الخميس، 6 أبريل 2017

حكايات (ماسأوية) حول أبناء وضعوا الأمهات والأباء في دور الإيواء (3-3)



............................
الدار تعيد طبيباً شهيراً لأسرته أحضرته الشرطة لدار (العجزة والمسنين)
.............................
مغترب يعود للسودان بعد سنوات.. فيتفاجأ بوالده سجل ممتلكاته لأشقائه
...............................
جلس إليهم : سراج النعيم
.................................
وتستمر (الدار) في سرد الحكايات (المأساوية) حول دور الإيواء الخاصة بـ(العجزة والمسنين) من الأمهات والأباء الذين وجدت أنهم يعيشون وحيدين بعد أن افنوا زهرة شبابهم في خدمة فلذات الأكباد دون أن يبادلوهم الوفاء بالوفاء، فهل جرب أحداً منكم أن يسيطر عليه ذلك الإحساس المتمثل في الجلوس وحيداً لا أنيس سوي الظلام الذي يداعب في إطاره الجدران المغبّرة ، ومع هذا وذاك هواجس لا تعرف متي تنتهي، وماذا يخفي لك الغد؟.
ومن هنا نجد أن ﺩﻭﺭ ﺍلإﻳﻮﺍﺀ ﺗﺴﺘﻘﺒﻞ ﺍﻟﻨﺰﻻﺀ ﻋﺒﺮ ﻗﻨﻮﺍﺕ رسمية هي ﺷﺮﻃﺔ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻣﺪﻳﺮﻱ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻭﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺩ إلي دور الإيواء ﺗﺘﻔﺎﻭﺕ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ إلي ﺃﺧﺮﻱ، ﻓﺎﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ للعمل ﺃﻭ ﺗﻠﻘﻲ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﻓﻲ المستشفيات، ﻭﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﺻﻠﺔ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺑﺎلخرطوم ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻮﺩﻫﻢ للتسول ﻭﺍﻟﺪﺟﻞ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺫﺓ.
وفي السياق ﻳﺤﻜﻲ أحد المسنين ﻣﺎسأﺗﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺗﺖ ﺑﻪ إلي ﺩﺍﺭ (ﺍﻟﻌﺠﺰﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﻨﻴﻦ) ﻗﺎﺋﻼً : كنت مغترباً في إحدي الدول النفطية، وعندما عدت إلي السودان ﻭﺟﺪﺕ ﺃﻥ ﻭﺍﻟﺪﻱ قد ﻭﺯﻉ املاكه إلي اشقائي رغماً عن إنني أصغرهم سناً، ﻭﻟﻢ ﻳﻀﻌﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﺴﺎﺑﺎﺗﻪ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻟﻢ ﺃﺟﺪ ﻟﻲ ﻣﺄﻭﻱ ﺳﻮﻱ دار العجزة والمسنين.
وأثناء تجوالي في دور الإيواء استوقفني مسناً ﻳﺒﻠﻎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ‏(120 ﻋﺎﻣﺎً‏)، فجلست بجواره وبدأت اتجاذب معه أطراف الحديث، الذي اكتشفت من خلاله أنه ﻣﻦ ﺃﺳﺮﺓ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ أم درمان، وعندما حاولت أن أطرح ﻋﻠﻴﻪ بعضاً من ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ؟ كان يرد علي بالعودة ﺇلي الماضي ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ، وبما أنه لا يستوعب ما يدور من حوله سعت إدارة دار الإيواء للبحث ﻋﻦ ﺃﺳﺮته مستفيدة ﻣﻦ ﻫﻴﺌﺘﻪ المتمسك بها والتي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أﻧﻪ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﺇلي ﺃﻧﺼﺎﺭ ﺍﻷﻣﺎﻡ ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﻤﻬﺪﻱ، ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺑﺪﺃوا ﺭﺣﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﺚ عن أسرته بتوجيه الأسئلة إلي ﺍﻷﻧﺼﺎﺭ، ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﺇﻻ ووصلوا إلي نتيجة تؤكد ﺃﻥ ﺍﺑﻨﺘﻪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻨﻪ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮﺓ، ﻭﻟﻮﻻ ﻫﺬﻩ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻟﻤﺎ ﺗﻮصلت الإدارة إلي ﺃﺳﺮﺗﻪ، ﻭﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﺼﻨﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﺎئهة.
وفي ذات الإطار أحضرت الشرطة ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2009م ﻣﺴﻨﺎً إدارت ﻣﻌﻪ إدارة دار العجزة والمسنين حواراً توصلت من خلاله إلي ﺃﻧﻪ ﻃﺒﻴﺒﺎً شهيراً ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﺪﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ.
وتشير وقائع قصته إلي أنه خرج مع أبنائه لأداء صلاة الجمعة في المسجد القريب من منزله، إلا أنه اختفي فيما بعد، وصادف ذلك أن آﺗﻲ صحفياً ﻣﻦ ﺻﺤﻴﻔﺔ (ﺍﻟﺪﺍﺭ) ﺯﺍﺋﺮﺍً لحظة وجود الطبيب، فطلبت منه إدارة دار الإيواء التقاط صورة له وكان أن تم إنزالها في اليوم التالي ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭ الصفحة ﺍﻷﻭﻟﻰ، ﻓﺎﺗﻀﺢ بعد ذلك ﺃنه يقطن (ﺍﻟﺴﺎﻣﺮﺍﺏ) التي جاء منها أبنائه ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺎﺡ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ، وقاموا باستلامه، مؤكدين أن ﻭﺍﻟﺪﻫﻢ ﻭﺻﻞ ﺇلي ﻣﺮﺣﻠﺔ ‏(اﻟﺨﺮﻑ‏)، وأنه حينما فقد منهم كان قد ﺫﻫﺐ ﻣﻌﻬﻢ لأﺩﺍﺀ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ، ﻭﺑﻤﺎ أﻥ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻛﺒﻴﺮﺍً ﺿﺎﻉ ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ليبدأوا رحلة البحث عنه في ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﻭﻣﺸﺮﺣﺔ ﺍﻟﻄﺐ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭﺃﻗﺴﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ وﺍﻟﺘﻲ حينما ﻭﺟﺪﺗﻪ ﺃﺣﻀﺮﺗﻪ إلي دار العجزة والمسنين، وأكد أبناء الطبيب أنهم ﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮﺍ ﻳﺘﺨﻴﻠﻮﻥ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺩﺍﺭ للعجزة والمسنين.
هذا وكان الطبيب الشهير يدلى بمعلومات ﺻﺤﻴﺤﺔ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﺟﺪﺍً ﻷﻧﻪ كان ﻟﺪﻳﻪ ﻋﻴﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻣﻨﺬ ﻋﺸﺮﺍﺕ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ.
ﻭﻗﺎﻝ ﻣﺤﻤﺪ العامل في دار الإيواء : ﻳﻮﺟﺪ ﻧﻘﺺ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇلي لها دور الإيواء، ﻷﻥ ﺍﻟﻌﻼﺟﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺑﺎﻫﻈﺔ ﺍﻟﺜﻤﻦ، وهي ﺧﺎﺭﺝ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﺘﺄﻣﻴﻦ ﺍﻟﺼﺤﻲ ﻭﻣﻊ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﺍﻷﺩﻭﻳﺔ أﺭﺗﻔﻊ ﺳﻌﺮﻫﺎ، ﻭﻧﺤﻦ ﺩﺍﺋﻤﺎً نشتريها ﺑﻮﺍﺳﻄﺔ ﻓﺎﻋﻠﻲ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺄﺗﻮﻥ إلي دور الإيواء ﻭﻳﺴﺄﻟﻮﻥ ﻋﻦ الاحتياجات ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻔﻴﻨﺔ ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ .
ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻻﺣﻈﺖ ﺍﻫﺘﻤﺎﻡ كبير ﺑﺎﻟﻨﺰﻻﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﺳﻮﺍﺀ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﻭﺍﻟﻜﻤﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻷﻛﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﺜﻼﺙ ﻭﺟﺒﺎﺕ ﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺔ، ﻛﻤﺎ أﻥ دور الإيواء ﺗﻬﺘﻢ ﺑﺘﻮﺟﻴﻬﺎﺕ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ ﺍﻟﻤﺨﺘﺺ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﻧﻮﻉ ﻭﻛﻤﻴﺔ ﺍﻷﻛﻞ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﺇﻋﻄﺎﺋﻬﺎ ﻟﻠﻨﺰﻻﺀ ﺍﻟﻤﺮﺿﻲ، ﻭﻣﻊ ﻫﺬﺍ ﻻﺣﻈﺖ أنها ﺗﻔﺘﻘﺮ ﺇلي ﺍﻟﺠﻮ ﺍﻟﻌﺎﺋﻠﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺤﺘﺎﺟﻪ ﺍﻟﻤﺴﻦ ﻓﻲ ﻓﺘﺮﺓ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ أﻭ ﺍﻟﺴﻤﺮ ﺑﺎﻟﺪﺍﺭ ، ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺣﺠﺮﺍﺕ ﻋﺰﻝ ﻟﻠﻨﺰﻻﺀ ﺍﻟﻤﺮﺿﻲ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺰﻻﺀ ﺍﻟﺠﺪﺩ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺗﻘﺮﺭ ﺍﻧﻀﻤﺎﻣﻬﻢ ﺇلي ﺟﺎﻧﺐ ﺃﻥ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺗﻌﻤﻞ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﻋﻠﻲ ﺭﺑﻂ ﺍﻟﻨﺰﻻﺀ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻤﺤﻴﻂ ﺑﻬﻢ، ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺍﺕ، ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺤﻔﻼﺕ ﺍﻟﺘﺮﻓﻴﻬﻴﺔ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺟﻠﺐ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻔﺮﻕ ﺍﻟﻤﻮﺳﻴﻘﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻄﺮﺑﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻄﺮﺑﺎﺕ، ﻭﻣﻌﻈﻢ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻨﺰﻻﺀ ﻣﺤﻮﻟﻴﻦ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﺸﻔﻲ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ النفيسة.
ﻋﻠﻴﻪ ﻧﻘﺘﺮﺡ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺇﺗﺤﺎﺩ، ﺃﻭ ﻧﻘﺎﺑﺔ ﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ ﻳﻨﺤﺼﺮ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺨﻄﻴﻂ ﺧﺪﻣﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻭﺗﻨﺴﻴﻘﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﻜﻮﻧﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﻬﻞ ﻣﻬﻤﺔ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺇلي ﺍﻟﻌﺠﺰﺓ ﻭﺍﻟﻤﺴﻨﻴﻦ ﻣﻊ ﺃﻫﻠﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮﺍ أﻭ ﻓﻲ ﺩﻭﺭ ﺍﻹﻳﻮﺍﺀ، ﻭﻧﻮﺻﻰ ﺑﻀﺮﻭﺭﺓ ﻋﻤﻞ ﻣﺘﺎﺑﻌﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮ ﻭﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺑﺄﺳﺮ ﺍﻟﻨﺰﻻﺀ، ﺃﻭ ﺑﻴﺌﺘﻪ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺴﻦ ﻋﻠﻰ ﺻﻠﺔ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﻭﻭﺛﻴﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ.




ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...