جرت مواجهات الجمعة في الاسكندرية، شمال
مصر، بين متظاهرين مؤيدين للرئيس محمد مرسي واخرين معارضين له اسفرت عن عدد
من الاصابات وحالات الاختناق بالغاز، وذلك عشية المرحلة الثانية من
الاستفتاء على مشروع دستور يثير انقساما وتوترا في البلاد منذ اسابيع.
واستخدمت
قوات الامن المركزي بعد ظهر الجمعة الغاز المسيل للدموع واقامت حاجزا من
عناصرها للفصل بين المتظاهرين الاسلاميين المؤيدين لمرسي وبين معارضين
الذين تراشقوا بالحجارة، في محيط مسجد القائد ابراهيم في الاسكندرية وسط جو
غائم.
وكان بضعة آلاف من الاسلاميين احتشدوا في "مليونية الدفاع عن
العلماء والمساجد" بعد صلاة الجمعة مرددين هتافات مؤيدة للشريعة الاسلامية،
في حين وقف مئات من المعارضين على بعد خمسين مترا على الكورنيش يهتفون ضد
الاخوان المسلمين والرئيس مرسي عشية المرحلة الثانية من الاستفتاء التي لا
تشمل محافظة الاسكندرية.
وقال حازم (37 عاما) وهو من اهالي المنطقة "والله لن يحكم البلد الا ما يختاره الناس"، قبل ان يهتف "اسلامية اسلامية".
وفي
ما كانت القنابل المسيلة للدموع تنهمر على الفريقين، قالت امراة منقبة وهي
تبكي اثناء فرارها من امام المسجد "الداخلية تضرب الاسلاميين، وتترك
البلطجية يهاجمونا.. حسبي الله ونعم الوكيل".
اما محمد فائز (طبيب-56
عاما) الذي قدم للصلاة في المسجد رغم معارضته لمرسي فقال "مصر طول عمرها
نسيج واحد لكن مرسي قسم البلد معسكرين".
وامتد التراشق بالحجارة الى
الشوارع الجانبية القريبة من المسجد في حين حاول الكثير من الناس الاحتماء
بالفرار الى الشوارع البعيدة عن المناوشات.
وعاد الهدوء بعد نحو ساعة ونصف من المناوشات.
وهتف الاسلاميون "الشعب يريد تطبيق شرع الله" و"بالروح بالدم نفديك يا اسلام".
من
جهتهم، ردد مئات المتظاهرين المعارضين للاسلاميين شعارات ضد الاخوان
المسلمين وضد الرئيس مرسي خصوصا "بيع بيع .. الثورة يا بديع" في اشارة الى
مرشد الاخوان محمد بديع.
وكانت الاسكندرية التي تقدمت فيها "نعم"
السبت الماضي بحسب نتائج غير رسمية للمرحلة الاولى من الاستفتاء، شهدت
الجمعة الماضية مواجهات بين انصار الرئيس مرسي ومعارضيه، بعد اتهام الشيخ
احمد المحلاوي بانه وجه المصلين للتصويت بنعم على مشروع الدستور.
وحمل
المحلاوي من على منبر مسجد القائد ابراهيم في خطبة الجمعة اليوم على "من
يتولون" وسائل الاعلام المصرية داعيا المصريين الى عدم "الانخداع" بها
مشيرا الى انها حرفت ما حدث الاسبوع الماضي و"صورت ضرب المسجد بالطوب" على
انه شجار بين نعم ولا.
وختم المحلاوي خطبته بالدعوة من اجل "الهداية
والمغفرة للضالين والمذنبين (..) وبان يكون عهد ولي الامر (مرسي) عهد رخاء
وامن وطمانينة".
ودعت جبهة الانقاذ الوطني المعارضة وشيخ الازهر الخميس الى ابعاد المساجد عن السياسة عشية الاستفتاء.
وتنظم
في مصر السبت الجولة الثانية من الاستفتاء وتشمل 17 محافظة تضم نحو 25,5
مليون ناخب مسجل وذلك بعد تنظيم المرحلة الاولى السبت الماضي التي شهدت
تقدم "نعم" بنسبة فاقت 56 بالمئة بحسب ارقام غير رسمية. وتعلن النتائج
الرسمية النهائية للاستفتاء بعد انتهاء المرحلة الثانية.
وبعد نتيجة
المرحلة الاولى يتوقع فوز "نعم" في النهاية لكن بعض المحللين يرون ان هذا
الفوز قد لا يكون هاما لدرجة يمكن اعتباره نجاحا شخصيا للرئيس مرسي.
وكتب
المحلل السياسي حسن نافعة في المصري اليوم (مستقلة) "تبدو الامور على
السطح وكانها تسير على النحو الذي رسمته جماعة الاخوان المسلمين" مضيفا ان
"جميع المؤشرات توحي بموافقة اغلبية المشاركين على مشروع الدستور (..) وليس
من المستبعد ان تتخذ جماعة الاخوان المسلمين من النتائج دليلا على انها
حققت انتصارا حاسما على خصومها يمنحها ما يكفي من التفويض لمواصلة الطريق
الذي اختارته ورسمته لمصر" معتبرا ذلك "قراءة مغلوطة".
في الاثناء
دعا محمد البرادعي منسق جبهة الانقاذ الوطني الرئيس مرسي الى "جمع شمل"
المصريين ووقف الاستفتاء على مشروع الدستور المثير للجدل وذلك لانقاذ مصر
من "الافلاس" ووضعها على طريق الامن والاستقرار.
وقال البرادعي
"البلد على وشك الافلاس (...) اذا اكملنا ثلاثة اشهر فلن نكمل اربعة اشهر،
وصندوق النقد الدولي قال انه سيؤجل القرض ونصف العالم يقول لا يمكننا ان
نعطيكم تمويلا لانه لا يوجد امن ولا رؤية ولا وضوح ولا استقرار".
وكان
صندوق النقد الدولي اعلن في 11 كانون الاول/ديسمبر الحالي ان مصر طلبت منه
ارجاء طلبها الحصول على قرض بقيمة 4,8 مليارات دولار تم الاتفاق عليه في
تشرين الثاني/نوفمبر بسبب الازمة السياسية التي تهز البلاد.
وخاطب
البرادعي الرئيس المصري قائلا "اتقوا الله يا مرسي وحكومة مرسي وجماعة مرسي
في البلد والحل لا يزال موجودا" مضيفا "كما قلت المرة الفائتة وقال غيري:
اعد العمل بدستور 1971 وتعديلاته، وشكل حكومة كفاءات لان الحكومة الحالية
غير قادرة على ادارة البلاد واجمع الشمل وامدد يدك للشعب المصري".
وانقسم
المصريون بشان مشروع الدستور بين مؤيد يعتبر انه "نتاج الاغلبية وينهي
المرحلة الانتقالية ويجلب الاستقرار ويدير عجلة الاقتصاد"، ومعارضي يرى انه
"غير توافقي وينطوي على افراط في اسلمة التشريع ويمس بالحقوق والحريات ولا
يجلب استقرارا حقيقيا".
وشهدت البلاد مواجهات كان بعضها عنيفا بين
الفريقين خصوصا في 5 كانون الاول/ديسمبر حين سقط ثمانية قتلى واصيب المئات
في محيط القصر الرئاسي في القاهرة.