أنا "ابن الصلادم" أُدعى الهبيد عبيدا حــبوت بمأثرة
ولاقى بمدرك رهط الكميت
منحناهم الشعر عن قدرة
حبوت القوافي قومي أسدْ
وأنطقت بشرا على غير كد
ملاذا عزيزا ومجدا وجد
فهل تشكر اليوم هذا معد
وتنطوي القصة الطويلة على تصور يقترن فيه قول الشعر بالشرب من لبن ظباء الجن والري منه؛ وقد قال الهبيد لضيفه الذي امتنع عن شرب لبن الظباء لزهومته " لو كرعت في بطنك العس لأصبحت أشعر قومك"
وقد استمر هذا الاعتقاد عــند الشعراء الإسلاميين على سبيل الاستملاح والتظرف، ويرى بعض من تناول هذه المسألة أن وصف القرآن للشعراء بأنهم ( في كل واد يهيمون )وصف مجازي أي أنهم يطلقون لأخيلتهم العنان فتطرق كل موضوع ويصفون ما لم يروا كأنهم رأ وه ، وكان من الطبيعي بعد وصف الطائفة المستهدفة بالهجوم القرآني أن يقع الاستثناء على الشعراء الذ ين يدافعون وينافحون عن الإسلام بألسنتهم وقرائحهم
لقد أصبح من الوارد ـ الآن ـ أن نقـول : إن مدار الآيات الآنفة هو نفي صفة الشعر عن القرآن الكريم ونفي صفة الشاعرية عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما أنها اعتنت بمفهوم الشعر عند العرب المشركين وبموقفهم مـن القرآن لا بموقف القرآن من الشعر، وأنها كذلك وضعت حدا فاصلا بين الشعر والنبوءة ، ذلك الحد الذي عبر عنه سيد قطب تعبيرا نفيسا عند ما تعرض للآية الكريمة " وما علمناه الشعر ـ وما ينبغي له ـ إن هو إلا ذكر وقرآن مبين" قائلا " وهنا ينفي الله ـ سبحانه ـ أنه علم الرسول الشعر . وإذا كان الله لم يعلمه فلن يعلم. فما يعلم أحد شيئا إلا ما يعلمه الله . . . ثم ينفي لياقة الشعر بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما ينبغي له فللشعر منهج غير منهج النبوءة . الشعر انفعال ، وتعبير عن هذا الانفعال ، والانفعال يتقلب من حال إلى حال. والنبوءة وحي ، على منهج ثابت ، على صراط مستقيم يتبع ناموس الله الثابت الذي يحكم الوجود كله . ولا يتبد ل ولا يتقلب مع الأهواء الطارئة تقلب الشعر مع الانفعالات المتجددة التي لا تثبت على حال ، والنبوءة اتصال دائم بالله ، وتلق دائم عن وحي الله ، ومحاولة دائمة لرد الحياة إلى الله . بينما الشعر ـ في أعلى صوره ـ أشواق إنسانية إلى الجمال والكمال مشوبة بقصور الإنسان وتصوراته المحدودة بحدود مداركه واستعداداته. فأما حين يهبط عن صوره العالية فهو انفعالات ونزوات قد تهبط حتى تكون صراخ جسد ، وفورة لحم ودم ! فطبيعة النبوءة وطبيعة الشعر مختلفتا ن من الأساس . هذه ـ في أعلى صورها ـ أشواق تصعد من الأرض . وتلك ـ في صميمها ـ هداية
ولاقى بمدرك رهط الكميت
منحناهم الشعر عن قدرة
حبوت القوافي قومي أسدْ
وأنطقت بشرا على غير كد
ملاذا عزيزا ومجدا وجد
فهل تشكر اليوم هذا معد
وتنطوي القصة الطويلة على تصور يقترن فيه قول الشعر بالشرب من لبن ظباء الجن والري منه؛ وقد قال الهبيد لضيفه الذي امتنع عن شرب لبن الظباء لزهومته " لو كرعت في بطنك العس لأصبحت أشعر قومك"
وقد استمر هذا الاعتقاد عــند الشعراء الإسلاميين على سبيل الاستملاح والتظرف، ويرى بعض من تناول هذه المسألة أن وصف القرآن للشعراء بأنهم ( في كل واد يهيمون )وصف مجازي أي أنهم يطلقون لأخيلتهم العنان فتطرق كل موضوع ويصفون ما لم يروا كأنهم رأ وه ، وكان من الطبيعي بعد وصف الطائفة المستهدفة بالهجوم القرآني أن يقع الاستثناء على الشعراء الذ ين يدافعون وينافحون عن الإسلام بألسنتهم وقرائحهم
لقد أصبح من الوارد ـ الآن ـ أن نقـول : إن مدار الآيات الآنفة هو نفي صفة الشعر عن القرآن الكريم ونفي صفة الشاعرية عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كما أنها اعتنت بمفهوم الشعر عند العرب المشركين وبموقفهم مـن القرآن لا بموقف القرآن من الشعر، وأنها كذلك وضعت حدا فاصلا بين الشعر والنبوءة ، ذلك الحد الذي عبر عنه سيد قطب تعبيرا نفيسا عند ما تعرض للآية الكريمة " وما علمناه الشعر ـ وما ينبغي له ـ إن هو إلا ذكر وقرآن مبين" قائلا " وهنا ينفي الله ـ سبحانه ـ أنه علم الرسول الشعر . وإذا كان الله لم يعلمه فلن يعلم. فما يعلم أحد شيئا إلا ما يعلمه الله . . . ثم ينفي لياقة الشعر بالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وما ينبغي له فللشعر منهج غير منهج النبوءة . الشعر انفعال ، وتعبير عن هذا الانفعال ، والانفعال يتقلب من حال إلى حال. والنبوءة وحي ، على منهج ثابت ، على صراط مستقيم يتبع ناموس الله الثابت الذي يحكم الوجود كله . ولا يتبد ل ولا يتقلب مع الأهواء الطارئة تقلب الشعر مع الانفعالات المتجددة التي لا تثبت على حال ، والنبوءة اتصال دائم بالله ، وتلق دائم عن وحي الله ، ومحاولة دائمة لرد الحياة إلى الله . بينما الشعر ـ في أعلى صوره ـ أشواق إنسانية إلى الجمال والكمال مشوبة بقصور الإنسان وتصوراته المحدودة بحدود مداركه واستعداداته. فأما حين يهبط عن صوره العالية فهو انفعالات ونزوات قد تهبط حتى تكون صراخ جسد ، وفورة لحم ودم ! فطبيعة النبوءة وطبيعة الشعر مختلفتا ن من الأساس . هذه ـ في أعلى صورها ـ أشواق تصعد من الأرض . وتلك ـ في صميمها ـ هداية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق