.....
تشهد الأوضاع الاقتصادية الراهنة في البلاد ارتفاعاً خيالياً في أسعار السلع الاستهلاكية، الغذائية والتموينية بالأسواق، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف العلاج، وأسعار الأدوية بـ(الصيدليات)، والتي ارتفعت بنسبة (400٪)، مما جعل إنسان السودان أمام تحديات جسام، وهذه التحديات فرضها تحرير سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني، لذلك لم يعد قادراً على مجابهة الفواتير المتضاعفة يوماً تلو الآخر، ومع هذا وذاك تقف الحكومة الانتقالية مكتوفة الأيدي، ولا تحرك ساكناً لوضع حد للزيادات المستمرة من قبل مؤسسات، شركات، مصانع وتجار، ويصاحبها جشعاً، طمعاً واحتكاراً للسلع.
تلعب الأزمات الاقتصادية دوراً كبيراً في تعميق الأوضاع الإنسانية في البلاد، وقطعاً ستقود فيما بعد إلى (انهيار) الاقتصاد أن طال الزمن أو قصر، فالظواهر في تتنامي بما يفوق طاقة المستهلك الذي يواجه ظروفاً في غاية الصعوبة، وينجم عنها ظهور أمراض اجتماعية، وهذه الأمراض يصعب استئصالها مع مرور الأيام، الشهور والسنين، وأبرزها خطف الهواتف السيارة في الشارع العام، وفي كثير من الأحيان ترتكب هذه الجرائم تحت تهديد السلاح (الناري) أو (الأبيض)، كما أزداد إعداد (الشحادين) في الأسواق، الإشارات المرورية، المدن، الأحياء والأماكن العامة وغيرها من الظواهر السالبة، والتي تشير بوضوح شديد إلى عدم الإحساس بالأمن، وهو من أخطر الأحاسيس التي تتخالج الإنسان.
إن تنامي الأوضاع الاقتصادية المذرية افرز ظاهرة (تجار الأزمات) الذين يمارسون سلوكيات ناتجة عن السياسات الاقتصادية الخاطئة، أزمة الضمير، وعدم تشريع القوانين، فضلاً عن تنامي معدلات التضخم، والتي يقابلها مصدر دخل محدود جداً، بالإضافة إلى الهجرة الداخلية من الولايات السودانية المختلفة إلى الخرطوم، والوجود الأجنبي الذي لا تحكمه قوانين تنظمه، ويلجأ معظم هؤلاء للأعمال الهامشية التي لا يستفيد منها السودان اقتصادياً بقدر ما أنهم يكونون عبء عليه.
متى تلتفت الحكومة الانتقالية إلى ضرورة حسم الظواهر السالبة اللاعب الرئيسي في تخريب الاقتصاد السوداني، والذي يستند عليه إنسان السودان في معاشه، والذي يعاني في إطاره من ارتفاع أسعار اللحوم، الخضراوات، السكر، الشاي، الدقيق، الزيوت وغيرها من السلع الاستهلاكية، والتي يختلف سعرها من محل تجاري إلى آخر، لذلك ظلت الأزمات الاقتصادية الضاغطة قائمة، ويسيطر عليها (تجار الأزمات) حسب الأهواء الشخصية، وبالتالي يجد المستهلك نفسه ضحية سياسات اقتصادية (فاشلة).
مما لا شك فيه، فإن (الفوضى) سبباً مباشراً في الضائقة المعيشية، وغلاء السلع في الأسواق، وهذه (الفوضى) راح ضحيتها المستهلك الذي يركن إلى فقر مقدع، خاصة وأن الاقتصاد السوداني ظل يعاني الأمرين من سياسات اقتصادية ترتكز على (المهدئات) و(المسكنات)، فالظواهر الاقتصادية السالبة تمددت لعدم تشريع القوانين الحافظة لحقوق المستهلك الذي بات يعبر صراحة عن عدم احتماله الضغوط الاقتصادية التي فرضتها عليه الحكومة الانتقالية، لذلك يواجه إنسان السودان تحديات جسام، وهذه التحديات ضاعفت من معاناته.
على الحكومة الانتقالية الاتجاه إلى إيجاد حلول ناجزة للزيادات الكبيرة في أسعار السلع الاستهلاكية، والعمل بشكل جاد للقضاء على (جشع)، (طمع) و(احتكار) بعض المؤسسات، الشركات، المصانع والتجار للبضائع المرتبطة بمعاش الناس، والتي تشهد ارتفاعاً جنونياً مع إشراقه، مما يتطلب اتخاذ إجراءات اقتصادية تجنب الاقتصاد السوداني الانهيار الاقتصادي، والذي تمضي وفقه البلاد في طريق كارثي، لذلك لابد من التحذير من خطورة الاستمرار في الانهيار الاقتصادي.