الجاني سجل اعترفاً بالجريمة
والمجني عليه صفع قاتله كفاً على خده .
شرطة دار السلام تحيل البلاغ بمعروضاته وتسلم
المتهم للمحكمة بحضور أولياء الدم
أسرة القتيل محمود تتمسك بالقصاص
والجلسة الأولى في الرابع عشر من مايو الجاري
أمبده : سراج النعيم:
واصلت
أسرة القتيل محمود الفضة
الأمين كشف التفاصيل المتعلقة بحادثة مقتله البشعة على يد صديقه أثناء لعبهم
الكوتشينة بمنطقة دار السلام مربع (2) بسوق ليبيا وفي ذات السياق قررت محكمة
السلام عقد الجلسة الأولى بتاريخ 14/5/2012م ، فيما تمسك أولياء الدم بالقصاص
بينما نجد أن الجاني سدد له طعنة نجلاء اودت بحياته دون أن ينظر إلي أنه صديقه
الذي ارتكب في حقه الجريمة التي تحمل بين طياتها الكثير من الغرابة ..مشادة كلامية
صفع فيها المجني عليه الجاني كفاً مما قاد الصديق إلي طعنه بالسكين والفرار إلا أنه طارده لاقتصاص حقه من القاتل وبدأت
المطاردة من داخل الغرفة إلى الشارع العام الذي انهارت فيه قواه ولم يعد قادراً
على الاحتمال الشيء الذي استدعاه إلى الاستسلام لهذا الواقع الذي فرضه عليه القدر
.. فسقط على الأرض ومازال فيه بعضاً من النبض الذي قاده إلى الإبلاغ عن قاتله قبل
أن يسلم الروح لبارئها أمام بوابة مستشفي امبده النموذجي الذي اسعفه إليه عمه الذي
هب مسرعاً إلى مسرح الحادث إلا أن (الفضة) مات تاركاً وراءه زوجته التي انجب منها
صغيرته التي أتي إليها قادماً من منطقة تلودي جنوب كردفان من اجل التنقيب عن الذهب
لكي يوفر لأسرته الصغيره والكبيرة عيشاً كريماً في ظل الظروف الاقتصادية القاهرة
.. جاء من هناك قبل ثلاث أيام فقط .. وهو يمني النفس بتحقيق احلامه .. هكذا كان
حاله دون ان يتوقع أن تصبح حكايته مثيرة وغريبة.
قسم شرطة دار السلام بالإسكان
القضية ترجع وقائعها إلى أن القتيل
محمود الفضة الأمين خرج من منزلهم قاصداً اصدقائه الذين حرمته منهم هجرته بدافع الكسب
الحلال في المنطقة المشار إليها مسبقاً.. ولم يفكر وقتها أنه سوف يتعرض لمكروه وكان
تفكيره منحصراً في الأطمئنان على والدته وزوجته وصغيرته .. وعندما خرج في ذلك
اليوم لم يشير إلى وجهته ظناً منه أنه سيعود بعد الإلتقاء بالأصدقاء واللعب معهم
كالمعتاد (الكوتشينة) خاصة وأنهم جميعاً يقطنون في دار السلام مربع (2) وبما أنه
يسكن معهم فإنه بذلك في أمان .. ولكن رغماً عن ذلك نشب خلاف بينه والجاني في تلك اللحظة
التي كانوا يلعبون فيها الكوتشينة .. فما كان من القاتل إلا وأن يستل سكيناً من
بين طياته ويسدد بها طعنة قاتلة لصديقه محمود الفضة الأمين ويفر هارباً وهو يشاهده
ينزفاً دماً شديداً .. الأمر الذي حدا بالمجني عليه مطاردته إلى أن سقط في الشارع
العام وسط بركة من دمائه .. وما أن مر على هذه الجريمة سويعات إلا وتمكن تيم مباحث
قسم شرطة دار السلام بالإسكان من القاء القبض على القاتل وإيداعة الحراسة.
النيابة توجه للمتهم تهمه القتل
العمد
وفي سياق ذي صلة قالت أسرة القتيل
الفضة : إن شرطة دار السلام بذلت مجهوداً
كبيراً في تداعيات هذه الحادثة .. إلى أن اكلمت تحرياتها في البلاغ الذي وضعت في
إطاره الشاب صديق القتيل الحراسة متهماً بارتكاب هذه الجريمة بآلة حادة (سكين) إثر
خلاف في توزيع ورق الكوتشية ولم يكن أهل القتيل يضعون في الحسبان تطوره إلى هذه
المرحلة التي دفعت هذا الجاني إلى إهدار روحه بهذه الصورة المؤلمة جداً وهي الصورة التي
بدأت معها حياتهم الاجتماعية تتعثر لما شهدته من سيناريو لم يكن يخطر بالبال وهو
ذات التصور الذي جعله يخرج من منزله للتسلية ولكن
القاتل انقض عليه غدراً فأصابه في مقتل وبعد ان نفذ جريمته الشنعاء فر هارباً
إلا أن الشرطة كانت له بالمرصاد إلى أن
وجهت إليه وكالة النيابة تهمة القتل العمد بعد تكثيفها للبيانات وأقوال الشهود
الذين كانوا حضوراً لحظة ارتكاب الجريمة ضف إلى ذلك فإن المتهم نفسه سجل اعترافاً بهذه الجناية ومن
هذا المنطلق يواجه الجاني التهمة تحت المادة (130) من القانون الجنائي وتفسيرها القتل العمد بعد
أن أوصت وكالة النيابة المختصة بإحالة أوراق البلاغ الجنائي إلى المحكمة إيذاناً
بالبت فيه.
جثمان القتيل محمود الفضة
واستطرد : منذ
اللحظة التي علمنا فيها بالجريمة توجهنا
به مباشرة إلى قسم شرطة دار السلام غربي مدينة ام درمان والذي بدوره منحنا اورنيك
( 8 ) جنائي ذهبنا به إلى مستشفي امبدة
النموذجي الذي توفي امام بوابته فكانت الصدمة بالنسبة لنا كبيرة وعليه تحرك تيم من
الشرطة إلى مسرح الجريمة يرافقه فريق من شرطة الادلة الجنائية التي قامت بإحراز
المعروضات وعمل الاجراءات القانونية والفنية وما أن انتهت من هذه المهمة إلا وتم تحويل الجثمان إلى مشرحة الطب الشرعي
التابعة الى مستشفي ام درمان التعليمي وبعد أن أوقع الطبيب الشرعي الكشف والتشريح
جاء قراره على النحو التالي : (الوفاة ناتجة عن الطعن بالة حادة)
تسليم البلاغ الى المحكمة
وتستأنف أسرته القصة المؤثرة قائلة : هاهي الأيام تمضي
والسلطات تؤدي واجبها على اكمل وجه منذ ان فتح البلاغ الجنائي والقاء القبض على
المتهم والتحري حول الملابسات والظروف
والاسباب الناتجة عنها هذه الجريمة التي اماطت اللثام عنها اذ ان شقيقي المجني
عليه وصديقه الجاني كانا يلعبان في (الكوتشينة)
واثناء ممارستهما لذلك دب بينهما خلاف
بدأ بمشادة كلامية ثم تطور إلى هذه المرحلة التي قادت المجني عليه أن يصفع
المتهم على خده مما اثار غضبه وجعله يستل سكيناً ويسدد بها طعنة قاتلة لصديقه ومن
ثم يحاول الفرار إلا أن (الفضة) طارده إلى ان فقد قوته في الطريق العام مما
استدعاه السقوط على الأرض وسط بركة من الدماء وعلى خلفية ذلك قامت شرطة دار السلام
بالاسكان بتحويل اوراق البلاغ الى المحكمة
وتسليم المتهم والمعروضات التي تم احترازها في البلاغ ووفقاً إلي ذلك قررت المحكمة أن تعقد أولي جلساتها في الرابع عشر من
مايو الجاري.
يغرز السكين في الجنب الأيمن
كانت أسرة القتيل الفضة قد أبلغت الدار بالحادثة لحظة وقوعها
مؤكدة أن المفاجأة كانت مذهلة بحق وحقيقة من واقع أن الضحية مشهود له بدماثة
الأخلاق في حين أن المتهم سارع إلي أن يستل (سكين) غارزاً إياها في الجنب الأيمن
للمجني عليه خوفاً من بنيته الجسمانية القوية بحكم انه رياضي.. ورغماً عن طعنه في
تلك اللحظات ألا انه وقف راجلاً بعد أن كان جالساً علي السرير وبدأ في مطاردة
صديقه إلي خارج مسرح الجريمة التي ارتكبها المتهم وفر هارباً من مسرح الجريمة
الواقع بدار السلام بسوق ليبيا مربع (2) وبما انه نحيلاً استطاع ان يهرب ولكن
المجني عليه خرج وراءه .. فلم يتحمل النزف الدموي الذي كان ينزفه في تلك الأثناء لأنه
كان ينزف الدماء بغزارة شديدة مما أدى إلي سقوطه علي الأرض متأثراً بما تعرض له ..
فتجمهر بعض أهالي المنطقة وكان من بينهم عم القتيل الذي سارع إلي إسعافه علي جناح
السرعة إلي مستشفي امبدة النموذجي الذي اسلم أمام بوابته الروح إلي بارئها قبل ان
تلامس جسده أيادي ملائكة الرحمة.. وبالتالي حول الجثمان إلي مشرحة الطب الشرعي
التابعة إلي مستشفي امدرمان التعليمي.. وبعد إجراء اللازم تمت مواراة جثمانه
الثري.
المرحوم طارد الجاني خارج المنزل
ويعزز هذه الحالة خليل داؤود الأمين ابن عم القتيل محمود
الفضة الأمين البالغ من العمر (30) ربيعاً قائلاً: كما نجلس في منزلنا فجاءنا
النبأ المشؤوم وصادف في تلك الأثناء ان أشار طفلاً صغيراً علي والدي بهذه الجريمة
النكراء التي شهدها مربع (2) بدار السلام بسوق ليبيا.. فسارع إلي ان وصل مسرح
الجريمة.. فرأي ابن شقيقه (محمود) واقعاً علي الأرض والدماء ترشح من جسده بالجنب
الأيمن.. فوضع يديه علي رأسه من فرط المفاجأة.. التي رغماً عنها قام بإسعافه لكن
يد القدر كانت أسرع من كل المحاولات.. فتوفي متأثراً بما تعرض له ورغم ذلك كشف عن
اسم الجاني قبل ان يرحل إلي الرفيق الأعلى.. أما الأسباب القائدة إلي هذه الجريمة
تتمثل في ان ابن عمي محمود الفضة الأمين كان يلعب (الكتشينة) مع ثلاثة من أصدقائه
الذين هم جميعاً يقطنون بمربع (2) بدار السلام غرب مدينة امدرمان وأثناء ذلك نشب
خلاف بين الجاني والمجني عليه فما كان إلا وتدخل أصدقائهما الآخرين وفضا الاشتباك
بينهما.. ألا ان القاتل كان مبيتاً النية.. لذلك اخرج سكيناً وطعن بها القتيل
(محمود) داخل الغرفة التي كانوا يجلسون بها.. ثم فر الجاني من هناك إلي خارج
المنزل المشار إليه.. وبما ان محمود الفضة الأمين كانت لديه بعضاً من قوة التحمل
هرول خلفه إلي ان خارت قواه فسقط علي الأرض في الطريق العام وهو ينزف نزفاً
شديداً.
قسم شرطة السلام بالإسكان
وتابع: وعندما علم والدي عم(محمود) بالأمر توجه مباشرة إلي
الشارع المسجى فيه ابن شقيقه وكان ان وجد (آدم) صديق القتيل واقفاً علي رأس المجني
عليه فسأله ما الذي حدث؟ فقال لهني طعن محمود وأنا الآن أود إسعافه إلي المستشفي
فأردف والدي السؤال بسؤال آخر أين هو الشخص الذي
الجناية؟! فقال آدم صديق القتيل: لقد ذهب ناحية منزلهم الأمر الذي حدا
بوالدي الذهاب به إلي قسم شرطة السلام بالإسكان إذ انه إلي تلك اللحظات كان علي
قيد الحياة وابلغ عن قاتله الذي في إطاره استخرجنا اورنيك (8) توجهنا به إلي
مستشفي امبدة النموذجي إلي هنا كان المرحوم يتنفس بصعوبة ومن ثم توفي قبل ان ندلف
به إلي باحة المستشفي.. وهو الأمر الذي استدعانا للاتصال بشرطة مسرح الحادث التي
جاءت إلينا وقامت بالإجراءات القانونية المتعلقة بمثل هذه الجرائم.. وبالانتهاء من
هذه الخطوة عدنا مرة ثانية إلي قسم شرطة السلام بالإسكان والذي بدوره خاطب لنا
مشرحة الطب الشرعي التابعة لمستشفي امدرمان التعليمي وكان ان شرح الطبيب المختص
الجثة.
عاد من تلودي قبل ثلاثة أيام
وينقلني خليل داؤود ابن عم المجني عليه محمود الفضة الأمين إلي
زاوية أخري من حياته والتي تتشكل بأشكال صفاته وتكشف حنان الأبوة لطفلته الوحيدة
البالغة من العمر أربع أشهر مرتفعاً صوته الذي كان يجهش بالبكاء والدموع تبلل خديه
ولا يأبه بها أو يفكر مجرد التفكير في مسحها: كان محمود عليه الرحمة يتعامل معنا
تعاملاً راقياً.. فما بالك ومن أتحدث عنها هي فلذة كبده.. فكان يضئ الطريق أمام
أسرته الصغيرة والكبيرة لا بل قل كل عشيرته التي شيعته في موكب مهيب إلي مقابر
امبدة.. فهو خرج من منزلهم بالمنطقة بعد ان أغلق الباب مطمئناً ان الدنيا عادت به
لأحضان ابنته الصغيرة.. وان كانت خطواته في ذلك الاتجاه معدودة مما حدا به ان يمضي
في شوارع تلك البيوت المشيدة من الطين حيث كان موجوداً بالمنزل يتجاذب أطراف
الحديث مع أسرته التي أتي إليها قبل ثلاثة أيام من تاريخ مقتله.. الذي خرج فيه علي
غير عادته ولم نعرف سبب الخروج إلا عقب وفاته.. فقد كان يشعر بالحنين للأصدقاء..
وحينما وصلهم بدأوا في لعب الكتشينة وهم يتجاذبون أطراف الحديث الذي انتهي بأن
ترتكب في حقه هذه الجريمة.
سدد له الطعنة القاتلة
ومازال يرسم في خارطة طريق الموت الذي وضع قدره علي ابن عمه
محمود الفضة الأمين الذي مات شامخاً بموقفه الراهن الذي هرب منه القاتل مما قاد
مباحث قسم شرطة السلام بالإسكان إلي أن تبذل مجهوداً كبيراً في إلقاء القبض علي
الجاني بعد بحث مضني سخرت له كل إمكانياتها إلي ان وردت إليهم معلومة تؤكد انه عاد
إلي منزلهم بمربع (2) بدار السلام غرب مدينة امدرمان حيث تم اقتياده إلي قسم
الشرطة في الرابع من شهر مارس 2012م ثم أودع الحراسة .
و نجد ان هنالك
حقيقة ثابتة في هذه القضية بان الجاني ارتكب جريمته مع سبق الإصرار والترصد لأنه
بعد ان فض الاشتباك بينه والمجني عليه (محمود) عاد وسدد له الطعنة القاتلة التي
أودت بحياته التي عمل علي ان ينفض عنها غبار الماضي باللجوء إلي مناطق تنقيب الذهب
حتى يوفر عيشاً كريماً لزوجته وابنته ووالدته إلا ان كل هذه الآمال تبددت في كسر
من الثانية دون سابق إنذار مسبق وبالمقابل تأزم الموقف.. خاصة وانه عاد من منطقة
تلودي وهو يحمل في معيته كل الأشواق.
التوجه مباشرة إلي مسرح الحادث
والتقط منه قفاز الحديث ابن عمه فضل الضو الذي قال: بدأت
الحياة الاجتماعية تفرد ذراعيها للمرحوم الذي تشهد له كل المنطقة بحسن الخلق وهو
لاعب كرة قدم من الطراز الفريد.. لذلك كان الموقف بالنسبة لنا في غاية الصعوبة..
حيث بدأ هذا الحدث بفصوله الدرامية المثيرة بتصاعد وتيرته حتى وصل قمته ونحن في
غمرة ذلك لم نحس بأية أحاسيس ايجابية.. فهذا الإحساس دفعنا للتوجه مباشرة إلي مسرح
الحادث لمعرفة ما يدور هناك وما ان التقطت أذناي الخبر المؤلم جداً إلا وتسمرت في
مكاني مذهولاً من فرط المفاجأة غير المتوقعة والتي لم تكن في حساباتنا من قريب أو
بعيد ولكن في النهاية أعود وأقول إنا لله وإنا إليه راجعون.