأسر، خاصة في إطار انفتاح القيم والتقاليد علي أخري مختلفة عن التي ألفها المجتمع السوداني، وهذا الانفتاح علي الثقافات الداخلية قاد إلي تغيير دور الأسرة التربوي لتنشئة الأبناء، بل شاركها في ذلك (العولمة) ووسائطها المختلفة التي انجرفت بالمجتمع نحو السلبية، ومع هذا وذاك تزايدت احتمالات هروب الأزواج من تحمل المصاريف ومسئوليات الأسرة، بالإضافة إلي أن هنالك عوامل أخري تلعب فيها الزوجة دوراً كبيراً وتتمثل في عدم توفيرها الأجواء المناسبة لعش الزوجية المحافظ علي تماسك أسرتها.
وأضافت : الأكثر خطورة في هذه الظاهرة المنتشرة في المجتمعات ازدياد الضغوطات الاقتصادية والنفسية علي الأزواج نتيجة ضعف الدخل الذي يأخذه مقابل الوظيفة أو عمله، وبالتالي الأسباب كثيرة وتدور في محيط الزوج المغلوب علي أمره، وبما أن الإنسان لديه طاقة محدودة للتحمل، فإن احتمالات هجرته أو هروبه وارد بنسبة (90%) الأمر الذي يؤدي إلي تفكك الأسرة وتشرد الأبناء.
و أردفت : إن هجر الزوجات يجعلهن سيدات (معلقات) لا (متزوجات) لا (مطلقات) لا (أرامل)، أي أنهن محكومات مع وقف التنفيذ من واقع الهجر الذي أصبح سلاحاً يستخدمه بعض الأزواج غير المستقرين نفسياً لفشلهم في الحياة وعليه تجدهم يبحثون دائماً عن (شماعة) يعلقون عليها ذلك الفشل.
وتري خبيره علم النفس سلافة أن معاناة الزوجات المهجورات تتصل بالحرمان العاطفي والحياة الزوجية وتحمل مسئولية الأبناء، وهذه العوامل تعرضهن لأمراض مختلفة، منها (الاكتئاب) و(التوتر) و(النسيان) و(المخاوف) المرضية، وتظهر في شكل اضطرابات في الجهاز المعوي والتنفسي وضغط الدم، كما أن غياب الزوج يؤثر بصورة مباشرة على الأطفال.
واسترسلت : وجدت الكثير من النماذج لزوجات لا (متزوجات) ولا (مطلقات) و(أرامل)، بل فرضت عليهن الظروف أن يتزوجن من أجانب جاءوا بلادهم للتحصيل الأكاديمي أو العمل أو أجبرتهم الظروف الاقتصادية ممارسة هذا الفعل، المهم أن الفتاة بعد أن تصبح سيدة تتفاجأ بأن زوجها هجرها عائداً إلي مسقط رأسه تاركاً لها الأبناء الذين أنجبهم منها، وعليه فإن السيدات المهجورات لا يتحملن الأوضاع الإقتصادية القاهرة فقط، بل الضغوط النفسية.