الأربعاء، 27 ديسمبر 2017

سراج النعيم يكتب : أيام قلائل ونطوي الصفحة



أيام قلائل ونطوي صفحة عام بكل مناخاته، تضاريسه، جراحه، أحزانه، آلامه ومراراته، دون أن ننجز ما نأمل، أو نحقق ما نحلم به، وهكذا تمضي بنا الأعوام عاماً تلو الآخر، ونحن نعدّ أيامها وشهورها نهاراً وليلاً، والحال في حاله، إلا أننا نحمد الله علي نعمة الصحة والأمن والأمان، لقوله تعالي : (ويقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار) ويقول جل علاه أيضاً : (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً)، وفي تعاقب الليل والنهار عظة وعبرة.
هاهو عام يمضي، وكلما أشرقت شمس أو غابت نفكر في كيفية تقويم أنفسنا، إلى أن تحين ساعة الإيذان بأن نقلب صفحة ونفتح أخرى، وإن كنا لا ندري ماذا يخبئ لنا القدر اليوم أو غداً، فالأيام والشهور والسنين تمر بنا في غفلة إلى أن نجد أنفسنا علي عتبات عام جديد، نبدأ من خلاله التأمل، وتقليب صفحات سالبة وموجبة، فنكتشف أن عدداً من المصائب ألمت بنا، إلا أن الله تعالي فرجها، وكم من ذنب اقترفاه سهواً أو عمداً؟، واعتقدنا أن المولي عز وجل لن يغفره لنا، وكم مرة في حياتنا راجعنا ثواني ودقائق وساعات وأيام وشهور وسنين خلت، ونحن نتقلب بين النعمة والفتنة، بين الطاعة والمعصية، بين المنحة والمحنة.
ومن هنا يجب أن نتذكر أنه مضي من أعمارنا أعوام وأعوام إلي أن أصبحنا قريبين من قبورنا، فلنتذكر آخرتنا، قبل أن نتذكر العام في ثوبه الجديد، السؤال هل فكر كل منا بأنه وكلما مضت السويعات الأولي لهذا العام، إلا وتمضي الأيام كالسراب يوماً تلو الآخر.
من منا لم يقترف الخطيئة، رغم أن هنالك من يصوبونا بصدر رحب، وهذا التصويب نابع عن حب واحترام، ولكن السؤال لماذا نقع في الأخطاء رغم علمنا التام بأن الله تعالي قال : (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال شراً يره)، هل سيمضي هذا العام كسائر الأعوام ودون أن نجيب فيه علي السؤال؟ أم أنه سيكون مختلفاً نتجاوز فيه الأخطاء، ونفتح صفحة جديدة، فما يدرينا أن أحلامنا قد تتحقق ، رغم أنها استعصت في الأعوام السابقات.
ومما أشرت له تجدنا نتأهب لأن نودع عاماً ونستقبل آخر، ننزف في إطاره جراح، وهذه الجراح يبدو أن مصيرها مجهول، رغم أن عام يأتي وآخر يذهب، وتظل تلك الجراح مفتوحة دون أن تندمل، ونظل نحن رهناً لأعوام ماضيات، أعوام حدث فيها الكثير دون أن نتعظ أو نعتبر، بل تمادينا إلى أن أصبحت مع مرور الأيام أزمات يصعب حلها، خاصة وأن العام يمر كلمح البصر، وكلما يأتي عام يمر بنا آخر كالأمس الذي نذكره جيداً بكل تفاصيله، فهو يأخذ منا أعز الأعزاء إما بالموت أو الهجرة أو الابتعاد، بينما يقرب منا أناس لم نكن نضعهم في الحسبان، وبالتالي كل منا يقول في قرارة نفسه هذه هي سنة الحياة قائمة على الإحلال والإبدال، فإذا فقدت إنساناً عزيزاً، فإن الله تعالي يعوضك، وهذا المعوض تتذكره في وقفته، مشيته، كلامه، وكأنه موجوداً معك في حركاتك وسكناتك، حتى وإن رحل فإنه يرحل جسداً، ويبقي في الدواخل.
مر عام بعد أن علمنا أن لا نندم على من تركنا برغبته، وأن الحب قيم وأخلاق، قبل أن يكون أحاسيس ومشاعر، وأن الحب إذا فقد الاحترام ذبل، ثم يبدأ في التلاشي تدريجياً إلى أن يصبح في طي النسيان، وأن العواطف إذا لم يتحكم فيها الإنسان، فإنها تجعله غير مرتب، وأمثال هؤلاء نادراً أن يجود بهم الزمان، لأنهم يحملون قلوباً بيضاء أنقى من الحليب.
مر عام بعد أن رسم في دواخلنا حلماً جميلاً، إلا إننا استيقظنا مفزوعين على أحداث مؤسفة، فقلنا اللهم أجعلها خيراً، ثم نتساءل لماذا لا يريد ﺷﻼﻝ الدماء أن يتوقف حتى في أحلامنا وكأن أحلامنا مكتوب عليها أن لا تبارح تلك الأحزان.
مر عام ملئ بالخوف والقلق ، عام مثخن ﺑﺎﻟﺠﺮﺍﺡ التي ترفض أن تندمل، أو تستأذن، لأنه أتى سريعاً، وقبل أن نتهيأ رحل، نعم رحل دون يلوح مودعاً، ولم يخبرنا ماذا يحمل العام الجديد بين ﻃﻴﺎﺗﻪ، فبلاشك أقصى أمنياتنا أن يفارقنا الحزن، وأن كانت الأماني يستحال تحقيقها في الوضع الاقتصادي الراهن.


ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...