دلتا الدواخل
الغضب.. وأسوأ ما فينا!!
يعتبر الغضب أسوأ الحالات التي تصيب الإنسان نفسياً، وتعتريه هذه الحالة كلما مر بموقف من المواقف، أو شجار أو استجاب المخ إلى تهديد محتمل بالضرر، وعليه يكون الغضب شعوراً سلوكياً وذهنياً، ويتضح ذلك جلياً في تعبيرات الوجه، ولغة الجسد، وفي أحايين كثيرة تلحظه في الأفعال العامة عند الاعتداء، لذا يهدف الإنسان بذلك إلى تحذير المعتدي، ونادراً ما تقع المشاجرة البدنية بدون التعبير عن الغضب، والذي اختبر في إطاره عدد من الأشخاص، فجاءت نتائج الاختبار مؤكدة بأن الغضب يحدث نتيجة ما حدث لهم، وقال علماء النفس : (إن الشخص الغاضب قد يكون مخطئ لأن الغضب يتسبب في فقدانه القدرة على مراقبة وضبط النفس)، وبالتالي تختلف درجاته من شخص إلى آخر.
فيما تتفاوت درجات الاستجابة لردة فعل الغضب، لذلك يكون الغضب سبباً مباشراً في تصرفات بعيدة عن إحكام العقل الذي يصلح النفس والمجتمع، لذلك حذر الفلاسفة والكتاب من نوبات الغضب التلقائية، فالإنسان الغاضب يتجاوز كل الحدود لدرجة ارتكابه جرائم حد (القتل)، فكم من زوج قتل زوجته، وكم من ابن عاق قتل والده، وكم من أخ قتل أخيه، وكم.. وكم.. وكم.
إن الغضب يعمي البصيرة، ويحجب الرؤية عن الاحتكام للعقل، لأنه وفي الأساس ينشأ نتيجة للاستياء والانزعاج من أمر ما، ويكون هذا الأمر نابع عن تبادل الإساءات، عدم قبول وجهات النظر وفرض الآراء، لذلك الغضب مرفوض لأنه لا مسوغ له في الأساس، طالما أن الإنسان قادر على ضبط النفس دون المبالغة فيه، لأن المبالغة تجعل الإنسان مصراً على الانتقام والتشفي من خلال أفعال، سلوكيات وتصرفات غير عقلانية، فأي شعور (سالب) في موقف من المواقف أو إساءة من الإساءات أو إهانة من الإهانات أو إحساس بالظلم أو هضم الحقوق أو سوء الظن أو إدارة الحوار بصورة مستفزة أو محاولة فرض أفكار محددة يفقد الإنسان السيطرة على النفس، وتكون ردة الفعل (سالبة) جداً، وقطعاً يؤدي ذلك إلى وقوع الخلاف، وغالباً ما ينشأ الغضب لأسباب أقل ما توصف بها (تافهة)، لأنها لا تدع للإنسان مساحة لإجادة حسن التصرف، بل تحدو به إلى إبراز أسوأ ما لديه، ولا يمكن أن يكبح جماحه إلا في حال أنه تعامل بحكمة، ولم يتمادي فيه.
على الإنسان الاهتداء بما ذهب إليه سيد البشرية صل الله عليه وسلم، والذي لخص خطورة الغضب في الدعاء : (اللهم إني أسألك كلمة الحق في الرضا والغضب)، وهو يدعو الإنسان إلى ضبط النفس، وعدم اتخاذ أي قرار سالب لأي سبب من الأسباب، فالغضب يعمي العقول عن الحقيقة، لذلك هو آفة من الآفات الخطيرة في المجتمع، وكثيراً ما يشهد الناس أحداثاً مؤسفة في إطاره، لأن الإنسان لا يكون حكيماً في ظله، فعن أبي هريرة- رضي الله عنه- أن الرسول صل الله عليه وسلم- قال: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق