اعتاد البعض على الظلم في حياتهم حتى أنه بات أمراً عادياً، فلا يؤثر فيهم قيد أنملة رغماً عن علمهم التام بإختلاف أشكاله، أنواعه، درجاته وأسبابه، وعني شخصياً لا يهزني، لأنني ظللت أركن له على مدي سنوات، ومازال يسيطر على حاضري قسراً، فلا أشعر بالحزن في ظله، لأنه أصبح جزءاً لا يتجزاء من حياتي.
لابد من أن يعلم الظالم بأن الظلم من موجبات غضب وسخط الله، وإذا كان يعلم هذه الحقيقة فإنها مصيبة، وإذا كان لا يعلم فإن المصيبة أكبر، خاصةً وأن المولي عز وجل حرم الظلم على نفسه، وتوعد الظالم بشر ووعيد.
من الملاحظ طغيان وتجبر الظالم كيفما يريد، وكيفما يشاء، إلا أن الظلم الأشد قسوة وإيلاما، هو ظلم السلطان الذي ربما عاث في الأرض (فساداً)، وجعل معيشة شعبه ضنكا بالتمادي في غيه لصمت المظلوم، وربما قاده ذلك الصمت لبذر بذور الظلم في الأرض الخصبة، إلا انني لا اتأثر به نهائياً، وذلك من واقع ركوني له، وتوقعي حدوثه في أي لحظة، فلا ابكي منه، بقدر ما يبكيني الإنصاف في زمن اللا عدالة.
إن أسباب تفشي الظلم كثيرة، ولا يمكن حصرها جميعاً في هذا المقال، فهناك من يسلط ظلمه على الإنسان بدافع توسيع دائرة السيطرة، وهناك من يفعل لإخافته، وينتشي ويستلز بالظلم، فالأسباب الظاهرة والخفية كثيرة إلا أن السبب المشترك هو أن الظالم اعتاد على الظلم، والمظلوم يستجيب له، ولا يحدث الظلم في نفسه شيئاً، وغالباً ما يقول: (ما شأني بظلم يتعرض له غيري)، فالتفكير على هذا النحو (السالب) يجعل الظالم يستمر في ظلمه، ولا سيما فإن مسؤولية القضاء على الظلم تقع على عاتق الجميع الذين يجب أن ينكروا المنكر، وأن طغي على المصلحة الشخصية، وأن لا يرجحوا كفة الظالم حتى لا يطالهم ظلمه فيما بعد، فالظالم إنسان (فاسد) بتضليل الآخرين، والتعتيم على الحقيقة المنوط بها إنصاف المظلوم.
نعم للظلم معول هدام، وهذا المعول يقضي به على الأخضر واليابس، مما يستوجب نبذ الظلم، وتبني إنصاف المظلوم، وأن لا نتركه وحيداً لمواجهة الظالم الذي ربما يخاف منه الناس.
مهما تسلط وتجبر الظالم، فإن نهايته محزنة جداً، لذا على الأغلبية الصامتة أن تقول كلمة الحق، وأن تخلع جلباب الضعف والخنوع الذي ترتديه، فالمظلوم لا تنام عينه، ودعوته ليس بينها وبين الله (حجاب)، والظلم ظلمات يوم القيامة، لذلك يجب أن نضحي بالغالي والنفيس من أجل إنصاف المظلوم الذي يتعرض للجور، القهر، التسلط والاستبداد.