عائدون من جحيم الموت والهلاك بليبيا يكشفون تفاصيل مثيرة للدار (1)
بتاريخ 20-7-1432 هـ الموضوع: اخبار الاولى
لا يدري
السودانيون الذين قتلوا.. أو سلبوا.. أو نهبوا.. أو نجوا من جحيم نيران القذافي
تارة.. وتارة اخرى من نيران الثوار الذين اطلقوا على انفسهم ثورة (17 فبراير)، فهل
كانت هذه الاحداث الدامية مصادفة للخروج من الحاضر، الذي تركن اليه الجماهيرية
الليبية الاشتراكية العربية،
بتاريخ 20-7-1432 هـ الموضوع: اخبار الاولى
طرابلس:
الخرطوم: سراج النعيم
وذلك
بالعودة الى الماضي المحكوم بفكر المستعمر القديم.. أم هي مجرد محاولة لا تعرف الى
أين تركض، وهي موضوعة على حافة الهاوية، تهتك بشأنها متمثلة في (شره العنف).. وذلك
يلخص الانفلات الامني الذي راح ضحيته الكثير من السودانيين الابرياء، الذين كل
ذنبهم، أنهم يبحثون عن اوضاع اقتصادية افضل مما هم عليه، الا أنهم لم يخطر ببالهم
أنه كان ينتظرهم مصير مجهول.. مصير مذبوح على (الخطيئة) التي ورطهم فيها بعض الذين
اطلقوا تصريحات مجافية للواقع الذي يركن اليه السودانيون في تلك الظروف القاهرة..
ما أستدعي ثمة احاسيس محكوم بالاعدام رمياً بالرصاص بالاسلحة الخففة والثقيلة
معاً، أو السلاح الابيض الذي كان يستخدمه بعض اللبييين الذين لم يتمكنوا من اقتناء
اسلحة نارية من مكاتب الأمن الداخلي وأقسام الشرطة لحظة أنفجار الاوضاع
بالجماهيرية.
ومن هنا تبدأ الافكار تتقافز على المخيلة بشكل
اكثر وضوحاً فالواقع ينبيء بأن الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم.. وذلك لمجرد أن
الطرفين يعملان وسط دوي الانفجار الانساني والاخلاقي، فان اختيار زمان ومكان التظاهر
فيه، عامل يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك انها تمت في (ساعة صفر) واحدة، وضعت الخطوط
تحت الافكار دون تحديد معاني تقود الي الانجراف وراء هذا التيار، الذي يعمل في
اطاره الكثيرون لوجود مخرج منه، فهو حمل سمات تمزج بين الحزن والعنف.
العميد
مهندس الساعدي معمر القذافي
كان بداخلي ايمان يقيني كبير، يؤكد لي في كل
لحظة أننا سقطنا في بئر عدم الاهتمام بالتوقع لما تنبيء عنه مواقف سياسية محددة،
تفرز تداعيات لا تتوافق مع تفكير المجتمع البسيط الذي لا يهمه كل ما يدور من
احداث، بقدر ما يهمه أن يعيش حياته مستقرا في أمن وسلام.. هكذا ابتدر صديق النور
احمد البالغ من العمر (32) عاماً سرد مأساة السودانيين بالجماهيرية الليبية لاقترابه
بشكل مبديء من مركز القرار بالنظام الحاكم، وانشائه صداقات مع بعض الثوار، وذلك من
واقع انه يعمل محاسباً مالياً مع العميد مهندس الساعدي نجل الرئيس الليبي معمر
القذافي.
واردف قائلاً للدار أمس: لم نحزن على خلفية
انفجار الاوضاع بالجماهيرية الليبية حزناً انسانياً صافياً، انما سجنا انفسنا في
كيفية الخروج من هذا الواقع الملغوم منذ اللحظات الاولى، فانا أمضيت في مدينة (زوارة)
الواقعة غرب العاصمة الليبية طرابلس (12 عاما)،ً شغلت من خلالها رئيس الجالية
السودانية بشعبية النقاط الخمس، وهي زوارة، صبراتة، العجيلات والجميل زلطن، الي
جانب أنني كنت منسق الشباب والرياضة بالجماهيرية الليبية العربية الاشتراكية، وما
أن انطلقت شرارة الثورة الاولى بمدينة بنغازي، الا وكونا غرفة طواريء لاجلاء
السودانيين عبر الطرق المؤدية الى تونس، رغماً عن أنه واجهتنا بعض الصعاب، منها
عدم رغبة البعض في العودة للوطن، وبحجة أنه
ليس لديهم شيئاً يشجعهم على ممارسة هذا الفعل، حتي ولو كانت تلك الاحداث الدامية تقودهم الى الموت
والهلاك، مع التأكيد الجازم بأن الحكومة السودانية لم تقصر معهم بتاتاً، ضف الى
ذلك أن بعض الأسر المقيمة لفترات زمنية طويلة بالجماهيرية الليبية العربية
الاشتراكية، لا ترغب في أن تشد الرحال للسودان، الا بعد أن تحمل معها كل المغتنيات
الخاصة بها التي تعتبرها كل حصاد غربتها علي مدي سنوات طويلة.
الاستيلاء
على الاسلحة الخفيفة والثقيلة بزوارة
فلنقل أننا كنا امام حالة من حالات الانفلات
الامني المرتبط بالقدرة على التصالح مع التاريخ والتسامح مع الخصوم السياسيين
والمفكرين، بحيث يظل التاريخ في النهاية هو التاريخ الذي انفجرت على اثره الاوضاع
بالجماهيرية الليبية، وأكد صديق النور العائد لتوه من مدينة (زوارة) أن الاحداث
بليبيا لا تطاق نهائيا، فهي أخذت طابعا أخرا، وحكاية هذه الاحداث الدامية، حكاية
من الحكايات التي لا يمكن أن يتصورها عقل، فما حدث بالضبط لم يكن حدثا عاديا، أو
مجرد ظاهرة وتذهب بمرور الزمن الي غير رجعة، مشيراً الى أنه عندما بدأت التظاهرات
كان يقضي في اجازة عن عمله مع الساعدي نجل العقيد معمر القذافي، بالمقابل احدث غياب
الامن كل الفوضي التي شاهدها العالم بصورة عامة من علي شاشات القنوات الفضائية،
ولكن ما لم يشاهده افظع بكثير، خاصة وأن التظاهرات بدأت بهاجمة مواطني مدينة (زوارة)
لمؤسسات الدولة، ثم اضرموا فيها النيران، بما فيها مديرية جهاز الامن الداخلي،
وحينما وجد الشباب والنشء الليبي أن الظروف الراهنة في حاجة للمزيد من الفوضى لم
يتوانوا ولو للحظة واحدة.. ولم ينصاعوا لميكانيكية القياسات الصارمة، فما كان منهم
الا وأن واستولوا على الاسلحة الخفيفة والثقيلة، كما أنهم ظهروا في الطرقات العامة،
وهم يرتدون البزات العسكرية برتب كبيرة مثلاً تجد شاباً لا يتجاوز العشرين عاماً
برتبة عميد، ومن هذه المشاهد قتل الكثير من السودانيين الذين اجبر البعض منهم
بالانخراط مع الثوار، أما بالنسبة للنظام الحاكم، نظام الرئيس معمر القذافي، فانه
يأتي الى السودانيين المقيمين بالمدن الليبية المختلفة في منازلهم، ويقولون لهم
اما أن تكونوا معنا أو ضدنا، وكل خيار امر من الثاني، لانك لو رفضت الفكرة المطروحة
عليك سيقتلونك بلا رافة أو رحمة.
وفي ذات السياق اشار الى أنه اتصل عليه البعض من
السودانيين الذين اجبروا على الانضمام مع كتائب القذافي مؤكدين له انها تم أخذهم للمشاركة
في الحرب التي يشنها على ثوار ثورة (17 فبراير) باجدابيا، فلم يكن امامهم مفر سوى
الاستجابة لذلك، الا أن الكتائب التابعة لنظام الحكم في البلاد استخدمتهم كدروع
بشرية، فكان أن قتل منهم اعداد كبيرة جداً.
طعن
حراسه الشخصيين بالة حادة
وهناك مظاهر اخرى من مظاهر الاعتداء على
السودانيين، حيث أنه عندما احتل الثوار مدينة (زوارة) قاموا بالقفز من اعلي حوائظ
منازل السودانيين، ومن ثم وهددوهم بالسلاح،
ومن لا يستجيب الى مطالبهم يقتل بصورة بشعة جداً.
واضاف صديق النور مبيناً أنه من وراء هذا القتل
لم يتمكن من أخذ ممتلكاته، رغماً عن أنه يعمل محاسباً مالياً للعميد مهندس الساعدي
نجل العقيد معمر القذافي، ومنسقاً للجان الثورية بمدينة زوارة، وتلحظ أنني لم احمل
شيئاً سوى مفاتيح منزلي.
وعندما
تسألني عن الساعدي نجل الرئيس الليبي، اقول لك بكل صدق أنه يتعامل بصورة سيئة يبدأها
بأفراد حراسته الخاصة ، وفي كثير من الاحيان يتجاذب معي اطراف الحديث، واتذكر أنه
ذات مرة أنه طلب من حراسه الشخصيين، طلباً غريباً هو أن يحضروا له خروفاً من العاصمة
الليبية (طرابلس)، التي تبعد عنها مدينة زوارة (100) كيلو، وعندما نفذوا توجيهاته
حرفياً ارتدى (برمودة) وحمل سكينة وتوجه الي الخروف محاطاً بالحراس الخاصين، وذبح (الخروف)
بنرجسية، وما أن اشبع رغبته، الا ووجه آلته الحادة (سكين) الي حراسه الشخصيين،
مسدداً بها طعنات قاتلة لهم جميعاً، الامر الذي اضطر البعض منهم الفرار من امامه،
بحكم انه لديه سلطات تخول له قتل أي انسان لا يلبي مطالبه، خاصة وأنه يتعاطى
المخدرات بشراهة، ما يجعله يتصرف مع المحيطين به في تلك الاثناء تصرفات اطفالية،
تغيب معها كل المعايير العقلية والاخلاقية والقيمية، فكانت هذه التصرفات، هي
الطامة الكبرى، لانه يبرز كل حدث في سياق (قزم)، ويحصر جل تفكيره في الشهوات
والغرائز، ما حدا به أن يكون انساناً متسلطاً بصورة همجية، عاملاً بذلك على اخضاع
الاخرين لرغباته التي تطل بقوتها الاحادية، واستطاع أن يرسخ هذه المفاهيم.
الساعدي
والقذافي وخطاب زنقة زنقة
لم يكن الساعدي يتوخى الاستقرار بالجماهيرية
الليبية العربية الاشتراكة، لانه لا يركن لمسرح الحياة المحلي، هكذا هي
استراتيجياته، بوصفه نجل العقيد معمر القذافي،
ومن هنا قال صديق النور: ومن عملي معه بمدينة
زوارة، فهو رجل لا يحتمل بتاتا، لذلك ومن وسط هذا الخضم الداخلي والخارجي المتلاطم،
كان حائرا من تصاعد وتيرة التظاهرات، ثم أستمرار الثوار في معاركهم ضد كتائب
القذافي، وهم الثوار الذي افزرتهم ثورة (17 فبراير)، التي جعلت الساعدي المتعجرف
يصبح ياوراً لوالده، وربما كلكم لاحظتم وقوفه خلف القذافي عندما كان يهدد في شعبه
ويرسي لهم دعائم ما يخطط له ورفع شعاراً واضحاً حمله خطابه الشهير (زنقة.. زنقة..
دار.. دار.. والخ..)، والذي ما أن فرغ من تلاوته، الا وقام نجله الساعدي بتقبيله،
وكنت أنا اعمل جاهداً على استقلال علاقتي بالطرفين النظام الحاكم وثوار ثورة 17
فبراير لصالح السودانيين بالجماهيرية، فكان ان تمكنت من اقناع الكتائب الليبية،
والشباب الثائر على نظام الحكم بالبلاد، وذلك بمنح بعض السودانيين بطاقات تسهل
مهمة تنقلهم بين المدن المسيطر عليها هذا الطرف أو ذاك، فالقصف كان وما زال
عشوائياً أدى الى تدمير الكثير من منازل السودانيين في مختلف المدن.
عملي
محاسباً مالياً مع الساعدي القذافي
فللمرة الاولى تغيرت كل هموم واهتمامات الشعب
الليبي، واخذت لوناً وشكلاً ومضموناً اخراً.. ففي هذه الصدد قال النور محاسب الساعدي
القذافي لـ (الدار): بدأت تتوطد علاقتي بنجل الرئيس الليبي من خلال عملي باللجان
الثورية الشعبية التابعة لنظام الحكم بالبلاد، فهي اتاحت لي فرصة التعرف عليه عن
قرب، الى أن عرض عليّ العمل معه بواسطة عقيد بجهاز الامن الخارجي، فلم اتوانى
بالموافقة ولو لكسر من الثانية.
ومن هذا المنطلق قد توافق هذا الرجل أو تخالفه
الرأي حول نظريته لحل القضايا العالقة، فاليوم الذي توجهت فيه معه الى قريته
السياحية بمدينة زوارة، تكشفت ليّ كل الحقائق المسكوت عنها، فهذه القرية تتم فيها كل
الممارسات الغير مشروعة، اذ يأتي اليها من يعقد معهم صفقاته المشبوهة تحت غطاء أنهم
سياح، وهو دائماً ما يبرمج حساباته على تلبية طموحاته ورغباته الشخصية، حتى لو
كانت تتعارض مع اهواء الاخرين، وربما هذا ما افلح فيه الغرب، بغرس هذه الافكار
المخالفة للدين والفكر والفلسفة في عقلية الساعدي، الذي أنبهر بالحضارة والثقافة
الغربية البالية، وذلك على حساب الحضارة والثقافة الاسلامية والعربية، وبالتالي
اجزم جزماً قاطعاً بأن الغرب نجح نجاحاً منقطع النظير، في فرض اسلوب حياته وقيمه
الاخلاقة، حيث أنها سيطرت علي عقل الساعدي القذافي، الذي اصبح بمرور الزمن يخضع خضوعاً
تاماً لهم، ماحياً الذات متقبلاً التبعية، وهكذا استطاع الغرب أن يرسخ اقدامه عن
طريق غزو عقلية الساعدي القذافي فكرياً وثقافياً ورياضياً والجذب بالجنس الاخر.
المالك
الرابع لنادي بورتسموث الانجليزي
وتابع صديق النور محاسب الساعدي نجل الرئيس
الليبي معمر القذافي حديثه الذي خص به (الدار) مؤكداً أنه.. أي الساعدي القذافي
مدلل جداً ولا يعجبه العجب، لذلك انزعج جداً عندما ذكرت صحيفة (ديلي مرور)
البريطانية (أن الساعدي نجل العقيد القذافي رئيس الاتحاد الليبي لكرة القدم، على
وشك أن يصبح المالك الرابع لنادي (بورتسموث) الانجليزي خلال ستة أشهر)، الامر الذي
اعتبره الساعدي افشاء لاسراره قبل أن يعلن عنها هو شخصياً، فالمحادثات التي اجراها
وقتئذ مع وفد (فراتون بارك الاعلى السيد على آل فرج)، كانت محاطة بسرية تامة من
الطرفين، خاصة وأن نادي (بورتسموث) مديون ديوناً تقدر بـ (60) مليون جنيه
استرليني، الشيء الذي جعل أحدى الصحف الليبية تؤكد أن وتيرة الصفقة تسارعت منذ
صدور قرار التصفية، حيث من المتوقع أن يكون قد انجز (95) في المائة منها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق