دائماً ما أقف
وقفات تأملية في التناقضات الاسفيرية الهادفة إلي ﺇﺳﻘﺎﻁنا في بركة آثنه بإنجراف
البعض نحو تيارات خطيرة في ظل (العولمة) ووسائطها المختلفة التي أضحت تنتهك الخصوصيات،
لا بل تجاوزت ذلك بالأعراض، وأمثال هؤلاء يعمدون إلي هتك نسيج المجتمع المحكوم
بعادات وتقاليد لا يأبهون ولا يتورعون من القضاء عليها بالنشر بصورة سلبية، وكأنهم
يقولون للعالم نحن طوع أمركم، ومن أبتكروا تلك الوسائل يقولون لهم : (أﻧﺸﺮوا ﺗﺆﺟﺮوا)،
هكذا سيطرت تلك الأفكار اللاأخلاقية والثقافات المغايرة علي القيم الإنسانية وعلي بعض
ﺍﻟﻌﻘﻮﻝ القابلة للإستقطاب.
ومن هذا
المدخل نجد أن الميديا الحديثة أصبحت مثار ﺟﺪﺍﻝ ﺩﺍﺋﻢ في المجتمعات علي إختلاف
أفكارها وثقافاتها، لذا السؤال الذي يفرض نفسه علي من يفعلون بها سلباً ﻫﻞ هي التواصل
عبر السوشال ميديا تواصلاً إيجابياً أم أنه يرسم صورة مغايرة للمجتمعات الإسلامية
والعربية؟ الإجابة عندي في غاية البساطة (العولمة) ووسائطها المختلفة أفسدت الأخلاق
وقضت علي القيم من خلال الإستخدام السالب الذي يسعي في ظله البعض لتصفية الحسابات في
المحيطين (المجتمع ـ الأسرة).
ومما لا شك
فيه فإن ذلك الواقع المذري الذي ترك في يومنا هذا، واقعاً نتج عنه فتح البلاغات
الجنائية ورفع الكثير من القضايا التي فصل فيها القضاء المختص بإيقاع العقوبات علي
مرتكبي الجرائم الإلكترونية، وقطعاً سيحقق قانون جرائم المعلوماتية توازناً ضرورياً
للمجتمع بكل مكوناته، ومن ثم حمايته من الإنتهاكات الاسفيرية والغذو الثقافي والفكري
الذي أفرزته (العولمة) ووسائطها الحديثة، وبالمقابل جعلت التقنية الحديثة العالم عبارة
عن قرية صغيرة تدار من خلال شاشات الهواتف الذكية، وهي سهلة الإستخدام، ومنتشرة إنتشاراً
واسعاً حتي لدي الأطفال الذين أصبحوا يجيدون التعامل معها بحرفية فائقة، ربما
تفوقوا فيها علي الاباء، وقد أستفادوا من تطوير التطبيقات ما بين الفينة والآخري، ولكل
ما ذهبت إليه فإن من ﻣﺼﻠﺤﺔ الناس تقنين وسائل الإعلام الحديث من ناحية إيجابية حتي
يخرجوا من تلك السلبية، وذلك حفاظاً علي عادات وتقاليد لا تنفصل عن الدين الإسلامي،
والإتجاه علي ذلك النحو يوفر لهم حماية أنفسهم والمجتمع.
من المؤكد أن التطبيقات
المنتشرة عبر الهواتف الذكية لعبت دوراً كبيراً ﻓﻲ إﻗﺘﺤﺎﻡ الحياة الخاصة دون سابق إنذار،
ومن ثم العبث في محتوياتها، وإنتهاك خصوصيتها دون حياء أو خجل، وكشف كل كبيرة وصغيرة
فيما يتعلق بالضحية الذي هو عرضه للتهديد بالصور أو مقاطع الفيديوهات أو الرسائل وغيرها،
ﻟﺬﻟﻚ كثر في الآونة الأخيرة التعديات والمهددات للمجتمع والإنسان الذي يجد نفسه مضطراً
للتواصل الإجتماعي الذي يخلق منه ضعاف النفوس آلية للتدمير الثقافي والفكري بالإستخدام
السلبي للهواتف الذكية رغماً عن أنها خفيفة في الحمل وسريعة في التعامل، إلا أنها أصبحت
أداة لإرتكاب الجريمة الإلكترونية، الأمر الذي جعل المتلقي تائهاً حائراً أمام تجاوز
البعض للخطوط الحمراء المحكومة بالقيم والأخلاق والعادات والتقاليد، ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ومع التطور
الذي يشهده العالم يوماً تلو الآخر طمست ملامح الإنسان والمجتمع المحافظين علي ما جبلا
عليه منذ خلق البشرية، وعليه فإن البعض من مستخدمي الشبكة العنكبوتية ﻳﻀﻌﻮﻥ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ
في دائرة الإتهام من واقع الإنتهاكات المتكررة والتي ربما يحدثونها بجهل وعدم إلمام
بما يمكن أن يسفر عنه النشر بشكل عام، وبهذا المفهوم الخاطيء يكون المنتهكون علي
إعتقاد أن ﻟﺪيهم ﺻﻼﺣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺪﻱ علي خصوصيات الآخرين.
وأكثر ما حز في نفسي أن البعض يعتقد إعتقاداً جازماً
ﺑﺄﻥ مشاهير ونجوم المجتمع ﺣﻴﺎتهم مشروع للتناول سلباً بالخوض في خصوصياتهم، لعمري هذا
المفهوم خاطيء، فالنشر السالب ينتشر في الوسائط ﻛﺎﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﺸﻴﻢ، ولا يراعي لاخلاق
أو قيم، ويخدش احاسيس ومشاعر أهل وأصدقاء الضحايا الذين يتابعون مواقع التواصل الإجتماعي،
إذا أين ﺍلإﻋﺘﺒﺎﺭات الأخلاقية التي لا تدع ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ الإستخدام السالب، وعليه
أثبت مستخدمو السوشال ميديا فشلهم في تجنيب ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ السلبية التي يركنون إليها ناسين
أو متناسين أن هنالك قانون قادر علي إثبات ﺍﻹﺳﺎﺀﺓ، وﻳﻐﻴﺐ ﻋﻦ المجرم الإلكتروني ﻋﻠﻰ
ﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﻮّﻟﺖ ﻟﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻧﺸﺮ المادة أو ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺃﻭ مقاطع الفيديوهات المنتهكة للخصوصيات
.