الأحد، 17 نوفمبر 2019

التفاصيل الكاملة لأزمة صيادلة الامتياز بسبب قرارات مؤسسات الدولة العميقة



حنين : بحلول العام 2020م يصبح الصيادلة العاطلون عن العمل (9000)

إسراء : الفرص الممنوحة للصيادلة لا تتجاوز الـ( 500 ) فرصة في العام

كشفت الدكتورتان الصيدليتان حنين، وإسراء جلال بالإنابة عن تجمع صيادلة الامتياز الذين وصفوا إشكالياتهم بـ(أزمة صيادلة الامتياز)، مؤكدين أنها ظلت تعترض طريقهم منذ سنوات، وتتمثل الأزمة في أن المجلس الاستشاري وافق على تمديد فترة الامتياز للخريجين من الكليات والجامعات من (3) أشهر إلى (12) شهراً، وذلك نهاية العام 2016م دون أن يراعي للظروف والتحديات المحيطة بمهنة الصيدلة في السودان، وقد طبق القرار في العام 2017م، ومنذ ذلك التاريخ لم يتم تدريب ولو دفعة واحده من دفعات خريجي الصيدلة، وذلك من واقع أن الحقل الصحي لم يخرج من إطار (فساد) دولة الرئيس المخلوع (عمر البشير) العميقة.
وفي البدء قالت الدكتورة الصيدلانية إسراء جلال : نواجه العديد من الإشكاليات لعدم توفر فرص التدريب بعد التخرج من الكليات والجامعات، فالفرص الممنوحة للصيادلة لا تتجاوز الـ(500) فرصة في العام، فيما نجد أن خريجي الكليات والجامعات خلال كل عام يصل عددهم إلى (3000) صيدلاني، وهذا العدد لا يتناسب بأي شكل من الأشكال مع عدد الفرص المتاحة لنا، وفي رأيي هذه الإشكاليات تحدث لعدم إنشاء (مجلس صيدلاني) يناقش هموم وقضايا الصيادلة بعيداً عن (المجلس الطبي)، بالإضافة إلى أن هنالك عدداً كبيراً من الصيادلة بلا وظائف لضعف التوزيع، وعدم توفر فرص التدريب بالصورة المثلي، مما يجعل الخريجين ينتظرون لسنوات طويلة، مما ينتج عن ذلك عدم مزاولة المهنة بعد التخرج مباشرة.
واسترسلت : ومما ذهبت إليه، فإن مدة فترة الامتياز أدت إلى عدم الاستفادة من فرص التدريب خلال العام، مما قاد صيادلة الامتياز إلى أن يشعروا بـ(الإحباط) لبقائهم في المنازل دون عمل.
فيما قالت الدكتورة الصيدلانية حنين : من المعروف أن خريجو الحقل الطبي المتمثل في (الطب)، (الصيدلة) و(الأسنان) لابد لهم من قضاء فترة الامتياز بعد التخرج من الكليات والجامعات، وهي الفترة التي يجلسون بعدها لامتحان (المجلس الطبي)، والذي بموجبه يمنح الصيادلة السجل الدائم (رخصة لمزاولة المهنة)، وبما إنه ليس لدينا مجلس خاص بنا وجدنا أنفسنا نتبع إلى (المجلس الطبي)، وبالتالي لا تحل إشكالياتنا سريعاً، كما يحدث بالضبط مع خريجو كليات (الطب)، إذ أنهم في عام أو أقل منه يجلسون للامتحان.
وأضافت : الامتياز بالنسبة لنا لم يكن كامتياز خريجو الطب من الكليات والجامعات، فامتيازنا كصيادلة كانت فترته (3) أشهر، ونقضيها في أماكن يتم توزيعنا إليها، ثم نجلس بعدها للامتحان، إلا أنه وفي العام ٢٠١٦م تمت زيادة فترة امتياز كليات الصيدلة إلى عام كامل، ذلك بقرار صادر بالاتفاق مع ديوان الخدمة، وزارة الصحة، المجلس الطبي وإدارتي التدريب والامتياز، على أن يكون الامتياز لخريجو كليات الصيدلة عام، بدلاً من (3) أشهر، في حين أن وزارة الصحة تمنح الصيادلة (٥٠٠) وظيفة فقط خلال العام، علماً بأن هنالك أكثر من (٢٠) كلية وجامعة يتخرج منها الصيادلة سنوياً، وذلك بمعدل ما لا يقل عن (١٥٠) صيدلاني، مما يعني أنه وخلال العام الواحد يكون هنالك (٣٠٠٠) خريج من الكليات والجامعات المختلفة، وهم جميعاً ينتظرهم قضاء فترة الامتياز حتى يتمكنوا من الجلوس لامتحان المجلس الطبي، وبالمقابل نجد أن الفرص المتوفرة لنا (٥٠٠) وظيفة، فإذا كان هنالك (٣٠٠٠) صيدلاني مقابل (٥٠٠) وظيفة من وزارة الصحة الاتحادية ، فإن هنالك (٢٥٠٠) صيدلاني سيظلون (عاطلين)، مضافاً إليهم خريجو العام الذي يليه، مما يزيد عدد الصيادلة إلى (٥٠٠٠) بلا وظائف، وهكذا يتراكم العدد عاماً تلو الآخر، وعليه أصبح هنالك تكدساً.
وأردفت : لنأخذ مثالاً بشخصي، فأنا تخرجت منذ العام ٢٠١٧م، وسأقضي فترة الامتياز في العام ٢٠١٩م، وإلى الآن لم أوزع، وإذا لم أمضي الفترة سالفة الذكر فلن يكون لي مستقبل، خاصة وأن النظام السابق ربط الخدمة الوطنية بفترة الامتياز، فالخريج لا يستطيع مزاولة المهنة إلا من خلال ذلك، فأنا مثلاً بلا وظيفة منذ عامين ونصف، وعندما تضيف إليها فترة الامتياز عام تصبح ثلاث سنوات ونصف، ثم أجلس للامتحان حتى أمنح (رخصة مزاولة المهنة)، وتلك التعقيدات نجم عنها إشكاليات كبيرة، فنحن (٣٠٠٠) صيدلاني لم نوزع حتى الآن، ولا سيما فإنه يتم توزيع (٥٠٠) خريج فقط، وعندما سألنا لماذا أصبحت فترة الامتياز عام بدلاً من (3) أشهر؟، قالوا : لا نريد أن نواكب (الاستاندر) العالمي، في حين أن (الاستاندر) العالمي في بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة، بريطانيا، الهند، أيرلندا، ماليزيا، الإمارات والسعودية قائم على نظام العمل بالساعات، وليس نظام الامتياز لعام كامل، وإذا فكر الخريج في الهجرة فإن دولة المهجر تتعامل معه بنظام العمل بالساعات، مما يؤكد أن الفترات الضائعة ليست محسوبة من ضمن سنوات الخبرة، فأنا مثلاً منذ ثلاث سنوات ونصف بلا وظيفة، وبالتالي تلك الفترة ليست محسوبة من ضمن سنوات خبرتي داخلياً أو خارجياً مع التأكيد أن أمريكا تتبع نظام (١٥٠) ساعة للصيدلاني، ويتم من خلالها معادلة شهادة الخريج، وهي بما يعادل الثلاثة أشهر امتياز، وعندما ترغب في العمل خارج السودان يوجه لك سؤال أين كنت طوال الفترة الماضية؟، فما أن تقول : (كنت أعمل)، ألا يسألونك عن شهادة الخبرة، وما أن تقول : ليس لدي شهادة خبرة ألا ويردفون السؤال بآخر لماذا؟، فتقول : أمضيت عاماً في الامتياز، وهي فترة ليست محسوبة لنا في سنوات الخبرة، وعندما بحثت حول الامتياز وجدت أن هناك دولاً كثيرة لا تعمل بهذا النظام.
وتابعت : البيئة التدريبية ليست مناسبة حيث يتم توزيع خريجو الكليات والجامعات الصيدلانية على صيدليات المستشفيات، أي أنه لا يتم توزيعنا للإمدادات الطبية وصيدليات الدواء الدوار وصيدليات المجتمع، وصيدليات ولايات السودان المختلفة، أي أن فترة الامتياز مرتبطة كلياً بالخرطوم، والشئ الثاني هو أنه لا توجد مصانع ولا منظمات يمكن أن يوزع لها الصيدلاني للاستفادة من التدريب عملياً، ففترة الامتياز عام من الضياع فقط، وهو أمراً يغضب الكثير من الخريجين الصيادلة غضباً شديداً لأن الفترة المعنية (مجحفة) في حقهم، فأنا مثلاً درست خمس سنوات، ثم أنتظر سنتين أو ثلاث سنوات لكي أمضي فترة الامتياز (عام) ثم قضاء الخدمة الوطنية، لذا مجموع السنوات عشرة أعوام تقريباً، وبعدها يمكن لي مزاولة المهنة، فالصيدلاني إذا فكر في الهجرة خارج البلاد فإنه ستواجهه مشكلة العمر لحظة تقديمه للوظيفة، فمثلاً دولة الإمارات العربية المتحدة لديها وظائف إلكترونية للصيادلة، ومن شروطها عدم قبول الصيدلاني الذي مر على تخرجه من الكلية أو الجامعة ثلاث سنوات، وأن لا تكون فترة الامتياز أكثر من ثلاثة أشهر، فنحن الآن (٣٠٠٠) خريج، وسوف يضاف إلينا العدد نفسه من خريجو الكليات والجامعات للأعوام ٢٠١٨م ٢٠١٩م، لذا يجب زيادة الوظائف، وفصل الخدمة من فترة الامتياز أو الإعفاء منها نهائياً، والاستعاضة عنها بإحضار شهادة خبرة، ويمنح بموجبها الخريج الصيدلاني فرصة الجلوس للسجل الدائم، خاصة وأن البيئة غير مهيأة كدول تعتمد نظام التدريب بعد التخرج من الكليات والجامعات، فالبيئة الممتازة تخرج صيدلاني مؤهلاً للعمل في جميع المجالات الصيدلانية، بما في ذلك الصناعية، وقطعاً هذا الأمر لا يحدث في السودان، إذ يتم توزيع الخريجين لسد الحوجة فقط، وحتى عندما نوزع على المستشفيات نتفاجأ بأن الموظفين يتكلون علينا في العمل المندرج في إطار تسليم (الدربات) و(الشاش)، وليس هنالك أي صورة عميقة من صور التعليم عملياً، وليس هنالك صيدلانياً يشرف على تدريب الصيدلاني الخريج أثناء ممارسة المهنة، لذا اضطررنا للذهاب للدكتور سليمان، وكيل وزارة الصحة، وعرضنا عليه إشكالية تكدس الخريجين، فأكد أن الحل ليس بيده، إلا أنه سيعرضها على وزير الصحة الجديد في حكومة الفترة الانتقالية باعتبار أنه الوحيد الذي يستطيع اتخاذ القرار، ورحب بالفكرة والحلول المطروحة، مع التأكيد بأن العام ٢٠٢٠م سيكون عدد الصيادلة العاطلين عن العمل وصل إلى (٩٠٠٠) صيدلاني، ومع هذا وذاك فإننا لا نحظى بالوظيفة، وكلما توجهنا إلى الصيدليات للعمل، يقال لنا : انتم مازلتم في تمهيدي، وبالتالي لا يتعاملون معنا على أساس أننا نحمل السجل الدائم مع العلم أنه ليس هنالك فرق بينهما، وعليه لا يحسب لنا ساعات العمل، بل يحدد الأجر بمزاجه، وأنت بأي حال من الأحوال لا تستطيع الاعتراض لعدم امتلاك السجل الدائم، لذا نطالب بأن يكون لدينا (مجلس صيدلاني) منفصلاً عن (المجلس الطبي) من أجل حل الإشكاليات التي وقفنا في إطارها وقفة احتجاجية بتاريخ ٤/٨/٢٠١٩م، وكان أن قابلنا من خلالها وكيل وزارة الصحة الاتحادية، والآن نرتب لوقفة احتجاجية أخري نضع من خلالها شكل التدريب المتكامل للخريج الصيدلاني، والحلول للإشكاليات التي ننتظر بها وزير الصحة الجديد في ظل حكومة الفترة الانتقالية.



سراج النعيم يكتب : قطوعات الكهرباء والمياه


بالرغم من أن إدارة الكهرباء بولاية الخرطوم ترفع شعار : (يوم بلا كهرباء يوم بلا حياة)، الشعار الذي تسمعه من خلال المجيب في حال الاتصال بخدمات المشتركين، ورغماً عن ذلك الشعار إلا أن سكان ولاية الخرطوم عموماً يشكون من انقطاع التيار الكهربائي والإمداد المائي لساعات طوال، وفي أوقات مختلفة دون توضيح الأسباب للقطع المتكرر، والذي يقود إلى تعطيل إشغال الناس، كما أنه تسبب في خلق أجواء مليئة بالقلق، التوتر والزعزعة، خاصة وأن انقطاع التيار الكهربائي يفرض على السكان الخروج من المنازل إلى الشوارع، وهنالك من لا يستطيع إنجاز عمله المرتبط به، وما يزيد الأمر معاناة انقطاع الإمداد المائي ما بين الفينة والآخري، وهما يشهدان أزمة لعدم استقرارهما مما يضطر البعض للبحث عن مخرج يتمثل في شراء المولدات الكهربائية والمياه المعدنية، وهذا لا يتحقق إلا لمن استطاع لهما سبيلياً، لأنها من البدئل التي لا تتوفر للعامة من واقع الظروف الاقتصادية بالغة التعقيد، وفي ظل ذلك بدأت تظهر عربات النقل المجرورة بواسطة حمار في الأحياء لبيع المياه، السؤال من أين تأتي تلك العربات بالمياه، وعليه فإن هنالك غضب داخل المدن والمناطق للانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي والإمداد المائي في أوقات مختلفة ، وذلك نهاراً وليلاً، مما قاد إلى السخط على إدارتي الكهرباء والمياه في ظل تزايد وتيرة القطوعات، وذلك منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير، واستمرار ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ في البلاد، وتفاقم الأوضاع دون وضع برمجة.
السؤال لإدارتي الكهرباء والمياه هل هنالك أسباب موضوعية للانقطاع غير المقنن للكهرباء والمياه في ظل دولة عميقة انتهجت سياسة التمكين على مدي ثلاثين عام، ولماذا لا يتم التغيير في قيادات الإدارتين طالما أنهم عجزوا عن إيجاد الحلول لهذين المرفقين الحيويين، ولماذا لا يوضحون الأسباب خاصة وأن الأمر فاق كل التصورات والسيناريوهات، ولم يعد الناس يثقون في المبررات الواهية التي تصدر من هنا وهناك فالغالبية العظمي على قناعة تامة بأن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير يحتاج إلى سنوات وسنوات لكي يتم اقتلاعه من جذوره، لذا يجب الضغط على الكهرباء والمياه لإيقاف القطوعات غير المبرمجة المندرجة في إطار سياسات النظام السابق، والتي تركت آثارها السالبة في المجتمع، وهو الأمر الذي يرفضه المواطن جملة وتفصيلا باعتبار أنه يلتزم بالدفع المقدم.
وتشير المعلومات حول أزمة إنتاج الكهرباء بأنها نابعة من عدم عمل (ﺳﺪ ﻣﺮﻭﻱ) ﺷﻤﺎل السودان، والذي لم يخرج من الفساد المستشري في البلاد رغماً عن أن سعته الإنتاجية التي يفترض أن يعمل في إطارها بصورة كبيرة جداً، ﺇﺫ ﺇﻥ (ﺗﻮﺭﺑﻴﻨﺎﺗﻪ) ﻻ ﺗﻌﻤﻞ بالشكل الذي خطط له، مما يسفر عن ذلك إنتاج تيار كهربائي لا يكفي للذي نحتاجه من كهرباء.


خطورة ظاهرة الاستعداء بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع البشير


الحقيقة أن البعض يعتقد اعتقاداً جازماً بأنه يستطيع استعداء الآخرين الذين يخالفون الأفكار والرؤي حول مجريات الأحداث في المشهد السياسي الراهن دون التفكير في إعلاء قيمة الاختلاف حول وجهات النظر، والذي لا يفسد للود قضية طالما أنه يصب في المصلحة العامة، ولا يستند على أيدلوجيات سياسية، لذا يجب قبول الرأي والرأي الآخر حتى لا يضع كل واحد في مخيلته أي مسافة بينه والآخرين فيما جري وسيجري مستقبلاً، بل يجب أن يفكر بترو لتجاوز النقطة التي وصل إليها هؤلاء أو أولئك تواً، وعليه فإن الأشخاص الاستعدائين لا يحسون بما ترمي إليه أفكار أو وجهات نظر الاخرين، وذلك من واقع قراءتهم للأحداث المتسارعة بصورة سلبية، وبالتالي يكون ليس في مقدورهم إيصال الرسالة لمن جال في خاطره تحليلاً صحيحاً من حيث طرحه من الزاوية لا ينظرون إليها نظرة صائبة نسبة إلى أن المسافة بينه وبينهم متسعة اتساعاً (هائلاً).
إن أفكار الاستعداء المطلقة تهدم أكثر مما تبني، لأنها قائمة على فكرة لا تحترم عقلية المتلقي، ولا تتوافق مع الديمقراطية التي ينادي بها، وذلك منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع عمر البشير، والذي أفقد الجميع تنسم دعاش الحرية، السلام والعدالة، لذا السؤال الذي يفرض نفسه لماذا يسعى البعض إلى إعادة إنتاج الأفكار السالبة والأساليب الاستعدائية المكتسبة من النظام السابق، ونشرها عبر (العولمة) ووسائطها المختلفة ومن ثم مجالس المدينة، فهي بلا شك تكسب من ينتهجها عدواً جديداً، ولو كان مؤمناً ومتفقاً معهم حول الفكرة المنبثقة وفقاً للمعطيات السياسية الجديدة، والمنوط بها أحداث التغيير الحقيقي، والمؤسس على ما هو مقبول من حوار حول الوطن الكبير، بالإضافة إلى التمسك بالمبادئ، القيم والأخلاق الحافظة للمجتمع من الانزلاق إلى بؤرة اثنه.
قلما تجد من يدرك خطورة الاستعداء السياسي لمن يؤيدون فكرة التغيير في هذه المرحلة الحساسة والحاسمة من تاريخ السودان، لذا يجب أن يكون الاختلاف قائماً على المصلحة العامة، والنظرة المستقبلية للسودان، وليس المصلحة الشخصية القاصرة على الكسب الذاتي، والتي يسعي في إطارها البعض لتطويع ما يجري من أحداث لصالح أجندته، وعليه فإن على الجميع الاتفاق على خطاب إعلامي لا يبعد أي شخص حادب على الوطن من المشهد السياسي باستثناء النظام السابق.
يجب عدم استعداء الجميع بالخطاب الإعلامي الذي يتم من خلاله وصم المخالفين بما لا يتسم مع المرحلة القادمة، فهي مرحلة تتطلب تضافر الجهود عامة، وذلك من أجل ايقاف من يحاولون بشكل أو آخر سرقة الثورة الشعبية الشبابية، وفي هذا السياق أطل عدداً من الادعياء الانتهازيون، وبالتالي سلوكيات من هذا القبيل تنافي ما ترمي إليه الثورة التي لعب في ظلها أشخاصاً أدوراً مهمة، وأن كانت هذه الأدور واجباً وطنياً يمليه عليهم الضمير الحي، خاصة وأن الشعب السوداني صبر لتحقيق ما يصبو إليه بعد ثلاثة عقود من القهر، القمع، الظلم وسفك الدماء، وعليه فإن أي مرحلة من مراحل حكم البلاد تتطلب وجود معارضة قوية تراقب المشهد السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي والفكري، وذلك من خلال رقابة من يتقلدون المناصب حتى لا يتكرر سيناريو النظام البائد، والذي سبق وأن انتهج سياسة الاستعداء، بالإضافة إلى أنه اجتهد لإضعاف المعارضة السياسية وتشوية صورتها لدي الرأي العام، ووجه لها الاتهامات جزافاً، كما أنه اعتقل قياداتها المؤثرة، وفتح ضدهم البلاغات، وهي إجراءات تهدف لتكميم الافواه المبصرة للشعب السوداني بما يجري هنا وهناك.
ومما ذهبت إليه فإن نظرية التآمر أخذت حيزاً كبيراً في وسائط الإعلام الحديث ومجالس المدينة، وهو ما قاد إلى انتشار ثقافة الاستعداء، والتي أصبحت لا تفرق بين الصالح والطالح، وبالتالي لا تفضي في النهاية  للديمقراطية، لذا يجب عدم التفكر وفق نظرية التآمر حتى لا تصبح بمرور الأيام جزءاً أصيلاً من الموروث السياسي في البلاد، وتجعل البعض يستقوي بها كلما وجد إنساناً خالفه الرأي أو وجهات النظر مستخدماً ضده المصطلحات التجريمية، وهي في رأي لغة العاجز، لأنها لا تتجاوز إدراكه المحدود للراهن السياسي، هكذا يحاول البعض ايصال رسائله بمفهوم مكشوف للعامة، وإذا نجحت فكرته فإن من يستهدفه يكونون أمام موقف لا يحسد عليه، وربما تتغير نظرة الناس له من واقع التعبئة السابقة، وعليه يصبح كالسرطان الذي يجب استئصاله حتى لا يستشري في الجسد، هكذا كل واحد لا يقبل الاختلاف مع الآخر في شأن عام، ويتمسك بوجهة نظره، ويري أنه إنساناً معصوماً من الخطأ، وتكون الحلول للإشكاليات المطروحة حاضرة لديه، ويرفض كل الحقائق الماثلة أمامه لعدم توافقها مع ظنه وشكه في الاخرين، بحيث يري أنه الأحق بالأتباع، وإما الآخرين فهم مجرد أشخاص يبحثون عن مصالح شخصية تتعارض مع أفكاره ووجهات نظره.
هنالك من يستخدم أساليب (الغمز) و(اللمز) للاستعداء الذي يثير به جدلاً أكثر مما أنه يفيد مفاهيم التغيير، وهي أساليب هدامة ولا ترسي دعائم البناء والتنمية لشعب عاني من ويلات السياسات الخاطئة ثلاثة عقود، وخلالها كان يدعو لاستعداء الخصم في المشهد السياسي، مما نتج عن سياسته عموماً البطالة، الفقر، العنوسة، الرشاوي والفساد، وحاق بالبلاد الدمار.
من المعروف أن الاستعداء يستخدم في الإطار ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ لحرمان الخصوم السياسيين من ممارسة نشاط يحققون من خلاله أجندات حزبية أو تنظيمة حققت لهم الاستفادة في فترة حكمهم المنزوع، وبالتالي فإن سلاح الاستعداء السياسي حق من الحقوق السياسية إلا أنه يجب عدم استخدامه ضد أي إنسان أخر خالفك الرأي، فالتعميم يكسبك خصوماً جدد ربما كانوا يقفون إلى جانبك لأحداث التغيير المنشود، ولا سيما فإنه يحتاج للتوافق على تخصيصه لشخصيات محددة يثبت تورطها في انتهاكات ضد إنسان السودان أو تمت إدانتها بإحكام قضائية أو ارتكبت جرائم أثناء الحراك الثوري الشبابي.

إقصاء حزب المؤتمر الوطني من المشهد السياسي في البلاد


بقلم سراج النعيم
طالب عدد من السودانيين الحادبين على مساءلة ومحاسبة رموز حزب المؤتمر الوطني الذين يثبت تورطهم في جرائم ضد الإنسانية، طالبوا باقصائهم عن المشهد السياسي، وهو نهج متبع في ظل الثورات التحررية التي في كثير من الأحيان تصدر أحكاماً بالاعدام لمن ارتكب جرائم قتل في حق الشعب والاعتقال لمن مارس السياسة مؤيداً لما كان يجري، وبالتالي فإن الإقصاء أو العزل ما هو إلا ﺇﺟﺮﺍﺀ بالنسبة للاجراءات سالفة الذكر أخف، خاصة وأن الإقصاء أو العزل السياسي تكتيك من التكتيكات المتعارف عليها في ظل الثورات الإنسانية الشعبية، وقد تم انتهاج هذا الأسلوب في ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺍﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ وﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺿﺪ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ وغيرها من الثورات التحررية التي لم تتسامح مع من انتهكوا حقوقها طوال فترة حكمهم.
إن الإتجاه إلى إقصاء أو عزل حزب نظام عمر البشير من المشهد السياسي واجباً تمليه الضرورة الوطنية، لأنه إذا لم يتم الإقصاء أو العزل السياسي فإنه سيكون بلا شك خطراً على الحكومة المدنية الانتقالية، والانتقال من تلك المرحلة إلى المرحلة الديمقراطية بصورة سلسه، وفيما بعد قد يشكلون خطراً على العملية الانتخابية والاقتراع عبر الصناديق، لذا يجب أن يتم الإقصاء أو العزل من المشهد السياسي حتي لا يتسربوا إليه تحت مسميات حزبية آخري، وبالتالي يعيدون السودان إلى المربع الأول دون تحقيق آمال وأشواق الشعب السوداني، والذي ظل على مدي ثلاثين عام يحلم بالحرية، السلام والعدالة.
إن الإقصاء أو العزل من المشهد السياسي لحزب المؤتمر الوطني يعتبر في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ السودان إجراء احترازي فيه محافظة على مكتسبات الحراك الثوري الشبابي.
فيما اقترح أن يتم الإقصاء أو العزل لحزب نظام الرئيس المخلوع (عمر البشير) أو من شاركه أو دعمه خلال فترة حكمه الممتدة لثلاثة عقود ماضية من الراهن السياسي في السودان، وأن يكون الإقصاء أو العزل بموجب قرار تتخذه السلطات العدلية في البلاد، بعد أن يتم فتح الباب لشكاوي المتضررين في مواجهة حزب النظام البائد أو أي عضو من أعضاء الحزب، وعلى خلفيته يقرر القضاء الإقصاء أو العزل السياسي لكل من يثبت تورطه في قضايا تتعلق بالفساد الذي استشري في مفاصل مؤسسات الدولة أو جرائم ضد الإنسانية أو الاخلال بالشرف والأمانة، وﻫﺬﻩ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ الاقصائية أو العزل السياسي تعتبر إجراءات ﻭﻗﺎﺋﻴﺔ من أجل الحفاظ على ما حققته الثورة الشعبية من انتصارات ظافرة، والاقصاء أو العزل السياسي من ﺃﺧﻒ ﺍﻹﺟﺮﺍﺀﺍﺕ المتبعة في ظل الحراك الثوري الشبابي الذي شهدته البلاد والداعي إلى التغيير الجذري، وذلك من أجل حماية مستقبل السودان و استقرار أوضاعه حتي لا تتاح لهم الفرصة للعودة مجدداً، وإجهاض الثورة الشعبية الشبابية، لذا إقصاء أو عزل حزب المؤتمر الوطني في هذه المرحلة ومرحلة الانتخابات لن يدع له فرصة المشاركة النشطة في صنع القرار بعد أن ظلوا يقررون في مصير الشعب السوداني ثلاثين عام عاني من خلالها التهميش والتمييز ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺎﺱ ﺍﻻﻧﺘﻤﺎﺀ السياسي، هكذا يجب اتباع هذه الاستراتيجية، وأن تكون مشاركة الثوار فعالة في الحكومة المدنية ﺑﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﻷﻳﺔ ﻓﺌﺔ ﻣﻬﻤﺸﺔ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻨﻬﺎ.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...