من المعروف أن الأخلاق
منظومة من القيم الإنسانية، وقد عرفها الفلاسفة بأنها تجلب للخير وتطرد للشر، لذا أعتبرت
علي مر التاريخ شكلاً من أشكال الوعي والإدراك الإنساني، الذي يعبر عن الأخلاق والقيم
والمبادئ المرتقية بالبشرية درجات سامية، لتصبح فيما بعد مرجعية ثقافية، لذلك نجد
أن الديانة الإسلامية، وسيدنا محمد صلي ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وسلم، قد حثنا عليها، خاصة وأنه
جعلها من صميم رسالته الداعية إلي الأخلاق وتكميلها، فهي ثمرة تزرعها في الأرض المبذورة
بالإيمان، وتسقيها بماء الفضيلة حتي تزدهر وتسمو وتنتعش، لكي يحتذي بها الإنسان،
فإينما وجدت الأخلاق والقيم والثقافة والحضارة والرقي والتقدم، إذا لم نتبع ذلك
النهج القويم فلن نبرح مربع جرائم ارتكبها الإنسان في حق أخاه الإنسان، وأبرزها جريمة
(قابيل) الذي قتل أخاه (هابيل)، إلي جانب جرائم ماثلة أمام أعيننا، ويشهد عليها العالم
من خلال سفك الدماء في أبسط الأشياء.
من المؤكد أن الإبتعاد
عن الأخلاق نتجت عنه الكثير من الجرائم التي وقف عندها الانسان متأملاً بشاعتها، أن
كانت علي أرض الواقع أو في العالم الإفتراضي، الذي شهد جرائم إلكترونية تمتاز
بالغرابة، وذلك في ظل (العولمة) ووسائطها، مما أحدث الكثير من المتغيرات المنحرفة بالأخلاق
والقيم لمنحنيات ومتعرجات مغايرة لثقافتنا، الأمر الذي جعل العالم بصورة عامة يرزح
تحت وطأت الجرائم الإلكترونية المذرية جداً، بحيث أن التطور التقني أضحي لاعباً أساسياً
في إفساد الأخلاق وهزيمة منظومة القيم الإنسانية.
حقيقة أصبحنا نقلق
ونخاف علي النشء والشباب من خلط الثقافات الوافدة بالثقافة السودانية، ليس علي مستوي
وسائط الميديا الحديثة فقط، بل علي مستوي المجتمع، لذا وجب التحذير من خطورة التعامل
السالب مع الوسائط التقنية الحديثة، حيث أنها فتحت الباب مشرعاً للنصب والإحتيال
الذي يتم بإرسال الروابط في شكل هدايا، بعد تقليد صفحات علي نسق صفحات لبعض البنوك،
إذ يعمد المرسل علي التواصل مع العملاء الذين يطلب منهم إدخال الإيميل ورقم الحساب
المصرفي، الذي يسحب به بعضاً من الأموال، الأمر الذي يجب أن ينتبه إليه العملاء،
وأن تحذر منه إدارات البنوك فالدخول إلي روابط الهدايا (الوهمية) من شأنه أحداث
خسائر مالية، خاصة إذا عقدنا مقارنة ما بين اليوم والأمس الذي نجد فيه العميل ينام
ملأ جفونه مطمئناً علي أمواله التي يودعها في المصارف.
إن خطورة الإلكترونيات
تكمن في (الإختراق) و(التهكير) الذي ينتهجه (قراصنة) أو ما يعرفون بـ(الهاكرز)، الذين
يبحثون عن ثغرات في الشبكة العنكبوتية، وأمثال هؤلاء جعلوا الألكترونيات تواجه
تحديات جسام تتطلب من الجهات المعنية وضع تدابير إحترازية تمكنها من التصدي للهجمات
الإلكترونية الشرسة.
لقد درجنا في مجتمعاتنا
علي عدم الاهتمام والأخلاق، ولا نكتفي بل نضيق الخناق علي من يتمسكون بها، لذا
علينا أن نفسح لهم المجال رغماً عن اختلاف الألوان واللهجات والثقافات والأفكار، حتي
لا نركن لواقع مسخاً مشوهاً يجعلنا بلا هوية، ويقود الأجيال إلي توارث ثقافات تنتقص
من ثقافتنا المرتبطة بالدين الإسلامي، لقوله سبحانه وتعالي : (ومن آياته خلق السماوات
والأرض، واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق