السكرتير الأول بالسفارة
السودانية بتشاد يكشف تفاصيل وفاة سوداني بانجمينا
الخرطوم : سراج النعيم
شيعت السفارة السودانية السيد
ربيع يونس محمد إلي مثواه الأخير بمقابر ( لاماجي ) بالعاصمة التشادية ( أنجمينا )
التي اسلم الروح فيها إلي بارئها بتاريخ 3/12/2013م.
وتشير الوقائع التي يرويها للدار
الأستاذ حسام الدين الطيب عبدالكريم السكرتير الأول بوزارة الخارجية.. البعثة
الدبلوماسية السودانية بالعاصمة التشادية ( أنجمينا ) قائلا : تم إخطارنا بوفاة
المواطن السوداني ربيع يونس محمد فتحركنا إلي مكان الوفاة وبعد الإجراءات
القانونية اتضح أنه توفي وفاة طبيعية.. وبالبحث في أوراقه الثبوتية تأكد أنه يعمل
فني ميكانيكا مع عدد من السودانيين المقيمين بتشاد.. وليس له عنوان للتعرف علي
ذويه بالسودان ومن المعلومات التي تحصلنا عليها أنه كان يرفض دوما الإدلاء بأية
تفاصيل تتعلق بأسرته في السودان.. ونقل عنه أنه كان ينتمي للحزب الشيوعي
السوداني.. وأنه درس الهندسة الميكانيكية ببلغاريا التي تم ابتعاثه إليها أبان حكم
الرئيس السوداني الراحل جعفر محمد نميري.
وأضاف : تنقل المرحوم ربيع يونس
محمد حسب التأشيرات الممنوحة له بجواز سفره في عدد من دول الجوار الإفريقي إلي أن
استقر به المقام بالشقيقة تشاد.. فيما يحمل جنسية بالميلاد بالرقم ( 394223 )
بتاريخ 16/ 11/1998م .. ولد في العام 1947م بمدينة سنجة حسب جوازه بالرقم ( 4302 )
الصادر بالخرطوم في 13/6/1989م.. عليه نرجو منكم إحاطة الجهات المعنية بولاية سنار
للإعلان عنه حسبما تشير الوثائق الثبوتية له.
واستطرد : بما أنني مسئول الملف
القنصلي بالسفارة السودانية فبعد وصولي إلي ( أنجمينا ) كنت متخوفاً من واقع
العلاقات السودانية التشادية الماضية بين البلدين واكتشفت العكس تماما.. فالشعب
السوداني محبوب جدا هنا.. والشعب التشادي امتداد للشعب السوداني من حيث العلاقات
والتاريخ والإرث.. لذلك لم أحس بأنني في غربة عن وطني.. وبالتالي وجدنا من
التشاديين كل التعاون علي الصعيد الرسمي والشعبي.. وعلي خلفية ذلك وجدنا أننا يمكن
أن ندفع بالعلاقات بين الدولتين قدما إلي الأمام
وهي انطباعات خاصة من خلال
تواجدي في ( أنجمينا ).. وعليه سنسعى بأذن الله سبحانه وتعالي إلي تقديم ما يخدم
العلاقات بين البلدين
أما بالنسبة إلي المرحوم ربيع
يونس توفي وفاة طبيعية بمستشفي ( أنجمينا ).. وفي هذا الإطار درجت السفارة علي
حضور غسل وتكفين والصلاة ودفن الجثامين للسودانيين الذين يتوفاهم الله سبحانه
وتعالي وعلي رأسهم السفير الفريق أول مهندس عباس عبدالله عربي.. وبعد ذلك اكتشفنا
أن المتوقي لا يدلي بأية معلومات عن أهله في السودان.. سوي أنه درس بأوكرانيا ثم
عاد إلي السودان ومنه شد الرحال بحسب الجوازين الخاصين به أنه حاز علي تأشيرات
خروج إلي ( دولة جنوب السودان، كينيا، الكاميرون) وغيرهم من مناطق غرب أفريقيا..
ومن ثم استقر به المقام في ( أنجمينا ) وعمل هنا مع رئيس الجالية السودانية الأسبق
محمد خليل بعده أصبح يعمل حرا مع بعض السودانيين.
هل هنالك تناقض في الجوازين
الخاصين بالمرحوم؟ قال : لا يوجد تناقض.. فجوازه القديم مدته انتهت فأستخرج جواز
جديد بنفس المعلومات.. ولكن المشكلة أنه لا علاقة تربطه بالسودان.. فحتي الصور
الشخصية قديمة وبالتالي الصور الخاصة به يبدو أنها ملتقطة منذ زمن بعيد.. فهو توفي
في العام 2013م وبالتالي الصور الشخصية تختلف بحسب مراحله العمرية المختلفة.
هل لديه ممتلكات أو مبالغ مالية
في العاصمة التشادية ( أنجمينا )؟ قال : علي حسب صاحب العقار الذي استأجر منه
المنزل أنه لا يمتلك سوي مبلغ مالي بالدولار الأمريكي ما يعادل بالسوداني مبلغ
كبير وكان أن سألنا مالك المنزل هل علي المرحوم ربيع أية التزامات مالية لم يوفيها
قبل وفاته؟ قال : بالعكس فالراحل يودع بطرفي مبلغ مالي.. ومسدد الإيجارات التي
عليه.
وماذا عن فترتك في دولة الصين؟
قال : أمضيت ستة سنوات في العاصمة الصينية ( بكين ) وفيها تجولت في عدد من الملفات..
وإذا قارنت بين الجالية في ( أنجمينا ) والجالية في ( بكين ) نجد الأولي تختلف عن
الثانية التي اغلبها طلاب علم وتجار ينحصرون في جنوب الصين بمنطقة ( جوان جو )
المطلة علي البحر.
ما الذي تتذكره من مواقف مرة بك
في الصين؟ قال : من خلال عملي القنصلي سافرت عدة مرات إلي مدينة ( وان جو ايو )
لحل مشكلات سودانيين معتقلين من منسوبي الشركات الصينية التي منحتهم بضائع عادوا
بها إلي السودان دون أن يسددوا المبالغ المالية مقابل ذلك الشراء ويتركون في الصين
وكلاء ينوبون عنهم وسكرتارية لهم في المكتب باعتبار أن العمل الخاص بهم يمضي بصورة
طبيعية.. وحينما يحل أجل سداد الديون يتم اعتقال الوكيل أو أي شخص من طرف الدائن
إن موجودا بالصين لضمان استرداد قيمة البضائع.. والاحتجاز يتم داخل المنزل أو
المكتب.. ومثل هذا السلوك يشكل ضغوط نفسية علي السوداني المعتقل كضامن من أجل
الاتصال بالتاجر الذي أخذ من الصينيين البضائع بغرض إعادة المبالغ لهم.. وقد وقفت
في أكثر من ثلاثة حالات من هذا القبيل.
وعن المواقف التي مرت به في هذا
الإطار؟ قال : اغرب واقعة مرت بي.. هو أن هنالك سودانيا أخذ بضائع من التجار
الصينيين ولم يسدد قيمتها عائدا إلي السودان بعد أن ترك زوجته وأبنائه الصغار
البالغ عددهم الثلاثة الذين تتفاوت أعمارهم كضمان للتجار في مدينة ( قوان جو )
الصينية.. وهذه المدينة تبعد من ( بكين ) العاصمة أربعة ساعات ونصف بالطائرة من
الشمال إلي الجنوب وتضاعف عند العودة هكذا قطعت تلك المسافة ذهابا وإيابا بعد أن تلقينا
بلاغا من رئيس الجالية بالمنطقة المحتجزة بها السيدة وأطفالها علي أساس أنها
معتقلة في منزلها بشرط إعادة المبالغ المالية التي بطرف زوجها.. وعندما وصلت إلي
موقع الاعتقال في المساء مبعثاً من طرف السفارة السودانية بـ( بكين ) طرقت باب
الشقة في الطابق الرابع ففتح الباب بعض الصينيين فتحدثت معهم بالصيني الذي درسته..
فسألوني من أنت؟ قلت : أنا مندوب السفارة السودانية بالصين لحل مشكلة مواطنتنا
المحتجزة بطرفكم.. فأردفوا سؤالهم ما الذي يثبت أنك من السفارة؟ فقلت : هذه هي
بطاقتي التي تثبت صحة إدعائي.. فقالوا : نحن نبحث عنكم لأنكم تتركون السودانيين في
الصين ويأخذون مبالغنا المالية دون أن نعرف ما هي حقيقة الأمر.. ولكن تفضل
بالدخول.. وعندما دلفت للداخل تفاجأت بأن الوضع الذي عليه السيدة السودانية
وأطفالها مزريا في الغرفة المحبوسة فيها فسألتها كيف تأكلون وتشربون في ظل ذلك الجو؟
فقالت : نعد الطعام بالمطبخ المشترك بيننا ومن يحتجزوننا من الصينيين.. وعندما
نكلف سودانيين لكي يحضرون لنا طعاما جاهز ومعلبات نجد من يشددون علينا الحراسة
يأكلونها باعتبار أنهم يطلبونهم مبالغ مالية نظير البضائع التي صدرها عائل الأسرة
إلي السودان.. وفي اليوم التالي طلبت لقاء مع وزارة الخارجية الصينية وشرحت لهم
أننا كسودانيين ننتمي للديانة الإسلامية التي تمنع اختلاط المرأة المسلمة مع
الأجنبي في شقة واحدة والأغرب أن المسئولين الصينيين قالوا : ( الوضع الذي عكسته
لنا وضع طبيعي وهو السبيل الذي يستطيع التجار الصينيين أن يستردوا به مبالغهم من
التجار السودانيين.. فسألتهم هل هذا المسلك مشروع؟ قالوا : ليس لدينا حل غير طريقة
الاعتقال ولكن استجابة إلي شكواك هذه سنحاول أخراج الصينيين من داخل الشقة
ليراقبوا السيدة السودانية وأطفالها من خارج الشقة أي أنها ستظل في محبسها.. فقبلت
بهذا الخيار.. الذي عدت بعده إلي العاصمة الصينية ( بكين ).. وبعد مرور أسبوع من
تلك الأحداث تفاجأت بالزوجة السودانية في مقر السفارة حيث أنها وجدت مخرج عبر احدي
النوافذ غير الباب المحروس من قبل الصينيين واستقلت القطار القادم من مدينة (
غونزوا) إلي العاصمة ( بكين ) التي آويناها بها وأطفالها ثم عملنا لها وثيقة سفر
إلي أن تمكنا من إعادتها.
جرائم السودانيين في الصين ماذا
عنها؟ قال : الجرائم التي تحدث في الصين هي جرائم تتعلق بالمعاملات التجارية بين
تجار البلدين.. حيث أننا حاولنا تدارك أن لا يأخذ التجار السودانيين بائع بالدين
من الصينيين ولكن لم نجد آلية يمكنها أن تضبط هذا التجاوز حتى بالتنسيق مع
المغتربين وجهاز شئون السودانيين العاملين بالخارج ووزارة الخارجية إلا أنه
باعتبار أي سوداني يحمل جواز سفر ويرغب في أن يغادر إلي الصين لا يمكنك أن تمنعه..
وعندما تبحث في الملف وجدنا أن الخطأ في الأساس خطأ الصينيين الذين يمنحون التجار
السودانيين بلا ضمان كسائر الضمانات التي تتم في المعاملات التجارية.. وبدورنا
تحدثنا معهم بأن أي مواطن سوداني لم يدفع مبالغه المالية كاملة مقابل البضائع التي
تمنحونها إليه لا تدعوه يسافر بها إلي السودان.. لأننا في مثل هذه الحالة غير
مسئولين عن التبعات التي تأتي بعد ذلك علما بأن اغلب السودانيين ما عدا ضعاف
النفوس يدفعون المبالغ المالية المطلوبة منهم باستثناء قلة منهم.. والتجار
الصينيين درجوا علي التعامل معهم علي هذا النحو لان سمعتهم طيبة وبالتالي لا
يتخيرون بين هذا السوداني وذاك في المعاملة التجارية.
.والوسيلة التي يستخدمها التجار
الصينيين لاسترداد المبالغ المالية تحقق الهدف في رد الدين من التجار السودانيين..
وأن كانت هذه الطريقة طريقة غريبة في دولة عظمي.