من
الملاحظ أن معظم البرامج الحوارية المبثوثة عبر القنوات الفضائية العربية تفتقر
لإدارة الحوار الشفيف بعيداً عن الأجندة السياسية التي لا تدع للمتلقي فرصة معايشة
ما هو مطروح من قضايا تمس حياته في كل النواحي المختلفة.
وبما
أن البرامج الحوارية أصبحت تمثل عصب الإعلام العربي في الآونة الأخيرة وذلك يعود
للأحداث المتصاعدة بشكل يومي.. ما أكسب البرامج الحوارية أهمية كبيرة.. إلا أن
المشاهد يحس بأن معظم البرامج الحوارية تحمل بين طياتها أجندة سياسية.. لذلك علي
القنوات الفضائية الابتعاد عنها.. خاصة وأن المتغيرات السياسية تتطلب من مدير
الحوار أن يتعامل بحكمة ودراية مع كل ما تسفر عنه الأوضاع السياسية من مستجدات
تسعي من خلالها كل قناة فضائية إلي السبق الإعلامي.
لابد
أن يكون المحاور حصيفاً حتى لا يقع في الأخطاء القاتلة.. التي تقود إلي بذر بذور
الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.. وهنالك أمثلة عدة إلا أن الإعلامي فيصل القاسم
يفعل ذلك عبر برنامجه التلفزيوني ( الاتجاه المعاكس ) الذي تبثه قناة الجزيرة
الإخبارية.. فأنت تلاحظ بشكل جلي أنه دائما ما ينحاز إلي طرف علي الآخر.
ومما
أشرت له لابد للأجهزة الإعلامية بصورة عامة أن يكون لها دور في توجيه الرأي العام
بالصورة الصحيحة..وذلك من خلال ما يتم طرحه من أخبار ربما لم يتم حولها التحري
بدقة ما يجعل بعض القنوات الفضائية تستخدم مفردات مثلاً ( تواتر أنباء ) و( علمت )
وغيرها من الكلمات التي تفقد القناة المصداقية وبالتالي يؤدي ذلك للوقوع في الخطأ
ومن ثم الاعتذار عنه في دقائق.. فيما أن هنالك أخطاء يتم تجاوزها بتكثيف الحملات
المناوئة للأنظمة خاصة تلك التي تشهد اضطرابات.. وذلك ببث روح الفتنة عبر البرامج
الحوارية خاصة برنامج الاتجاه المعاكس الذي أصبح يشكل خطراً علي الأمن القومي
العربي.. وذلك بصب الماء علي الزيت الساخن دون التفكير في العواقب الوخيمة الناتجة
عن ذلك.. فليس كل ما يعرف يتم تداوله عبر الأجهزة الإعلامية ولو كان فيه كسباً
إعلامياً.. تعمد في إطاره بعض القنوات إلي كشف خبايا وأسرار.. ربما فيها بعضاً من
الحقائق وكثير من التضليل الهادف إلي تحقيق أجندة سياسية لصالح من لا أدري؟..
ولكنها تعمل علي توجيه الرأي العام بالصورة السالبة وتحريض الشعوب علي أنظمتها
الحاكمة بالصناعة الإعلامية المعتمدة كلياً علي الإثارة ليس إلا.
ومن
الملاحظ أن البرامج الحوارية بالقنوات الفضائية اكتسبت أهمية ومتابعة من المتلقي
للقوالب الإثارية الجاذبة التي تنتج في إطارها.. إلا أنه علي القنوات الفضائية
إعادة النظر فيما تطرحه من قضايا تمس الأمن القومي العربي.. خاصة وأن المتلقي يبحث
عن الحقائق والمصداقية عبر الأجهزة الإعلامية التي يجب أن تلعب دوراً كبيراً ومهماً
في التوعية والتثقيف من خلال استضافة السياسيين والخبراء والعلماء وأساتذة
الجامعات لتسليط الضوء علي القضية المعنية من كل جوانبها بما في ذلك الآراء
المغايرة بعيداً عن الأجندة السياسية.
ومن
أكثر البرامج الحوارية التلفزيونية خطورة الحوارات التي تجري علي الهواء مباشرة..
فالقنوات اتجهت علي هذا النحو للخروج من التقليدية في إدارتها بالتسجيل الذي
تعتبره بعض القنوات المهتمة بالشأن السياسي لا يحدث تغييراً في صناعة القرار
وتشكيل الرأي العام مؤيداً أو معارضاً.
ويري
المهتمين بما تطرحه القنوات الفضائية من برامج حوارية أنها تسارع إلي مثل هذه
البرامج التي تروج وتفرد لها المساحات حتى تستقطب بها المعلنين الذين يضخون
الأموال التي تساهم في الاهتمام بتلك البرامج التي أصبح يقال حولها أنها الضلع
المؤثر في الخلافات الناشبة هنا وهناك للدرجة التي أشتهر فيها الإعلام بأنه ثلاثة
أرباع المعركة القائمة هنا وهناك بتعبئة الرأي العام.
ولا
غرو في أن المتلقي لتلك البرامج الحوارية التلفزيونية يتابعها بعد عودته من عناء
يوم شاق وطويل إذ أنه يجلس أمام التلفاز
حاملاً في يده الريموت كنترول للبحث عما يشبع رغبته مع التأكيد أنه علي وعي كامل
بأن البرامج الحوارية التلفزيونية مسئولة مسئولية مجتمعية فيما تبث من أحدث ربما
يكون هو طرفاً فيها فإذا وجدها لا تبين الحقائق ينصرف عنها إلي قناة فضائية آخري
تهدف إلي تناول القضايا بكل صدق وأمانة وحيادية دون ترجيح كفة علي آخري.. ومن هذا
المنطلق يظهر الدور الكبير الذي يلعبه الإعلامي.