الخرطوم : سراج النعيم
لماذا لا
يثق المتلقي العربي في القنوات الفضائية العربية مثلاً الجزيرة والعربية وغيرها ؟
لذلك دائماً ما أجد نفسي متأملاً هذا السؤال في ظل التسابق للإنفراد بالخبر ولو
كان ذلك الخبر فيه فتنة.. كما تعلمون فالفتنة أشد من القتل.. وبما أن إعلامنا سبق
واستبشرنا به خيراً نسبة إلي اعتقادنا أنه قادر علي عكس صورة تحفظ كرامتنا المهدرة
بفعل الدول الغربية وأمريكا ووسائل عولمتها التي أفرزت الكثير من السوالب عبر مواقع
التواصل الاجتماعي فأصبحت تشكل خطراً علي النشء والشباب من الجنسين في إطار التطور
والتقدم الذي هو قطعاً لم يطور ويقدم أمتنا إلي الأمام بل أعاق حركة التنمية التي
تؤكد مدي وعي الشعوب بها في إطار الاستهداف الظاهر الذي يجب أن يكون مفهوماً من
أجل بث روح الوعي والإدراك كل في مجاله فالوعي والإدراك ليس بالأمر السهل وبالتالي
يحتاج للتأطير له عبر المؤسسات الإعلامية المختلفة حتي يعي كل منا ما يحيط بمجتمعه
في ظل غياب أجهزتنا الإعلامية التي تتعمد خلق الفتنة ناسية أو متناسية أن للحرفية
والمهنية أصول علمية وآداب وأساليب يجب أن تتبعها في أجندتها ويتم تضمينها في دفتر
القدرات والمهارات التي هي بلا شك تؤثر تأثيراً بالغاً في وعي المتلقي الذي هو جزء
أصيل من المجتمع الذي أصبحت تشكله الوسائل التقنية الحديثة المستخدمة دون أدني
وعي.. فالوعي تلعب فيه الأجهزة الإعلامية مرئية، مسموعة، مقروءة دوراً كبيراً في إطار
واقع مليء ومتداخل.. ومتعدد بالصور السالبة التي تطل من خلال المواقع الإسفيرية
والمواقع التواصلية الاجتماعية ( الفيس بوك ) و( الواتساب) و( التانقو) و( الياهو
) و( التويتر ) وغيرها.. فالإعلام لم يعد ذلك الجاذب للمشاهد نسبة إلي أنه لا يلبي
طموحاته.. و لا يشكل الوعي المطلوب للإمكانيات البسيطة في التقنية وعدم تأهيل
الكادر الذي ليست لديه أدوات تعبيرية جاذبة للمتلقي الذي أصبحت خياراته كثيرة في
ظل الفضاء المفتوح ضف إلي ذلك السياسات التحريرية للمؤسسات الإعلامية.. وهي سياسات
أثبتت فشلها الذريع في صناعة إعلام هادف يصوغ رسالته في صورة لا تشوبها أية شائبة.
وأعزو ما
ذهبت إليه إلي عدة أسباب أبرزها أن المتلقي للمادة الإعلامية فقد الثقة في القنوات
الفضائية الحكومية والخاصة للدور السلبي في عكس همومه وقضاياه التي أن لم يجدها
علي تلك الشاشات البلورية سيبحث عنها في مواقع آخري.. لأنه بأي حال من الأحوال لا يقبل
بالإعلام الموجه لخدمة أغراض محددة لا تمت بصلة للتوعية التي هو في حاجة إليها مع
جرعات معلوماتية مقرونة بالتحليل الموضوعي.
وكان
للإعلام في وقت سابق تأثيره البالغ علي المتلقي وذلك من واقع أنه ليست لديه خيارات
في إستغاء المعلومة إلا من خلاله وبالشكل الذي يتناسب مع سياساتهم البرامجية
الخالية من أية دراسة نقدية لذلك الواقع الذي يعيشه يومياً ومن الدراسات والأبحاث
التي يرجي أن تحقق ﻧﺘﺎﺋﺞ هي تلك التي تم أجرائها ميدانياً عن ﺩﻭﺭ الوسائط
الإعلامية التي يجب أن تقدم للمتلقي ﻣﻌﻠﻮﻣﺎﺕ توعوية للمساهمة في تثقيف العامة بما
يجري في محيطهم.. لذلك يبقي السؤال إلي متى تظل قنواتنا الفضائية بعيدة كل البعد
عن متابعة المعلومات والقرارات المصيرية في حياته.. وأكثر ما فضح زيف القنوات
العربية ثورات الربيع العربي في مصر، سوريا، ليبيا، تونس إذ أنها فشلت في عكس صورة
واقعية ما اضطرها إلي بث روح عدائية قادت في النهاية إلي فشل ثورات الربيع
العربي.. وهي واحدة من الأسباب التي حدت بالمتلقي أن يفقد الثقة فيما تبثه القنوات
الفضائية علي كاف الأصعدة والمستويات إلي جانب أن المادة المطروحة مادة تقليدية
وغير جاذبة.. مما يجعلها منفرة.. وبما أنها كذلك فلا يمكن أن نعول عليها في تنمية
الوعي الجمعي في المجتمعات العربية.. خاصة وأن محتوي المادة المطروحة ضعيف لا يقود
إلا إلي تسطيح الأحداث التي قد يكون المتلقي طرفاً منها.. لذلك لا تستطيع قنواتنا
أن تستعيد ثقة المشاهد طالما أنها تمضي بنمطية وتقليدية.
وإذا لم
تكترث القنوات الفضائية العربية إلي مشكلة مواكبة تطور المتلقي من حيث الوعي بما
يجري في محيطه من أحداث.. فقد تجد نفسها مضطرة إلي التوقف عن البث أو البث بدون
مشاهدة.