الخرطوم : سراج النعيم
وتستمر الدار في التوثيق لحياة
الفنان الصديق الراحل محمود عبد العزيز على المستويين الخاص والعام ففي هذا الإطار
أتذكر انه عندما كان يتهيأ لتصوير غلاف ألبومه (يا عمر ) اتصل عليّ هاتفياً طالباًُ
مني إحضار مصور لالتقاط صور تذكارية معه ومن
ثم أوكل لي مهمة اختيار قميصاً من قمصانه لهذه الصور الخاصة بالألبوم الغنائي .
وعندما بحثت بين ملابسه اخترت القميص الكاروهات الذي يظهر به في الألبوم الغنائي
فقلت له لحظتها ألا تلاحظ معي بأن هذا القميص رخيص في سعره ولا يتوافق مع مكانتك
كفنان كبير لديه قاعدة جماهيرية عريضة ؟ فقال : لو كنت أود أن ألبسك من أفخم
بيوتات الأزياء في العالم لفعلت ولكن دائماً ما أختار هذه الأزياء التي تصفينها
بالرخيصة حتى يتمكن جمهوري البسيط من اقتنائها ؟.
قالا : تخيل أنه رد عليك بهذه الصورة التي تؤكد مدى
قناعاته ومدى فهمه الراقي للتعامل مع جمهوره للدرجة التي لا يريد فيها ان يصعب
عليهم مسألة تقليده في ارتداء الأزياء
فأنت إذا وقفت في هذه الأشياء التي يؤمن بها والدنا ستكون حائراً من طريقته
في التعامل مع الآخرين والمتمثلة في بساطته ولكن هذه البساطة كبيرة جداً في معناها ومفهومها العميق.
تأثر حاتم وحنين بالوفاة
وماذا عنكما بعد وفاة الحوت؟
قالا : تأثرنا غاية التأثر
برحيله لأننا افتقدنا الأب الذي كان يدللنا كثيراً.
الصائم ديمة
ما الذي كان يقوله لك يا حنين؟
قالت : كان دائماً ما يقول أنني احمل فهماً كبيراً ومن
ثم بكت بحرقة شديدة فقلت لها هذا هو حال الدنيا فقالت : صورة والدي لا تفارق خيالي
للدرجة التي جعلت الشيخ الصادق الصائم ديمة يتحدث اليّ في الحولية التي تمت له
بمنزلنا بالمزاد فعندما كان شيخ الصادق يتحدث عنه
دخلت في نوبة بكاء ما استدعي شيخ الصادق أن يتحدث إلي طالباً مني عدم
البكاء على الراحل بل قال لي تضرعي له بالدعاء واطلبي له الرحمة والمغفرة.
علاقة حاتم بوالده
ماذا عنك يا (حاتم) بعد الوفاة؟
قال : كانت لي علاقة خاصة
بوالدي الذي اعتاد أن يشاركني بصورة مستمرة في الاحتفائية السنوية بمدرستي وفي آخر
مرة شاركني فيها غني لنا بمصاحبة الأورغ أغنية (دنيتنا الجميلة ) وبعض المدائح
وبالتالي ظللت منذ إعلان الوفاة في حالة حزن دائم وكلما جاءت ذكرى الاحتفال السنوي
بمدرستنا أقول لوالدتي : يا ماما من الذي سيغني ليّ (دنيتنا الجميلة) بالمدرسة هذا
العام فوالدي رحل .. وأنا حزين على هذا الفراق المؤلم جداً بالنسبة ليَّ.
الالتفات للحوت
بماذا تفسرا التفات الناس لوالدكما الفنان
الراحل محمود عبدالعزيز بعد الوفاة ؟
قالا : نعم لقد جاء الالتفات
إليه متأخراً جداً لأنهم لم يستوعبوا مكانته في ذلك الوقت .
النصوص الغنائية
هل كان يشرك الآخرين في اختيار النصوص الغنائية التي كان يصدح بها
لجمهوره ؟
قالا : والدنا كان ممتازاً في
انتقاء النصوص الغنائية والألحان ولكنه رغماً عن ذلك كان يسأل والدتنا عن رأيها في
هذه الأغنية أو تلك ودائماً ما يطلب مننا الاستماع لأغانيه لحظة إجراء البروفات.
القلق عليه من الجمهور
قلت لحاتم وحنين هل كنتما
تقلقان علي والدكما عندما لا ترافقانه لحفلاته الجماهيرية ؟
قالا : بالعكس لأننا نحس أن له
جمهور يحبه حباً شديداً فهذا الحب ظل متقداً منذ الوهلة الأولى التي اطل فيها على
المشهد الغنائي في السودان فهو يمتلك جمهور مخلص ووفي له ولمشروعه الفني الذي خلق
به مدرسة لا تدانيها أية مدرسة غنائية أخرى وعليه فجمهوره كان يخاف عليه خوفاً
مبالغ فيه ويسعى لحمايته مهما كلفه ذلك.
إيهاب عبدالعزيز
من مِن الشخصيات المؤثرة جداً في حياة
والدكما محمود عبدالعزيز وحزن جداً على فراقها ؟
قالا : كان محباً جداً لعمنا
إيهاب عبدالعزيز الذي حدثت وفاته في حادث مروري بالمملكة العربية السعودية وعندما تلقي
نبأ وفاته دخل في حالة حزن عميق جداً عليه.
الراحل الطاهر
قلت لهما وأذكر أيضاً جدكما
الممثل الراحل الطاهر محمد الطاهر وابنته تراجي ؟
قالا : حينما تلقي والدنا في
الأول خبر وفاة ابنة خاله تراجي كانت الحزن الثاني في حياته بعد وفاة عمنا إيهاب
عبدالعزيز وما أن مر على ذلك ستة أشهر من تاريخه إلا وتوفي جدنا القريب جداً إليه
الممثل الطاهر محمد الطاهر الذي كان بصحبته في ذلك اليوم ليتم إخطاره في اليوم
التالي برحيله إلى الرفيق الأعلى ما جعل الصدمات تتوالي عليه تباعاً في فقده
لأعزاء الناس له .
زيدان ونادر خضر
وماذا عن الفنانين زيدان
إبراهيم ونادر خضر ؟
قالا : في هذه المرة لم يحتمل
والدنا الأنباء التي تصله بالتوالي فعندما علم بوفاة العندليب الأسمر بكي عليه
وكان يقول يبدو أن هذه الدنيا تختار من أحبهم إلى أن قرأ من على صفحات موقع
التواصل الاجتماعي (الفيس بوك ) وفاة الفنان نادر خضر في حادث مروري بطريق التحدي
أثناء عودته من مدينة عطبرة التي أحيى بها حفلاً لطلاب جامعة وادي النيل فحزنه على
نادر خضر كان مختلفاً وبكى بكاءً شديداً واضرب عن الطعام أي أن هذه الوفيات التي
حدثت في حياته أثرت عليه.
محمود وأسرة والدتنا
في أي الأعوام أنجبكما وما هو إحساسه بكما في تلك اللحظة وأين كان
يقيم ؟
قالا : في 20/5/2002م وكنا نسكن
في الطابق الأرضي بينما كانت أسرة والدتنا نجوي العشي في الطابع العلوي ونتذكر أن
والدتنا حدثتنا انه عندما يكون في الطابق العلوي مع جدتي يطلب منها إحضارنا إليه
هناك وعلماً بأننا كانا صغاراً جداً فتقول له والدتنا : يا محمود احضرهما إليك كيف
؟ فيقول لها : لا أحضريهما فما كان منها إلا وتقوم بحملنا واحد تلو الآخر رغماً عن
أنها أنجبتنا بعملية قيصرية بالمستشفي فأول مرة في حياته نحس أنه كان مبسوطاً جداً
بالمقابل تواصلت هذه العلاقة معه وبمثل ما أحبنا نحن نحبه حباً لا تحده حدود.
أغنية (لهيب الشوق(
وواصلت جلستي معهما قائلاً لهما
سألت والدكما الفنان الراحل حول أول أغنية اسمعها لزوجتك نجوي العشي وأبدت فيها
رأياً واضحاً من ناحية الكلمات والألحان ؟
قال : أول أغنية هي كانت أغنية
(لهيب الشوق) التي احضرها لي الموسيقار يوسف القديل وهي الأغنية المفضلة عند زوجتي
نجوي العشي وهي ذات الأغنية التي غنيتها عندما تمت خطبتي إليها وصادف أنني مجرد ما
أن تلقت موافقة أسرتها أن أودع على منضدتي يوسف القديل أغنية (لهيب الشوق) ومن
ساعتها قلت للقديل هذه الأغنية هي أغنية (نجوى)
حتى أنني أدخلت أسمها في الأغنية قائلاً: (نجوي ست الناس) وهذا موثق له في
ألبومي الغنائي الذي تزامن مع خطوبتي في العام 1997م وأتذكر أنني قبل أن ارددها
تحدثت من خلال المايكرفون مؤكداً أن أغنية (لهيب الشوق) هي أغنية (نجوي) وأنا
بدوري اهديها إليها بهذه المناسبة وهي كانت المرة الأولى التي أغنيها فيها بعيداً
عن التسجيلات في منزلهم بالطائف بالخرطوم.
قصة زواجي
قلت له كيف بدأت علاقتك بأولي زوجاتك وهل كانت
تستمع إليك أم أنها لم تكن لديها معرفه بك ؟
قال الحوت : لم تكن لها معرفة
بي في الأساس ولا كانت تعرف أن هنالك فناناً في السودان اسمه (محمود عبدالعزيز )
إلا عندما تزوجت شقيقتها من عاطف عبدالمنعم الذي تربطني به صداقة قوية وكان هو
يستقل سيارته التي كانت ترافقه فيها زوجتي نجوي العشي وكان آنذاك الوقت يدير مسجل
السيارة منطلقاً منه صوتي الذي لم تكن تعرفه فما كان منها إلا ووجهت لزوج شقيقتها
عبدالمنعم سؤالاَ مفاده .. من هذا الفنان
الذي تستمع له ؟ فقال لها : والله يا نجوي بتبالغي هذا محمود عبدالعزيز فنان
الشباب الأول في السودان وأصرت هي على أساس أنها لا تعرفني ولم تسمع بي بحكم
النشأة في المملكة العربية السعودية وعندما جاءت إلي السودان في زيارة أعطها صديقي
عاطف عبدالمنعم بعض الهدايا لي وكان أن أحضرتها إلي في منزلنا بالمزاد بالخرطوم
بحري وكان أن قدمت لها شقيقاتي ووالدتي الحاجة فائزة محمد الطاهر الدعوى لاحتساء
الشاي بمنزلنا بالمزاد.
التعرف علي محمود
وماذا بعد هذه الدعوى .. هل
تعرفت فيها على زوجتك الأولي في حياتك؟
قال : نعم تعرفت عليها عن قرب
فوجدتها الإنسانة المناسبة لتكون شريكة حياتي لأنها طيبة جداً وبسيطة في تعاملها
مع الآخرين .
أغاني حاتم وحنين
هل أدخلت توأمك (حاتم) و (حنين ) في أغانيك
التي صدحت بها ؟
قال : لا لم ادخلهما في النصوص
الغنائية التي كنت اختارها لكي أؤديها بشكل مباشر ولكن كانت هنالك بعض الأغنيات
المحببة جداً اليّ وبالتالي أقول أن هذه الأغنية لتوأمي (حاتم) وتلك لتوأمي(حنين)
مثلاً أغنية الفنان الكبير الهادي الجبل ( المدينة ) سوف أخذها من الهادي الجبل
وأغنيها لأنني أحس بأنها كتبت خصيصاً لابنتي (حنين).
نجوي العشي
هل كنت تترك زوجتك ترافقك في رحلاتك الفنية
إلى مدن السودان المختلفة لإحياء بعض الحفلات الجماهيرية ؟
قال : نعم رافقتني نجوي العشي
في الكثير من الرحلات الفنية داخل السودان مثلاً إلى مدينة نيالا والفاشر ومدني
وعندما كنت عريساً سافرت معي إلى مدينة الفاشر كأول مدينة ترافقني إليها بعد إتمام
مراسم زفافنا إلى جانب الدويم والفاوو مسارح ولاية الخرطوم.
حفلات رأس السنة
وهل كانت ترافقك في حفلاتك التجارية بمسارح
ولاية الخرطوم؟
قال : كثيراً تذهب معي إلي حفلاتي الجماهيرية
بالخرطوم وأتذكر أنني في حفلات رأس السنة في السنوات الماضية التي كان فيها (حاتم)
و (حنين) صغاراً وكنت أنا مرتبطاً لإحياء احدي الحفلات بنادي التنس بالخرطوم قلت
لها لو لم تذهبي معي لن اذهب إلى هناك فما كان منها إلا وتستجيب لرغبتي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق