أعادت الإدارة الأميركية عبر مبعوثها الخاص للسودان برنستون ليمان فتح ملف منطقة أبيي "المتنازع عليها" بين السودان وجنوب السودان، لكن بطريقة تبدو مختلفة عن سابقاتها بالجلوس مع أصحاب الشأن الحقيقيين، كقبائل المسيرية السودانية ودينكا نقوك الجنوب سودانية.
ولم تمض قضية المنطقة -التي توقع كثيرون أن تصبح "كشمير"
سودانية- إلى نهايتها بالالتحاق بركب المناطق التي ذهبت مع انفصال الجنوب
السوداني أو البقاء بقناعة مع السودان.
وفشل السودانان في التوافق على مقترح تقدمت به الآلية
الأفريقية الرفيعة المستوى برئاسة الجنوب أفريقي ثابو مبيكي لإجراء
الاستفتاء على المنطقة.
لكن مع نذر الحرب -التي بدأت أشباحها تقترب أكثر من ذي قبل-
رأت الإدارة الأميركية فيما يبدو أن التعجيل بحل القضية سيمنع كارثة جديدة
في المنطقة، خاصة بعد إعلان قبائل المسيرية إعدادها لأكثر من مليونيْ مقاتل
للدفاع عن حقوقها التاريخية في أبيي.
مباحثات بين نافع علي نافع مساعد الرئيس السوداني والمبعوث الأميركي ليمان |
موقف البشير
ويرى أحد زعماء المسيرية هو الصادق بابو نمر أن تمسك الرئيس عمر البشير بعدم التنازل عن أبيي، وعدم رضوخ السودان للضغوط الخارجية بشأن القبول بمقترح مبيكي "أعاد الحائط الذي كاد يسقط علينا إلى طبيعته"، معتبرا أن مسألة أبيي بالنسبة للمسيرية "حياة أو موت".
ويرى أحد زعماء المسيرية هو الصادق بابو نمر أن تمسك الرئيس عمر البشير بعدم التنازل عن أبيي، وعدم رضوخ السودان للضغوط الخارجية بشأن القبول بمقترح مبيكي "أعاد الحائط الذي كاد يسقط علينا إلى طبيعته"، معتبرا أن مسألة أبيي بالنسبة للمسيرية "حياة أو موت".
وقال للجزيرة نت متسائلا "ماذا يفعل المسيرية؟ وأين يذهبون لو
أنهم طردوا من منطقتهم بسبب الموقف الحكومي؟ وهل ينتظر هؤلاء أن تفرط
المسيرية في أرضها وعرضها لأجل إرضاء أميركا وغيرها؟".
ورأى نمر أن قضية أبيي لا تعني المسيرية وحدها "لأنها بالأساس أرض
سودانية، وتقع على عاتقها "وجميع السودانيين" مسؤولية الحفاظ على سيادتها
وعدم التفريط فيها.
أما رئيس الآلية المشتركة لأبيي الخير الفهيم فأكد حق قبيلة
المسيرية في المنطقة التي ظلت توجد فيها أكثر من أربعة آلاف سنة، معلنا
رفضه القاطع لمقترحات الوسيط ثابو مبيكي لأنها لا تحتفظ للقبيلة بحقوقها
التاريخية، بحسب قوله.
وقال رئيس الآلية المشتركة لأبيي للجزيرة نت إن المقترح نفسه
يتعارض مع قانون استفتاء أبيي الذي أجيز في البرلمان السوداني من قبل
الطرفين قبيل الانفصال، "بل إنه -أي المقترح- يلغي كل الحقائق الموجودة على
الأرض". وأكد أن للمسيرية حقوقا شرعية في المنطقة لا يمكن السماح
بتجاوزها، "وأن مقترحات الوسيط ستعقد المشكلة أكثر بدلا عن الإسهام في
معالجتها".
غير أن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم الشفيع محمد
المكي يرى أن الأوضاع مرشحة للانفجار في المنطقة، "كنتيجة مباشرة لعملية
الاحتقان والتوتر التي تسيطر على المسيرية بسبب ضبابية المستقبل أمامهم".
وقال المكي إن مواقف المسيرية الأخيرة تعبر عن قلق حقيقي،
مشيرا إلى عدم استحالة حل القضية، "إذا ما استصحبت الأطراف المعنية المصالح
المشتركة وتعاملت بحسن ظن مع بعضها".
وذكر المكي للجزيرة نت أن ما يجري بين جوبا والخرطوم بشأن
أبيي "لا يشابه سياسات الدول التي تعي مصالحها، داعيا إلى إشراك مكونات
المنطقة من المسيرية ودينكا نقوك في عملية الحل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق