الأحد، 27 أكتوبر 2019

المحكمة تستمع لإفادات المبلغ في قضية (قتيل الكبجاب)


استمعت محكمة جنايات امدرمان شمال ، وسط إجراءات أمنيه مشددة برئاسة قاضي المحكمة العامة إلى أقوال المبلغ في البلاغ المفتوح ضد المتهمين الأول والثاني تحت أحكام المادة ( ١٣٠ ) من القانون الجنائي لسنة ١٩٩١م تعديل ٢٠٠٩م، وذلك بحضور وكيل النيابة فرح بشير فرح ممثلاً للحق العام وحضور الاستاذ أيوب علي داني المحامي ممثلاً لأولياء الدم عن الحق الخاص وحضور الأستاذ عيسي التوم ممثلاً للدفاع عن المتهمين، وشهدت الجلسة حضور اعداد كبيرة من أهالي المتهمين، وذوي المجني عليه، وكانت المحكمة قد استمعت للمتحري في البلاغ، وهو ملازم شرطة يتبع لقسم شرطة امدرمان شمال، والذي باشر إجراءات البلاغ بناءً علي توجيهات الضابط المناوب بالقسم على إثر حضور المبلغ، حيث أبلغهم بوقوع الحادث في منطقة (الكبجاب) في يوم ٢٩ رمضان المنصرم، وقدم المتحري محضر التحريات ومستندات الاتهام عبارة عن عدد (٢ ) اورنيك (8) جنائي الأول للمجني عليه والأخر للمتهم، وقدم كذلك تقرير الفحص الفني لأداة الجريمة وملابس المجني عليه، وقدم أخيراً تقريراً للتشريح الصادر من مشرحة مستشفى امدرمان التعليمي، مبيناً فيه أسباب الوفاة، وخلص من خلال التحري وبناء على توجيهات النيابة بتقديم المتهمين الأول والثاني للمحاكمة بعد أن وجهت لهما النيابة العامة تهمة مخالفة أحكام المادة (130) من القانون الجنائي.
فيما استمعت المحكمة لإفادة المبلغ الذي جاء في أقواله إنه وعند الساعة الثامنة صباحاً كان يجلس هو والمجني عليه عمرو إبراهيم برفقة آخرين، عندما حضر المتهم الثاني ومعه آخر يحملون حديد (خردة)، فطلب منهم المرحوم الذهاب بعيداً، إلا أن المتهم الثاني رفض الانصياع لأمره، ودخلا في نقاش، فما كان من المتهم الثاني إلا وسب المرحوم بلفظ بذئ، وفي تلك الأثناء حضر المتهم الأول، وهو خال المتهم الثاني، وأخذ ابن اخته (المتهم الثاني) من يده، وذهب به في اتجاه المرحوم، وقال للمرحوم : (كان أنت راجل اهبشو ) على حد تعبيره ، وكرر المتهم الأول ذات  اللفظ البذي في وجه المرحوم ثم قام بضربه بـ(البونية) على وجهه، ودخلا على إثر ذلك في (عراك)، ووصف المبلغ للمحكمة حالة العراك بين المرحوم والمتهم الأول، وذكر أن المتهم الأول قام بالإمساك بالمرحوم من الخلف (كربون)، وإن المجني عليه اخرج (سكيناً) في محاولة للتخلص من تلك القبضه، وأفاد المبلغ أن المتهم الثاني كان في هذه الأثناء يقذف بـ(الطوب) على المجني عليه، ومنه (الطوبة) التي أصابته في رأسه، مما جعله يفقد توازنه ويترنح، وعليه تمكن المتهم الأول من انتزاع (السكين) من يد المجني، ويهوي بها على صدره مسبباً بتلك الطعنه الوفاة في الحال،.
وجاء في أقوال المبلغ أن المجني عليه تقدم بعد الطعنه التي تلقاها من المتهم الأول إلى الأمام حوالي مترين أو ثلاثه أمتار ليسقط بعدها على وجهه، وأنه بعد ذلك قام برفقة شخص آخر بحمل المجني عليه محاولين إسعافه إلا أنهم وجدوا أن الاطباء في مستشفي امدرمان في حالة إضراب عن العمل، وتوجهوا بعد ذلك نحو مستشفي (اسيا) التخصصي ليخبرهم الأطباء أن المجني عليه توفي، وتم تحويلهم إلى مشرحة مستشفى امدرمان، وبعد صدور أمر التشريح من النيابة قام وكيل النيابه ممثل النائب العام باستجواب المبلغ، والذي تلاه ممثل الاتهام الاستاذ أيوب علي داني ممثل الحق الخاص عن أولياء الدم، وتم استجوابه من قبل ممثل دفاع المتهمين الأول والثاني، بينما حددت المحكمة الموقرة جلسة ٢٠١٩/١٠/١ م لمواصلة سماع قصية.

ﺗﻌﺪﺩﺕ ﺍﻟﻠﻐﺎﺕ والأرقام والاتصالات ﻭﺍﻟﺮﺳﺎﺋﻞ.. ﻭ(ﺍﻟﻨﺼﺐ) واحد



سيدة بريطانية تستدرج شاب سوداني بمرض (السرطان)
.............

رسائل لايقاع الضحية في فخ (الاحتيال بمليوني دولار)
............
وقف عندها : سراج النعيم
...........

أحذر من مغبة الوقوع في شرك (الاحتيال) بالاتصالات أو الرسائل الهاتفية الدولية، والتي تدعو شبكاتها الإجرامية للايقاع بالضحايا الذين يتلقون اتصالاً أو رسالة إلكترونية، وينجرفون وراء تيار إغراءاتها (الوهمية)، وبالتالي يقعون في (الفخ)، والذي يدعي في إطاره البعض الإصابة بمرض (السرطان)، وهنالك من يحتالون باقتطاع مبلغ من رصيد متلقي الاتصال، وذلك في حال أنه عاود الاتصال بالرقم الدولي، هكذا يتعرضون (للنصب) عبر برامج إلكترونية بالاتصال أو رسائل الدردشة، وذلك من خلال استخدام (العولمة) ووسائطها المختلفة، والتي تنشط فيها أرقام دولية تبدأ بالمفتاح الدولي (876)، وهو مفتاح جامايكا، و(473) مفتاح غرينادا، و(287) مفتاح جزر فيرجين البريطانية، و(809) من جمهورية الدومينيكان وغيرها.
وفي السياق فإن الاتصالات والرسائل النصية والإلكترونية يخطط من خلالها من يمارسون (النصب) الدولي لإيهام الضحايا بأشكال مختلفة من (الاحتيال) المقنن، وفي أغلب الأحيان يستدرون عطف الضحايا بمرض (السرطان) أو خداعهم بالفوز بجائزة يشاركون من خلالها البيانات والمعلومات الخاصة بهم، وهو الأمر الذي دفع شركات الاتصالات، والسلطات ﺍﻷمنية إلى إطلاق تحذيرات للنشطاء عبر الميديا الحديثة لأخذ الحيطة والحذر من مغبة الانجراف وراء تيارها الجارف، ﻭتطالبهم بعدم ﺍﻟﺘﺠﺎﻭﺏ معها نسبة إلى أنها تهدف للاحتيال، وسرقة ﺍﻟﺒﻴﺎﻧﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ الخاصة بهم ﻣﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻬﻮﺍﺗﻒ ﺍﻟﺬﻛﻴﺔ، ومن ثم تبدأ عملية (الإبتزاز) بالقرصنة الإلكترونية.
ومما ذهبت إليه فإن الأسباب المؤدية بالضحايا للوقوع في ﻓﺦ (ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻝ) هو عدم الوعي بخطورة ذلك، وعدم إدراك ما يمكن أن تسفر عنه هذه الخطوة.
فيما قال من تعرضوا للاحتيال : (ﺇﻥ أعضاء الشبكات الدولية يجيدون التحدث بجميع اللغات، إذ يدعي أي فرد منهم أنه يعمل في أحدي الشركات، واهماً الضحايا بأنهم كسبوا مبلغاً مالياً كبيراً، وبالتالي فإن جرائم (ﺍﻻﺣﺘﻴﺎﻝ) ﺇﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻴﺎً تعتبر من الجرائم الحديثة، وهي في غاية السهولة من حيث سهولة اقتناء الهواتف السيارة، وبساطة استخدام التطبيقات الإلكترونية، وبالرغم من (النصب) الكثير جداً إلا أن النشطاء لا يتعظون لعدم الانصياع للتحذيرات المستمرة من الإتجاه على ذلك النحو الذي يقودهم للوقوع في فخ الاحتيال جهلاً، وهو أمر يعد ثغرة من الثغرات التي يلجأ إليها (المجرم الإلكتروني)، وهنالك من يكون ضحية نتيجة بيع هاتفه النقال دون أن يتخلص من الفيديوهات والصور والأرقام والرسائل الخاصة به قبل إتمام عملية البيع، وهنالك من يستطيع ﺍﺳﺘﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻤﺤﺬﻭﻑ من خلال البرامج الإلكترونية، وعليه فإن الأمر بدأ يأخذ أبعاداً لم تكن في الحسبان أو يمكن تصورها من قريب أو بعيد، ﻛﻤﺎ ﺃﻥ البعض من ضعاف ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ ﻳﻘﻮﻣﻮﻥ بالقرصنة دون وازع ديني يردعهم.
من المعروف أن من يرتكبون جرائماً إلكترونية يكون هدفهم (المغامرة)، وبما أن هنالك شاباً سودانياً مغامراً أكثر من الشبكة الدولية للاحتيال قرر تلقي اتصالاتهم ورسائلهم، ويرد عليها هادفاً كشف زيفهم، وفي هذا الإطار أجري حواراً مع سيدة ادعت أنها بريطانية و زوجها توفي، وترك لها مبلغاً كبيراً جداً، ومع هذا وذاك هي مصابة بـ(السرطان)، وتقضي وفقه أيامها الأخيرة، لذا تود أن تودع ذلك المبلغ في مشروع إنساني، وما أن وصلت معه إلى مرحلة التسليم، إلا وظهر الاحتيال الدولي على أصوله، ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻀﺮﻭﺭﻱ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﺘﻘﻨﻲ، ﻭكيفية إدراك الاستخدام الإيجابي للشبكة العنكبوتية، والابتعاد من الوقوع في شرك (النصب) خاصة وأن العالم ﺃﺻﺒﺢ عبارة عن ﻗﺮﻳﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ تتحكم فيها الثورة التقنية.
ومما ذهبت إليه أدلف مباشرة إلى أغرب واقعة احتيال تعرض لها ذلك الشاب السوداني من سيدة تدعي أن اسمها (ايمان هاوي)، والتي بدأت قصتها معه برسالة مفادها أن زوجها توفي، وقبل الوفاة كان يعمل بعقد مع الحكومة البريطانية بقيمة (4.7) مليون دولار، لكن الموت أخذه قبل إرسال الأموال إلى حسابها المصرفي، وكان زوجها محباً لعمل الخير، وشجعها على مساعدة الفقراء، لأنهما ومنذ زواجهما لم ينجبا طفلاً بسبب حالتها الصحية، مؤكدة أنها أرسلت مليوني دولار إلى مسقط رأسها (إندونيسيا)، ومن ثم أودعت (700،000.00) دولار إلى المستشفى لعلاجها والمرضى الآخرين.
من جانبه كان الشاب السوداني يرد عليها قائلاً : ماذا يمكنني أن أفعل لك في السودان؟ فقالت : أود أن أرسل إليكم مليوني دولار لكي تساعدني على إعطائها للشعوب الفقيرة والأرامل، فأنا وزوجي لم يكن لدينا أي أطفال يرثون هذه الأموال، ويرجى عدم التمييز بين الناس بـ(الدين) أو (العرق) عند التعامل مع هذا المشروع، لذا حاول الرد عليّ سريعاً لمزيد من المعلومات، وليباركك الرب وعائلتك.
وبما أن الشاب السوداني كان على قناعة تامة بأن الرسالة لا تخرج من نطاق (الاحتيال) الدولي قال لها : أهلاً وسهلاً، فما كان منها إلا وردت عليه : أردت أن أقدم هذه الأموال للأشخاص الأقل حظاً من خلالك، وشكراً لك على انتباهك إلى وضعي الصحي، وأدعو الله أن يعطيك القلب الطيب لكي تتعامل مع هذا المشروع بإخلاص، لأنني لن أكون هناك لمشاهدتك أو معرفة كيف تنفق الأموال، ولكن الله سوف يكون هناك لرؤيتك، يجب أن تأخذ (30 ٪) من إجمالي الأموال للاستخدام الشخصي الخاص بك، واستخدام الباقي للعمل الإنساني والخيري، وعليه أكد لها إنه لا يرغب في مبلغ مما أشارت له، وإنما سينفقه في عمل الخير.
فيما قالت له (ايمان هاوي) : طبقاً للأطباء، فإن النتيجة التي قدموها لي تؤكد إنني مصابة بسرطان (البنكرياس)، وهو يقتلني تدريجياً، ولا يمكنني حتى الوقوف أو المشي بمفردي دون مساعدة، وهذا هو السبب الرئيسي للاتصال بك، لأنني لا أستطيع تنفيذ المشروع بمفردي، لذا يرجى عدم السماح للأصدقاء أو أفراد الأسرة السيئين بخداعك لاستخدام كل الأموال لنفسك لأن العواقب سوف تكون وخيمة عليك.
بينما واصل الشاب السوداني استدراجها، مؤكداً لها أنه ملتزم، ومعروف في بلده بذلك، فما كان منها إلا وقالت له : أريدك أن ترسل لي بياناتك الشخصية مثل اسمك، عنوانك، رقم هاتفك وصورة لبطاقة هويتك، وإخباري بنوع العمل الذي تعمل فيه حالياً، وسأتصل بمديري المصرفي لمعرفة أفضل طريقة لإرسال الأموال إليك في بلدك، عزيزي يرجى الحفاظ على هذا السر، ولا تخبر أي شخص عن هذا المال حتى تستلمه، وهذا هو عنواني( RD ، OADBY ، LEICESTER LE2 2FF )، المملكة المتحدة، وبالمقابل ظلت ترسل له الرسائل ما بين الفينة والآخري، وفي احدي الرسائل قالت : اتصلت بمديري المصرفي لمعرفة كيفية تأمين طريقة أسهل وأسرع لتحويل الأموال إلى بلدك، وأخبرني مدير البنك أنه إذا قمت بتحويل الأموال عبر البنك (نقل سريع) أنني يجب أن أواجه استجواباً، وفحصاً من الحكومة البريطانية، لأن ذلك لا يسمح بنقل هذه الكمية الكبيرة، وقال مدير البنك : (إن الطريقة السهلة والآمنة لتحويل هذه الأموال الكبيرة من خلال وكلاء دبلوماسيين).
بينما رد عليها الشاب السوداني قائلاً : أدعو الله عز وجل أن يكتب لك الشفاء العاجل، وأن تنفقي أموالك في فعل الخير بنفسك ـ عندها ردت عليه مؤكدة أنها انتهت من استخدام خدمات الوكلاء الدبلوماسيين) لجلب الأموال إلى بلدك ، لقد اتصلت بشركة (INTERNATIONAL EXPRESS SERVICE)، وبفضل الله، سوف ينتهون من كل شيء.
وأضافت : أريد أن أخبركم أنني أكملت عملية إرسال الأموال من خلال شركة (INTERNATIONAL EXPRESS SERVICE COMPANY)، وقد منحت الحزمة لدبلوماسي مختوم تماماً، ووصفها بأنها حقائب دبلوماسية، وبلغ إجمالي الأموال في حقيبة السفر (2،000،000.00) دولار (مليوني دولار)، هذا هو رمز الصندوق (8619)، وأنت فقط الذي لديه (الكود)، وحتى الوكيل لا يعرف رقمه.
وأردفت : سوف يغادر الدبلوماسي المملكة البريطانية المتحدة، ويصل السودان في غضون يومين، وسوف يتصل بك فور وصوله حتى تتحدث مع موظفي الجمارك كلي تعرف كيفية دفع رسوم التخليص البالغة (1000) يورو، والتي يتعين عليك دفعها بعملتك المحلية هناك، وتأكد من أن لديك رسوم المطار الجمركية المتاحة قبل وصول الدبلوماسي، وسيتصل بك عند وصوله لبلدك، ومن فضلك لا تخبر أحداً عن هذه الأموال حتى تستلمها في منزلك حيث يحذر الوكيل لأسباب أمنية.
وتابعت : من فضلك أريدك أن تخبرني المزيد عن نفسك هل أنت متزوج، هل أنت مسيحي أم مسلم، وما مدى قوة إيمانك؟ وكم من الأطفال لديك أنت وعائلتك؟، ويرجى أن تكون حكيماً عند التعامل مع هذا المشروع، وثق في أنك قادر على القيام بذلك لذا لا تخونني أو تخذلني.
واسترسلت : لقد وصل الدبلوماسي إلى بلدك، واتصل بك، وأخبرته أنك لا تتوقع أي صفقة، وكان أن اخطرها الشاب السوداني بأن الدبلوماسي لم يتصل به، فكان ردها : طالما أنك تعلم أنه لا يمكنك التعامل مع هذا المشروع ، فلماذا لم تخبرني حتى أوقف سفر الدبلوماسي، ورغماً عن تأكيده لها أنه لم يتصل به الدبلوماسي، إلا أنها قالت له : تلقيت رسالة من الدبلوماسي، وأكد أنه اتصل بك، وأخبرته أنك لست الشخص المعني، وسألك إذا كنت لا تتوقع أي صفقة، فأخبرته أنك لست الوحيد في السودان، وكان أن كرر لها حقيقة أن الدبلوماسي لم يتصل به، وأن هاتفه مفتوح على مدار (24) ساعة، فقالت : أرى أنك كاذب، ولا يمكنك التعامل مع هذا المشروع بالنسبة لي ولزوجي الراحل، لذلك أنا قلقة للغاية، وأرجو أن تبلغني حالما تسمع من الدبلوماسي؟، فأنت تعرف حالتي الصحية، فلماذا تجعلني أشعر بالسوء، فكان تخبرني من البداية انك ليس على استعداد للتعامل مع هذا المشروع، فالدبلوماسي أتصل بك مرة أخرى، وأنت لا تجيب على دعوته، ما هي مشكلتك؟ فإذا لم تكن على استعداد للتعامل مع هذا المشروع، فيرجى أخباري والتوقف عن إضاعة وقت الدبلوماسي، عزيزي صمتك يجعلك تشعر بالسوء، فأنا لم أفهمك بعد، هل تحاول أن تخبرني أن الدبلوماسي يكذب، هذا غير صحيح فالدبلوماسي موجود في بلدك، فلماذا لا يمكنك إعادة الاتصال بالرقم الذي اتصل بك، لقد بعثت لك برسالة منذ الصباح، وأنت ترد علىّ المساء، وذلك في نفس الوقت الذي اتصل به الدبلوماسي، وترفض الرد على دعوته، وأرى أنك تلعب بحالتي الصحية، وبالتالي أنت عار على غطاء محرك السيارة، لست رجلاً كفأً لتنفيذ هذا المشروع، فشكراً لك على هذه الخدعة، والتي كنت مقتنعاً بها منذ البداية.

سراج النعيم يكتب : ثورات الربيع العربي وصدام


كلما جاء عيد الأضحي المبارك تذكرت مشهد إعدام الرئيس العراقي الشهيد (صدام حسين)، وما ذهب إليه قبل تنفيذ الحكم الظالم عليه، إذ أنه قال في تلك الأثناء الصعيبة للضابط الذي يشرف على إعدامه : (أريد معطفي الذى كنت ارتديه)، فرد عليه متعجباً : طلبك مجاب، ولكن ماذا تريد به؟
قال صدام : (الجو فى العراق عند الفجر يكون بارداً، ولا أريد أن ارتجف فيعتقد شعبى أن قائدهم يرتجف خوفاً من الموت)، ومن ثم قال مقولته الشهيرة للحكام العرب : (أنا ستعدمنى أمريكا، إما أنتم ستعدمكم شعوبكم)، ولم يكن ما ذهب إليه صدام حسين مجرد كلام والسلام، إنما هي رؤية مستقبلية لمجريات الأحداث في المنطقة العربية ـ الإسلامية، والتي لم يتعظ حكامها مما جري وسيجري، أو أن يستوعبوا فكرته العميقة حول التحديات الجسام التي تواجه البلدان العربية والإسلامية من خلال المخططات الاستعمارية الحديثة الرامية إلى رسم خارطة طريق جديدة للاحتلال الصهيوني الأمريكي _الغربي، والذي يتم من خلاله تقسيم بلدان المنطقة وفقاً للمطامع والمصالح الأمريكية _الغربية، وبالتالي كان صدام شامخاً لحظة تنفيذ الإعدام شنقاً حتى الموت، والذي صرخ قبله ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﻪ قائلاً : (ﺗﺤﻴﺎ ﺍلأﻣﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ)، ﻭ(ﻋﺎﺷﺖ ﻓﻠﺴﻄﻴﻦ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﺣﺮﺓ)، وهي كلمات صادقة نابعة من القلب إلى القلب، لذا لم يتفوه بها قبلاً حاكماً عربياً أو إسلامياً في المنطقة العربية _ الإسلامية، والتي تشهد صراعاً تلو الآخر بالتدخلات الامريكية _الغربية ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮﺓ حول ما يدور في الشأن الداخلي لكل دولة من الدول المستهدفة بتلك المخططات المرتكزة على الإطاحة بالأنظمة المؤثرة والمعترضة على السياسات الصهيونية الأمريكية _الغربية في المنطقة العربية ـ الإسلامية، وفي هذا الإطار كان مخطط الولايات المتحدة قائماً على ذريعة امتلاك نظام (صدام حسين) لسلاح محرم دولياً، وهو الاتهام الذي وجد تأييداً من حلفاؤها، وبالتالي تم استعمار (العراق) بصورة درامية، وأول خطوة تم اتباعها بعد الاحتلال حل القوات العسكرية العراقية، ومن ثم خلق الفتنة الطائفية والعرقية في البلد المحافظ على عاداته وتقاليده ومورثاته.
إن استهدف الولايات المتحدة الأمريكية (للعراق) نابع من واقع أن لديها مشروعاً نهضوياً تود تنفيذه في الوطن العربي_ الإسلامي، وهو المشروع الذي يرمي لأحداث توازناً في المنطقة الغنية بالنفط، خاصة وأن العراق يمتاز بحضارة تمتد إلى أكثر من ثمانية آلاف عام، بالإضافة إلى البترول.
من المعروف أن ما يجري في المنطقة العربية ـ الاسلامية من تأمر يقوده اللوبي الصهيوني الأمريكي_البريطاني من خلال مفكر الأخيرة (ﺑﺮﻧﺎﺭﺩ ﻟﻮﻳﺲ)، ودولة الكيان الصهيوني المحرض الأساسي ضد الحضارة والثقافة العراقية المدعومة بالقوة العسكرية، ودولة الكيان الصهيوني مارست ضغوطاً على (ﻭﺍﺷﻨﻄﻦ) ﻭ(ﻟﻨﺪﻥ) من أجل القضاء على ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ الذي صمد صموداً قوياً أمام الحصار الاقتصادي الخانق الذي فرضته الولايات المتحدة على العراق، وهو الحصار الذي شجع الرئيس صدام حسين إلى الاستفادة من الثروات الطبيعية الموجودة في باطن وظاهر الأرض، إذ أنه استطاع أن يؤسس لصناعات عسكرية متطورة جداً، ومن ثم اتجه نحو برنامجه النووي، ولم يغفل مع ذلك الجوانب السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية والفكرية، أي أنه مضي سريعاً نحو التطور والمواكبة لأحدث ما انتجه العالم آنذاك، ومع هذا وذاك خاض حرباً عنيفة مع جارته إيران أمتدت إلى أكثر من ثمانية أعوام.
فيما نجد أن الرئيس صدام حسين استوعب الدرس الصهيوني الأمريكي - البريطاني المدعوم من دولة الكيان الصهيوني، إذ تأكد له تأكيداً قاطعاً أن الديانة الإسلامية وحدها القادرة على إيقاف مد المخططات والمشاريع المستهدفة لبلاده وبقية الأوطان العربية والإسلامية، وهو الأمر الذي دفعه لإطلاق حملته الايمانية في أيامه الأخيرة، إذ أنه أصدر قراراً يقضي بمنع استيراد الخمور، كما أنه أغلق البارات، ﻭﻛﺘﺐ ﻛﻠﻤﺔ (ﺍﻟﻠﻪ أﻛﺒﺮ) ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺍﻟﻌﺮﺍﻗﻲ ﺑﺪﻣﻪ، ﻭأﺳﺲ ﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ_ﺍﺳﻼﻣﻴﺔ ﺷﺮﺳﺔ ضد الاستعمار الصهيوني الأمريكي _ البريطاني، والذي يحظى بالتحريض من دولة الكيان الصهيوني، لذا ظلت مقولته الشهيرة خالدة في وجدان الأمتين العربية_الإسلامية : (أنا أعدمت على يد الأمريكان، فيما سيعدم القادة العرب على أيدي شعوبهم)، وهي المقولة التي اعتبرها الكثيرين نبوءة تحققت من خلال ثورات (الربيع العربي) في كل من سوريا، تونس، مصر، ليبيا وأخيراً السودان الذي أطاح شعبه بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير، المهم أن الأوضاع في بعض البلدان العربية والاسلامية مذرية جداً من واقع سياسات دكتاتورية أشعرت الشعوب بالظلم، واستمرار الحكام العرب في السلطة لفترة طويلة، مما نجم عن ذلك استشراء (الفساد)، وتنامي تيار التنظيمات الإسلامية المتشددة التي شجعت أفكاراً متطرفة، مما عجل بالبعض منها من خلال شعوبها، ومن ثم الإطاحة بها، فهي كانت تركن لواقع ﺍﻻﻧﻬﻴﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﻤﺰﻕ، ورغماً عما جري وسيجري إلا أن هنالك دولاً مازال رؤساءها يكابرون ويرفضون الاعتراف بالحقائق الماثلة أمام أعينهم، وهؤلاء شاهدوا كيف أعدم الرئيس (صدم حسين) في أول أيام عيد الأضحي المبارك دون أن يغمض لهم جفن، وشاهدوا كيف احتل المستعمر الأمريكي الدولة العربية_ الإسلامية (ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ) وكيف ﻗﺘﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﻴﻮﻥ عراقي، ﻭﺷﺮﺩ أﺭﺑﻌﺔ ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺁﺧﺮﻳﻦ وأصبح فيما بعد معظمهم لاجئون بلا مأوي؟، ولم تعد هنالك دولة في العراق التي استشري فيها (ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ)، وأصبحت الأوضاع سيئة في شتي مناحي الحياة، على عكس أيام حكم الرئيس ﺻﺪﺍﻡ ﺣﺴﻴﻦ الذي لم تكن الطائفية موجودة في عهده، بدليل أنه خاض حرباً ضروساً ضد إيران امتدت لأكثر من ثمانية سنوات متصلة، وبعد القضاء على نظام الرئيس صدام حسين عمق اللوبي الصهيوني الأمريكي _البريطاني ودولة الكيان الصهيوني فكرة الطائفية وسط تنظيمات السنة والشيعة، والاتجاه على هذا النحو الهدف منه أحداث الانقسامات بين أبناء الوطن الواحد، وهي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها تمزيق العراق، والذي هو مدخلاً للسيطرة على المنطقة العربية _الإسلامية برمتها، ومن ثم سلب حضارتها وثقافاتها وموروثاتها التاريخية.
فيما نجد أن اللوبي الصهيوني الأمريكي _البريطاني ودولة الكيان الصهيوني وحلفاء الولايات المتحدة من الدول العربية _الإسلامية وجدوا فرصاً مواتية لتنفيذ المخططات في المنطقة من خلال اجتياح الرئيس صدام حسين للكويت، وهذا الاجتياح اعتبر جريمة من الجرائم المتطلبة المحاسبة العاجلة للعراق، بينما لم يعتبر استعمار اللوبي الصهيوني الأمريكي _البريطاني للعراق جريمة، بل هو سلوك سليم يصب في مصلحة المنطقة وتخليصها من نظام حكم يشكل خطراً عليها، وبالتالي كانت بغداد ضحية المشروع الصهيوني الأمريكي _البريطاني في المنطقة العربية_الإسلامية، وهو المخطط الذي ساهمت فيه دول أوروبية وعربية وإسلامية.

مطالبات بإلغاء عطلة (السبت) والاكتفاء بعطلة (الجمعة


أتفق مع الأصوات المطالبة للسلطات المختصة في البلاد إتخاذ قرار يقضي بإلغاء عطلة (السبت) نسبة إلى الظروف الاقتصادية القاهرة التي يمر بها السودان، وهي لا تتوافق عادات، تقاليد وثقافات خاصة بتاريخ وموروثات شعوب مغايرة لنا، وهي غير منفصلة عن الديانة الإسلامية، وخلاف ذلك كله فإنها ليست مجدية في بلد مازال يتلمس خطاه الأولي نحو التأسيس لاقتصاد وفق سياسة جديدة، وبالتالي لا تصلح عطلة (السبت) في السودان لما يعانيه من فقر مقدع أحدثه النظام السابق على مدي ثلاثة عقود من عمر نظام الرئيس المخلوع (عمر البشير)، والذي انتهج من خلالها سياسات اقتصادية اتسمت بالفشل الذريع بكل ما تحمل الكلمة من معني، وعلى هذا النحو اقترح عطلة (السبت)، ونفذها كسائر قراراته غير المدروسة سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، ثقافياً وفكرياً، وهو الأمر الذي أوصل البلاد إلى مرحلة متأخرة ومتأزمة جداً في شتي مناحيها.
ما لا يعلمه النظام البائد أن الدول الإسلامية والعربية التي تضيف يوم عطلة لعطلة (الجمعة) تهدف من ورائها إلى أن يحظى العاملين لديها باﻟﺮﺍﺣﺔ الجسدية والذهنية بعد عناء عمل شاق خلال أيام الأسبوع، وهذا يعود إلى أنها بلدانا تركن لأوضاع اقتصادية ممتازة، ولا تتأثر بإضافة يوم للعطلة الرسمية خاصتها، لأنها ليست لديها إشكاليات اقتصادية، لذا اختارت يوماً إضافياً للعطلة، ومعظم تلك البلدان لم تختار (السبت) لدلالات لها معني عميقة، بل اختارت (الخميس) باعتبار أنه نهاية الأسبوع، وبالتالي منحت راحة إضافية للعاملين والموظفين في القطاعين الخاص والعام بعد إنجازهم اشغالهم الموكلة لهم طوال أيام الأسبوع، لذا نحن بعيدين عنهم كل البعد، وذلك من واقع أن السودان بلدا فقيراً، ويحتاج لأي وقت أو يوم للعمل بما في ذلك (الجمعة) حتي يستطيع تحسين أوضاعه الاقتصادية التي لا تدع له فرصة للحاق بركب الدول المتطورة، ومواكبتها بالتنمية والإنتاج.
مما أشرت له، فإنني أؤكد تأكيداً قاطعاً أن قرار عطلة (السبت) لم يكن مدروساً دراسة وافية ومستفيضة من كل نواحيها التي تضعها في الخانة الصحيحة، وبالتالي فإنه ومن المؤكد أن عطلة (السبت) تركت تأثيرها (السالب) على الحياة حاضراً ومستقبلاً، مما نجم عنها خللا اقتصادياً واجتماعياً عميقاً يصعب إصلاحه خلال سنوات فقط، بل يحتاج إلى سنوات وسنوات طويلة لأنه النظام السابق لم يكشفه أو أكتشف، ولم تكن لديه القابلية للتراجع عنه إلى أن تمت الإطاحة به، فهو قد جبل على الإصرار للاستمرار في الأفكار الخاطئة، والتي دون أدني شك من بينها عطلة (السبت)، والتي لم ينظر إلى تأثيرها على الجوانب السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، الثقافية والفكرية.
إن عطلة (السبت) أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السودانية، ورغما عن ذلك لم يتم الالتفات إليها من نظام الرئيس المعزول (عمر البشير)، والذي لم يأبه بما تسفر عنه من نتائج، خاصة وأن البلاد تركن لظروف اقتصادية بالغة التعقيد، وهي ظروفا قاهرة جداً، وتتطلب من الجميع العمل طوال أيام الأسبوع دون إنقطاع، وذلك من أجل إنجاز الأعمال والمعاملات في كل المؤسسات، الشركات والمصارف في القطاعين الخاص والعام.
مما ذهبت إليه، يجب أن ننظر بمنظار فاحص لتأثير عطلة (السبت) على الأسر السودانية ذات الدخول المحدودة، وقطعاً لم تكن تضع في حساباتها ميزانية لعطلة (السبت)، مضافاً إليها عطلة (الجمعة)، ومما لا شك فيه أن ميزانيتها لا تخرج من نطاق عطلة واحدة، لذا ظلت الكثير من الأسر المتأثرة باستمراريتها تطالب السلطات المختصة بإلغائها لما تحدثه من خلل عميق ﻓﻲ الميزانية المجدولة طوال أيام الأسبوع، والذي ربما يشهد فواتيراً جديدة تضاف للتي هي أصلاً هاجساً من الهواجس قبل الإطاحة بالنظام السابق الذي أفقر الفقير وأثري الأثرياء، وعليه فإن الراهن الاقتصادي
يحتاج للتركيز على العمل أكثر من الإجازات، وذلك من أجل الإيفاد بالالتزامات، وتمزيق الفواتير المتضاعفة يوما تلو الآخر، خاصة وأن كل رب أسرة كلما مزق فاتورة من الفواتير أطلت عليه أخري، وأعنف من سابقاتها، لذا فمن الصعب جداً الإيفاء بمستلزمات عطلة (السبت) في إطار ذلك الواقع المذري لما تضيفه من أعباء جديدة على كاهل الناس الذين يجد البعض منهم أنفسهم مضطرين للعمل في الإجازات بما فيها عطلة (الجمعة) دون الاكتراث لقرار عطلة (السبت) الصادر من السلطات المختصة، والذي يدخل الناس في حسابات لم تكن موضوعة ضمن الميزانية في ظل ارتفاع جنوني في السلع الاستهلاكية، وليتها تتوقف عند هذا الحد، بل هي زيادات يتفاجأ بها المواطن مع إشراقة شمس كل صباح، فبعض الشركات، المؤسسات والتجار يتعاملون مع الأسواق حسب الامزجة الشخصية، مما يعني أن حقوق محمد احمد الغلبان مهضومة بالقرارات السالبة، والتي لم يشارك في اتخاذها رغماً عن أنها قرارات مصيرية، وتتعلق بتصاريف حياته اليومية.
إن عطلة (السبت) من الأخطاء الجسيمة للنظام البائد الذي لم ير أن هنالك من هم مصادر دخلهم ضعيفة جداً، ولا تكفي لفرد واحد من الأسرة ناهيك عن عائلة كاملة، وبالتالي فإن نظام العمل بالساعات لا ينجح في بلد فقير مثل السودان، والذي لا تنطبق عليه المقاييس والمعايير الدولية خاصة وأنه مازال في طور النمو، ويحتاج للإنتاج للاستفادة من أي وقت، ولا سيما فإن عطلة (السبت) تعد خللاً لعدم كفاية أيام الأسبوع لإنجاز المهام.
فيما يجب إعادة النظر في عطلة (السبت)، وإجراء دراسة واقعية ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ توقيت الدوام والانصراف من العمل، ﻭﺍﻹﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﺎﻟﻀﻮﺍﺑﻂ المنظمة له، فالعطلة لا تتيح الفرصة الكافية، لذلك بما هو مجدول في أعمال كل منا خلال أيام الأسبوع القلائل، خاصة وأن البلاد تمر بمرحلة حساسة بعد الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع (عمر البشير)، وهي مرحلة لا تحتمل أي وقت ضائع دون إنتاج، لذا يجب إلغاء عطلة (السبت)، وإعادة النظر في هذه التجربة الفاشلة، خاصة وإننا نختلف عن الدول المتبعة لنظام العطلة يومين خلال الأسبوع، ورغماً عن ذلك نجد أن هنالك من يعملون يوم العطلة الرسمية المضافة أصلاً لعطلة (الجمعة)، وذلك دون الالتفات إلى اصرار السلطات المعزولة للاستمرارية فيها، لذا يجب أن يتم تعديل المرتبات، وإعادة النظر في الحوافز حفاظاً على حقوق العاملين والموظفين في العطلة الإضافية باعتبار أنها إجازة كسائر الإجازات ذات الخصوصية في العمل.
إن ﺍﻟﻐﺎﺀ عطلة (السبت) يصب في مصلحة البلاد والناس والمجتمع من الناحية الاقتصادية المتطلبة زيادة الإنتاج من أجل مجابهة المنصرفات، والتي تتطلب مزيداً من الساعات في العمل، ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ إلغاء عطلة (السبت)، والاستمرار في العمل طوال أيام الأسبوع، والاكتفاء بعطلة (الجمعة)، فالقرار لم يكن صاﺋﺒﺎً، وﻟﻢ يكن مبنيا ﻋﻠﻰ ﺩﺭﺍﺳﺔ غير ﻣﻨﻄﻘﻴﺔ وﻣﻘﻨﻌﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﻭﺟﺐ ﺍﻟﻐﺎﺀ العطلة، وإعادة يوم (السبت) عمل ﻛﻤﺎ كان في السابق.
وما لا يعرفه مشرع عطلة (السبت) أنها تمنح خلال الأسبوع للموظفين والعمال مرة واحدة، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﺛﻼﺛﺔ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺀﺍﺕ في إطارها لدي بعض الدول العربية مثلاً ﻟﺒﻨﺎﻥ، ﺗﻮﻧﺲ وﺍﻟﻤﻐﺮﺏ، إذ أنها تنتهج سياسة فرنسية، إما الدول الأوروبية فالعطلة لديها يومي (السبت) و(الأحد)، والإجازات خلال الأسبوع تحكمها العادات، التقاليد والثقافات، المستمدة من الأديان السماوية، فالديانة الإسلامية عطلتها بالنسبة للمسلمين (ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ)، والديانة اليهودية عطلتها (ﺍﻟﺴﺒﺖ)، والديانة المسيحية عطلتها (ﺍﻷﺣﺪ)، وهكذا تكون إجازة الدول خلال أيام الأسبوع قائمة على أساس ديني، وهنالك دولا تؤجز ﻳﻮﻣﻲ (ﺍﻟﺨﻤﻴﺲ) ﻭ(ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ)، وآخري ﻳﻮﻣﻲ (ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ) ﻭ(ﺍﻟﺴﺒﺖ)، ﺃﻭ ﻳﻮﻣﻲ (ﺍﻟﺴﺒﺖ) ﻭ(ﺍﻷﺣﺪ) ولكل دولة فلسفتها للاتجاه على هذا النحو، لذا ما هي الدلالة التي ارتكز عليها النظام السابق لجعل (السبت) عطلة رسمية في جميع أنحاء البلاد، مع التأكيد أن أغلب سكان السودان ينتمون إلى الديانة الإسلامية التي تمنح المسلمين (الجمعة) عطلة.

قصة مؤثرة لسيدة وطفلها يفترشون الأرض ويلتحفون السماء


توفى لها اربعة آخرهم حرقاً ومرافقها (عضه كلب) على رأسه
........................
المريضة وطفلها في حاجة لتلقي العلاج في المصحة وابنها في المستشفي
.......................
وقف عندها : سراج النعيم
.......................


أبلغ عدد من الشباب السلطات المختصة بقضايا الأسرة والطفل في البلاد أن هنالك سيدة مريضة مرضاً نفسياً، وبرفقتها طفلها الذي يعاني من الإصابة في رأسه جراء تعرضه للعض من احد الكلاب الضالة، ويبدو أن السيدة المشار لها بلا زوج يساعدها في الظروف القاهرة التي تمر بها ومع هذا وذاك لا تمتلك مأوي مما قادها للاستسلام لتقلبات الأجواء على مدي العام، وبالتالي تكون مضطرة إلى افتراش الأرض والتحاف السماء أمام احدي المبانى الواقعة بمنطقة (جبرة) بالخرطوم، وعندما طال بقائها في ذلك المكان غير المؤهل لحياة الإنسان، قام عدداً من الشباب المتطوع بموقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) بمبادرة كريمة لعلاج الأم وابنها ووجدت المبادرة استجابة كبيرة من فاعل خير ابدي استعداده التام للتكفل بكامل نفقات علاجها وطفلها معاً، وعندما ازفت ساعة تسليم السيدة المريضة لمصلحة الأمراض العقلية والنفسية، والطفل الذي يرافقها إلى المستشفى المعني، طلبت إدارتي مصحة الأمراض العقلية والنفسية والمستشفي المتخصص بالحالة الصحية للأطفال من شباب المبادرة اتخاذ إجراءات لدي السلطات المختصة بحماية الأسرة والطفل، فما كان منهم إلا وذهبوا مباشرة إلى الجهة الرسمية المعنية بذلك، والتي بدورها استلمت منهم السيدة وطفلها المريضين لحين إكمال الإجراءات القانونية في صباح اليوم التالي، والذي تفاجأوا من خلاله شباب المبادرة بأن المسئول يقول لهم : (اخلينا سبيلها)، وعلى خلفية ذلك دار نقاش بينهم والمدير المسئول عن حماية الأسرة والطفل حول الأمر إلا أنه لم يكن منتجاً، مما حدا بأولئك الشباب التحرك سريعاً للبحث عن السيدة وطفلها المريضين منذ الصباح إلى أن عثروا عليهما  تحت كوبري (كوبر) في المساء، وأتضح من خلال الارهاق الذي يبدو على السيدة وطفلها المريضين أنهما مشيا مسافة طويلة بالإقدام من العمارات (٤١) بالخرطوم إلى كوبري (كوبر)، وعليه توجه شباب المبادرة الإنسانية إلى السلطات الرسمية وكالة النيابة المختصة، والتي بدورها وجهتهم للذهاب إلى رئاسة شرطة أمن المجتمع بالخرطوم، واتخاذ إجراءات بالواقعة حافظاً على حقوق السيدة وطفلها المريضين، والتي كفلها لهما القانون.
وتشير الوقائع إلى أن شباب المبادرة ظلوا على ثلاثة أيام متصلة يراقبون السيدة وطفلها المريضين مراقبة لصيقة، لدرجة أنهم تخلوا عن المسئوليات الملقاة على عاتقهم، وذلك للمحافظة على الأم وطفلها من تعرضهما للخطر، إلا أنهم كلما ذهبوا بهما إلى مصحة الأمراض العقلية والنفسية والمستشفي لعلاج الطفل يطلب منهم قبل إستلام الحالتين إجراءات قانونية من طرف السلطات المسئولة، وعندما لجأوا لها على أساس أنها السلطة الوحيدة المنوط بها هذا الأمر لم تتم مساعدتهم، وبالمقابل لم يستطيعوا تسليم السيدة للمصحة ولا طفلها إلى دار الرعاية الإجتماعية، وذلك لتقلي العلاج والبقاء في مكان آمن يحافظ على حياتهما القائمة على مصير مجهول، وحتى لا تؤول الام وطفلها لذلك المصير قام شباب المبادرة بالاهتمام بالحالتين الإنسانيتين بعد العثور عليهما، وذلك من خلال إنشاء قروب عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) لهذا الغرض، والذي حثوا به الخيرين لعلاج السيدة وطفلها المريضين.
فيما تؤكد الوقائع أن الأم تمر بحالة نفسية سيئة جداً، وبالتالي يتطلب الأمر بقائها في مصحة للأمراض العقلية والنفسية، كما أن طفلها يحتاج لمقابلة الأطباء أيضاً من واقع أنه مصاباً في رأسه جراء تعرضه لـ(عضة) من أحد الكلاب الضالة، وبما أن الحالتين إنسانيتين من الدرجة الأولي، كان لزاماً على أولئك الشباب تبني الفكرة، والتي ظلوا في إطارها يرعونهما خمس أيام على التوالي دون كلل أو ملل، تأكيداً منهم على أن إنسان السودان مازال بمروءته، شهامته، ورجولته، وهي الصفات التي كادت أن تندثر من حياتنا للظروف السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية المحيطة بالبلاد على مدى ثلاثة عقود.
بينما نجد أنه وخلال رعاية شباب المبادرة للأم وطفلها كانوا يبحثون عن حلول ناجزة لوضع حد لمعاناتهما، فما كان منهم إلا والتوجه إلى المصحة والمستشفي المختصتين بالحالتين على أمل أن لا تواجههم أي معوقات أو متاريس، عموماً كلما ذهبوا إلى هناك يتم استقبالهم في هذا المصحة أو تلك المستشفى، إلا أنهم يتفاجأون بعدم قبول الحالتين الإنسانيتين، وعندما يسألون لماذا؟ يأتيهم الرد مؤكداً أن استلام مثل هذه الحالات المرضية لا يتم إلا بإذن أو خطاب من نيابة حماية الاسرة والطفل، فما كان من شاب المبادرة إلا وذهبوا بالحالتين إلى النيابة المختصة لأخذ الإذن أو الخطاب الذي تمت الإشارة إليه، وعلى ضوء ذلك أكد لمهم المسئول أنه سيتم حجز الحالة إلى اليوم التالي، إلا أنه وفيما بعد وجدوا أن السيدة وطفلها تم إخلاء سبيلهما رغماً عن أن حالتهما الصحية تستوجب تلقي العلاج بموجب الإذن أو الخطاب، والذي يخول لهم إيداع السيدة في مصحة الأمراض العقلية والنفسية، وأبنها في المستشفي.
وتؤكد قصة السيدة المريضة أنها كان لديها أربعة أطفال توفوا إلى رحمة مولاهم بسبب الإهمال وآخرهم توفي محروقاً، لذا يجب الوقوف مع هذه الحالات الإنسانية وتبسيط الإجراءات حتى لا نفقد مزيداً من الأرواح التي في مقدورنا منحها حق الحياة بقليل من الاهتمام.
ومما أشرت له، فإن شباب المبادرة تواصلوا مع العديد من السلطات المختصة قبل اللجوء إلى وسائط التواصل الاجتماعي، وذلك بغرض البحث عن حلول تضع حداً لمعاناة السيدة وطفلها المريضين، والتي جري البحث عنها من خلال نشر العديد من البوستات مرفقاً معها صور الحالتين، وذلك على أمل العثور عليهما، هكذا ظلوا يبحثون عنهما إلى أن تم العثور عليهما تحت كوبري (كوبر)، وكان أن تجمع الشباب المعني بالمبادرة بالقرب من مستشفى (المعلم)، وقام الشباب المتبني للحالتين باصطحابهم جميعاً في سيارة، والتي توجهوا بها مباشرة إلى نيابة حماية الأسرة والطفل لمعرفة الأسباب التي أدت إلى إخلاء سبيل السيدة وطفلها المريضين، فيما تواصل آخرين مع السلطات المختصة لإجراء اللازم، بينما توجه البعض الاخر إلى النيابة العامة في (المقرن) لفتح بلاغ بالواقعة،  إلا أنه تم احتجاز الحالتين لحين إكمال الإجراءات القانونية، والتي تخول منح الإذن أو الخطاب الخاص بتسليم السيدة وطفلها لتلقي العلاج بمصحة الأمراض العقلية والنفسية والمستشفي لابنها، ومثل هذين الحالتين يجب أن تهتم بهما الجهات المنوط بها ذلك، خاصة وأن النظام البائد أغفل هذه الجوانب الإنسانية، مما أفقد البعض من الشعب صفات كانت متأصلة في داخله من واقع الفساد الذي استشري في معظم مفاصل الدولة العميقة.

الأحد، 22 سبتمبر 2019

العريشة صحيفة مستقلة تتنطلق عبر محرك بحث قوقل

انطلقت صحيفة (العريشة) الإخبارية من خلال محرك البحث قوقل منذ شهر ووجدت قبولاً منقطع النظير لما تمتاز به من سرعة في نقل المعلومة، وهي صحيفة مستقلة تعني بالملفات الساخنة، وتبحث عن مستقبل للصحافة الإلكترونية، وذلك في ظل الراهن السياسي، الاقتصادي، والاجتماعي، والانساني الذي يتسم بالأزمات بالغة التعقيد، وبالتالي تقف صحيفة (العريشة) الإخبارية مع الحق اينما كان، وبعيداً عن خطاب الكراهية الذي يستهدف تماسك نسيج المجتمع، ومع هذا وذاك الصحيفة أصلا قائمة على دحض الشائعات المغرضة أو التحريض ضد الشعب.

الخميس، 29 أغسطس 2019

القصة الكاملة لاستشهاد (عبدالسلام كشة) القيادي بتجمع المهنيين









جلس إليه : سراج النعيم
.........
كشف والد الشهيد (عبدالسلام كشة) التفاصيل الكاملة لاستشهاد نجله لحظة فض الاعتصام من أمام ساحة القيادة العامة بالخرطوم، وهو يعتبر من القيادات الشبابية المؤثرة في تجمع المهنيين السودانيين، ورسم في ذات الوقت طريقاً لانخراطه في العمل السياسي، ومشاركته في ثورة ديسمبر المجيدة منذ مهدها الأول.
من هو (عبدالسلام)، وما هي مراحله الدراسية؟
انجبته في ٢٣ يوليو ١٩٩٣م بمستشفي الحصاحيصا، ونشأ نشأته الأولي بالجزيرة، ثم درس مراحله التعليمية الأولي بمدرسة (عبداللطيف الماظ)، وتدرج في دراسته إلى أن التحق بمدرسة (الخرطوم) الثانوية، ومن ثم جلس لامتحان الشهادة السودانية، وأحرز نسبة أكثر من (٦٠٪)، وكان الاتجاه أن يجلس مرة أخرى، إلا أنه رفض الفكرة، وأصر على مواصلة التحصيل الأكاديمي جامعياً، والذي تم على إثره استيعابه في كلية العلوم ـ قسم الفيزياء بجامعة (الدلنج) في العام ٢٠١٠م، والذي صادف انتخابات (أحمد هارون) ضد (عبدالعزيز الحلو)، وبما أن نجلي كان ضمن تنظيم الجبهة الديمقراطية بالجامعة نشط في الانتخابات لصالح (الحلو)، مما سلط عليه الأنظار، وتقارير الأمن الطلابي، الجهاديين والإسلاميين الذين انتبهوا إلى أن هنالك كادراً جديداً في التنظيم، عموماً ابني كان ناشطاً في عدائه للإسلاميين، وهو أمراً ليس وليد اللحظة، بل ورثه من أسرته متمثلة في شخصي الضعيف، (خيلانه) و(أعمامه) المناهضين لسياسات الإسلاميين، لذلك بدأ جهاز الأمن بـ(الدلنج) مضايقته في الداخلية، مما اضطره للإقامة خارجها، إلا أنه أصبح (زبوناً) دائماً بالاستدعاءات والاعتقالات المتكررة، وقبل أن يكمل العام الدراسي تم الزج به في المعتقل (١٤) يوماً، مع التعذيب الشديد، وهو ما اثبتته الأستاذة (آمال الزين) في شهادتها حول السجل الإجرامي لجهاز الأمن ضد (عبدالسلام كشة) في (الدلنج)، مما قاد البعض للتحرك والقيام بوساطات لإطلاق سراحه من المعتقل الذي ظل فيه حوالي الشهرين، وكان آنذاك عمره (١٦) عاماً، ورغماً عن معاناته الكبيرة إلا أنه تم فصله من جامعة (الدلنج) بادعاء الرسوب الأكاديمي، وتواصلت تلك السياسات التعسفية معه حتى بعد انتسابه لكلية الحقوق بجامعة (النيلين)، ومع هذا وذاك استمرت الاستدعاءات والاعتقالات.
ماذا عن فترة التحاقه بجامعة النيلين؟
واصل مسيرته النضالية ضد نظام الرئيس المخلوع (عمر البشير)، مما نتج عنه عدم تخرجه من الجامعة بسبب الملاحقات الشرسة له لما عرف عن نشاطه الثوري وسط طلاب الجامعات، وهو الأمر الذي اكسبه علاقات واسعة وسط المناهضين للنظام (البائد)، فيما أخذت أنشطته طابعاً نضالياً إنسانياً بالانتماء للتنظيمات الشبابية مثلاً (شارع الحوادث)، (نفير) وغيرهما، خاصة وأن أغلب قيادات تجمع المهنيين السودانيين التقوا من خلالها، وجمع بينهم العمل العام والتوجه السياسي.
هل فصل (عبدالسلام) من جامعة النيلين أيضاً؟
لا بل وضعت أمامه معوقات للمسار الأكاديمي، أي أنه ينجح في (سيمستر) ويرسب في آخر، هكذا استخدمت معه تلك السياسة، والتي ظل على إثرها في المستوي الثاني منذ العام ٢٠١٢م، ولم يتجاوز ذلك قيد انملة إلى أن أستشهد، والأغرب في مسيرته الأكاديمية أن وفداً من جامعته برئاسة دكتور (العالم) جاء إلينا بعد استشهاده، وتحدث عنه على أساس أنه طالبهم الذي يعتزون ويفتخرون به، علماً أنه من قيادات حزب المؤتمر الشعبي، وأشاد في كلمته بأخلاقه ونبله، المهم أنه وفي أول احتفال بذكري شهداء سبتمبر قام مع رفقائه بطباعة (بوسترات)، وكلف هو باستلامها من (راشد عباس) صاحب المطبعة، ومن ثم تلصيقها في حوائط الجامعة، وذلك تزامناً مع الاحتفال بذكري الشهداء، والتي تم من خلالها اعتقاله ثلاثة أشهر في (الزنازين)، والسجن الاتحادي (كوبر)، وعندما أطلق سراحه كتبت صحيفة (الميدان) خبراً دون الإشارة إلى اسمه الحقيقي، وحينما تم تكوين اتحاد طلاب النيلين كان هو أساس الفكرة بالتعاون مع أربعة من زملائه، وعندما وصلت (إبريل) مداها بلغ عدد الطلاب المنضوين تحت لواء الاتحاد (٣٥) طالباً، وذلك بشهادة طلاب الجامعة الذين سيروا مواكباً متعددة من الجامعة بمختلف كليتها لمنزل أسرة الشهيد أمتناناً وعرفاناً له.
أين كان (عبدالسلام) في الفترة الأولي للحراك الثوري؟
مما بدأت التظاهرات في ديسمبر كان هو شريكاً أساسياً في الإعداد، طباعة البوسترات، اللافتات، الاعلام، الشعارات وغيرها، فهو من القيادات التي رتبت لذلك، وهنالك بعض المحطات في حياته يذكرها أفراد الأمن جيداً، وذلك من خلال رصدهم له لاعتقاله، وهذا الاتجاه كان النواة الأولي للإعداد للحراك الثوري في الشارع، وذلك بالتعاون مع تجمع المهنيين السودانيين، والذي هو عضواً فيه منذ العام ٢٠١٣م.
أين كان الاعتصام قبل انتقاله إلى أمام القيادة العامة بالخرطوم؟
مقره كان في دار اتحاد خريجي جامعة الخرطوم، وكنا كاسرة إذا أردنا الالتقاء به نذهب إليه هناك، وكان معه مجموعة من أصدقائه، زملائه ورفقاء النضال من مختلف الجامعات بما فيهم من تخرجوا منها، وقد انشئوا (خيمة) أمام داخلية الطالبات (البرس) الحالية حتى عندما بدأ فض الاعتصام كان داخلها منذ موكب ٦ أبريل، وحتى تاريخ فض الاعتصام ٣/٦/٢٠١٩م.
ماذا عن اعتقاله في مظاهرات الكلاكلة اللفة، وتعرضه للحرق في امدرمان بقذيقة (بمبان)؟
هو أصلاً في تنسيقية لجان المقاومة بالخرطوم، لذا كان مراقباً من جهاز الأمن الذي اعتقله في مظاهرات (الكلاكلة اللفة)، ومن ثم أطلق سراحه، ومن ثم تعرض للحريق في بداية الموكب حي (العباسية) بمدينة امدرمان بقذيفة (بمبان) مباشرة.
كيف عرف جهاز الأمن بواقعة الحريق الذي تعرض له؟
من خلال نشره عبر (الفيس بوك)، الأمر الذي اضطرنا إلى إدخاله مستشفي خاص باسم (مستعار)، وتمت فيه الإجراءات الأولية، والتي مكث على ضوئها بالمستشفي ثلاثة أيام، ثم خرج بعدها لاستكمال علاجه في مكان آمن، وبعد أسبوعين كان هنالك موكب (الخميس) الشهير، والذي دائماً ما يمتاز بأنه الرئيسي للحراك الثوري، وفي ذلك اليوم تفاجأنا بغيابه حوالي الساعة الحادية عشر صباحاً، هكذا عاود نشاطه بصورة تلقائية رغماً عن أن جروحه لم تلتئم بعد، أي أنه واصل نضاله الثوري من تنسيقية ولاية الخرطوم، وظل على ذلك النحو إلى أن استقر به المقام أمام القيادة العامة، والتي كان الاعتصام أمامها مذهلاً للعالم أجمع لالتزام الثورة الشبابية بالسلمية إلى أن بلغت هدفها في ٦ إبريل ٢٠١٩م، والاطاحة بالرئيس المخلوع (عمر البشير) من سدة الحكم بعد ثلاثة عقود، وقد نجح هو ورفقائه في إدارة ساحة الاعتصام، وقد صاحبها من أحداث تركت أثرها في النفوس، وبلا شك أبرزها قطار (عطبرة) الشهير، والذي تناقلته وكالات الأنباء، القنوات الفضائية والصحف العالمية، والتي اعتبرته حدثاً تاريخياً، وهذه الخطوات النضالية وجدت إقبالاً جماهيرياً كبيراً، بما في ذلك مشاركة الأسر من الداخل والخارج.
هل كان الشهيد مستقراً في ساحة الاعتصام بصورة دائمه؟
لا بل كان يذهب إليها ثم يأتي للمنزل ما بين الفينة والآخري كلما بلغ به (الإرهاق)، وبالتالي فإن زمنه كان مقسماً ما بين المنزل وساحة الاعتصام، وكثيراً ما يأتي معه البعض من رفقائه باعتبار أن المنزل قريباً من الساحة، وإلى هذه اللحظة هنالك ملابس موجودة داخل المنزل تخصهم، وهذا يوضح طبيعة الارتباط بينهم، وكان كثيراً ما يحضر لأخذ بعض المواد من المنزل إلى ساحة الاعتصام، ودائماً والدته وشقيقه يذهبان إليه بعد أداء صلاة التراويح، ويظل هذا التواصل حتى ساعات الصباح الأولي.
ماذا عن يوم فض الاعتصام من أمام القيادة العامة؟
كان هنالك أرهاصات تدور حول فض الاعتصام، وأن كان الفض في حقيقته بدأ من الثامن من شهر رمضان، واتضح ذلك من خلال محاولة قوات هيئة العمليات التابعة لجهاز الأمن، والاعتصام نسبة إلى أنه كان مسبباً ضغطاً للسلطات التي لم يكن بحجم ثورة الشارع السوداني، مما سبب كثير من الإحباط للثوار الذين اعتزلوا العمل السياسي، واعتكفوا في منازلهم، بالإضافة إلى أنهم توقفوا عن مزاولة عملهم المعتاد، والذي يعولون منه أسرهم، ورغماً عن ذلك فهي خطوة في سبيل الديمقراطية، وأن شاء الله سنة انتقالية وتعدي.
ماذا عن استشهاد (عبدالسلام) في ساحة الاعتصام؟
محاولات فض الاعتصام كانت كثيرة، وبما أن المنز قريباً من الساحة وكنا نسمع أصوات الرصاص بصورة مشتته، ولكن في ٣/٦/٢٠١٩م كان عنيفاً، إذ إنني استيقظت من النوم على صوت إطلاق الرصاص المكثف، وبدون ما أشعر وجدت نفسي في (ترس) المحكمة الدستورية حوالى الساعة الخامسة فشاهدت القوات تطوق ساحة الاعتصام، إذ أنه كان ممنوعاً الدخول، إلا أن الخروج مسموحاً به، وكان هنالك شباب يخرجون من الساحة، وفي تلك الأثناء تجمعنا عدداً كبيراً من أسر شباب الاعتصام، مما سبب مضايقة لقوات الفض، والذين طلبوا منا الابتعاد، إلا أننا لم نفعل إلى أن بدأ خروج بعض المصابين من خلال بوابة حوالي الساعة السادسة صباحاً، فكان أن إسعفناهم إلى مستشفي (فضيل)، ومن هاك وجدت نفسي قريباً من المنزل، فقلت في قرارة نفسي يجب أن أعود إليه لمعرفة ما الذي يجري فيه، وكان أن وجدت أسرتي بأكملها في الشارع، ويبدو عليهم الانزعاج الشديد، لذا كان واضحاً بأن ما جري في ساحة الاعتصام هو الفض النهائي له، إذ أن صوت الزخيرة ظل مسموعاً لنا حتى الساعة الثامنة مساءً، أي على مدار ساعتين كان هنالك إطلاق رصاص بشكل مكثف، وأصبحت الشوارع مكتظة بالثوار الذين شاهدتهم في شارع (السيد عبدالرحمن)، وإلى تلك اللحظة لم أتصفح (الفيس بوك)، إلا إنني بدأت أتلقي المكالمات الهاتفية تلو الاخري حوالي الساعة الثامنة والنصف مساءً، وتطرح على الأسئلة المتمثلة في هل (عبدالسلام) كان نائماً في المنزل، وهل تواصلتم معه وغيرها؟، ومن هنا تأكدت أن نجلي أستشهد، ومن أشرت لهم تأكد لديهم الخبر إلا أنهم يودون معرفة هل عرفت أم لا، عموماً ظهرت صورته بـ(الفيس بوك) من خلال نعي رفقاه له، ثم تأكدت أكثر من جهتين أثق فيهما تماماً، وهما بدورهما أكدا لي الوفاة، وأن الجثمان في مستشفي المعلم، وكان توجهت إلى هناك عبر (ترس) المحكمة الدستورية من خلال شارع (البلدية)، وشاهدت أثناء سير العربة مناظراً مؤسفة حقاً، وذلك على امتداد الشارع سالف الذكر، لم ينتبهوا إلى أن هنالك عربة تمضي في هذا الإتجاه، المهم أن أفراداً من قوات فض الاعتصام سألتني من أين آتيت؟ فقلت : من منزلي، ثم أردفوا إلى أين ذاهب؟ قلت : مستشفي المعلم، ومن ثم أصروا على أن أقابل الضابط، والذي وجدته وسط ذلك الركام ومعه ثلاثة برتبة نقيب، وكان أن وجهوا لي بعض الكلمات غير المحببة للنفس، ومن ثم قال : ربنا يتقبله، ثم سمح لي بالسير بعد تقييم الحالة، المهم إنني مضيت في طريقي الذي مررت من خلاله بشارع داخلية (البركس)، والتي أتضح لي فيما بعد أنها كانت معتقلاً، وتم فيها ما تم، ولكن لا أريد أن أعيد ذكري أليمة لبعض الناس الذين كانوا محتجزين فيها، وفي مستشفي المعلم وجدت طبيباً قلت له إنا (كشة) ما أن طرق اسمي أذنه إلا ورفع يده و(شال معي الفاتحة)، عندها أصبحت المسألة واضحة للجميع، وقالوا لا نسلم الجثامين هنا، بل علينا الذهاب إلى مشرحة (بشائر) بالخرطوم، إما المشوار من المستشفي إلى المشرحة فهذا موضوعاً ثانياً، إذ أن الشوارع كانت (مترسة) منذ منتصف النهار حيث أن ثوار (البراري) مترسين شوارعهم، ولا تستطيع المرور عبرها بشكل سهل، وعندما وصلت جامعة أفريقيا العالمية كانت الساعة الثانية ظهراً، ولم تكن هنالك قوات عسكرية بالشارع الشرقي من شارع (عبيد ختم) حتى شارع (جامعة أفريقيا)، بل كان هنالك ثوار، وفي شارع جامعة أفريقيا كانت معي والدته، وأثناء ذلك اتصل بي أحد الأصدقاء، فقلت له الوضع بالنسبة لنا صعباً جداً، فإن وزوجتي غير قادرين على العودة للمنزل أو الوصول إلى مشرحة (بشائر)، بالإضافة إلى أن النيران كانت مشتعلة، لذا أرجو منك أن تأتي لإعادة والدة الشهيد عبدالسلام للمنزل خاصة وأنه مقيماً في (امتداد ناصر)، إلا أنه تعذر وصوله إلينا، فما كان أمامي حلاً سوي أن أواصل سيري إلى مشرحة (بشائر)، ومن ثم لحق بنا بعض الأهل، وواحداً منهم قام بإعادة العوائل إلى المنزل، والذي بدأ الناس يتجمهرون فيه ، مما أثار حفيظة القوات التي كانت تمشط في منطقة الخرطوم شرق حتى شارع القصر الجمهوري، وكان أن أطلقوا زخيرة داخل منزلي بحجة أن أحد المعتصمين دخل إليه، وهو مربي شعره ويودون حلاقته له، إلا أن من تجمعوا أمام المنزل منعوهم من ذلك، وأكدوا لهم أن داخل هذا المنزل عوائل، والناس بدأت تتصل على ويؤكدون أنهم تعرضوا لإطلاق أعيرة نارية، مما جعل حياتنا معرضة للخطر، ولم يكن في مقدوري تحديد زمن لاستلام جثمان الشهيد عبدالسلام كشة، وعليه لا استطيع تحديد موعداً للدفن، وعندما تم تسليمنا الجثمان كانت الساعة الثانية عشر مساءً، وعندما وصلنا المنزل كانت الساحة الواحدة من صباح اليوم التالى ...

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...