الأحد، 21 ديسمبر 2014

وفاة زوج مصاب بالايدز

دلتا الدواخل سراج النعيم أواصل سلسلة لقاءاتي بمصابي الايدز من خلال رواياتهم لقصص مخيفة ومرعبة جداً عن كيفية انتقال مرض المناعة المكتسبة (الايدز) إليهم وكيفية استطاعتهم التعايش مع الفيروس رغماً عن أنهم ينزفون ندماً علي تلك الأخطاء التي قادتهم إلي مصير مجهول يحمل بين طياته الكثير من الغموض خاصة وأن هنالك شبان وشابات ونساء ورجال تعايشوا مع الفيروس وهؤلاء خرجت منهم بتفاصيل مثيرة ومؤثرة ومقلقة جداً فالعديد من الشباب يعون تماماً خطورة مرض الايدز الذي أصابهم عبر وسائل مختلفة منها الممارسة الجنسية خارج رباط مؤسسة الزواج الرسمية وأمثال هؤلاء ترددوا كثيراً في الانضمام إلي المنظمات الإنسانية العاملة في مجال مكافحة مرض الايدز لأن هنالك تساؤلات لا حصر لها ولا عد تدور في مخيلة كل واحد منهم ومع هذا وذاك دب في دواخلهم (قلق وريبة) من أن يصادفوا هناك أشخاصاً تربطهم بهم صلة خاصة وأن هنالك أصحاء ناشطون في هذا المجال فيما كنت أحمل في ذهني الكثير من الهواجس التي عمقها في ذهني التناول الإعلامي الذي جعل رؤية هؤلاء أو أولئك المتعايشين مع مرض المناعة المكتسبة ترتبط في ذهني وأذهان الكثيرين بأنه جرم أخلاقي بيد أن الصورة المرسومة في المخيلة اختلفت كثيراً عن سابقتها بزيارة المتعايشين مع مرض الإيدز ومناقشتهم عن قرب حول القضايا والهموم التي تعتريهم فطالبوني بأن افتح هذا الملف لإيجاد حلول تزيل عنهم الوصمة. وفي ذات السياق قالت احدي مريضات الايدز : في مرة من المرات قررت أن أعمل في إحدى المؤسسات لكي انفق على نفسي وأبنائي الذين يدرسون في مراحل دراسية مختلفة وكان أن وفقت في عملي الذي لا يعلم عنه أحداً شيئاً وظللت بالشركة عامين وخلال دوامي مجيئاً وذهاباً تعرفت علي منظمات تعمل في المجال الإنساني وبالأخص في نطاق مكافحة الايدز وهي الجهات التي بدأت توفر لي الدواء الذي تحسنت في ظله حالتي الصحية كثيراً رغماً عن أنني لم أفصح عن إصابتي بالايدز فهل كان في استطاعتهم معرفة ذلك لوحدهم؟ الإجابة في غاية البساطة لا لأن الفيروس لا يظهر إلا في الدم لذلك يعود الفضل بعد الله سبحانه وتعالي للمنظمات الإنسانية التي لعبت دوراً ريادياً في التأقلم والتأهيل والمساعدة التي تقدمها لنا ما جعل مني هذه الشخصية الناجحة في حياتها الخاصة والعامة ووفقاً لذلك أوكلت لي مهام كبيرة في العمل، ومن خلال هذه المنظمات والجمعيات العاملة في مجال مكافحة الايدز استطعت التعرف على مجموعات كبيرة من المتعايشين من الجنسين مع الفيروس. وهمست في أذني قائلة بصوت خافت مليء بالحزن العميق : هل تصدق أن الإحساس الذي يخالجني في تلك الأثناء هو التفكير في زوجي الذي كنت أتمنى صادقة أن يكون علي قيد الحياة حتى أسأله ما الذنب الذي اقترفته في حقه حتى ينقل لي هذا الداء؟. وتابعت : الإجابة بالنسبة لي ظاهرة وهي أنه ظلم نفسه قبل أن يظلمني معه ثم صمتت برهة والدموع تتساقط من عينيها دون أن تأبه بها وهي تقول : لا أخفي عليك سراً إذا قلت لك أنني في حاجة إليه حتى يقاسمني هذه الظروف المحيطة بي من كل حدب وصوب بغض النظر عن حالته الصحية المتسبب فيها المرض المسمي فيروس المناعة المكتسبة (الايدز) لأنه علي الأقل سوف يؤازرني في هذه المحنة. وتسترسل : وبمرور الزمن كبر الأبناء نوعاً ما فما كان أمامي بداً سوي إخبارهم بحقيقة إصابتي بداء (الايدز) حتى لا يعلموا بذلك من شخص أخر ويسبب لهم شرخاً في حياتهم من واقع وصمة المجتمع لنا، كما أنني وضحت لهم الكيفية التي انتقل لي بها، ما قادهم إلي مطالبتي بمسامحة والدهم عما اقترفه في حقي، أما أطفالي الصغار فمازلت اخفي عنهم المرض لأنني بصراحة لم استطع مواجهتهم بحقيقة مرضي حتى الآن. فيما قال مريض ايدز آخر : الرغبة التي تسيطر علينا جميعاً هي أننا نسكب الدمع كلما خلونا لأنفسنا وذلك بسبب النكران الذي يمارسه علينا المجتمع ما أن يعلم بأن احدنا مصاباً بمرض الايدز، مما جعلنا نخفي الإصابة بالفيروس حتى في نطاق الأسرة خوفاً من النظرة السالبة التي يرشقونا بها وبالتالي نحن نود التعايش معه دون ارتداء الأقنعة ولكن كيف؟ هذا السؤال بسيط إلا أن الإجابة عليه صعبة جداً رغماً عن التعايش الذي تأقلمنا في إطاره طوال السنوات الماضية إلا أنه وللأسف الشديد نجد أنفسنا منبوذين بصورة قد تقودنا للتخلص من حياتنا فكم مريض بالايدز انتحر وكم... وكم... وكم، لأنه لا يمكن أن نستمر في الحياة مثل (خفافيش الظلام) من أجل أن لا يكتشف أي إنسان علي وجه هذه البسيطة هذه الحقيقة ،بالمقابل الكثير منا يعيش بين أهله وزملائه في الدراسة والعمل دون أن يعرفوا أنه مصاب بفيروس الايدز. ويضيف : هكذا المشاهد المرتسمة في الأذهان تأخذ حيزاً كبيراً في عوالمنا التي تفرض علينا طرح الأسئلة الصعبة جداً وهي بلا شك تحمل في معيتها العديد من علامات الاستفهام، ومن بين تلك الأسئلة هل ساهمت الأجهزة الإعلامية في التأطير لهذه الأفكار السالبة التي أدت في النهاية إلي إبراز الصورة المغايرة للمرضي المتعايشين مع فيروس المناعة المكتسبة؟ وهل في الإمكان أن يجدوا من يحتضنهم في المحيط الأسري أو في المجتمع بصورة عامة باعتبار أنهم يمكن أن يكونوا فاعلين في المجتمع الذي خرجوا من رحمه أصحاء ولكن الأقدار وحدها التي وضعتهم في هذا الطريق المحفوف بالمخاطر.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...