تقرير الطب الشرعي يقول: ( تهشم في الجمجمة وكسر في الحوض ) الشرطة تلقي القبض على الابن ووالدته
والجثمان احضر مغسولاً ومكفناً للدفن في المقابر .. وهذا سر آخر مكالمة مع القتيلة
ورشته الطبيب تؤكد: (المرضية شادية هارون الحليوه لانبض ولا نفس)
الخرطوم: سراج النعيم :
ماذا نقول في هذه الجريمة التي تمتاز بالغموض والغرابة
معاً؟ .. ومصدر والغموض والغرابة في الطريقة التي استدرجت بها المجني عليها
(شادية) من منزل شقيقها بالثورة الحارة (43) شمال مدينة امدرمان إلى مدينة المنشية
بالخرطوم ثم الإتيان بها متوفاة إلى نقطة الأنطلاق الأولى وهي مجهزة تجهيزاً
كاملاً لمواراتها الثرى بعد أن تم إيهام ذويها بتعرضها إلى سقطة قلبية أكدت علي
أثرها السيدة المعنية بأنها أسعفت إلى حوادث مستشفي الخرطوم التعليمي ..وهذا ما لم
ينطلي على شقيق الضحية الذي بدأ في استكشاف السر الذي يخفيه الابن ووالدته التي طالبهما
بإبراز قرار الطبيب بالمتوفاة الامر الذي ادخل الجميع في حالة اضطراب وربكة .. ردت
بعدها السيدة أنفة الذكر بأنه موجود .. فما كان من محمد هارون الحليوة إلا أن يباغتها
بسؤال آخر اين هو ؟ فوضعت بين يديه روشته لاتمت بصلة من قريب أو بعيد بالحالة
المعروضة أمامه من على ظهر عربة الإسعاف التي كانت تحمل الجثمان في تلك الأثناء
ماحدا به التوجه مباشرة إلى قسم شرطة غرب الحارات والإبلاغ بهذه الوقائع .. ما حدا
بافراد الشرطة التحرك معه على جناح السرعة إلى منزل الشاكي والقاء القبض على الأبن
ووالدته .. ومن ثم تحويل الجثمان إلى مشرحة الطب الشرعي لمعرفة اسباب الوفاة ..
هكذا أطلعتني أسرة القتيلة شادية هارون الحليوة بالقصة المثيرة جداً لما تفتقره من
القيم الإنسانية كالعدالة والحق والخير.
الإستدراج من المنزل بالثورة
ويستأنف محمد شقيق المرحومة شادية هارون الحليوة الحكايا
بعيداً عما يقيد الذات الإنسانية من قول كلمة الحق قائلاً: هذه القضية خطيرة ومكمن
الخطورة في أن المجني عليها تربطها صلة القرابة بالأبن ووالدته المتهمين بارتكاب
هذا الجرم المخالف للقوانين السماوية والمشرعة بواسطة البشر. إلى جانب أنها إبادة
ضد كل القيم والمباديء .. حزنت غاية الحزن لإتهام شقيقتي بسرقة (8) ألف دولار ثم
استدراجها من منزلي بالثورة الحارة (43) إلى المنشية بالخرطوم للاعتداء عليها
بالضرب دون رحمة أو رأفة .. تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هنالك نوع من التواطؤ
بين الحزن والجراح . ولكنني رغماً عن ذلك كله أرغب في التنويه بأن علاقتنا بالابن
ووالدته لن تدعنا نغفل حقوق الضحية (شادية) التي لن ننسى أنهما استخدما في
مواجهتها الجرأة المطلقة دون أن يضعا في الاعتبار احاسيس ومشاعر أسرتها المكلومة
.. خاصة وأننا نعي تماماً بأن الحياة ليست نزهة لقطف الثمار فقط إنما هنالك ضريبة
يجب أن يدفعها البشر.. ومع هذا وذاك نؤمن إيماناً قاطعاً بالقضاء والقدر ..ولكننا
حينما نقف وقفة تأملية في تداعيات هذه القضية فأننا نجدها تحمل بين طياتها الكثير
من الغموض الذي بدأ يتكشف لنا بالأخطاء التي ارتكبها من خططا ودبرا لهذا الجرم
الذي لن يقتفره لهما التاريخ ..وبما أن مهمة التاريخ توثيقية نقدية للسوالب ..فها
نحن نكتب هذا التاريخ المؤلم جداً والمحزن ايضاً.
بطل القصة يتهم شادية بالسرقة
ويضيف الحليوة : كيف يمكن أن تكون الصورة وفق المعطيات
الجديدة للتطور في المحيط الأسرى.. الذي يسوده مناخ لا يمكنني بأي حال من الأحوال
وصفه ولكن في امكانك أن تشاهده على أرض الواقع .. وما حدث بالضبط هو أنه كانت
لدينا وفاة قبل شهر ونصف تقريباً في العمارات بالخرطوم شارع (33) .وكنا جميعاً بما
فينا المجني عليها (شادية) في منزل العزاء وعدنا نحن وتركناها هناك. وفي يوم
الخميس قبل الماضي اتصلت عليها هاتفياً وقلت لها : ياشادية يجب أن تأتي إلى منزلي
بالثورة الحارة (43) حتى تسافري إلى والدتك .. وقبل أن ترد على التقطت منها الهاتف
السيار ابنة خالتنا وقالت ليّ : يا محمد الأربعين يوم الجمعة .. لذلك دعها تمضي
معنا هذا اليوم ثم تأتي إليكم بمشيئة الله .. فقلت لها : لا مانع لدى من ذلك..
وفعلاً جاءت شادية مساء السبت ..وكان أن سألتها عن احوالها فقالت تمام الحمدلله ..
بعد ان قطعت وعداً بالسفر يوم الأثنين .. أما المفاجأة بالنسبة ليّ كانت في أن
الأبن بطل القصة هاتفني في نفس مساء اليوم الذي حضرت فيه شقيقتي إلى منزلي بالثورة
الحارة (43) وقال محدثي من الطرف الآخر : يا محمد أنا أسف جداً على هذا الإتصال
ولكن حدث من شقيقتك (شادية) أن سرقت مني (8) ألف دولار .. فقلت له : يافلان أنت
تعرفها وأنا كذلك ما اظن أن تفعل فعلاً من هذا القبيل .. ولو افترضنا أنها فعلت
فيجب عليك أن تأتي إليها في المنزل .. فقال ليّ : غداً سأكون معكم .. وقبل أن يغلق
الهاتف قالي ليَّ : متى ستحضر إلى المنزل من العمل فقلت له : في تمام الساعة
الثالثة ظهراً .. فقال ليّ: دعنا نلتقي في مكان محدد ثم نأتي إلى شادية سوياً فقلت
له : على الرحب والسعة .. إلى هنا كان الأمر طبيعياً ولكن ماذا حدث بعد هذه
المكالمة الهاتفية؟
إنهال عليها بالضرب المبرح
ويجيب الحليوة على السؤال آنف الذكر بقوله: فلان الذي
أشرت إليه في هذه القضية استعجل في الحل .. حيث أنه خالف الموعد الذي قطعه معي
وجاء إلى منزلي بالثورة الحارة (43) حوالي الساعة الواحدة ظهراً يرافقه احدهم وهما
يستقلان سيارة .. توقفا بها أمام باب المنزل فوجدا ابنتي الصغيرة تلهو في الشارع
فوجها إليها سؤالهما ..هل هذا هو منزل محمد هارون الحليوة ؟ فاجابتهما بالإيجاب ..
فما كان منهما إلا ودلفا للداخل ثم سألا صغيرتي هل هذه غرفة (شادية) فقالت لهما :
لا .. فقال لها الشخص المعني اين هي؟ فقالت له : في الطرف الآخر . الشيء الذي حدا
به التوجه مباشرة إليها في الغرفة التي كانت تقبع فيها وما أن وقعت عينيه في عينيها
إلا وانهال عليها ضرباً مبرحاً مع النعت بصفات لا أود التطرق لها آنياً وكانت
شادية تقول له : ( يافلان الكلام دا عيب منك) فقال لها : لو كنتي أصلاً بريئة من
هذا الإتهام عليك مرافقتي إلى المنشية حتى تبرري موقفك لوالدتي .. فقالت له :جداً
سوف أمشي معك.. وكان أن خرجا من المنزل هي وهو ومرافقه واستقلوا السيارة إلى ان
وصلوا المنشية بالخرطوم.
الشغالة تكشف تفاصيل مثيرة
ويستطرد الحليوة .. وبحسب الأفادات التي أدلت بها
الشغالة مع الأبن ووالدته إذ قالت أنهما قاما بادخال (شادية) إلى غرفة ما واغلقوها
عليهم .. وظلوا على خلفية ذلك يوسعونها ضرباً هو ووالدته وكانت هي في تلك الأثناء
تصرخ صراخاً شديداً من الألم إلى أن سكتت فجأة .. فعم المكان صمت رهيب وغريب ..
وما ان مر على ذلك دقائق ألا وفتاحا باب الغرفة وخرجا وهما يحملان شقيقتي شادية
جثة هامدة ووضعاها في السيارة خاصتهما على أساس أنهما سوف يسعفاها إلى حوادث
مستشفي الخرطوم التعليمي ومن هنا تلقيت اتصالاً هاتفياً من والدة المتهم حوالي
الساعة التاسعة مساء الأحد وقالت ليّ من خلال هذه المكالمة الهاتفية الدوام لله ..
شادية جاءتها سقطة قلبية ونحن أسعفناها إلى حوادث مستشفي الخرطوم التعليمية فقلت
لها : ما في مشكلة انتظروني هناك وأنا في طريقي إليكم.. وكان أن وصلت إلى المكان
الذي حددته هذه السيدة وبدأت ابحث عنهم فيه وعندما لم اجدهم لجأت الى
مسؤول الاحصائيات بقسم الطواريء وبحثت بين الحالات المريضة ولكنني لم أجد اسم
شقيقتي (شادية هارون الحليوة) الأمر الذي حدا بي توجيه سؤال الى المسؤول الذي كان
معنياً بتدوين الحالات المرضية ؟ فقال لي: لم ترد الينا في قسم الحوادث حالة
مماثلة لهذه الحالة فدخلت في حيرة من امري الا ان هذه الحيرة لم تظل كثيرا لأنني
اجريت اتصالا هاتفيا بالأبن ووالدته فجاء الرد من الطرف الآخر ( هذا المشترك لا
يمكن الوصول اليه حاليا) حينها تيقنت ان في الأمر لبس.
نقل المرحومة باسعاف الى الثورة
ويضيف الحليوة: وما ان مر على قلقي لحظات الا وتلقيت اتصالا
هاتفيا من شقيقي (عباس) يفيدني فيه بأن شقيقتنا شادية احضرت الى منزلي بالثورة
الحارة (43) بواسطة عربة أسعاف فقلت له: كيف حدث ذلك؟ واردفت متسائلا: هل استلمت منهم أمر من الطبيب
يوضح وفاتها والاسباب المؤدية الى هذه الوفاة.؟ فقال لي: أبدا فقط اتوا بها مجهزة
تجهيزا كاملا لمواراتها الثري اي ان جثمانها مغسول ومكفن أين تم هذا الأمر لا علم
لنا به؟.. فقلت له: يا عباس لا تتصرفوا اي تصرف حتي لو اتيت اليكم غدا وكان ان
تحركت من امام حوادث مستشفي الخرطوم التعليمي مباشرة الى منزلي بالثورة الحارة
(43) فكانت المفاجأة بالنسبة لي كبيرة جدا
بأن وجدت ما قاله لي شقيقي عباس صحيحا مائة في المائة فالقيت عليهم التحية ثم سألت
والدة الأبن أين أمر الطبيب؟ فقالت وهي مضطربة ومرتبكة: موجود فأردفت سؤالي بآخر أين
هو الآن؟ فما كان من هذه السيدة الا وان دفعت الي بوريقة صغيرة وعندما تفحصتها
وجدتها عبارة روشتة من طبيب ما سطر فيها مايلي: (المريضة شادية هارون الحليوة لا
نبض لا نفس) وهذا يؤكد انها وصلته متوفاة وبالتالي تم وضع هذه الروشتة الطبية في
ملف القضية.
البلاغ بقسم شرطة غرب الحارات
ويقول الحليوة: ومن هنا قمت بالقاء نظرة على جثمان شقيقتي
(شادية) فأكتشفت انها مضروبة ضربا شديدا
فقلت لهم: ماذا نقول فيما نشاهده من عنف ظاهر على جسد المجني عليها؟ ثم قلت لهم لا
تتصرفوا الى ان اذهب الى قسم الشرطة وبالفعل قمت بابلاغ الشرطة بوقائع هذه الجريمة
فما كان منهم الا وان جاءوا معي الى منزلي واتصلوا على حوادث مستشفي الخرطوم
التعليمي فاتوا الينا على جناح السرعة وبعد ان عاينوا على حالة (شادية) حول الجثمان الى مشرحة الطب الشرعي بينما القت الشرطة القبض على الأبن
ووالدته وتم ايداعهما حراسة قسم شرطة غرب الحارات الذي فتحت فيه بلاغ تحت المادة
(130) من القانون الجنائي وتفسيرها القتل
العمد بالرقم (1066) يوم الاحد الموافق 4/3/2012م ونحن كأسرة اجمعنا جميعا
على ان يأخذ القانونى مجراه خاصة وانها غير متزوجة وتبلغ من العمر (53 عاما) وهي معروفة بالخلق الحسن والاستقامة ضف الى ذلك
انها انسانة بسيطة جدا ويمكن هذا الرأي تجده عند الأهل والاصدقاء هنا وهناك في
مسقط الرأس بالجبلين وهي كانت تعمل فراشة في حضانة اطفال (روضة) في الثورة الحارة (43) وعندما حدثت لنا الوفاة
بالعمارات شارع (33) انقطعت عن عملها وظلت في منزل العزاء
آخر مكالمة مع القتيلة
فيما قال عبد الحفيظ شقيق المجني عليها شادية هارون الحليوة : هي انسانة بسيطة جدا اتهموها بسرقة
(8) الف دولار بالمنشية الخرطوم وهذا المبلغ عثروا عليه بعيدا عنها وحتي لو
افترضنا جدلا انها سرقت هذا المبلغ فإن القانون كفيل برد هذه الحقوق لا ان تقتص
منها بهذه الصورة البشعة وعندما تم اخذها
من منزل شقيقنا الأكبر محمد هارون
الحليوة كنا في الجبلين وكان هو في
عمله.
والتقط منه قفاز الحديث شقيقه عبد المنعم قائلا: نحن لا نرغب
في شيء سوي ان يجري القانون مجراه
بينما قال محمد اسماعيل ابراهيم خال المجني عليها شادية: كنت اتحدث اليها عبر الهاتف يوم السبت
الماضي حيث قلت لها: يا ابنتي متي ستأتي فقالت لي: بمشيئة الله يوم الاحد أكون
معكم فقلت لها: والدتك في حاجة ماسة اليك لذلك انا على اهبة الاستعداد لأن احضر
اليك في العمارات بالخرطوم شارع (33) لكي اخذك من هناك الى الجبلين.
تهشيم في الجمجمة وكسر في الحوض
اما رقية شقيقة المرحومة شادية هارون الحليوة قالت: هي الأكبر مني بثلاث سنوات تم قتلها في شبهة
جنائية جاء فيها تقرير الطب الشرعي على النحو التالي: (تهشم في الجمجمة وكسر في الحوض)
اي انها عذبت عذابا شديدا من الابن ووالدته حتي توفيت الى رحمة مولاها وقاما باحضارها
الى منزل شقيقي محمد هارون الحليوة بعربة اسعاف من اجل دفنها حتي يتم اخفاء
الملابسات التي سبقت وفاتها
وتذكر مريم ابنة خالة المتوفاة شادية هارون الحليوة قائلة:
لقد ظلت هي بطرفهم اربعين يوما من تاريخ الوفاة التي حدثت لهم في العمارات بالخرطوم شارع (33) فلم نكن نتوقع
ان تكون هذه هي نهايتها المحزنة مما ادخل فينا الحيرة والدهشة والاستغراب لأن
الاتهام الذي طالها في هذه القضية اتهام
باطل لا اساس به من الصحة وذلك نابع من ان المبلغ الذي قالوا انها سرقته تم العثور
عليه الشيء الذي يؤكد انها راحت ضحية بلا ذنب اقترفته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق