..............
الجلطة تسببت في توقف مشواري الفني وعدم التواصل مع الزملاء والاهل والاصدقاء
.............
هذه هي قصة حياتي والتحاقي بالوسط الفني وعملي ترزياً بكسلا والخرطوم
.............
هولاء شوهوا أغنياتي فهذه نصيحتي لهم وهؤلاء غنوها بشكل مقبول ولكن!
..............
تفوقت بالأداء على الباشكاتب وأبوعركي والعندليب والطيب عبدالله وصالح الضي
.............
جلس إليه : سراج النعيم
............
من منا لا يعرف الفنان الكبير إبراهيم حسين الذي صدح بالأغاني الخالدة في وجدان الشعب السوداني (نجمة.. نجمة الليل نعدو، وليه ياشمعة سهرانه)، وغيرهما، سنوات مضت منذ أن وطأت أقدام إبراهيم حسين الحيشان الثلاثة، وبعدها أصبح ملء السمع والبصر بعطاء متميز وأداء نوعي إلا أن ظروفه المرضية جعلته بعيداً عن الوسط الفني الذي نحت فيه اسمه بأحرف من نور وشكل لنفسه مدرسة مميزة، وهو من أسرة صوفية تأخذ الطريقة (التجانية) التي أمضي في إطارها جزءاً من مراحل تكوين حياته بالانتماء والارتباط الوجداني والروحي، وتلك الأجواء الصوفية شكلت دواخله ، فالصوفية مدرسة تعطيك عيناً غير عيون الآخرين وإحساساً مختلفاً عنهم.
في البدء من هو المطرب إبراهيم حسين؟
قال : أطلق عليّ والدي اسم (إبراهيم) وكان ميلادي غرب مدينة (القاش) بولاية كسلا في العام م1941، ونشأت وترعرعت فيها ودرست الأكاديمية جميعاً شرق السودان، ثم تزوجت وأنجبت الأبناء (أواب، محمد، جمال، صلاح، حسين، جيهان، منى وزينب).
كيف كان انخراطك في الحركة الفنية؟
قال : البداية كانت في مدينة (كسلا)، إذ كنت أغني في بادىء الأمر في حي (القاش)، ومن ثم تطورت الفكرة وأضحيت أغني ضمن مجموعة (أصدقاء كسلا).
ماذا كنت تعمل أثناء طرح مشروعك الغنائي؟
قال : منذ الصغر كنت متعلقاً بتفصيل الأزياء، وعندما وجد عمي هذه الرغبة تسيطر على تفكيري أخذني معه إلى محله المختص في تفصيل الازياء وعلمني المهنة ومن ساعتها أصبحت أعمل معه، والعائد الذي تحصلت عليه من هذا العمل اشتريت به آلة العود بمبلغ أربع جنيهات ونصف الجنيه.
ماذا بعد تلك المرحلة؟
قال : جئت ومعي الفنان (صالح الضي) من مدينة كسلا إلي الخرطوم للمشاركة في مهرجان (الغناء الشعبي) الذي يتيح الفرصة للمواهب الشابة من جميع انحاء السودان، وبرز فيه الفنانين محمد الأمين، أبو عركي البخيت)، محمد مسكين من مدينة (ود مدني) حاضرة ولاية الجزيرة، الطيب عبد الله من مدينة (شندي) بولاية نهر النيل، وعبد الرحمن اليمني من مدينة (بورتسودان) حاضرة ولاية البحر الأحمر، وزيدان إبراهيم مدينة (الخرطوم)، وجاءت مشاركتنا جميعاً مميزة جداً، وقد وفقت من حيث الأداء الذي أحرزت في ظله المرتبة الأولي.
هل بقيت في الخرطوم أم عدت إلي كسلا؟
قال : عدت إلي مسقط رأسي الذي حينما وطأت أرضه كان في استقبالي الوزير (مكي قريب الله)، وقال مخاطباً لي : أنت تمتلك خامة صوتية جميلة وتعتبر من المواهب الفنية في مجال الغناء في البلاد، لذا يجب أن تعود سريعاً إلي الخرطوم، وعضد ذلك بأن كتب لي مذكرة معنونة للأستاذ برعي محمد دفع الله لكي يساعدني في دخول الإذاعة السودانية، وكان أن نفذت وصيته وعدت فوراً للخرطوم التي التقيت فيها بالموسيقار الراحل برعي محمد دفع الله الذي سهل لي مهمتي وكان أن تمت إجازة صوتي بدرجة نجاح مع تعليق بأنني صوت (جديد) و(مختلف).
هل من الإذاعة السودانية كان انطلاقتك إعلامياً؟
قال : نعم فالإذاعة السودانية كانت مسموعة في كل ربوع السودان، ومن خلالها تمت استضافتي في سهرة قدمها الإعلامي الضليع (حمدي بولاد)، وقد وجدت في هذه السهرة ضالتي إذ إنني عرفت نفسي للمتلقي الذي استمع لصوتي لأول مرة، لذلك كانت إطلالتي عبر اثير الإذاعة السودانية نقطة انطلاقتي الحقيقية نحو عوالم الحراك الفني في البلاد.
وماذا عن التلفزيون القومي آنذاك الوقت؟
قال : كي تظهر عبر الشاشة البلورية وقتئذ كان أمراً في غاية الصعوبة، إلا إنني بعد مضي سنوات من معرفة المستمع لي عبر الإذاعة السودانية استطعت أن أسجل في التلفزيون القومي حلقة متميزة وقدمت من خلالها عدداً من الأغنيات.
هل تفرغت للغناء فقط بعد أن عرفك الجمهور؟
قال : أبداً لم اتخذ الفن مهنة أساسية، بل واصلت مهنتي ترزياً في الفترة الصباحية مع الترزي (دفع الله سعد) في مدينة أم درمان، إما في الفترة المسائية فقد خصصتها للغناء وتطوير تجربتي الغنائية.
من هو أول شاعر تغنيت له؟
قال : إسحق الحلنقي، الذي شكلت معه ثنائية في عدد من الأغاني الراسخة في ذاكرة المتلقي السوداني.
كم عدد الأغنيات التي صدحت بها طوال مسيرتك الفنية؟
قال : أكثر من (40) أغنية.
ما الذي حدث معك بعد سنوات من البذل والعطاء؟
قال : لزمت الفراش الأبيض لفترة تجاوزت 17عاماً بعد أن أصبت بـ(جلطة) في الدماغ بتاريخ 8/7/ 2000م، إذ كنت في ذلك التاريخ نائماً، وعندما استيقظت منه وجدت نفسي في وضع لم اتعود عليه مسبقاً الأمر الذي استدعي أسرتي إسعافي علي جناح السرعة إلي المستشفي الذي أجريت لي فيه بعض الفحوصات وجاءت النتيجة أنني مصاباً بـ(جلطة)، ومن هناك تم إسعافي إلي مستشفي السلاح الطبي ولكن لا فائدة في الاستشفاء.
من وقف معك في مرضك؟
قال : عدداً من الزملاء الذين لم ينقطعوا عني للحظة واحدة، كما أن الدولة لم تقصر معي نهائياً وأخص بالشكر المشير عمر البشير رئيس الجمهورية الذي خصص لي مبلغ ألف جنيه كمعاش شهري، وأخرين كثر لا يسع المجال لذكرهم جميعاً.
ما الذي كشفته لك فترة مرضك؟
قال : كشفت لي الكثير من الوقائع والمواقف التي لا أود أن أطرق لها عبر المنابر الإعلامية إلا أنها لم تخطر على بالي من قريب أو بعيد الأمر الذي جعل ذاكرتي تسقط الكثير من الأشخاص الذين كانوا يلازموني كظلي طوال الوقت، وهؤلاء الذين أشرت لهم انقطعوا عني تماماً، الأمر الذي قادني إلي أن أطرح علي نفسي سؤالاً مفاده ماذا كان يمثل لهم إبراهيم حسين؟.
ما الذي أخذه منك وماذا أعطاك؟
قال : بكل صراحة الإصابة بالجلطة حرمتني من الاستمرارية في مشواري الفني والتواصل اجتماعياً مع الزملاء والأهل والأصدقاء، إلا أن المرض وضح لي معادن الناس فالقليل من الأصدقاء الذين لا تجدهم في وقت الشدة أبداً.
حدثنا عن أغنية (ساعة الغروب)؟
قال : إن الحلنقي عندما علم برغبتي في الغناء بأغنيته (الأبيض ضميرك) التي رددها الزميل الطيب عبد الله بادر هو وأهداني نص أغنية (ساعة الغروب)، وحاز هذا النص علي اهتمامي وزاد من رغبتي وأعجبتني كلمات الأغنية فلم اتوانَ أو أتردد للحظة في قبولها والإسراع في تقديمها للمتلقي والعجيب أن تلحينها تم في ظروف غريبة في (خور أبو عنجة) الشهير بأم درمان فقد كنت وإسحق الحلنقي سوياً وبمجرد أن فارقته جال بخاطري اللحن الذي يعرفه الناس الآن.
ما هو الإحساس الذي ينتابك كلما سمعت أغنياتك بأصوات بعض المطربين؟
قال : هنالك من رددها بصورة شبه مقبولة، وهنالك من شوهها، لذلك أرجو من الشباب الذين يتغنون بأغاني الكبار أن يتريثوا في تقديمها للمتلقي، كما أرجو منهم أن يجتهدوا في أعمالهم الخاصة لإثراء تجربتهم الفنية.