دلتا الدواخل
زواج الفتيات (بطيخة) مقفولة
وقفت عند شكوى بعض الزوجات من مظهر أزواجهن داخل المنزل وعدم الاهتمام
بوضع العطور، وتسألن هل هذا الأمر عادى، أم أن هناك مبالغة؟ وكيف يمكن علاج هذا الأمر
الذى دعا فى إطار الدكتور زهير عبد الرحمن مقدم برنامج بالفضائية السودانية الرجال
لمنادات زوجاتهم بكلمة (يا عسل)
وقال إنه يرى أن فى هذه الكلمة مفعولاً سحرياً يقتل كل الإشكاليات فى
مهدها، وتقرب القلوب لبعضها البعض, وأردف : مر بى موقفاً تدور احداثه حول خلافات حدثت
بين زوجين استعان في ظلها الزوج بى لمساعدته، فما كان منى إلا ونصحته بشىء واحد، وهو
أن ينادى زوجته دائماً بكلمة (يا عسل), وبالفعل فعل الزوج ما طلبته منه وبحمد الله
زالت الخلافات بينهما.
بالمقابل هنالك زوجات قلن : (كم هم منفرين أزواجنا الذين نستخدم لهم أجمل
العطور وأغلاها، ونعتنى دوماً بمظهرنا وهندامنا أمامهم، حتى لا تقع أعينهم علي ما يسوءهم،
وهكذا علمتنا أمهاتنا أن نحافظ على أزوجنا، لكن لماذا لا يحافظون هم علينا مثلما نفعل
نحن، هذا السؤال لا نجد له إجابة منذ الزواج وإلى الآن؟ وهكذا ظل هذا السؤال يلازمنا،
ودائماً ما نقول فى قرارة أنفسنا لماذا لا يعتنون بمظهرهم أثناء وجودهم فى المنزل،
ولماذا لا يهتمون برائحتهم ونظافتهم الشخصية، إلا إذا كانوا ذاهبون فى الصباح إلى عملهم
أو في المساء إلى أصدقائهم، ألسنا نحن بشراً مثل الذين يقابلونهم خارج المنازل؟ إنهم
يتصرفون وكأنهم يعيشون وحدهم، حاولنا التلميح مراراً وكتراراً ولكن بلا فائدة.
ما الذى يجعل بعض الزيجات في صراع دائم، وغير مبرر سوى أن بعض الأزواج
يفكرون بطريقة سلبية دون التركيز على الإيجابية للخروج بالحياة الزوجية إلى بر الأمان،
ولكن المفاهيم تتفاوت من شخص لأخر، إلا أنه ربما في الإبتعاد عن الدين الإسلامى إشكالية
للطرفين باعتبار أنه أوجد الحلول لها فى ظل مؤسسة الزواج خاصة فى أوساط الزيجات الشبابية،
فالأخيرة روى لى حولها أحد الأصدقاء رواية تتصل بالمعاناة الكبيرة التى تواجهها شقيقته
مع زوجها مؤكداً أنها لم تشهد معه يوماً جميلاً، إذ أنه دائماً ما يكون مشغولاً بالتواصل
مع الفتيات عبر موقع التواصل الاجتماعى (الواتساب) الذى أصبح خطراً يهدد استقرار الأسر
والمجتمعات.
ومن هنا دعونا نقف وقفة تأملية في مؤسسة الزواج التى في إطارها نجد أن
الزوجة كلما تحدثت إلي زوجها فيما يخص ضرتها (الواتساب) يرد عليها رداً عنيفاً وشرساً
علي أساس أن تواصله مع ذلك البرنامج خط أحمر وغير قابل للتفاوض أو إدارة الحوار مع
الشريك رغماً عن أنه كثير الانغلاق على فكرته.
وقال صديقي : عندما أخبرتنى شقيقتى بطريقة التعامل معها عدت بالذاكرة
إلي اليوم الذى تقدم فيه الشاب لخطبتها باعتبار أنها يتيمة، إلا أن الغريب أننى منذ
الوهلة الأولى توسمت فيه الخير، ربما لأننى حكمت عليه من مظهره، لذلك خدعنى الأمر الذى
جعلنى أقول في غراره نفسى ربما اختلفت النوايا، وربما الإنفتاح الذى يشهده العالم تقنياً
أحدث تلك التغيرات في الثقافات والأفكار والرؤى، ما أدى بالقلوب للاختلاف في درجات
نقائهاً بالغرق فى أوهام بعيدة المنال وأشواق وأحلام تستحال، هكذا طغت (العولمة) على
كل شىء، وبالتالى أفرزت ظواهر سالبة فى المجتمعات بما فيها المجتمع السودانى الذى لم
يكن بمنأى عنها اللهم إلا من رحم ربى.
وأضاف : بالرغم من القناعات التى وصلت لها إلا أننى كنت أهيئ شقيقتى بتذكيرها
بأن الزواج (قسمة ونصيب)، وبالتالى عليها أن تصبر بما قسمه لها نصيبها عسى ولعل أن
يهديه الله سبحانه وتعالى خاصة وأن زواجها لم يكن زواجاً تقليدياً بل نبع عن حب وتواصل
من خلال العمل الذى انقطعت منه بسبب الإنجاب.
لذلك لم أتبع معه الطرق المعتادة عندما يتقدم شاباً طالباً الاقتران بهذه
الفتاة أو تلك، ففى العادة يطلب ولى أمرها فرصة للسؤال عنه عبر قنوات مختلفة، وأول
ما يفترض فيه أن يكون متحلى بالخلق القويم ويؤدى صلواته فى وقتها، وحتى إذا اجتاز مرحلة
الأسئلة بنجاح، فإن أسرة الفتاة قد تتفاجأ بأنه يخفى عقدته النفسية التى يظهر من خلالها
بصورة مختلفة عن حقيقته أو سلوكه غير السوى أو تصرفاته التى تنتج عنها تغيرات فى طريقته
وذلك بالانفتاح على الآخر، وعندما تتم خطبة الفتاة قد يكون الخطيب غير متوافقاً معها
في الرؤى والأفكار والثقافات والعادات والتقاليد التى لا تنفصل عن الدين الإسلامى ولم
أعاتبها علي أساس أنها جاءت به لأننا فى عصر قد لا يحتمل قاعدة شراء (البطيخة) مقفولة
متجاوزاً أن كانت حمراء أو بيضاء، وطالبتها أن تصبر وتتحمل للدفع بحياة أبنائها نحو
الاستقرار مؤكداً لها بأن الطلاق ليس عيباً رغماً عن نظرة المجتمع للمطلقة نظرة سالبة
رغماً عن أنها كانت في صدر الإسلام وما تلته من عصور متعاقبة ليس في الطلاق عيباً بل
المطلقة تحظى بالزواج مرة ثانية، أما فى يومنا هذا فالمطلقة تفقد كل حقوقها فى التأقلم
فى الحياة بشكل طبيعى وكأنها ارتكبت جريمة يعاقب عليها الشرع والقانون، فالزواج والطلاق
مرتبطان بالقسمة والنصيب فقد لا يتوافقان مع بعضهما البعض في الرؤى والأفكار رغماً
عن الفاتورة الباهظة الثمن في الإعداد لترتيبات مراسم الزفاف ومع هذا وذاك ينبع السؤال
الملحاح، هل التقصير فى الخروج بعش الزوجية من الإشكاليات التى تعتريهما ما بين الفينة
والآخرى من الزوج أم من الزوجة ؟ علماً بان أغلب الإشكاليات فى عصرنا هذا منحصرة فى
الضرة الحديثة (الواتساب) الذي تبدأ الإشكاليات فى إطاره ﺑﻄﺮﻕ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ لمجرد أن شكت
الزوجة في زوجها حتى لو كان ملتزماً وتلتمس ذلك من خلال الحوار الدائر فى هذا النطاق،
مما يوسع شقة الخلاف بينهما، وتبدأ مرحلة الشكوك والظنون ومن ثم طرح الأسئلة أين أنت
لماذا تأخرت ومن معك ومتى ستأتى وإلي أخره من التساؤلات التى تعكس حقيقة مشاعر الزوجة؟؟
ما يدخلها ذلك التفكير في دوامة وحالة نفسية تنظر من خلالها للحياة بصورة مختلفة وذلك
من واقع الشك والظن وهما عاملان يدمران الحياة الزوجية مهما كانت مبنية على الحب، فالحياة
الزوجية تختلف عما سبقها من حب خاصة كيفية تفكير الزوجين فى فترة الخطوبة، فهي طريقة
يركزان فيها على عمل الرتوش والتجميل، لذلك تجدهما يصطدمان بواقع مغاير للواقع اللذان
ظلا يزيناه فى فترة الخطوبة لذلك تتغير الرؤية عن سابقتها، ما يدفع بالمزاج المتقلب
للخروج من مخبئه منتزعاً ذلك القناع الزائف الذى يفضح كل منهما فى اتخاذ القرارات المصيرية،
وإدارة الأزمات التي تظهر لهما عرضاً خاصة إذا كانا يتمتعان بسياسة النفس الطويل والتحمل
فى أن يكيل كل منهما بمكيالين.
طالبنى صديقى أن أنصح الأسر بالتأكد من توافق نفسية الشاب المتقدم للخطبة
مع أبنتهم قبل إتمام ذلك من خلال مراجعة الطبيب النفسى حتى يشخص لهما الحالة التي يعيشانها
قبل أكمال نصف الدين، ﺇﺫ ﻳﻜﻮﻥ فى الإقدام على هذه الخطوة تحصين لكل الطرفين من بعضهما
البعض خاصة المرأة التى تمتاز بالضعف فى الشخصية، ما يجعل حياتها الزوجية غارقة في
النكد والغم.
ولأبد من إتباع خطوات جادة فى هذا الاتجاه الذي أشرت له لمعرفة أفكار
ورؤى الزوجين بالقراءة من حيث التواصل الاجتماعى، والحوار من الناحية النفسية، الثقافية،
الفكر ومستوى الطموح للمستقبل.
وعلى هذا النحو يجب أن نعرف ﻣﺘﻰ نبارك إقتران الشاب بالشابة، فالمثل العامى
يقول : (أخطب لبنتك قبل ولدك).