الأربعاء، 15 سبتمبر 2021

*القبض على المتهم بقتل الدكتور (بابكر سلامة) بمنطقة (بري).. أمل المحامية : الجاني أطلق رصاصة على المجني عليه وهو (اعزل).. اغتيال الطبيب (بابكر) لحظة إسعافه لثائر من ثوار الثورة*



.....

*تقرير : سراج النعيم*

....

ألقت السلطات الأمنية القبض على المتهم بقتل الدكتور (بابكر) نجل المستشار القانوني عبدالحميد سلامة الذي سقط مضرجاً في دمائه بعد أن أطلق عليه الجاني عياراً نارياً أدي إلى وفاته متأثراً بما تعرض له في تلك الأثناء.

فيما القي القبض على المتهم بقتل الشهيد (بابكر) داخل ولاية الخرطوم، وذلك وفقاً لمعلومات توفرت للجهات المختصة، وعلى خلفية ذلك تم اقتياده إلى شرطة (الفساد).

بينما تشير وقائع اغتيال الشهيد (بابكر) إلى أنه خرج من منزله في ذلك اليوم متوجهاً إلى منطقة (بري) بالخرطوم، وذلك من أجل ممارسة مهنته الإنسانية، وأثناء إسعافه لثائر من الثوار تفاجأ بالمتهم يطلق عليه رصاصة، مما نجم عنها صعود روحه إلى بارئها.

بينما كشفت الأستاذ أمل محمد أحمد المحامية والمستشار القانوني قصة استشهاد الدكتور (بابكر) أثناء خدمته للإنسانية الراسخة في ذهنه منذ نعومة أظافره حيث ترعرع في كنف والده ووالدته اللذين نميا في دواخله حب الإنسانية منذ إنجابه بالسعودية، وإلى تاريخ استشهاده في السودان.

وقالت : يعتبر الدكتور (بابكر) المولود الثاني في ترتيب أسرته، وهو الذكر الوحيد من بين شقيقاته الإناث (سلافة)، (هاجر) و(علياء)، وينحدر من مدينة (دنقلا) الواقعة شمال السودان، وينتمي إلى قبيلة (الدناقلة)، ووالدته شريفة عوض عبيش من أسرة متصوفة.

وأضافت : نشاء الدكتور (بابكر) في بيئة تعلم في إطارها الزاهد، عفة اليد، اللسان والنفس رغماً عن أن والديه من الأثرياء إلا أن هذا الثراء لم يمنعه من الانحياز للإنسانية وقضاياها.

وأردفت : كان الشهيد (بابكر) إنساناً خلوقاَ ومهذباً وهادئ الطبع مع الكبير والصغير، وبهذه الصفات تلقى تعليمه الأكاديمي الابتدائي، المتوسط والثانوي بالسعودية، ثم عاد من المملكة العربية إلى الخرطوم، والتحق بكلية الطب - جامعة السودان، وتخرج منها طبيباً ثم بدأ الانخراط في الحقل الطبي، والذي تنقل في إطاره بين المستشفيات الحكومية طبيب امتياز حوالي (9) أشهر تقريباً قضاها غرب السودان، مؤدياً خدمته على أتم الوجه، ورغماً عن أنه الابن الوحيد بين شقيقاته، لم يتحجج بذلك، بل شد الرحال إلى إقليم دارفور المضطرب منذ العام 2003م.

وتابعت : طلب الدكتور (بابكر) من والدته (العفو والعافية) في نفس اليوم الذي استشهد فيه، وكأنه كان يحس بدنو أجله، قائلاً : (ها أنا ألبي نداء الإنسانية والواجب اتجاه إنسان السودان، فهناك جرحي في منطقة بري يحتاجون المساعدة للاستشفاء)، ومن ثم توجه مباشرة إلى منطقة (بري) بالخرطوم، وهي من أكثر المناطق الساخنة في ولاية الخرطوم، إذ أنها شهدت تظاهرات واحتجاجات عنيفة دون انقطاع، هكذا ذهب إليها من أجل علاج جراح الشباب الثائر، وصادف ذلك أن كانت هنالك حالة تحتاج إلى إجراء عملية جراحية عاجلة، وكانت الإمكانيات في المكان الذي تتلقي فيه العلاج ضعيفة جداً، مما استدعي الدكتور (بابكر) للخروج لإنقاذه بالإسعاف إلى المستشفي ظناً منه أنه يخاطب الإنسانية في قلب من يحمي نظام الرئيس المخلوع (عمر البشير)، فخرج إلى الجهة المعنية رافعاً يديه إلى أعلى موضحاً أنه إنسان مسالم وأعزل إلا أن الجاني باغته بإطلاق عياراً نارياً عليه دون رأفة أو رحمة، مما أدي إلى استقرار الرصاصة في منطقة الظهر، وعلى خلفية ذلك استشهد الدكتور (بابكر) دون أن يرتكب جرماً يستوجب إطلاق الرصاص عليه سوي أنه كان يؤدي في واجبه الذي ترك على إثره سيرة عطرة وسط أساتذته، زملائه، أهله وأصدقائه.

من جانب آخر، فإنني أواصل فتح هذا الملف الذي لاحظت في ظله أن الجهات التابعة للنظام المخلوع تتعمد إطلاق الأعيرة النارية على الشباب الثائر من الجنسين في مناطق قاتلة، وذلك منذ أن بدأت الثورة الشبابية في التاسع عشر من ديسمبر، وحتى استشهاد معتصمين أمام القيادة بالخرطوم، وعلى خلفية ذلك تعددت الأسباب المؤدية للوفيات، والمتمثلة في الإصابات المباشرة بالأعيرة النارية في الصدر والرأس، بالإضافة إلى التعذيب والدهس بالآليات العسكرية (التاتشرات).

بدأت الثورة الشبابية متسلسلة منذ 19 ديسمبر من العام 2018م في بعض المدن السودانية المنتفضة بسببِ الارتفاع الجنوني للأسعار والغلاء الفاحش الذي يعيشه إنسان السودان مما نجم عن ذلك الوضع المذري الذي تدهور على إثره حال البلد تماماً على كل الأصعدة والمستويات ووصلت إلى مرحلة متأزمة جداً من التردي الاقتصادي والإنساني الأمر الذي دفع سكان مدينة (عطبرة) شمال السودان الخروج للشارع في تظاهرات عنيفة في 19 ديسمبر من العام 2019م ثم امتدت شرارتها سريعاً إلى مدن سودانية أخرى من بينها ولاية الخرطوم خاصة مدينة أم درمان (العباسية) و(بانت) و(بري) بالخرطوم و(شمبات) بالخرطوم بحري ومدينة (الأبيض) غرب السودان وغيرها في 20 ديسمبر من العام 2019م وغيرها، والتي كان خروجها على ذلك النحو مدهشاً للعالم، وذلك من واقع أن الثورة الشبابية وضعت النظام (البائد) أمام خيار واحد لا ثان له، وهو السقوط فقط بالسلمية الملتزم بها، والتي جعلت ردة فعل الرئيس المخلوع عمر البشير اتجاه الثورة الشبابية عنيفاً، إذ أنه أمر سلطاته القمعية باستخدام القوة المفرطة لكبح جماح الثوار الذين كلما أستشهد منهم واحداً يمنحهم دافعاً أقوي لمواصلة النضال في مواجهة النظام، والذي كان يلفظ في أنفاسه الأخيرة بعد أن فقد السيطرة على قيادة البلاد، ولم يستطيع أن يضبط نفسه أمام التظاهرات والاحتجاجات والاعتصام، مما حدا به أن يستخدم الأسلحة النارية ضد شعبه الأعزل الذي استشهد منه عدداً كبيراً من الثوار الذين مازالوا في ريان شبابهم، بالإضافة إلى أنه سبب الجراح لعدد كبير منهم، ولم يكن النظام السابق يأبه بما يحدثه من جراح بالرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، والذي تطلقه أجهزة أمن الرئيس المعزول عمر البشير، والذي لم يكن يرعوي من هذا الفعل المنافي لحقوق الإنسان ضد المتظاهرين في مدن ومناطق السودان المختلفة، مما تسبب في سقوط عشرات القتلى والجرحى.

فيما نجد أن الثورة الشبابية بدأت سلمية ومختلفة الطعم والنكهة عن كل ثورات (الربيع العربي)، والتي انطلقت شرارتها الأولي في تونس، ومن ثم امتدت سريعاً كالنار في الهشيم في مصر، ليبيا، سوريا، اليمن والسودان الذي رفع شبابه سقف مطالبهم في العام 2019م بـ(تسقط بس)، وهو السقف الذي لم يدع حلولاً نصفية لنظام الحكم المخلوع، فكانت النتائج النهائية خلع الرئيس عمر البشير الذي أفقر شعبه إفقاراً (مقدعاً)، وجعله عاطلاً عن العمل بسبب توظيفه لكوادره بالولاء، وليس المؤهل والكفاءة، ومع هذا وذاك مارس كبتاً على الحريات الشخصية، الإعلامية، الصحفية والتضييق على المعارضين.

بينما نجد أن ذلك الواقع جعل شباب السودان يخرج في مظاهرات في الشوارع العامة والاعتصام في الميادين رغماً عن تنازلات الرئيس المعزول عمر البشير إلا أنها لم تكن مرضية، إذ أنه قام بحل الحكومة المركزية والولائية، وقطع وعوداً بالإصلاحات الاقتصادية والسياسية العاجلة.

وفي 11 أبريل من العام 2019م أعلنت قوات الشعب المسلحة الجيش خلع الرئيس عمر البشير وبدء مرحلة انتقالية لمدة عامين تنتهي بإقامة الانتخابات في البلاد إلا أن الثورة الشبابية كان لها كلمة ثانية إذ أنها أجبرت ابنعوف على التنحي، وإعفاء نائبه كمال عبدالمعروف، وتعيين البرهان رئيساً للمجلس العسكري الانتقائي وحميدتي نائباً له.

*سراج النعيم يكتب : لماذا لا يستقيل وزير الداخلية بسبب النيقرز و(9- طويلة) وجرائم اخري ترتكب ضد الإنسان في وضح النهار*



......

تشكل الظواهر السالبة والتفلتات الأمنية المتمثلة في عصابات (النيقرز) وما يسمي بـ(٩- طويلة) وغيرها من المجموعات الإجرامية واقعا مخيفا، مروعاً ومقلقاً جداً لإنسان السودان الذي بات يتفاجأ بهم يرتكبون في حقه الجرائم بكل جرأة دون خوف من (قبض) أو (عقاب)، لذا السؤال ما الذي يجعل السلطات الأمنية تقف مكتوفة الأيدي، ولا تفعل دورها المنعي لإيقاف الانتهاكات المرتكبة ضد المواطن؟.

مما ذهبت إليه، فإن على الفريق أول شرطة عزالدين الشيخ وزير الداخلية أن يكون قادراً على اداء الدور الأمني المنوط به، أو أن يفعل مقترح (الاستقالة)، وإذا لم يفعله، فإن (الإقالة) هي الحل، فلا يمكن أن تكون الجرائم بهذه الشكل الجرئي.

إن المجموعات المتفلتة تستقل عدم تفعيل الدور الأمني، لذا السؤال لمن يقف على رأس الأمن الداخلي كيف تخلد للنوم غرير العين، والسكان يتخالجهم إحساس عدم الطمأنينة خاصة وأن الجناة يتفنون في ارتكاب الجرائم بما يروق لهم، ومع هذا وذاك لا يخافون من (عقاب) ينتظرهم، لذا يسرقون، ينهبون ويخطفون، فلماذا هذا التراخي والانكسار؟ وهو بلا شك جعل الجناة يسيطرون على المشهد، وأصبحوا حديث المدينة ووسائط التقنية الحديثة، مما ولد الضعف والشعور بالانهزامية، فمتى تزيل الأجهزة الأمنية هذا الإحساس؟.

لا تقف الأنشطة الإجرامية في حدود مناطق محددة، بل تمتد لمدن وأحياء في قلب الخرطوم، هكذا يمارس الجاني الفعل المنافي للقانون دون خوف، وإذا لم يستجيب له الضحية، فإن مصيره الاعتداء بالأسلحة (البيضاء) أو (النارية)، وهو ما يستدعي المجرم ينفذ جريمته، ومن ثم يهرب من مسرح الحادث.

دائما يستهدف الجاني أماكن التجمعات، وإحداث الانفلات الأمني، كالذي حدث في مسرح اتحاد الفنانين المؤجر لـ(لمتعهد)، والذي شهد انفلات أمنياً عنيفاً، وذلك على خلفية رمي عبوتين (بمبان) داخل المسرح الذي غني فيه (ود الجاك)، والذي على إثره تم تكسير سيارات أعضاء من اتحاد الفنانين كانت تقف أمام داره، بالإضافة إلى سرقة موترين وما خف حمله، وتشير الواقعة بوضوح شديد إلى انعدم الأمن في مدن وأحياء بولاية الخرطوم، وأصبحت بعض المناطق بالولاية عبارة عن (بؤرة) و(أوكار) للجريمة.

هل الشرطة لا تعرف عصابات (النيقرز) أو ما يسمي بـ(9- طويلة)، أو أي مجموعة من المجموعات الإجرامية التي تروع المواطن، ولماذا لا يعمل الأمن بشكل جاد لحسم الجرائم، وحفظ الأمن الداخلي للمجتمع، وإعلاء صوت القانون بتكثيف الحملات الشرطية، ومراجعة أوراق السيارات التي تجوب شوارع ولاية الخرطوم بدون لوحات والدراجات النارية المستخدمة في خطف الهواتف والحقائب النسائية؟.

إن ترك الجناة بهذه الصورة سيشجع آخرين على ارتكاب جرائم مماثلة، وسينعش تجارة الأسلحة (البيضاء) و(النارية)، وهو ما نلحظه يومياً في أوساط اناس باتوا يلجأون لهذا الخيار مجبرين، مما سيقود إلى مواجهة عنيفة بين (المجرم) و(المواطن) الذي سيجد نفسه مضطراً لحماية ماله وممتلكاته، وعليه يجب دعم الشرطة بما يدعها تؤدي واجبها، وأن تشرع القوانين لحماية أفرادها للقيام بالدور المنوط بهم.

على الحكومة الانتقالية حسم الظواهر (السالبة) والتفلتات الأمنية عاجلاً وليس آجلاً حتى لا يضطر المواطن للدفاع عن نفسه، فتعم (الفوضى) ويأكل القوي الضعيف، مع التأكيد بأن المواطن قادر على حماية نفسه في حال أثبتت السلطات المعنية عجزها، إلا أنه لا يريد أن يأخذ حقه بيده، فتصبح المسألة (فوضي) بلا ضابط أو رابط أو قانون يحكمها، لذا على الحكومة حماية مواطنيها من الظواهر السالبة والتفلتات الأمنية، خاصة وأنهم وثقوا فيها منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع (عمر البشير)، وإذا لم تفعل دورها الأمني، فإنه لن يأسف على رحيلها من سدة الحكم

الأحد، 12 سبتمبر 2021

منير عبدالوهاب ممثل كبير من توتي وسراج النعيم



 

تنبأ له طبيب بالاصابة بالعمى بعد (70) عام
منير عبدالوهاب : عرفت منذ الصغر بانني سأصبح (كفيفا) 
جلس إليه : سراج النعيم 
كشف المخرج الإذاعي والممثل المخضرم منير عبدالوهاب قصته الحزينة مع الإصابة بالعمى، والذي تنبأ في إطاره طبيبا سودانيا قبل أكثر من (70) عام بأنه سيصبح (كفيفا)، كما أنه رد على أسئلة وضعتها على منضدته فيما يتعلق بوظيفته في مجال الحسابات الحكومية، ومن ثم أصبح مخرجاً للبرامج، السهرات والدراما بالإذاعة السودانية والتلفزيون القومي. 
كيف أصبحت (كفيفا)؟
بدأت قصة إصابتي بالعمى منذ أن كنت طفلاً، إذ انني وقتئذ كنت أدرس في المرحلة الاوسطي، وأثناء ذلك مر أطباء العيون كالعادة على مدرسة (الاميرية) بمدينة أمدرمان، وكان أن كشفوا لي النظر، فقال الطبيب المختص : (سبحان الله.. سبحان الله)، موجها خطابه إلى أطباء الامتياز الذين كانوا يرافقونه في تلك اللحظة، فما كان منهم إلا أن سألوه بصوت ماذا هناك يا بروف؟ فقال بلا تردد : إن هذا الطفل الذي اوقعت له الكشف الطبي مصيره الإصابة بالعمى، فاردفوا : لماذا؟ فقال : توجد في عينيه ماء سوداء، فسألوه يا بروف أليس لهذه الحالة علاج؟ فقال : في الوقت الحاضر ليس لها علاج، ولكن ربما بعد عشرين أو ثلاثين عام سيصل العلماء إلى علاج له، عموماً مصير هذا الطفل الإصابة بالعمى، وتأكد لي منذ ذلك التاريخ بانني ساصبح (كفيفا)، وهو ما يؤكد بأن الطب وقتئذ متطور جدا.
وماذا؟
حينما ازفت ساعة الصفر بدأت أشاهد (طشاش)، فما كان إلا وأجريت في هذا الإطار أكثر من (6) عمليات في السودان، بالإضافة إلى عملية أخرى في (القاهرة)، ولم تسفر كل تلك العمليات عن نتائج (إيجابية)، والحمدلله على ما أراد الله الذي قال في حديث قدسي : (من أخذت حبيبة عينيه، فإن جزاءه الجنة) فهذا الحديث كثيرا ما يريحني.
كم مضى على إصابتك بالعمى؟
مضى على الإصابة بالعمى حوالي ال(7) سنوات، وقبل هذه السنوات كنت أشاهد (طشاش)، هكذا إلى أن أصبحت لا أشاهد نهائياً. 
هل تأقلمت مع الإصابة بالعمى؟ 
نعم.. فقد أضحيت أمارس حياتي بشكل طبيعي، لأنني كنت أصلاً مهيأ لهذه الحالة، بالإضافة إلى انني لدي إبني الذي يساعدني كلما فكرت في الخروج من المنزل. 
هل نجلك مضى في مجالك؟ 
لا.. فقد اختار تخصصه بعيداً عن والده، ووالدته عفاف شيخ الدين المتخرجة في مجال الموسيقى رغماً عن أنه عازف (أورغ) و(بيز جيتار) و(عود) ماهر جدا، كما أنه خاض تجربة التمثيل، أي أنه اختار دراسة الترجمة، ومن ثم عمل في السفارة البريطانية
هل أنت أصلا من جزيرة توتي؟
نعم.. فأنا في الأساس من قبيلة (المحس)، والتي أتذكر في ظله انني سافرت إلى الولاية الشمالية وقدمت مع مجموعة من الزملاء مسرحية في مدينة (دنقلا)، ومنها إلى مدينة (كريمة)، وأثناء ما كنا هناك جاء إلينا مدير الشرطة، وطلب مني أن نقدم عرضا مسرحيا في إفتتاح دار الشرطة، وكان أن استجبنا له وقدمنا عرضا (مجاناً)، فقال لي : من أين أنت في الخرطوم؟ فقلت : من جزيرة توتي، فأردف سؤاله بآخر : هل أنت (محسي)؟، فقلت : نعم، فما كان منه إلا وتحدث معي باللهجة المحلية، فلم أرد عليه، فقال : أليس محسيا أنت؟ فقلت : (محسي)، ولكن لا (ارطن)، فقال : لماذا؟ فقلت : منذ أن تم انجابي في جزيرة توتي وجدت أجدادي يحفظون الناس القرآن الكريم، ولا يعرفون اللهجة المحلية، عندها أكد لي أنه عندما تخرج من كلية الشرطة تم ابتعاثي إلى أمريكا، وأثناء تجواله فيها وجد متحفا أمريكيا، فدلف إليه وأثناء ذلك وجدت فلكلور سوداني بالقرب منه لافتة مكتوب عليها (من ترهاقة ملك مملكة كوش إلى ملك أمريكا)، فاستغرب غاية الاستغراب، فسأل المشرف على المتحف ما هذه الأشياء؟ فرد عليه قائلاً : هذه الهدية من ملك أفريقيا، وكان أن شرح له بأن الفلكلور هدية من حاكم السودان، فطلب منه الأمريكان أن يعمل معهم في مجال السياحة إلا أنه رفض الفكرة رفضا باتاً، وتمسك بعمله الشرطي في السودان.
ما أبرز المسرحيات التي شاركت فيها؟
شاركت في العام 1976م في مسرحية (سقوط برليف) في إفتتاح قاعة الصداقة بالخرطوم، وهي من تأليف الشاعر الفلسطيني هارون هاشم رشيد، وإخراج عمر الخضر، بالإضافة إلى مسرحية (المهدي في ضواحي الخرطوم)، و(لعنت المحلق) من تأليف نعمات حماد وإخراج الفنان الراحل عبدالعزيز العميري، وشاركت  فيها في مهرجان الثقافة الثاني بمدينة (كسلا).
ماذا عن المخرج الراحل خطاب حسن أحمد؟
كان عليه الرحمة عبقريا، إذ أنه كان مخرجاً مميزا، وقد أخرج لي برنامج (الصباح رباح) بالإذاعة السودانية، وظلت علاقتي معه مستمرة حتى بعد احالت النظام المباد لنا للصالح العام، إذ أنه اتصل بي هاتفياً، وطلب مني أن أأتي إليه في شركة إنتاج إعلامي، وكان أن عملت معه حوالي (10) إعلانات، ومنحني على إثر ذلك مبلغ من المال ظللت أصرف منه عام كامل، وهو من أسرة في جزيرة توتي، ومنها الفنان عابدين ابوعشة الذي سبق حمد الريح في الحركة الفنية، وإبراهيم زكريا أميز كوميديان، والشيخ عمر الذي ألف منلوجات للأطفال مثلاً (الغروية)، و(امحمد) تمجيدا للمزارع، و(يا فاعل خير)، وهي دعوة لكفالة اليتيم وغيرها من المنلوجات التي وصلت إلى (10). 
ما الأعمال الأخيرة التي اخرجتها للإذاعة السودانية؟
كنت استكتب اللواء الراحل عبدالله ابوقرون عن شخصيات سودانية خالدة في ذاكرة الأمة السودانية مثلا الشيخ فرح ودتكتوك وعبدالرحمن النجومي وآخرين.
ما البرامج المميزة التي اخرجتها للإذاعة السودانية؟
(العلوم الدينية)، (فترة السحر) و(السهرة)، وهي برامج كنت مقدماً ومخرجاً فيها، وأصبح فيما بعد ضيوف البرنامج من الممثلين المميزين.
كيف جئت لعالم الدراما؟ 
كان مدخلي لها في منتصف سبعينيات القرن الماضي من خلال وظيفتي في مجال الحسابات، فأنا كنت مولها بالرديو منذ الصغر، وكانت لدي أخت تحب الإذاعة، ويوميا تستمع إلى اثيرها، وتطلب مني أن استمع معها للبرامج الإذاعية لدرجة انني أصبحت أحفظ بعض الشعارات، وبما انني كنت محاسبا في الحكومة طلب مني وكيل وزارة المالية أن أمثل أمامه، وعندما ذهبت إليه أبدى إعجابه بتجربتي في مجال الحسابات، وطلب مني أن انقل إلى وزارة الخارجية، فرفضت الفكرة جملة وتفصيلا، وابديت رغبتي في العمل بالإذاعة السودانية، إلا أنه ونقلني إلى (اللاسلكية واللا سلكية) لمراجعة شيكات لم تتم مراجعتها منذ الاستقلال، وعندما انتهيت من المهمة اصريت على نقلي للإذاعة السودانية رغماً عن الإغراءات من مدير (الحريقة) آنذاك قبل أن توول للشرطة السودانية، إذ أنه منحني رتبة (ملازم أول)، إلا انني رفضت ذلك، واصريت على الإذاعة السودانية، هكذا إلى أن تم منحي خطاب نقلي لوزارة الثقافة والإعلام، والتي ابقتني بطرفها فترة إلى أن نقلت للإذاعة السودانية، وأصبحت أنتج فيها البرامج الإذاعية، المسلسلات، التمثيليات والمسرحيات في الإذاعة والتلفزيون. 
ما الموقف الذي مر بك في الإذاعة وخالد في الذاكرة؟ 
في مرة من المرات كنت أقف أمام صراف الإذاعة، فوضع لي الصراف مبلغا كبيراً، وأثناء ذلك كان يقف خلفي مباشرةً الممثل الراحل عوض صديق، فسألني ماذا تشتغل يا منير؟ فقلت : عدد من البرامج الإذاعية، فقال : أنا وأستاذ يسن عبدالقادر دايرين نشغل معك، فقلت : لا مانع لدي، لكن دعني أشاور المخرجين، وعندما فعلت لم أجد لدي البعض منهم مساحة إلا في برنامج الشاذلي عبدالقادر الذي اعتبر انضمامهما له إضافة، وكان أن شكرني الأستاذ عوض صديق، وهذا يقودني إلى تقييم المبدع، والذي أتذكر في ظله انني كنت مشاركا، وعددا من الشباب الخريجين في مسرحية (العروس في المطار) مع الأستاذ ابوقبورة في بعض الولايات، والتي قدمنا من خلالها عرض مسرحي في منطقة (طابت)، وحقق العرض نجاحا منقطع النظير، فما كان من الأستاذ محمد سراج إلا وقال : يا منير وزع القروش بالتساوي على طاقم المسرحية، فقلت : يا أستاذ ليس منطقا أن أخذ مبلغا معك بالتساوي، هكذا رفضت ورفض طارق علي وخالد خيري وكل الممثلين في المسرحية.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...