الأحد، 21 أبريل 2019
البروفيسور الاقتصادي (هجانة) يحذر من خطورة الأحتفاظ بـ(الأموال) خارج البنوك
.......................
طالب السودانيين بوضع الثقة في ثورة الشباب والتضامن مع المجلس العسكري الانتقالي
.....................
إيداع الجنيه بـ(المصارف) يقضي على (الفساد) في البلاد بعد خلع نظام (عمر البشير)
....................
التقاه : سراج النعيم
......................
حذر المستشار والخبير الاقتصادي البروفيسور محجوب هجانة من مغبة الاحتفاظ بالأموال خارج البنوك، قائلاً : تعد البنوك والمصارف المكان الطبيعي والمناسب للاحتفاظ بـ(الأموال)، وإدارتها في حسابات مصرفية تمكن أصحابها من الحصول على كافة الخدمات المصرفية حيث تعتبر السيولة من أهم المؤثرات للاقتصاد، لذا فإن أي تراجع للسيولة سيؤثر سلباً على الحركة الاقتصادية، وذلك في ظل فقدان الثقة في النظام المصرفي، وهو الذي دفع المواطنين وأصحاب الاعمال والشركات والمؤسسات والأفراد للعزوف من إيداع أموالهم في البنوك، وبالتالي على المصارف أن ترتقي بخدماتها وتوفر ما يطلبه العملاء، وذلك بدون جهد ومكابدة إذا أرادت تعظيم أرباحها، فضلاً عن أن القانون يحمي الودائع ويضمنها، ولا قيد على حرية المودعين، شرطاً ضرورياً ومطلباً وطنياً معني به الجميع، وستظل المصارف والبنوك المكان الطبيعي والمناسب للاحتفاظ بالأموال بصرف النظر عن الدوافع التي أدت بأصحابها لسحبها فانهيار قيمة الجنية أو تدهور قيمته في السوق السوداء يعني خسائر محققة لقطاع الأعمال، بل قد يصل الوضع إلى إفلاس بعض الشركات وضياع مدخرات المواطنين، وذلك في ظل الوضع الاقتصادي المتردي والمنهار، وعليه فإن سياسات بنك السودان تضررت، وسمعة البنوك أيضاً، وبالتالي لا يمكن التكهن بقدرة البنوك على علاجه، فما حدث مؤخراً من نقص السيولة وحرمان الناس من أموالهم شكل مؤشراً سلبياً على مجمل الصناعة المصرفية في السودان، وأضر بثقة الناس في البنوك .
وأضاف : إن إيداع الأموال بالمصارف يعتبر واجب وطني، ومسؤولية أخلاقية اذا كنا نهتم بهذا الوطن، ونحرص على استقراره والخروج بالاقتصاد من حالة (الانكماش) خاصة وأن التربح من وراء الأزمة يعتبر عمل غير أخلاقي ابداً، والتاجر أو رجل الأعمال أو المواطن الذى يحتفظ بكميات من المال فى خزائنه أو بيته أو عمله ولا يهتم بالمحافظة على هذه الأموال كمخزن للقيمة ووسيلة للتبادل؟ فان هذه الأموال تتآكل اقتصادياً وتفقد قيمتها بفعل التضخم نتيجة لعدم توظيفها والاستفادة منها ضمن دورة النشاط الاقتصادي، وعليه أضحت الفرصة سانحة لمن يريد أن يفتح اعتمادات لاستيراد السلع لغرض المتاجرة وتحقيق أرباح مشروعة، وتنفيذ المشاريع والبرامج التنموية، وهناك مصلحة عامة من وراء رجوع السيولة النقدية للمصارف، وعلاج مشكلة السيولة (أولاً) ودعم قيمة الجنية (ثانياً)، خاصة في ظل الأزمة الحالية، والتي ينبغي أن لا يكون المردود المادي المباشر رغم أهميته هو المحفز الوحيد لإيداع الأموال بالمصارف .
وأردف البروفيسور هجانة : ينبغي أن ندرك خطورة الاحتفاظ بالأموال خارج القطاع المصرفى، والمتمثل في دعمه لما يعرف بـ(القطاع الاقتصادي غير الرسمي)، والذى يشكل تشوهاً وعبأً على الاقتصاد الوطني، ويعتبر مظهراً من مظاهر التخلف الاقتصادي، وقد يرى البعض أن هذا الطلب أو هذا النداء عاطفي ولا يتجاوز كونه نوع من الاقناع الأدبي (moral persuasion ) إلا أن الحقيقة هي أن هذا النداء يكمن وراءه خلفيات وحقائق اقتصادية بحتة، وكثيراً ما تلتجىء اليه المصارف فى سياق معالجة الأزمات الاقتصادية، وبالتأكيد هو ايسر السبل لمعالجة مشكلة السيولة، ودعم قيمة الجنيه السوداني، بل أن الاقناع الأدبي يعتبر أحد وسائل السياسة النقدية المعروفة في الاقتصاد، ففى أوقات ألازمة الاقتصادية يصبح التعاون بين القطاع الخاص والحكومة من جهة والمصارف التجارية من جهة آخرى.
وتابع : إن إيداع الجنيه بالمصارف يؤدي إلي إنتهاء الكثير من التشوهات مثل الهامش بين سعر الشراء (نقداً) وسعر الشراء بـ(الصكوك)، هذه الظاهرة اللأخلاقية دخيلة على السوق السوداني، وقد انهكت ذوي الدخل المحدود، والقضاء عليها يرجع الأمور إلي نصابها الصحيح، وفى ذلك مصلحة كبيرة للجميع، وعليه فإن إيداع الجنيه بـ(المصارف) يؤدى إلي القضاء على (الفساد) المصاحب لطلب السيولة بعد خلع نظام (البشير)، وعليه فإنه يفعل دور البطاقات الإلكترونية، ويعيد للمصارف وظيفتها وحيويتها ودورها في الوساطة المالية، ويدعم الاقتصاد الوطنى، فهو من جهة يرشد الطلب الاستهلاكي على السلع والخدمات، وينمي المدخرات وتعبئة الموارد لغرض الاستثمار من جهة اخرى، والسبيل إلي تفادي ذلك بإيداع الجنيه في (المصارف) وننبه إلي أن التفاعل (الإيجابي) لرجال الأعمال ورواد القطاع الخاص مع السياسات الاقتصادية هو الكفيل بتحقيق تلك السياسات وأهدافها، وهذا هو مضمون ما يعرف بالاقتصاد الأخلاقى ( moral economy ) .
وأشار البروفيسور هجانة إلي أن تراجع مستويات الثقة بين أطراف العملية المصرفية يعتبر العامل الأول وراء تدني مساهمة البنوك في القطاع الاقتصادي والمساعدة على تمويل المؤسسات الاستثمارية لتطوير النسيج الصناعي خاصة، مطالبة بمراجعة الاستراتيجية العامة للعمل البنكي، وذلك تحقيقاً للأهداف المرتبطة برفع مستوى الثقة المتبادلة بين البنك والزبائن لتوسيع مساحة المخاطرة لدى المصارف ضمن ما تسمح به الأنظمة السارية المفعول، وقبول التجار استخدام البطاقات الإلكترونية يقلل من الاحتفاظ بـ(السيولة النقدية)، ويخفف من الطبيعة النقدية التى يعاني منها الاقتصاد (cash economy ).
واستطرد : على رجال الأعمال والأفراد الوعي بأن هناك تكلفة للاحتفاظ بالعملة خارج المصارف، مالم يتم توجيهها لأغراض الاستثمار، وذلك في حال ارتفاع ما يعرف بمعدل الكفاءة الحدية لرأس المال، كما ينبغى أن يدرك الجميع أن الاحتفاظ بـ(الجنيه) فى شكل سيولة نقدية لأغراض المضاربة هو عمل غير مشروع ويهدد قيمته، ويعرض السياسات الاقتصادية الموجهة لعلاج الأزمة لاحتمالات الفشل، كما أن طريق المضاربة بـ(العملة) مسدود وتكتنفه مخاطر أكبر بكثير من مخاطر العمل من خلال القطاع المصرفي، ومن المهم إلا يغيب عن أذهان من يحتفظون بـ(الملايين) بمنازلهم وخزائنهم ويمتنعون عن إيداعها بـ(المصارف) لمختلف الأسباب أنها مهددة بالعديد من المخاطر ويترتب عليها مشاكل للقطاع المصرفى خاصة والاقتصاد الوطني بصفة عامة، فضلاً عن احتمالات الاشتباه فى غسل الأموال، مما ينعكس سلباً على رجال الأعمال والتجار أنفسهم، وعلى النشاط الاقتصادي برمته.
واسترسل البروفيسور هجانة : أصبحنا نعيش فى زمن تعصف به الأزمات الاقتصادية المفتعلة والحتمية حتى صار الاقتصاد سيئاً بسبب السياسة (الرعناء) والنظام الفاسد، وبالرغم من أن السياسة والاقتصاد ينحدران من منهل واحد، إلا أن طغيان أياً منهما على الآخر أو وضعهما فى موضع التنافس أو إغفال ما يمكن أن تقدمه السياسة لخدمة الاقتصاد والخروج به من براثن ألازمات يعود إلى تعصبهم وتشبثهم بآرائهم ومواقفهم من جهة، واستغلال الجاه والسلطان فى الإثراء والكسب المشروع وغير المشروع من جهة آخرى، وعليه تكون النتيجة (فساد) يقود إلي عجز السياسات الاقتصادية عن تحقيق أهدافها وبالتالي قصور الدولة ممثلة فى الحكومة التي لا تستطيع القيام بواجباتها تجاه الشعب، مما يؤدي إلي الإخلال بالعقد الاجتماعى الذى ينظم العلاقة بين الشعب والحكومة، أيضاً ظاهرة هروب رؤوس الأموال إلي دول الجوار ربما ترتبط بضعف الثقة في القطاع المصرفي السوداني، وذلك بسبب عدم قدرته على التعامل مع منظومة الصيرفة الدولية من واقع العقوبات الاقتصادية الأمريكية، فبنوك دول الجوار تتميز بمنح تسهيلات كبيرة مع القدرة على التعامل مع القطاع المصرفي العالمي دون مشاكل.
وذكر : إن ما تسببت فيه إجراءات الحكومة كان خصماً على مجمل العمل المصرفي، وساهم في زيادة أجواء عدم الثقة بين (العملاء) و(البنوك)، وتلوح في الأفق نذر موجة سحب للودائع والأموال من البنوك في ظل وجود سبب قائم ومستمر إلا وهو تدهور قيمة الجنيه، وهذا السحب الجماعي للودائع سوف يتسبب في انهيار البنوك، ونسأل كيف ستتم معالجة هذه الأزمة والخروج منها؟.
وأوضح هجانة : يعتبر الإحتياطى النقدى الأجنبى لأى دولة هو المقياس الأساسى لإستقرار الدولة حيث تساهم فى توفير بيئة إقتصادية مناسبة للنمو، وبالتالى يساعد فى جذب الإستثمارات الخارجية، وتدفق رؤوس الأموال إليها، كما أنه وسيلة حماية قوية للعملة المحلية للدولة، إلي جانب إعطاء الثقة للبنك المركزى، والتروى فى اتخاذ قراراته بشأن سياسته النقدية.
وشدد البروفيسور هجانة لموجهة ممثلي المؤسسات البنكية على المراحل العملية لاستعادة الثقة مرة آخري، اعتماداً على منهجية الاستماع المستمر للتعرف على رغباتهم، وإعلام العملاء والتواصل معهم، وتقييم مستوى الرضا، وتسطير منهجية العمل أو تحديد العروض البنكية بناءً على كل هذه المعطيات، وأشار إلي أهمية التعامل مع العملاء حسب نوعية العرض وطبيعة الزبون، فإن عدد (البنوك) و(المؤسسات) المالية الناشطة لا يشكل التحدي الأكبر، وذلك من منطلق أن المصارف الموجودة حالياً يمكن لها تغطية طلبات السوق إذا تم تجاوز إشكالية الضمانات للمخاطرة، والمشاركة أكثر في المجالات الاقتصادية.
وأكد على أهمية العمل على توفير متطلبات النهوض بالقطاعين الزراعي والصناعي، باعتبارهما قاطرة النمو، وذلك لمعالجة المشكلة الإقتصادية التي تمثل أساس التغيير مقترحاً بضرورة العمل على بناء استراتيجية اقتصادية واضحة المعالم تسهم في خلق التوافق والانسجام والتناسق بين الإجراءات السياسية والمالية والنقدية.
وناشد هجانة جميع السودانيين العاملين بالخارج بإيداع أموالهم وتحويلها مرة أخرى، وعدم اللجوء للسوق الموازي، كما كان يحدث فى السابق، وذلك بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة، وعلى المغتربين والمستثمرين وضع خطط سليمة لتدعم الاقتصاد السوداني في ظل التحول السياسي الجديد، وعليهم وضع الثقة الكاملة في الثورة، والتضامن مع المجلس الانتقالي.
وطالب بوضع سياسات وضوابط لتنظيم النقد الأجنبي، وضبط صرفه حسب القوانين والأولويات عبر المصارف، مؤكداً أهمية دور المغتربين فى الفترة القادمة، وحل مشكلات الاقتصاد خلال تحويلاتهم لرفد الخزينة العامة والحكومة الجديدة، على أن يصاحب ذلك إصلاح عاجل فى السياسات النقدية والنظام المصرفي، والتي تسببت في المشكلات الحالية وهذا يؤدي لاستمرار واستقرار سعر الصرف، ويشجع المغتربين من خلال منحهم الامتيازات المحفزة على وضع مدخراتهم بالمصارف السودانية، وذلك من أجل إصلاح الاقتصاد السوداني، وهذا ما طلبنا به في عهد الفساد السابق.
سراج النعيم يكتب لو كانت دولة الظلم (ساعة) فإن دولة العدل إلي قيام (الساعة)
.......................................
من المؤكد أن (الخوف) جزء أصيل من إنسانيتنا التي تبحث عن (العدل) و(الإنصاف) في الحياة، وذلك منذ أن خلق الله السموات والأرض، فالخوف قابعاً في دواخلنا عموماً، ولا يمكن التخلص منه لارتباطه الوثيق بـ(اﻟﻈﻠﻢ)، ومن الشواهد الدالة عليه، هو ﺧﻮﻑ (ﺃﺑﻠﻴﺲ) ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺨﻼﻑ سيدنا آﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، وصرﺍﻉ (ﻗﺎﺑﻴﻞ) ﻭ(ﻫﺎﺑﻴﻞ)، وغيرها من القصص الداعية في كثير من الأحيان لـ(التمرد) على ذلك، والبحث الدءوب عن (العدالة)، وذلك من واقع أن البعض يعيثون (فساداً) ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، ويسعون لحماية أنفسهم من (العقاب) في الدنيا، في حين أنهم ينسون (عقاب) الآخرة، والذي ينتظرهم إن طال الزمن أو قصر، لذا لا تخافوهم لقوله سبحانه وتعالي : (ﻓﻼ ﺗﺨﺎﻓﻮﻫﻢ ﻭﺧﺎﻓﻮﻥِ ﺇﻥ ﻛﻨﺘﻢ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ)، لذلك يظل خوف البشر من (الظلم) متجزراً في الدواخل خاصة فيما يتصل بـ(ﺍﻟﺮﺯﻕ) بالرغم من أنه ﺑﻴﺪ الله وحده لقوله : (ﻟﻦ ﺗﻤﻮﺕَ ﻧﻔﺲ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻮﻓﻲ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﻭﺭﺯﻗﻬﺎ).
إن (ﺍﻟﺨﻮﻑ) من (ﺍﻟﻈﻠﻢ) قائماً في الحياة إلى قيام (الساعة)، وبالتالي يتطلب منا الاتعاظ، وأخذ الدروس والعبر من القصص التاريخية التي تضج بـ(الطغيان) أو (الاستبداد) أو (التجبر) ضد المستضعفين في الأرض، وهي صفات يجب أن نتخلي عنها حتى لا نكون مثل (فرعون) و(حاشيته) الذين أصبحوا مضرب مثل، وينطبق عليهم قول ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صل ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : (ﺳﺒﻌﺔ ﻳﻈﻠﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ في ظله ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻳﻮﻡ ﻻ ﻇﻞ ﺇﻻ ﻇﻠﻪ ﻭﺫﻛﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﺭﺟﻞ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻨﺪ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺟﺎﺋﺮ)، وبالتالي فإن (اﻟﺨﻮﻑ) من (ﺍﻟﻈﻠﻢ) لا يستمر طويلاً طالما أن هنالك من يقف ضده، وينتصر عليه بالحق، ولو كانت دولة الظلم (ساعة)، فإن دولة العدل إلى أن تقوم (الساعة)، لقوله سبحانه وتعالي : (ﻛﻢ ﻣﻦ ﻓﺌﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻏﻠﺒﺖ ﻓﺌﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ).
إن (الخوف) من (ﺍﻟﻈﻠﻢ) مشهوداً وملموساً في كل العالم، لذلك يلازم الإنسان في حله وترحاله، وهو أحساساً قاسياً، فلا يدع للإنسان فرصة للتفاؤل بما ينتظره في (الغد) لخوفه الممزوج بـ(القلق)، والذي دائماً ما يفرزه عدم الشعور بـ(الأمان)، أو (الطمأنينة) لما يسفر عنه (المستقبل)، لذا على الناس أن يدركوا تماماً أن الله يغمرهم برعايته وأمنه، ويحفظهم مما يخافون منه ويشملهم بنصره، فهمها تعرضوا لـ(الظلم)، فإنه سيأتي يوماً يسود فيه (العدل)، لقوله سبحانه وتعالي : (أنا عند حسن ظن عبدي بي)، وعليه فأننا لا نظن فيك إلا كل خير، فأنت الخالق ومسير الأمور بكل تصاريفها، فيا ﻣﻐﻴﺚ المغيثين ﺍغثنا، اغثنا واحرسنا في ﺩيننا ﻭأهلنا ﻭﻣﺎلنا وعرضنا، فأننا نلجأ إليك يا من ﻻ تموت، ﻭنستمسك ﺑﻌﺮﻭتك ﺍﻟﻮﺛﻘﻲ، ﻭنعتصم بك ﻭنتوكل عليك، ﻭنفوض أﻣﺮنا لك (ﻻ إله إلا الله نتخذه ﻭﻛﻴﻼً)، وعليك نرمي همومنا.
ومن هنا يجب أن لا يحمل الإنسان هماً لـ(الماضي)، وأن لا يفكر في كيفية (الحاضر) بصورة متشائمة، وهو ما الحظ أنه يأخذ حيزاً كبيراً في دواخل الناس ربما للظروف الاقتصادية (القاهرة)، وهي ظروفاً لم تدع له مساحة للنظر نحو (المستقبل)، والذي يخبىء مصير مجهول، وكلما أشرقت شمس صباح جديد يكون الإنسان (جزعاً) من الإصابة بـ(المرض) لعدم امتلاكه مالاً يستشفي به، ومع هذا وذاك يكون (حذراً) كلما تقدمت به السنين، ومن ثم (وجلاً) من (الموت) رغماً عن أنه سبيل الأولين والأخرين.
وبالرغم مما أشرت له، فإن الإنسان المؤمن بالله لا يخاف من (الفقر) أو (الإذلال) أو (القهر) أو (الظلم) أو (الضرر)، طالما أن المولي عز وجل يحفظه ويغنيه، لذا يجب أن لا ينحصر جل تفكيره في الضيق، الهم، النكد، الغم، الحزن، والمرارات لأن المولي عز وجل يؤنسه ويكفيه شرهم.
كلما تأملت واقعنا ومستقبلنا المظلم وجدت نفسي مرغماً على البكاء، نعم أفعل إلى أن تجف دموعي وينضب معينها، فـ(المستقبل) الذي اتلمسه مستقبلاً مظلماً لا ملجأ فيه ولا منجى منه إلا بالعودة إلى الله، فإذا اتجهنا إليه فإنه سيصرف عنا أي بلاء، فما تمسكت أمة من الأمم بحبل الله واعتصمت به إلا وجعل لها فرجاً ومخرجاً، لقوله سبحانه وتعالي : (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، وهذا يؤكد أن خالق الخوف من الظلم، هو من يجبر الظالم على التراجع عن ظلمه والاستقامة على نهجه : (إن الله يأمر بالعدل)، فاغتنموا هذه الفرصة قبل فوات الآوان، لذا هيا بنا جميعاً لنستقيم ونتخلى عن مظاهر (الباطل) و(السوء)، ونرجع إلى الله بصدق، ونطهر ألسنتنا فلا ننطق إلا بما يرضي الله وأن نقتدي برسول الله صل الله عليه وسلم، فهو أستاذ الحكمة ومعلمها الذي قال : (والذي نفس محمد بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا)، لأن الجنة لا يدخلها إلا الأتقياء الأطهار، وأقسم الرسول صل الله عليه وسلم ألا يدخل العبد الجنة إلا إذا آمن، ثم قال : (ولن تؤمنوا حتى تحابوا)، فعلق دخول الجنة على حب الاخ لاخيه، فهيا لننبذ الخوف من الظلم، ونتحابب ونتكاتف ونتعاضد ونتعاون من أجل صناعة مستقبل خال من الأحزان، الجراح، الالآم، والمرارات.
من المؤكد أن (الخوف) جزء أصيل من إنسانيتنا التي تبحث عن (العدل) و(الإنصاف) في الحياة، وذلك منذ أن خلق الله السموات والأرض، فالخوف قابعاً في دواخلنا عموماً، ولا يمكن التخلص منه لارتباطه الوثيق بـ(اﻟﻈﻠﻢ)، ومن الشواهد الدالة عليه، هو ﺧﻮﻑ (ﺃﺑﻠﻴﺲ) ﻣﻦ ﺍﺳﺘﺨﻼﻑ سيدنا آﺩﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، وصرﺍﻉ (ﻗﺎﺑﻴﻞ) ﻭ(ﻫﺎﺑﻴﻞ)، وغيرها من القصص الداعية في كثير من الأحيان لـ(التمرد) على ذلك، والبحث الدءوب عن (العدالة)، وذلك من واقع أن البعض يعيثون (فساداً) ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺽ، ويسعون لحماية أنفسهم من (العقاب) في الدنيا، في حين أنهم ينسون (عقاب) الآخرة، والذي ينتظرهم إن طال الزمن أو قصر، لذا لا تخافوهم لقوله سبحانه وتعالي : (ﻓﻼ ﺗﺨﺎﻓﻮﻫﻢ ﻭﺧﺎﻓﻮﻥِ ﺇﻥ ﻛﻨﺘﻢ ﻣﺆﻣﻨﻴﻦ)، لذلك يظل خوف البشر من (الظلم) متجزراً في الدواخل خاصة فيما يتصل بـ(ﺍﻟﺮﺯﻕ) بالرغم من أنه ﺑﻴﺪ الله وحده لقوله : (ﻟﻦ ﺗﻤﻮﺕَ ﻧﻔﺲ ﺣﺘﻰ ﺗﺴﺘﻮﻓﻲ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﻭﺭﺯﻗﻬﺎ).
إن (ﺍﻟﺨﻮﻑ) من (ﺍﻟﻈﻠﻢ) قائماً في الحياة إلى قيام (الساعة)، وبالتالي يتطلب منا الاتعاظ، وأخذ الدروس والعبر من القصص التاريخية التي تضج بـ(الطغيان) أو (الاستبداد) أو (التجبر) ضد المستضعفين في الأرض، وهي صفات يجب أن نتخلي عنها حتى لا نكون مثل (فرعون) و(حاشيته) الذين أصبحوا مضرب مثل، وينطبق عليهم قول ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ صل ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ : (ﺳﺒﻌﺔ ﻳﻈﻠﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ في ظله ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻳﻮﻡ ﻻ ﻇﻞ ﺇﻻ ﻇﻠﻪ ﻭﺫﻛﺮ ﻣﻨﻬﻢ ﺭﺟﻞ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﻖ ﻋﻨﺪ ﺳﻠﻄﺎﻥ ﺟﺎﺋﺮ)، وبالتالي فإن (اﻟﺨﻮﻑ) من (ﺍﻟﻈﻠﻢ) لا يستمر طويلاً طالما أن هنالك من يقف ضده، وينتصر عليه بالحق، ولو كانت دولة الظلم (ساعة)، فإن دولة العدل إلى أن تقوم (الساعة)، لقوله سبحانه وتعالي : (ﻛﻢ ﻣﻦ ﻓﺌﺔ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻏﻠﺒﺖ ﻓﺌﺔ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺑﺈﺫﻥ ﺍﻟﻠﻪ).
إن (الخوف) من (ﺍﻟﻈﻠﻢ) مشهوداً وملموساً في كل العالم، لذلك يلازم الإنسان في حله وترحاله، وهو أحساساً قاسياً، فلا يدع للإنسان فرصة للتفاؤل بما ينتظره في (الغد) لخوفه الممزوج بـ(القلق)، والذي دائماً ما يفرزه عدم الشعور بـ(الأمان)، أو (الطمأنينة) لما يسفر عنه (المستقبل)، لذا على الناس أن يدركوا تماماً أن الله يغمرهم برعايته وأمنه، ويحفظهم مما يخافون منه ويشملهم بنصره، فهمها تعرضوا لـ(الظلم)، فإنه سيأتي يوماً يسود فيه (العدل)، لقوله سبحانه وتعالي : (أنا عند حسن ظن عبدي بي)، وعليه فأننا لا نظن فيك إلا كل خير، فأنت الخالق ومسير الأمور بكل تصاريفها، فيا ﻣﻐﻴﺚ المغيثين ﺍغثنا، اغثنا واحرسنا في ﺩيننا ﻭأهلنا ﻭﻣﺎلنا وعرضنا، فأننا نلجأ إليك يا من ﻻ تموت، ﻭنستمسك ﺑﻌﺮﻭتك ﺍﻟﻮﺛﻘﻲ، ﻭنعتصم بك ﻭنتوكل عليك، ﻭنفوض أﻣﺮنا لك (ﻻ إله إلا الله نتخذه ﻭﻛﻴﻼً)، وعليك نرمي همومنا.
ومن هنا يجب أن لا يحمل الإنسان هماً لـ(الماضي)، وأن لا يفكر في كيفية (الحاضر) بصورة متشائمة، وهو ما الحظ أنه يأخذ حيزاً كبيراً في دواخل الناس ربما للظروف الاقتصادية (القاهرة)، وهي ظروفاً لم تدع له مساحة للنظر نحو (المستقبل)، والذي يخبىء مصير مجهول، وكلما أشرقت شمس صباح جديد يكون الإنسان (جزعاً) من الإصابة بـ(المرض) لعدم امتلاكه مالاً يستشفي به، ومع هذا وذاك يكون (حذراً) كلما تقدمت به السنين، ومن ثم (وجلاً) من (الموت) رغماً عن أنه سبيل الأولين والأخرين.
وبالرغم مما أشرت له، فإن الإنسان المؤمن بالله لا يخاف من (الفقر) أو (الإذلال) أو (القهر) أو (الظلم) أو (الضرر)، طالما أن المولي عز وجل يحفظه ويغنيه، لذا يجب أن لا ينحصر جل تفكيره في الضيق، الهم، النكد، الغم، الحزن، والمرارات لأن المولي عز وجل يؤنسه ويكفيه شرهم.
كلما تأملت واقعنا ومستقبلنا المظلم وجدت نفسي مرغماً على البكاء، نعم أفعل إلى أن تجف دموعي وينضب معينها، فـ(المستقبل) الذي اتلمسه مستقبلاً مظلماً لا ملجأ فيه ولا منجى منه إلا بالعودة إلى الله، فإذا اتجهنا إليه فإنه سيصرف عنا أي بلاء، فما تمسكت أمة من الأمم بحبل الله واعتصمت به إلا وجعل لها فرجاً ومخرجاً، لقوله سبحانه وتعالي : (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، وهذا يؤكد أن خالق الخوف من الظلم، هو من يجبر الظالم على التراجع عن ظلمه والاستقامة على نهجه : (إن الله يأمر بالعدل)، فاغتنموا هذه الفرصة قبل فوات الآوان، لذا هيا بنا جميعاً لنستقيم ونتخلى عن مظاهر (الباطل) و(السوء)، ونرجع إلى الله بصدق، ونطهر ألسنتنا فلا ننطق إلا بما يرضي الله وأن نقتدي برسول الله صل الله عليه وسلم، فهو أستاذ الحكمة ومعلمها الذي قال : (والذي نفس محمد بيده لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا)، لأن الجنة لا يدخلها إلا الأتقياء الأطهار، وأقسم الرسول صل الله عليه وسلم ألا يدخل العبد الجنة إلا إذا آمن، ثم قال : (ولن تؤمنوا حتى تحابوا)، فعلق دخول الجنة على حب الاخ لاخيه، فهيا لننبذ الخوف من الظلم، ونتحابب ونتكاتف ونتعاضد ونتعاون من أجل صناعة مستقبل خال من الأحزان، الجراح، الالآم، والمرارات.
سراج النعيم يكتب : عطبرة مدينة الصمود والثورة
.....................
ما يجري في الراهن السوداني أمراً طبيعياً بعد أن تم خلع نظام (القهر)، (الذل)، (الكبت)، (الطغيان)، و(الديكتاتورية) الذي كان يمارسه الرئيس المعزول (عمر البشير)، ومن شاركوه حكم البلاد في الفترة الماضية، وظلوا يفعلون ذلك على كافة الأصعدة والمستويات دون أن يأبهوا بما يمكن أن يسفر عنه الإحساس بـ(الظلم)، وقطعاً هو الذي ولد ثورة شبابية لا تعرف التثاؤب أو الركون للعنف الذي استخدم ضدها، هكذا انطلقت شرارتها الأولي من مدينة الصمود (عطبرة)، فهي من المدن السودانية المتمردة على الانظمة (الديكتاتورية)، وذلك على مر تاريخ السودان القديم والحديث، نعم ظلت مدينة (عطبرة) تفعل منذ العام ١٩٥٦م، ولا سيما أنها وقفت في وجه الأنظمة (الديكتاتورية)، وعلى رأسها نظام المخلوع (عمر البشير)، وهذا الديدن جعل أهلها يستشعرون مالآت خطورة الأوضاع المذرية في البلاد، والقائدة له نحو الانهيار التام، وعليه لم يكن بوسعهم الصبر أكثر مما صبروا على نظام الحكم (المخلوع)، وهم يومئون إيماناً تاماً بأن أي نظام قمعي لا يتورع من فعل أي شئ للبقاء في السلطة حتى لا تتطالهم المسألة داخلياً أو خارجياً (المحكمة الجنائية الدولية) التي تطلب عدداً من رؤوس ذلك النظام وعلى رأسهم (البشير).
رغم خطورة الإقدام على خطوة التمرد على ذلك النظام المعزول لم يجد أهالي مديني (عطبرة) حلاً أمامهم سوي العمل على التغيير في ظل ظروف إقتصادية قاهرة جداً، وهي واحدة من العوامل الأساسية في النجاح الذي تحقق للشعب السوداني، والذي أوصله نظام (البشير) إلي مرحلة اللاعودة عما هم مقدمين عليه، وبالتالي اغتنموا الفرصة المواتية للقضاء عليه من خلال استخدام الشعارات الجاذبة والسهلة للكبير والصغير، فوجدت تلك الشعارات البراقة هوي في نفوس السودانيين، فضلاً عن أنهم كانوا مهيئين لهذا اليوم الفاصل من تاريخهم خاصة وأن البلاد عانت ما عانت من ويلات الحروب والسياسات الاقتصادية الخاطئة.
فيما يجب أن تكون الدولة مكونة من شخصيات لعبت دوراً أساسياً في الثورة الشبابية التي خلصت الناس من حكم (الديكتاتور) عمر البشير بعد ثلاثين عام من عمر الشعب السوداني، والذي واصل دروسه النضالية المشهود بها في جميع انحاء العالم، والتي جعلته صاحب الكلمة الأولي والأخيرة في المشهد السياسي، ودعمته ووقفت إلي جانبه قوات الشعب المسلحة، مما قادها أن تكون شريكاً رئيسياً في النضال الثوري للجماهير المنتفضة في وجه نظام الظلم المستبد.
ومما أشرت له يجب على من يشكلون الحكومة الإنتقالية التوافق على منح الشباب والنساء فرصة في القيادة من خلال التغيير الذي يشهده السودان، وهو تغييراً يتطلب إعادة هيكلة مؤسسات الدولة لما طالها من تشويه، وذلك من واقع الاختيار بـ(الولاء) وليس (الكفاءة)، وظل هذا النهج متبعاً منذ أن استلمت ثورة الإنقاذ الوطني مقاليد الحكم في البلاد وإلي أن تم اقتلاع جذورها في الأيام الماضية، لذا يجب التركيز في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ السودان على تضافر الجهود من أجل بناء وطن (الحرية)، (السلام) و(العدالة).
فيما أثبت المجلس العسكري الانتقالي، وعلى رأسه الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان عبدالرحمن ونائبه الفريق أول ركن محمد أحمد دقلو بما لا يدع مجالاً للشك انحيازهم التام إلي إرادة الشعب السوداني، وذلك بالاستجابة إلي مطالبه الداعية لـ(لتغيير)، وهذا دليل على الوقوف مع الشعب الصابر على الإبتلاء خلال فترة حكم النظام المخلوع، وعليه فإن المجلس العسكري له القدح المعلي في تجنيب البلاد (الفتنة) و(الإنزلاق) بها نحو الهاوية، وذلك بعد أن قام باستلام السلطة، وإعتقال الرئيس المخلوع (عمر البشير)، وبعض رموز النظام (الفاسد)، مضافاً إليه ضباط وضباط صف وجنود قوات الشعب المسلحة، وقوات الدعم السريع، فهم جميعاً دعموا الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان عبدالرحمن، لذلك هم شركاء في نجاح الثورة الشبابية وتحقيق مبدأ (الحرية)، (السلام)، و(العدالة).
مما ذهبت إليه فإن من حق أي سوداني العمل على التغيير من أجل الديمقراطية، والمشاركة في تطبيقها على أرض الواقع بالتداول السلمي للسلطة لإنشاء دولة تحترم حقوق الإنسان، دولة يتساوي فيها الناس، دولة تحاسب كل مقصر في أداء واجبه المنوط به، وذلك وفقاً للدستور والقانون، دولة تركز على الشأن الداخلي وبناء علاقة متينة مع دول الجوار دون تدخل في شؤونها.
إن الحكومة المقرر الإعلان عنها اليوم (الأحد) يجب أن تصل إلي إتفاقيات مع الحركات المسلحة سريعاً من أجل بناء دولة ليس فيها صراع، وأن تتاح الفرصة لمن تم فصلهم من الخدمة، وذلك بعد تفكيك مكونات الدولة العميقة حتي تصل البلاد لبر الأمان من خلال صنادق الاختراع بعد الفترة الانتقالية، وهذا هو النهج الوحيد الذي يجنب البلاد الخلافات، ومع هذا وذاك يجب الاهتمام بوضع دستور دائم يتم التوافق عليه دون اقصاء.
من جهتها يجب على الحكومة المدنية الإنتقالية بعد التشكيل من خلال ساحة الإعتصام بالقيادة العامة بالخرطوم أن تضطلع بمهامها بالغة التعقيد، والتي انتجها النظام البائد على مدي سنوات وسنوات، وبالتالي هم أمام دولة عميقة أطر لها التنظيم السابق، والذي عمد على غرس منسوبيه من خلال مفاصل السلطة دون أي مقاييس أو معايير سوي (الولاء)، والذي قطعاً لعب دوراً كبيراً في إنهيار الدولة العميقة بكل مؤسساتها.
ما يجري في الراهن السوداني أمراً طبيعياً بعد أن تم خلع نظام (القهر)، (الذل)، (الكبت)، (الطغيان)، و(الديكتاتورية) الذي كان يمارسه الرئيس المعزول (عمر البشير)، ومن شاركوه حكم البلاد في الفترة الماضية، وظلوا يفعلون ذلك على كافة الأصعدة والمستويات دون أن يأبهوا بما يمكن أن يسفر عنه الإحساس بـ(الظلم)، وقطعاً هو الذي ولد ثورة شبابية لا تعرف التثاؤب أو الركون للعنف الذي استخدم ضدها، هكذا انطلقت شرارتها الأولي من مدينة الصمود (عطبرة)، فهي من المدن السودانية المتمردة على الانظمة (الديكتاتورية)، وذلك على مر تاريخ السودان القديم والحديث، نعم ظلت مدينة (عطبرة) تفعل منذ العام ١٩٥٦م، ولا سيما أنها وقفت في وجه الأنظمة (الديكتاتورية)، وعلى رأسها نظام المخلوع (عمر البشير)، وهذا الديدن جعل أهلها يستشعرون مالآت خطورة الأوضاع المذرية في البلاد، والقائدة له نحو الانهيار التام، وعليه لم يكن بوسعهم الصبر أكثر مما صبروا على نظام الحكم (المخلوع)، وهم يومئون إيماناً تاماً بأن أي نظام قمعي لا يتورع من فعل أي شئ للبقاء في السلطة حتى لا تتطالهم المسألة داخلياً أو خارجياً (المحكمة الجنائية الدولية) التي تطلب عدداً من رؤوس ذلك النظام وعلى رأسهم (البشير).
رغم خطورة الإقدام على خطوة التمرد على ذلك النظام المعزول لم يجد أهالي مديني (عطبرة) حلاً أمامهم سوي العمل على التغيير في ظل ظروف إقتصادية قاهرة جداً، وهي واحدة من العوامل الأساسية في النجاح الذي تحقق للشعب السوداني، والذي أوصله نظام (البشير) إلي مرحلة اللاعودة عما هم مقدمين عليه، وبالتالي اغتنموا الفرصة المواتية للقضاء عليه من خلال استخدام الشعارات الجاذبة والسهلة للكبير والصغير، فوجدت تلك الشعارات البراقة هوي في نفوس السودانيين، فضلاً عن أنهم كانوا مهيئين لهذا اليوم الفاصل من تاريخهم خاصة وأن البلاد عانت ما عانت من ويلات الحروب والسياسات الاقتصادية الخاطئة.
فيما يجب أن تكون الدولة مكونة من شخصيات لعبت دوراً أساسياً في الثورة الشبابية التي خلصت الناس من حكم (الديكتاتور) عمر البشير بعد ثلاثين عام من عمر الشعب السوداني، والذي واصل دروسه النضالية المشهود بها في جميع انحاء العالم، والتي جعلته صاحب الكلمة الأولي والأخيرة في المشهد السياسي، ودعمته ووقفت إلي جانبه قوات الشعب المسلحة، مما قادها أن تكون شريكاً رئيسياً في النضال الثوري للجماهير المنتفضة في وجه نظام الظلم المستبد.
ومما أشرت له يجب على من يشكلون الحكومة الإنتقالية التوافق على منح الشباب والنساء فرصة في القيادة من خلال التغيير الذي يشهده السودان، وهو تغييراً يتطلب إعادة هيكلة مؤسسات الدولة لما طالها من تشويه، وذلك من واقع الاختيار بـ(الولاء) وليس (الكفاءة)، وظل هذا النهج متبعاً منذ أن استلمت ثورة الإنقاذ الوطني مقاليد الحكم في البلاد وإلي أن تم اقتلاع جذورها في الأيام الماضية، لذا يجب التركيز في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ السودان على تضافر الجهود من أجل بناء وطن (الحرية)، (السلام) و(العدالة).
فيما أثبت المجلس العسكري الانتقالي، وعلى رأسه الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان عبدالرحمن ونائبه الفريق أول ركن محمد أحمد دقلو بما لا يدع مجالاً للشك انحيازهم التام إلي إرادة الشعب السوداني، وذلك بالاستجابة إلي مطالبه الداعية لـ(لتغيير)، وهذا دليل على الوقوف مع الشعب الصابر على الإبتلاء خلال فترة حكم النظام المخلوع، وعليه فإن المجلس العسكري له القدح المعلي في تجنيب البلاد (الفتنة) و(الإنزلاق) بها نحو الهاوية، وذلك بعد أن قام باستلام السلطة، وإعتقال الرئيس المخلوع (عمر البشير)، وبعض رموز النظام (الفاسد)، مضافاً إليه ضباط وضباط صف وجنود قوات الشعب المسلحة، وقوات الدعم السريع، فهم جميعاً دعموا الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان عبدالرحمن، لذلك هم شركاء في نجاح الثورة الشبابية وتحقيق مبدأ (الحرية)، (السلام)، و(العدالة).
مما ذهبت إليه فإن من حق أي سوداني العمل على التغيير من أجل الديمقراطية، والمشاركة في تطبيقها على أرض الواقع بالتداول السلمي للسلطة لإنشاء دولة تحترم حقوق الإنسان، دولة يتساوي فيها الناس، دولة تحاسب كل مقصر في أداء واجبه المنوط به، وذلك وفقاً للدستور والقانون، دولة تركز على الشأن الداخلي وبناء علاقة متينة مع دول الجوار دون تدخل في شؤونها.
إن الحكومة المقرر الإعلان عنها اليوم (الأحد) يجب أن تصل إلي إتفاقيات مع الحركات المسلحة سريعاً من أجل بناء دولة ليس فيها صراع، وأن تتاح الفرصة لمن تم فصلهم من الخدمة، وذلك بعد تفكيك مكونات الدولة العميقة حتي تصل البلاد لبر الأمان من خلال صنادق الاختراع بعد الفترة الانتقالية، وهذا هو النهج الوحيد الذي يجنب البلاد الخلافات، ومع هذا وذاك يجب الاهتمام بوضع دستور دائم يتم التوافق عليه دون اقصاء.
من جهتها يجب على الحكومة المدنية الإنتقالية بعد التشكيل من خلال ساحة الإعتصام بالقيادة العامة بالخرطوم أن تضطلع بمهامها بالغة التعقيد، والتي انتجها النظام البائد على مدي سنوات وسنوات، وبالتالي هم أمام دولة عميقة أطر لها التنظيم السابق، والذي عمد على غرس منسوبيه من خلال مفاصل السلطة دون أي مقاييس أو معايير سوي (الولاء)، والذي قطعاً لعب دوراً كبيراً في إنهيار الدولة العميقة بكل مؤسساتها.
موظفون بشركة (بترونيد) يقفون وقفة احتجاجية بحقل (بليلة)
..............
وقف عمال وموظفى شركة بترونيد بحقل (بليلة) وقفة احتجاجية للمطالبة بحقوقهم المهضومة، وطالبوا الشعب السودانى للوقوف معهم ضد الظلم الذي يتعرضون له.
وقال الصادق بالإنابة عن الموظفين : الوقفه الاحتجاجية قمنا بتنظيمها صباح أمس (السبت).
وأضاف : نعتزم الدخول فى اضراب عام يوم (الخميس) القادم أن شاء الله حتى نستطيع إيصال صوتنا إلي المجلس العسكري والحكومة المدنية المقرر تشكيلها اليوم (الأحد).
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
azsuragalnim19@gmail.com
*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*
.......... *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...
-
بعد وفاة الدكتور (محمد عثمان) متأثراً بـ(الفشل الكلوي) .................. حاول هؤلاء خلق (فتنة) بين...
-
الخرطوم: سراج النعيم وضع الطالب السوداني مهند طه عبدالله إسماعيل البالغ من العمر 27 عاما المحكوم بالإعدام في قت...
-
مطار الخرطوم : سراج النعيم عاد أمس لل...