الجمعة، 1 يونيو 2012

تكريم سفاح أميركي قتل المئات من أطفال ونساء العراق (صور)




 
 القصة الحقيقية الموثقة بالصوت والصورة للقناص الأمريكي الذي أزهق أرواح (260) عراقيا من النساء والأطفال والشيوخ والشباب قتلهم بيده وسفك دمائهم.
من دون رحمة واقترف لوحده ما لم يقترفه عشرات المجرمين والسفاحين ثم خرج إلى العالم ليعترف بجرائمه ويشرح بالتفصيل الممل كيف قتل الناس في الناصرية وبغداد والفلوجة ويصدر كتابا بكل اللغات الحية يدون فيه أقواله وإفاداته التي يعترف فيها اعترافا مسجلا بخط يده على جرائمه البشعة التي ارتكبها في العراق فكرمته أمريكا ومنحته أرفع الأوسمة والميداليات ونال استحسان المنظمات الصهيونية المتطرفة.
قبل بضعة أيام كنت على متن سفينة سنغافورية تحمل اسم (Pacific Tenacity)، وكنت أتولى إرشادها عبر المسالك الملاحية لمصب شط العرب في حوض الخليج العربي، وكان على ظهرها رجل بدين، يتأبط كتاباً متوسط الحجم، كتب عليه باللغة الانكليزية (American Sniper)، وتعني (قناص أمريكي)، من تأليف (كريس كيل Chris Kyle). .
في البداية ظننت ان الكتاب من الكتب التدريبية، التي تعنى بفنون القنص، وتشرح كيفية التعامل مع البنادق المستعملة، وتتناول فنون التسديد من بعيد، والتقنيات الحديثة المرتبطة بها، حتى جاء اليوم الذي تلقيت فيه رسالة عابرة من زميلي (عادل العاني) وفيها إشارة لمقالة مختصرة مصورة، كتبها الأستاذ مصطفى كامل.
قرأت المقالة على عجل، وإذا بها تستعرض فحوى الكتاب الذي شاهدته بيد ذلك البدين، وكانت صدمة كبيرة لي، عندما علمت إن الكتاب كان يتحدث عن اعترافات المجرم (كريس كيل) بخط يده، وعظمة لسانه، ويشرح بالتفصيل الممل كيف قتل ببندقيته (260) مواطنا عراقيا من دون رحمة، ومن دون أن يفرق بين امرأة وعجوز وطفل وشيخ وصبي.
فسارعت إلى قراءة كل ما كتبته الصحافة الغربية عن هذا الكتاب (الوثيقة)، وقرأت كل ما كتبوه عن هذا الجندي السفاح المهووس بقتل العراقيين.
لو أجرينا مسحا شاملا لجرائم أشهر السفاحين في الولايات الأمريكية، وراجعنا سجلاتهم الإجرامية الملطخة بدماء الضحايا، سواء ما كان مدونا منها في مخافر الشرطة، أم مثبتا في المحاكم الجنائية، أم منشورا على الشبكة الدولية، لوجدناها لا ترقى إلى عشر معشار ما اقترفه هذا السافل لوحده، ولا يمكن مقارنتها بما ارتكبه من جرائم تقبح وجه التاريخ، وترسم أكثر من علامة استفهام على جبين تمثال الحرية، الذي صار رمزا لانتهاك حقوق الناس وضياع العدل والإنصاف، وتحولت شعلته المتحجرة إلى جذوة متوهجة بالعنف والحقد والكراهية ضد الشعوب والأمم.
خذ على سبيل المثال المجرم الأمريكي (جون وايان غاسي)، الذي اشتهر كأكثر السفاحين دموية، بقتله (29) طفلا فقط خلال ستة أعوام، أو السفاح الأمريكي (اندرو فيليب كونان)، الذي كان من أشهر السفاحين بقتله (10) نساء فقط، أو السفاح الأمريكي (ثيودور باندي)، الذي اختتم تاريخه الإجرامي بتنفيذه (36) جريمة قتل فقط، أو المجرم الأمريكي (هيرمان ويبستر مادجت)، الملقب بشيطان مدينة شيكاغو، والذي قتل خلال (4) سنوات (49) ضحية فقط، أو القاتل الأمريكي المتسلسل (زودياك)، الذي ظهر في ولاية كاليفورنيا، وكان غارقا في عالم الإجرام بقتله (6) أشخاص فقط.
سنكتشف بعد هذه المراجعة السريعة لسجلات الإجرام، إن المحصلة النهاية للمجازر التي ارتكبت على يد هؤلاء الخمسة، لا تتجاوز (130) ضحية سقطت في أماكن متفرقة، على مدى أكثر من عشر سنوات، بمعنى إن الجندي الأمريكي السفاح (كريس كيل Chris Kyle) قتل وحده ضعف ما قتلة هؤلاء كلهم، وانفرد وحده في تسجيل هذا الرقم القياسي في حدود الرقعة الجغرافية للعراق، في الفترة التي أنهى فيها خدمته العسكرية، وكان هو الذي بادر إلى الاعتراف بكل الجرائم التي ارتكبها، وتمادى في شرح الطريقة التي قتل فيها كل ضحية، بل كان من أكثر المجرمين وقاحة عندما ظهر على شاشات التلفاز وهو يتفاخر بسجله الإجرامي ضمن صفوف المارينز.
ومن يبحث في شبكة (اليوتيوب) سيشاهده كيف يتباهى بجرائمه، وكيف يتفاخر بها بكل صلافة، وكيف يتحدث بمنتهى الوضوح والصراحة عن إطفاء غريزته الوحشية باختيار ضحاياه والانقضاض عليهم، وكيف يزهق أرواحهم الواحد بعد الآخر، حتى قتل منهم (260) عراقيا في غضون بضعة أشهر، من دون أن يرف له جفن، وتبرعت وسائل الإعلام الأوربية بعرض الأفلام واللقطات التي تؤكد على مصداقية ما تناوله الكتاب عن قوافل الضحايا الذين سقطوا في العراق ببندقية هذا القاتل المحترف، في حين تغافلت عنه الفضائيات العراقية، وتجاهلته منظمات حقوق الإنسان.

أول الضحايا امرأة تحمل الماء

المثير للغضب إن أمريكا استقبلت هذا المجرم استقبال الفرسان، ووضعت أكاليل الغار على رأسه، ومنحته أرفع الأوسمة العسكرية، وسمحت له بتوثيق جرائمه، وتدوينها بكتاب شامل، يحكي للأجيال المقبلة كيف دربت أمريكا ذئابها المسعورة، وكيف أطلقتها في غابات النظام الدولي الجديد لتقتل الأبرياء بدم بارد.
قال (كريس) في كتابه: انه لم يكن ينظر إلى الضحايا بوصفهم بشرا، مؤكد على انه كان يتعامل معهم كمخلوقات عدوانية تستحق القتل، وقال انه عندما كان يقتل شخصا، ويسقطه أرضا، كان بحاجة لمن يشهد معه، ليؤكد مصداقية ما سيقوله لقائد السرية التي ينتمي إليها، وكان يتعين عليه أن يحدد الزمان والمكان، والبندقية المستعملة، والمسافة التي أطلق منها النار، وما الذي كان يرتدي المقتول، وماذا كان يعمل قبل سقوطه على الأرض.
من هذا المنظور الإجرامي اعترفت له وزارة الدفاع الامريكية رسميا بقتل (160) عراقيا، إضافة إلى (100) ضحية اعترفت بها لاحقا.
وننقل لكم هنا النص الحرفي لعبارته التي قالها تعقيبا على تسجيله للرقم القياسي في عدد الضحايا:-
The number is not important to me. I only wish I had killed more…”
وتعني: ((ليس الرقم مهما بالنسبة لي، أنا فقط أتمنى لو قتلت المزيد منهم))، وعلى هذا الأساس منحته القيادة الأمريكية أعلى الشهادات التقديرية تثمينا لغريزته الحيوانية، التي تجسدت بقتل أكبر عدد ممكن من الأشخاص في تاريخ الجيش الأمريكي.
أما أول ضحاياه فكانت امرأة متوسطة العمر من أرياف مدينة الناصرية، أطلق عليها النار فأرداها قتيلة في الحال، وقتل معها طفلها، لمجرد انه ظن أنها كانت تخبئ قنبلة يدوية تحت عباءتها السوداء، وتبين فيما بعد إنها كانت تحمل إناء صغيرا لجلب الماء بعد انقطاعه عن الحي، وكانت تسير بتأن على الرصيف، وصادف أن مرت بها قافلة عسكرية أمريكية مشئومة متوجهة إلى بغداد، فخاف منها (كريس)، وأطلق عليها النار، فقتلها على الفور، واخترقت الرصاصة جسد الطفل الرضيع فذبحته من الوريد إلى الوريد، وتركهما ممددين على الرصيف، ثم واصلت القافلة طريقها، وتلقى (كريس) أولى مكافآته من قائد القافلة، ومن زملائه الجنود في القطيع الذي ينتمي إليه، فالوحوش في هذا القطيع لا يحاسبهم أحد، ولا يخضعون للمساءلة، لأنهم في منطق البنتاغون فوق كل القوانين والأعراف والشرائع، ولكم أن تتخيلوا ما الذي يمكن أن يفعله هذا الحيوان الذي فقد ضميره حين يأمن العقاب.
استشهدت هذه المرأة في (حي الشهداء) بالناصرية، وتركت وراءها بناتها الصغيرات (خمس بنات)، وحري بأهلها وذويها أن لا يتركوا هذا المجرم يفر من وجه العدالة، خصوصا بعد أن اعترف بعظمة لسانه، وقال انه قتلها لمجرد الشك.
طرحت مؤسسة (وليام مورو) هذا الكتاب الدموي في الأسبوع الأول من الشهر الأول من عام 2012، ليكون واحداً من الكتب الحائزة على أعلى نسبة مبيعات في عموم الولايات الامريكية.
يتباهي (كريس) في مقدمة كتابه بألقابه الإجرامية، ويزعم إن الناس في العراق، أطلقوا عليه مجموعة من الألقاب والتسميات، ويذكر إن أقربها إلى قلبه، هو لقب الشيطان (شبيه الشيء منجذب إليه)، ويزعم أن العراقيين عرضوا مكافأة تقدر بعشرين مليون دولار لمن يقتله، ويقول انه نال حفنة من أنواط (الشجاعة)، وأوسمة (الشرف)، وشارات الخدمة الممتازة لمشاركاته الميدانية في أربع معارك شرسة، خاضها في المدن العراقية، ويزعم انه كان محبوبا من زملائه في القطيع الأمريكي الهائج.
ونقول له وللذين كرموه بأنواط الخزي والعار، انك فعلا من طبقة الشياطين ومن جنسهم، وانك في منظور الأعراف الإنسانية من المطلوبين للعدالة، لأنك من صنف البهائم المتعطشة للدماء، وتفتقد إلى ابسط القيم والمبادئ الإنسانية.
يتساءل الكاتب الأمريكي (كاب فولتن Kap Fulton)، في معرض نقده للكتاب، فيقول: ((هل يحق للجيش الأمريكي أن يصهر مفهوم الشجاعة بحيث يجعله يتمدد ليشمل الذين قتلوا الناس من مسافات بعيدة؟، وهل كانت بندقية هذا المجرم مجهزة بحواس تستشعر المجرمين وتتعرف عليهم في الظلام الدامس؟، وهل كانت البندقية مصنوعة من رقائق الكترونية مصممة لتحليل حوامضهم الامينية بالرموتكونترول بحيث تكون قادرة على فرز المجرمين وتشخيصهم وسط الزحام؟، وهل أصبح أفراد الجيش الأمريكي فوق الشبهات، بحيث لا يرتكبون الأخطاء؟)). وقال له المذيع الامريكي (بل أوريلي) عند تحاوره مع هذا السفاح في استوديوهات (فوكس نيوز): ((أنت عبارة عن وحش هائج، مشفر لقتل الناس، وتعمل بلا ضمير)).
لثقافة الموت في صفوف الجيش الأمريكي جذورها الأيديولوجية والتعبوية، وهي عندهم من الثوابت، التي لا تقبل الجدل، حتى صار القتل عندهم إنشودة يرددها شذاذ الآفاق، وأبناء الشوارع بعد التحاقهم بثكنات التدريب، والملفت للنظر إن السفاح (كريس) اختار اسم الإنشودة المقززة، التي كتبها الشاعر الأمريكي (داريل ماسون) بعنوان (قناص أمريكي American Sniper) عنوانا لكتابه، وإليكم بعض المقاطع المختارة من هذه الإنشودة:-
American Sniper
A Poem By Darryl Mason
“Kill one man، terrorize a thousand”
the instructor had pointed to the sign
on the wall at the school where I learned to kill
Camp Pendleton، California
it didn’t have a fancy name، this school
like ‘tactical depopulation training’
we called it what it was
Sniper School
three months training
then they sent me here
“Kill one man، terrorize a thousand”
he smiled when he read the sign to me
my scores were good
he told me he was proud of me
never heard a man say that to me before
I see him now still tapping that sign
to a roomful of kids who are now
mostly dead
or wounded
سار (كريس) على نهج الجندي الأمريكي السفاح (آرثر شاوكروس)، وربما تأثر به وتقمص شخصيته.
اشتهر (شاوكروس) منذ صغره بالانحراف الجنسي، ثم التحق بصفوف الجيش الأمريكي، وحارب في فيتنام، فاشتهر بشراسته وقسوته المفرطة، ويقال انه كان يتلذذ بقتل النساء الفيتناميات ويطلق النار عليهن من دون ذنب، وكان يشوي لحمهن ويأكله، ولما عاد إلى أمريكا استمر بممارسة هوايته، فكان يأكل لحم ضحاياه من النساء والأطفال. والغريب بالأمر إن المحاكم الأمريكية تعاطفت معه، ولم تحكم عليه بالإعدام، واكتفت بإيداعه في مصحة عقلية، لكنه أختصر الطريق وقرر الانتحار بعد تاريخ حافل بالقتل والإجرام. وتأثر (كريس) بأساليب (إيرييل شارون) في التعامل مع المدنيين العزل، ففي عام 1982 ارتكب هذا السفاح أبشع المجازر في (صبرا وشاتيلا)، فقتل (450) مدنياً، وليس ببعيد أن تكون نهاية (كريس) بالطريقة التي انتحر فيها (شاوكروس)، أو ربما يتعفن، ويتفسخ جسده قبل موته، مثلما تعفن زعيمه الروحي (شارون) في غرفة العناية المركزة، وإن الله بالمرصاد للمجرمين.
لا فرق بين هذا السفاح المجنون، وبين من استمرأوا الدم العراقي، فزرعوا العبوات الناسفة في كل مكان، وقتلوا الناس بالعشرات بدم بارد، في الأسواق، والمدارس، والجامعات، ودور العبادة، ولا فرق بين هذا السفاح المجنون وبين أولئك القتلة، الذين حرضوا أتباعهم على قتل العراقيين بالجملة، ولا فرق بينه وبين الذين أسرجوا وألجموا وحشدوا في غاراتهم السافرة على الشعب العراقي الصابر المحتسب. ولا فرق بينه وبين الذين وضعوا العراق تحت مقصلة البند السابع، ولا فرق بينه وبين الذين نهبوا ثروات العراق، ولا فرق بينه وبين الذين سرقوا لقمة العيش من أفواه العراقيين، ولا فرق بينه وبين ذلك الكاتب الكويتي الموتور، الذي تمنى انبعاث (الحجاج الثقفي) من قاع جهنم ليزهق أرواح العراقيين بالجملة.
هؤلاء كلهم من جنس واحد، ومن مستنقع واحد، ومن زريبة واحدة، وليعلموا جميعهم إن الله مع المظلوم على الظالم، وانه لا يحب الظالمين، وستطاردهم حوبة العراق في الدنيا والآخرة، والله مع الصابرين.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...