الحوت |
الطالبة الجامعية المسيحية تتحدث للاستاذ سراج النعيم |
ما سر أداءها الصلوات بمنزل الفنان الراحل محمود عبدالعزيز
الخرطوم : سراج النعيم
تبدأ
قصة الطالبة الجامعية التي اعتنقت الدين الإسلامي علي يد الفنان الراحل محمود
عبدالعزيز من تعلقها بفنه ومن ثم تعمقها في مدحه للمصطفي صلي الله عليه وسلم ومن
هنا بدأت علامات الاهتمام بهذه الديانة الإسلامية التي لم تكن تعرف عنها شيئا من
قريب أو بعيد بل كانت بعيدة عنها كل البعد بحكم أنها من أسرة لديها اعتقاد في
ديانة أخري نشأت وترعرعت في ظلها بالخرطوم حيث عاشت في الظلام رغماً عن أن النور الإسلامي
كان قريباً منها.
البحث في الإسلام
وعندما بلغت الطالبة الجامعية العشرين من عمرها
بدأت في البحث عما يهديها إلي تعاليم الدين الإسلامي حتى تسمو بالروح إلي ما انزله
المولي عز وجل علي سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام فما كان منها إلا ووضعت نفسها
في المسار الصحيح وهو المسار الذي استدعاها للكشف عما دفعها لاعتناق الدين
الإسلامي الذي كانت تركن بعيداً عنه أي أنها كانت في ضلالة كبيرة علي حد قولها في
سرد القصة الكاملة بحضور الحوت الذي رسم لها خارطة طريق لا تجعلها تحتك بالأسرة خاصتها
لان أسرتها هذه تفرض عليها أجواء مغايرة للدين الإسلامي الذي التزمت به حديثاً.
بداية القصة
حينما
تلقيت اتصالاً هاتفياً من الفنان الراحل محمود عبدالعزيز لم أكن أضع في حساباتي
هذه القصة وان كان محدثي من الطرف الأخر تبدو عليه علامات السعادة ولكن لم يفصح لي
عن سببها ولم اسأله عنها في تلك اللحظة منتظراً أن يخبرني لوحده إلا انه خيب ظني
طالباً مني تشريفه بالحضور له في منزله لتناول وجبة الإفطار معه ثم أغلق الهاتف
السيار دون أن يشير لشيء آخر خاصة وانه جُبل علي مدي الأعوام الماضية أن يخصني
بحواراته وتصريحاته وأخباره الصحفية وذلك منذ تسعينيات القرن الماضي وطوال هذه
الفترة الزمنية لم يسبق أن سألته عما يود أن يقوله إنما كان ينتظر مقدمي إليه
ليتفاكر معي فيما يود نشره عبر الصحيفة لذلك توجهت إليه مباشرة بمنزله بحي
(المزاد) لأنني كنت أتوقع أن يكون هنالك حدثاً كبيراً سيحدث دوياً في اليوم التالي
الأمر الذي استدعاني للإسراع في خطواتي فيما كان تدور في رأسي الكثير من الخطوط
العريضة وعندما وصلت للمكان دلفت للداخل دون أن اجري اتصالاً هاتفياً بالحوت أخطره
من خلاله بوصولي كما اعتدت في كل لقاءاتي الخاصة أو العامة فلاحظت منذ الوهلة
الأولي أن الفنان الراحل محمود عبدالعزيز لديه حديثاً يود أن يقوله لي علي انفراد
وبالفعل صدق حدسي عندما طلب من الموجودين بما فيهم شقيقه (مامون) مغادرة الغرفة
التي استقبلني فيها كما لاحظت أن هنالك حركة دؤوبة في المنزل ما يدل علي انه نحر
الخراف ابتهاجاً بالمناسبة التي دعاني في إطارها ولكنه رغماً عن ذلك لم يفصح عنها
إلا بعد أن وضع بنفسه ما لذ وطاب من الشواء أمامي وكان هو أي الحوت يتذوقها لا
أكثر ما أن انتهيت من تناول الوجبة إلا
ودار بيني وبينه الحوار التالي :ـ
قال الحوت : أنا اليوم في قمة سعادتي
فقلت
له : وما السر وراء هذه السعادة؟
قال
والحياء يكسو وجهه : قبل قليل من حضورك اعتنقت طالبة جامعية الإسلام علي يدي ودون
أن أشعر بدأت ترتسم علي ملامح وجهي علامات الدهشة والاستغراب للدرجة التي لاحظ
فيها محمود هذا الأمر الذي استدعاه إلي أن يقول لي بصراحته المعهودة هل ترغب في أن
تسمع القصة من الشابة المسلمة حديثاً؟
قلت له : أتمني ذلك لو كان في الإمكان لأنني إلي
تلك اللحظة لم أكن مصدقاً للرواية ولم أتفاعل معها بالشكل الذي توقعه هو رغماً عن
أن الحدث كان كبيراً يستحق مني التفاعل ما حدا به أن يقول : (يبدو انك غير مصدق ما
طرحته عليك).
قلت
: لا لكن لكي يطمئن قلبي
فقال الحوت : لا باس من حقك أن تتأكد.
الطالبة الجامعية
ومما سبق
التطرق له في الحوار السابق أجري الحوت اتصالاً هاتفيا بالطالبة الجامعية
التي اعتنقت الإسلام طالباً منها الحضور إليه بالمنزل وما أن مر علي الاتصال دقائق
معدودة إلا وأتت وهي ترتدي الزي الإسلامي (عباية) .
الاستماع للقصة
وفي
سياق متصل قال الحوت موجهاً خطابه اليّ : يا صديقي قبل الاستماع للقصة يجب أن
تعاهدني بعدم الإشارة إلي اسمها لان أسرتها مازالت علي هواها القديم كما أنها لا
تدري بأي شكل من الأشكال أن ابنتهم قد اعتنقت الدين الإسلامي حديثاً ضف إلي ذلك
أنها لم تعلنه بصورة رسمية خوفاً من أسرتها التي اضطرتها لان تؤدي صلواتها في سرية
تامة وبعيداً عن الأنظار وفي الغالب الأعم تؤديها في منزلنا هذا.
قلت
له مقاطعاً : سأكون احرص منك ألا أشير إلي اسمها أو المنطقة التي تقيم فيها إلا
إذا أبدت هي رغبتها في ذلك الشيء الذي جعلها تناقش في الدين الإسلامي بحرية مطلقة
وبمفاهيم إسلامية رائعة.
روح التحدي
المثير
جداً في هذه القصة أن الطالبة الجامعية التي اعتنقت الدين الإسلامي علي يد الحوت
دار بيني وبينها حواراً مستفيضاً وهادفاً من حيث أفكارها التي في رأي أنها أفكار
فيها روح التحدي الواضح للأفكار والتصورات الغربية التي ظلت تلقي بظلالها السالبة
علي المرأة المسلمة بصورة عامة وفي تلك الأثناء كان الفنان الراحل يراقب في إدارتي
لدفة الحوار باهتمام شديد دون أن يقاطعني أو يبدي ملاحظاته فيما اطرحه من أسئلة.
حفلاته الجماهيرية
قلت للطالبة الجامعية ما هي الكيفية التي أعتنقتي
بها الدين الإسلامي؟
قالت : علاقتي بالإسلام والمسلمين بدأت منذ أن
كان عمري عشر سنوات ومن ثم تأطرت هذه العلاقة أكثر وأكثر بالمدرسة ثم الجامعة التي
كنت استمع من خلالها لهذا الفنان الرائع عن قرب بالإضافة إلي متابعتي لكل كبيرة
وصغيرة عنه خاصة فيما يطرحه بالحركة الفنية ومع هذا وذاك كنت احرص علي دخول حفلاته
الجماهيرية النهارية التي كان يقيمها مع رفيق دربه الفنان الراحل نادر خضر ومن هنا
سعيت للتعرف علي مشروعة الفني بما في ذلك خوض تجربة مدحه للمصطفي صلي الله عليه
وسلم وهي التجربة التي قادتني للتنقيب في الدين الإسلامي وسيرة سيدنا محمد صلي
الله عليه وسلم إلي أن تبحرت في هذه الديانة السماوية.
إسلام النساء
وما
هي نظرتك للدين الإسلامي قبل اعتناقه خاصة وان الأنثى دار حولها جدلاً كبيراً في
الدول الغربية؟
قالت
: إسلام النساء في المجتمعات الغربية أو بعض المجتمعات العربية هو بالضبط كحالتي
هذه التي تتم في غاية السرية وذلك خوفاً من الأسرة التي قد تكون علي معتقد ديني آخر
وبالمقابل من الصعب أن تتقبل الديانة الإسلامية الجديدة خاصة وان الرؤية للمرأة
المسلمة رؤية ربما تكون لديهم سلبية ونادراً ما تكون هذه الرؤية إيجابية خاصة إذا
كانت هذه المرأة علي اعتقاد ديني سماوي قبل الاعتقاد الديني الإسلامي فهي بأي حال
من الأحول لا تعرف ما هي ردة الفعل التي قد تحدثها أسرتها ربما تكون مشاعرها حيال
ذلك مشاعر صادمة ومرعبة من وحي أنها قد تعتقد أن ابنتهم صبأت بما جاءت به فعل غير
مألوف لها.
رؤيتي للحياة
هل
كنتي قبل الإسلام تتساءلين يوماً عن المرأة المسلمة من حيث أنها في اغلب الأحيان
قد تكون منقبة أو ترتدي الحجاب؟ وهل تسألين نفسك كيف تبدو حياتها في الواقع؟ وهل
هي تختلف عنكن في آمالها وأشواقها وطموحاتها؟؟
قالت : لم تكن تدور في مخيلتي تساؤلات من هذا
القبيل لسبب بسيط هو أنني ظللت أخالط زميلاتي المسلمات في كل المراحل الدراسية بما
فيها مرحلة الدراسة الجامعية وهكذا إلي أن أصبحت واحدة منهن سراً حتى لا تعلم
أسرتي وبالتالي اختلفت رؤيتي للحياة الخاصة والعامة معاً وإلي جانب المجتمع الذي
كنت انتمي إليه في وقت سابق لذلك كنت حريصة علي متابعة المتغيرات التي تحدث في
الحياة بصورة عامة والمتغيرات في محيط المرأة المسلمة بصورة خاصة ولكي أتمكن من
التأقلم أكثر وأكثر مع أخواتي في الإسلام أولئك اللواتي هن مسلمات بالفطرة والجدد
اللواتي اعتنقن الإسلام فيما بعد فهذه المتغيرات بهذا المفهوم لم تحدث معي بحكم
المعرفة المسبقة لهن وللفهم السائد إنما من أجل فهم صحيح يفضي في نهاية المطاف إلي
ما ترمي إليه الحضارة والثقافة الإسلامية.
المرأة المسلمة
مدي
إلمامك بالنساء والفتيات اللواتي دخلن الإسلام قبلك أو بعدك في دول غربية وعربية
من واقع الاطلاع؟
قالت : وقفت كثيراً عند المرأة المسلمة التي
اعتنقت الإسلام حديثاً فهي لست محصورة في المرأة
الغربية فقط بل هنالك من هن من دول عربية وآسيوية وافريقية أيضا فمنهن من
قلن إن والدهن لم يكن مسلماً ومنهن من قلن إن والداتهن لم يكن مسلمات ولكنهن اتفقن
حول رأي واحد مستمد من الدين الإسلامي أنهن قبل اعتناق الإسلام لم يأكلن ما حرمه
الله سبحانه وتعالي في محكم تنزيله خاصة فيما يتصل بالتعاطي مع لحوم الخنزير لكن
رغماً عن ذلك لم يكن يشاهدن عائلاتهن يقمن بأداء الصلوات أو ما يفرضه الدين
الإسلامي علي البشرية جمعاء.
محمود عبدالعزيز
وماذا
عنك أنتي بالنسبة للأسرة التي تربيتي في كنفها وهل هنالك دور لهم في توجيهك علي
هذا النحو؟
قالت
: أولاً لابد من التأكيد بأن أسرتي لم تلعب أي دور ملموس في دخولي الإسلام حيث أنجبت
ونشأت وترعرعت في عائلة في ظاهرها مسلمة ولكن في باطنها غير ذلك وكان أسمي قبل
اعتناق الدين الإسلامي (كارلينا) فغيره لي الفنان الراحل محمود عبدالعزيز إلي
(فاطمة الزهراء) وحاولت أن اجعل شقيقتي تغير اسمها (غافلين) إلي أسم من الأسماء
الإسلامية ولكن خفت من أن يفتضح أمري ومن هذه النقاط التي أشرت إليها تلحظ بصورة
واضحة الغياب الواضح للأسر في تنشئة الأبناء علي نهج الدين الإسلامي الذي بحثت عنه
لوحدي إلي أن اهتديت هداية كاملة ولكن إلي الآن ينقصني إشهاره في العلن.
الملاذ الآمن
ما
هي وجهة نظرك في فكرة البحث عن الملاذ الذي أبصرك بالحقيقة ؟
قالت
: التفكير بهذه الصورة لا يعد كونه سوي فهم سالب فاعتناقي للدين الإسلامي لم يكن
بحثاً عن الملاذ الآمن بمفهومه العام إنما ناتج عن قناعة بما أقدمت عليه من واقع أن
الله سبحانه وتعالي أهداني الي الطريق القويم فيما تجد أن فكرة الملاذ الآمن تنطبق
علي حالة أناس عاشوا طفولتهم بشكل غير سعيد وانا لم تكن طفولتي تنقصها تلك السعادة
وذلك الاستقرار النفسي ولكن هذا لا ينفي أن هنالك من اعتنقن الدين الإسلامي في
الطفولة .