.................................
ليس الكاتب وحده المطالب بالتصدى لمختلف المشاكل التي تعترى مجتمعه من حيث النواحي الإنسانية، هذا إذا افترضنا جدلاً أن مهمة الكاتب لا تخرج من هذا النطاق بحكم أن قدرته على معايشة هموم وقضايا الناس عموماً، ولكن إذا نظرنا إلي هذه المسألة بوجه عام، فإن الجميع مطالب بالإدراك والوعي بهذه الماسأة الإنسانية أو تلك لأنها في جوهرها انعكاس للتقاعس من مؤسسات معنية بحل هذه الإشكاليات التي تطل علي بعض الأسر بشكل مفاجئ بالضبط كما في الحالة الإنسانية التي نعرضها عليكم في السطور التالية والتي ترويها لنا بطلة السيناريو في هذه المساحة.
ومن هنا دعونا نقف وقفة إنسانية في الأزمة التي تكاد تعصف بهذه الأسرة التي اضطرتها الظروف الإقتصادية القاهرة إلى أن تطرح قصتها، فمنذ أن لقي العائل الأوحد مصرعه في حادث مروري، ظلت زوجته تعمل جاهدة على تربية الأبناء الذين مازالوا في مراحل حساسة من حياتهم.
بدأت تداعيات هذه المأساة ومجابهتنا للظروف التي أفرزتها في حياتها اليومية منذ أن وصلها نبأ مصرع زوجها في حادث مروري قبل سنوات ، وهي تعلن بكل صراحة فشلها في الاستمرارية على هذه النحو الذي تبكى من خلاله ليلاً ونهاراً حتى أنها باتت تخشي أن تفقد بمرور الزمن هذه الدموع التي تخفف عنها، فهي ملاذها الذي تلوذ إليه كلما ضاقت بها، فلا أمل في تجاوزها الفشل.
فيما الحظ أن الناس ترى هذه الماسأة الأسرية، ورغماً عما ذهبت إليه، فالفشل لا يخيفها بقدر ما يخيفها المستقبل المظلم الذي ينتظر أطفالها الصغار، لذلك لم تكف عن المحاولة.
حلت على هذه السيدة المعاناة بعد فقدها زوجها الذي كانت تنمو في ظله نمواً إنسانياً مختلفاً، ما حدا بها العمل جاهدة على أن لا يتأثر أبنائها بهذا الواقع الجديد، ولكن بكل أسف فشلت فشلاً ذريعاً، أليس معني ذلك أنها تعيش تحت خط الصفر ولا حياة لمن تنادي، فنحن نرزح تحت هذا الخط ، وبعض أنظمة المجتمع تعمق فينا أحاسيس ومشاعر سالبة في الحاضر المؤلم جداً، والمستقبل المجهول الذي كان من أجله زوجها يعمل جاهداً إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى متأثراً بالحادث الذي تعرض له أثناء قيادته سيارة اصطدمت بحافلة توفي على أثره في الحال، وما أن مرت فترة العزاء إلا وسعت زوجته سعياً حثيثاً للتأقلم على الواقع الجديد لايمانها بقضاء الله – سبحانه وتعالى- إذ أنها استلمت مستحقاته المالية التي هي عبارة عن استبدال معاشه الذي استثمرته في (ركشة)، ولكنها سرعان ما اصيبت بـ(عطب) تأثرت على خلفيته بشكل مفاجئ لم تكن تضعه في الحسبان من قريب أو بعيد على أساس أنها كانت تأمل في أن يحل لها هذا المشروع المشكلة حلاً جذرياً خاصة وأن المنزل الذي كانت تقيم فيه مؤجراً، ضف إليه المنصرفات اليومية للمنزل والأطفال الذين لا يعرفون أنهم يعيشون في زمن صعب جداً.
تواجه هذه السيدة مشاكل إنسانية في المقام الأول والأخير، وهي مشاكل اغلقت أمامها كل أبواب الحلول الممكنة، ومن المؤسف أن تضطر للإستعانة بهذه اللغة ، ومن المفجع أن يتدني مستوى الاستجابة لمأساة تمس أطفال لا ذنب لهم في الظروف المحيطة بهم من كل حدب وصوب، وهي ظروف جعلتهم كأنهم غرباء وغربة الفرد تظهر له بجلاء عندما يفتقد ذلك الدفء الإنساني الذي لا ينفي التعاطي السلبي مع مأساتها التي هي حزنها الآتي فهذه هي سُنة الحياة فقد اقتنعت منذ زمن بعيد أنه لا يوجد فرد بمنأ مما تركن إليه آنياً، ولكن بالمقابل يبدو ليَّ أن المجتمع ككل مطالب اليوم بحث الناس للتكافل الاجتماعي، وذلك من أجل أن يكون مصير هذا المجتمع بعيداً عن التهديد الذي تتعرض له هذه الأسرة أو تلك التي تعيش على المقاومة في زمن التحديات الجسام.
عندما وقع الحادث المشؤوم الذي راح ضحيته زوجها كانت حاملاً في شهرها السادس بأصغر أطفالها، وبما أنها كانت تؤجر منزلاً انتقلت للإقامة مع والدتها دونما تمتلك وسيلة عيش سوى (الركشة) التي لم تعد موجودة بعد أن أصابها عطب لم تستطع أسرتها الكبيرة إصلاحه، لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ حياتها التي أصبحت مليئة بالحزن والألم، فالإنسان لديه طاقة محددة إذا تجاوزها يصبح مشلولاً، وهذا هو الوضع الراهن الذي لا قبل لها به سوى أن تجلس في الانتظار على وسادة الحلم الذي هو أداة للاضطهاد والإذلال، والمجتمع هو الذي يضغط على الزناد دون سابق إنذار، ها نحن نتخذ من الفقر معلماً بارزاً في حياتنا لا شيء جديد يلغي هذه الأفكار، فهذه السيدة تصرف معاشاً بسيطاً جداً لا يكفي لها ولأطفالها فهل يستقيم العود والظل أعوج؟ الاجابة عندي بلا تردد لا، ومع هذا وذاك لا تدري أن كان في مقدورها النمو الطبيعي أم تفقد دفء النضج الهاديء ام أنها تبدو وكأنما ثمة قفزة ما في مرحلة ما نحو اتجاه معاكس كلية، وكل ما تدريه أنها تبحث عن حلول ناجزه حتى لا يمضي أبنائها في حياة متناقضة.
أمام هذه الظروف الاقتصادية القاهرة تجد نفسها مقهورة وعلي خلفية ذلك تشعر بأن حرارة هذه الظروف ستصهر كل أمل يطل عليها في حياتها، أحياناً تتلاحق الاحداث والأوجاع والأحزان، فلا تجد ملاذاً أمامنا يخفف عنها ذلك سوي والدتها وأشقائها الذين مازالوا في مراحلهم الدراسية المختلفة، فهم دوماً عندها الجوهر المشع صدقاً وحباً تحفظه لهم في هذه الدنيا التي سوف نرحل عنها عاجلاً أو آجلا، المهم أن تنقشع هذه السحابة المظلمة التي كلما حاولت أن تفرغ في ظلها شحنات حزنها وآلمها وقهرها تطل عليها مجدداً ببطء فتصطدم بجدران قوي من حيث البناء ولا تجد أملا في أن تختزن الزمن طويلاً قبل أن يتدفق الحزن، ولا تندمل جراحها قيد انملة رغماً عن أنها لجأت لبعض المنظمات العاملة في الشأن الإنساني، ولكن النتيجة في النهاية صفر، وهي النتيجة التي تقفز فوق المخيلة ، وبعدها بثانية فقط تصرخ ملء صوتها ذلك كله داخل الحكايا لا تنادي إلا بالعيش الكريم لأطفالها الذين أنجبتهم، وكيف تنسي أنهم مازالوا أطفالاً، هذا جزء من مأساتها التي تتضايق منها لأنها اعتمدت اعتماداً كلياً على أسرتها التي تنتظرها واجبات معيشية لا حصر لها ولا عد.
وكان تعبيرها الوحيد عن حالتها دوماً كانت بلغة بكماء والخطأ ليس في قصور لغة الكلام، إنما في قيود المجتمع من حيث المآسي الإنسانية وتتسأل هل تعلم الإنسان كيف ينصت إلى غير صوته الذي تحكمه ظروف معينة لا يد له فيها ولا قبل له بتغييرها خاصة اولئك البسطاء وأكثرهم في عصرنا الحاضر، من هنا كان حزني كبيراً لأنني لا املك ثمنا لشراء رغبات اطفالي الأبرياء الذين كان قدرهم ان يتوفى والدهم في الحادث المروري، وأن يتم قطع دراستي من أجل تزويجي لأنني لو كنت أحمل شهادة دراسية كان توظفت في اي مهنة حتى أصرف على أبنائي الإثنين اللذين يدرسان في المرحلة الأولية وبسبب (200) جنيه رفضت إدارة الروضة تخريج ابنتي الصغيرة التي حرمت من الفرحة مع زملائها في تلك الاثناء باءت كل المحاولات الإصلاحية بالفشل.
ليس الكاتب وحده المطالب بالتصدى لمختلف المشاكل التي تعترى مجتمعه من حيث النواحي الإنسانية، هذا إذا افترضنا جدلاً أن مهمة الكاتب لا تخرج من هذا النطاق بحكم أن قدرته على معايشة هموم وقضايا الناس عموماً، ولكن إذا نظرنا إلي هذه المسألة بوجه عام، فإن الجميع مطالب بالإدراك والوعي بهذه الماسأة الإنسانية أو تلك لأنها في جوهرها انعكاس للتقاعس من مؤسسات معنية بحل هذه الإشكاليات التي تطل علي بعض الأسر بشكل مفاجئ بالضبط كما في الحالة الإنسانية التي نعرضها عليكم في السطور التالية والتي ترويها لنا بطلة السيناريو في هذه المساحة.
ومن هنا دعونا نقف وقفة إنسانية في الأزمة التي تكاد تعصف بهذه الأسرة التي اضطرتها الظروف الإقتصادية القاهرة إلى أن تطرح قصتها، فمنذ أن لقي العائل الأوحد مصرعه في حادث مروري، ظلت زوجته تعمل جاهدة على تربية الأبناء الذين مازالوا في مراحل حساسة من حياتهم.
بدأت تداعيات هذه المأساة ومجابهتنا للظروف التي أفرزتها في حياتها اليومية منذ أن وصلها نبأ مصرع زوجها في حادث مروري قبل سنوات ، وهي تعلن بكل صراحة فشلها في الاستمرارية على هذه النحو الذي تبكى من خلاله ليلاً ونهاراً حتى أنها باتت تخشي أن تفقد بمرور الزمن هذه الدموع التي تخفف عنها، فهي ملاذها الذي تلوذ إليه كلما ضاقت بها، فلا أمل في تجاوزها الفشل.
فيما الحظ أن الناس ترى هذه الماسأة الأسرية، ورغماً عما ذهبت إليه، فالفشل لا يخيفها بقدر ما يخيفها المستقبل المظلم الذي ينتظر أطفالها الصغار، لذلك لم تكف عن المحاولة.
حلت على هذه السيدة المعاناة بعد فقدها زوجها الذي كانت تنمو في ظله نمواً إنسانياً مختلفاً، ما حدا بها العمل جاهدة على أن لا يتأثر أبنائها بهذا الواقع الجديد، ولكن بكل أسف فشلت فشلاً ذريعاً، أليس معني ذلك أنها تعيش تحت خط الصفر ولا حياة لمن تنادي، فنحن نرزح تحت هذا الخط ، وبعض أنظمة المجتمع تعمق فينا أحاسيس ومشاعر سالبة في الحاضر المؤلم جداً، والمستقبل المجهول الذي كان من أجله زوجها يعمل جاهداً إلى أن انتقل إلى الرفيق الأعلى متأثراً بالحادث الذي تعرض له أثناء قيادته سيارة اصطدمت بحافلة توفي على أثره في الحال، وما أن مرت فترة العزاء إلا وسعت زوجته سعياً حثيثاً للتأقلم على الواقع الجديد لايمانها بقضاء الله – سبحانه وتعالى- إذ أنها استلمت مستحقاته المالية التي هي عبارة عن استبدال معاشه الذي استثمرته في (ركشة)، ولكنها سرعان ما اصيبت بـ(عطب) تأثرت على خلفيته بشكل مفاجئ لم تكن تضعه في الحسبان من قريب أو بعيد على أساس أنها كانت تأمل في أن يحل لها هذا المشروع المشكلة حلاً جذرياً خاصة وأن المنزل الذي كانت تقيم فيه مؤجراً، ضف إليه المنصرفات اليومية للمنزل والأطفال الذين لا يعرفون أنهم يعيشون في زمن صعب جداً.
تواجه هذه السيدة مشاكل إنسانية في المقام الأول والأخير، وهي مشاكل اغلقت أمامها كل أبواب الحلول الممكنة، ومن المؤسف أن تضطر للإستعانة بهذه اللغة ، ومن المفجع أن يتدني مستوى الاستجابة لمأساة تمس أطفال لا ذنب لهم في الظروف المحيطة بهم من كل حدب وصوب، وهي ظروف جعلتهم كأنهم غرباء وغربة الفرد تظهر له بجلاء عندما يفتقد ذلك الدفء الإنساني الذي لا ينفي التعاطي السلبي مع مأساتها التي هي حزنها الآتي فهذه هي سُنة الحياة فقد اقتنعت منذ زمن بعيد أنه لا يوجد فرد بمنأ مما تركن إليه آنياً، ولكن بالمقابل يبدو ليَّ أن المجتمع ككل مطالب اليوم بحث الناس للتكافل الاجتماعي، وذلك من أجل أن يكون مصير هذا المجتمع بعيداً عن التهديد الذي تتعرض له هذه الأسرة أو تلك التي تعيش على المقاومة في زمن التحديات الجسام.
عندما وقع الحادث المشؤوم الذي راح ضحيته زوجها كانت حاملاً في شهرها السادس بأصغر أطفالها، وبما أنها كانت تؤجر منزلاً انتقلت للإقامة مع والدتها دونما تمتلك وسيلة عيش سوى (الركشة) التي لم تعد موجودة بعد أن أصابها عطب لم تستطع أسرتها الكبيرة إصلاحه، لتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ حياتها التي أصبحت مليئة بالحزن والألم، فالإنسان لديه طاقة محددة إذا تجاوزها يصبح مشلولاً، وهذا هو الوضع الراهن الذي لا قبل لها به سوى أن تجلس في الانتظار على وسادة الحلم الذي هو أداة للاضطهاد والإذلال، والمجتمع هو الذي يضغط على الزناد دون سابق إنذار، ها نحن نتخذ من الفقر معلماً بارزاً في حياتنا لا شيء جديد يلغي هذه الأفكار، فهذه السيدة تصرف معاشاً بسيطاً جداً لا يكفي لها ولأطفالها فهل يستقيم العود والظل أعوج؟ الاجابة عندي بلا تردد لا، ومع هذا وذاك لا تدري أن كان في مقدورها النمو الطبيعي أم تفقد دفء النضج الهاديء ام أنها تبدو وكأنما ثمة قفزة ما في مرحلة ما نحو اتجاه معاكس كلية، وكل ما تدريه أنها تبحث عن حلول ناجزه حتى لا يمضي أبنائها في حياة متناقضة.
أمام هذه الظروف الاقتصادية القاهرة تجد نفسها مقهورة وعلي خلفية ذلك تشعر بأن حرارة هذه الظروف ستصهر كل أمل يطل عليها في حياتها، أحياناً تتلاحق الاحداث والأوجاع والأحزان، فلا تجد ملاذاً أمامنا يخفف عنها ذلك سوي والدتها وأشقائها الذين مازالوا في مراحلهم الدراسية المختلفة، فهم دوماً عندها الجوهر المشع صدقاً وحباً تحفظه لهم في هذه الدنيا التي سوف نرحل عنها عاجلاً أو آجلا، المهم أن تنقشع هذه السحابة المظلمة التي كلما حاولت أن تفرغ في ظلها شحنات حزنها وآلمها وقهرها تطل عليها مجدداً ببطء فتصطدم بجدران قوي من حيث البناء ولا تجد أملا في أن تختزن الزمن طويلاً قبل أن يتدفق الحزن، ولا تندمل جراحها قيد انملة رغماً عن أنها لجأت لبعض المنظمات العاملة في الشأن الإنساني، ولكن النتيجة في النهاية صفر، وهي النتيجة التي تقفز فوق المخيلة ، وبعدها بثانية فقط تصرخ ملء صوتها ذلك كله داخل الحكايا لا تنادي إلا بالعيش الكريم لأطفالها الذين أنجبتهم، وكيف تنسي أنهم مازالوا أطفالاً، هذا جزء من مأساتها التي تتضايق منها لأنها اعتمدت اعتماداً كلياً على أسرتها التي تنتظرها واجبات معيشية لا حصر لها ولا عد.
وكان تعبيرها الوحيد عن حالتها دوماً كانت بلغة بكماء والخطأ ليس في قصور لغة الكلام، إنما في قيود المجتمع من حيث المآسي الإنسانية وتتسأل هل تعلم الإنسان كيف ينصت إلى غير صوته الذي تحكمه ظروف معينة لا يد له فيها ولا قبل له بتغييرها خاصة اولئك البسطاء وأكثرهم في عصرنا الحاضر، من هنا كان حزني كبيراً لأنني لا املك ثمنا لشراء رغبات اطفالي الأبرياء الذين كان قدرهم ان يتوفى والدهم في الحادث المروري، وأن يتم قطع دراستي من أجل تزويجي لأنني لو كنت أحمل شهادة دراسية كان توظفت في اي مهنة حتى أصرف على أبنائي الإثنين اللذين يدرسان في المرحلة الأولية وبسبب (200) جنيه رفضت إدارة الروضة تخريج ابنتي الصغيرة التي حرمت من الفرحة مع زملائها في تلك الاثناء باءت كل المحاولات الإصلاحية بالفشل.