الأحد، 9 سبتمبر 2018

سراج النعيم يكتب : الوجود ﺍﻷجنبي وشقة شمبات

...............................
مما لا شك فيه، فإن الهجرة الشرعية وغير الشرعية نحو السودان أوجدت الكثير من الإشكاليات الشائكة المتشابكة المعقدة، أبرزها الآثار الأمنية، الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية، الشيء الذي استدعي السلطات المختصة تكريس الجهود لإيجاد الحلول الناجزة، خاصة بعد ظهور جرائم للأجانب تشكل هاجساً بالثقافات الوافدة المغايرة للسودانية.
إن تداخل ثقافة الأجنبي مع الثقافة السودانية تنبيء بميلاد أجيال مفتقدة للعادات والتقاليد والموروث الثقافي السوداني، وبالتالي التدفق المستمر للاجئين يرسم واقعاً غير مألوفاً.
ومن النموذج الأول نجد أن جريمة شقة (شمبات) التي هزت العاصمة السودانية (الخرطوم) راح ضحيتها ثلاثة أشخاص، وقد سجل المتهمون اعترافات بارتكابها، فالمتهم الأول (ليبي) يدعى (محمود) قال : أتفقت مع شركائي الذين يعملون بمناطق الذهب على قتل الضحية، وقمت باستدراج الضحية الأول، وأجلسته على كرسي ثم ذهبت لإحضار ماء له وباغته بطعنة من الخلف علي ظهره، فيما سدد له المتهم الثاني طعنة أخرى، بينما توجه الجاني (محمود) لإحضار الضحية الثانية، وما أن وصل القتيل باب الشقة إلا وسدد له طعنة نافذة على ظهره، وعندما ألتفت إليه الضحية عاجله المتهم الثاني بطعنة ثانية أردته قتيلاً، وأحتج (السمسار) على الطريقة والأسلوب الذي أدخل به الضحايا، وطلب من القاتل الليبي أن يدخل معهم ليحفظ حقوقه، ووافق المتهم (محمود) وقال له تفضل، وما أن وصل باب الشقة حتى عاجله بطعنة على ظهره، وسدد له المتهم الثاني (آدم) طعنة أردته قتيلاً.
أما النموذج الثاني فيتمثل في الأجنبي الذي دخل منزل أسرة سودانية شرق الخرطوم، كشفته ابنة المدانة الرابعة، بموجب إجراءات قانونية، أشارت فيها إلي أن أجنبياً يقطن معهم بمنزلهم أكثر من (6) أعوام متصلة، مدعياً أنه سيعالج شقيقتها الكبرى من مرض ظل يلازمها فترة من الزمن، وذلك بالرقية الشرعية، ومع مرور الأيام أصبح يفعل الخطيئة مع أفراد الأسرة واحداً تلو الآخر.
أما النموذج الثالث، فهو اللأجيء السوري الذي ﻳﺪﻳﺮ ﻣﺤﻼً ﻟﺘﺠﻤﻴﻞ وكوافير ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﺟﻨﻮﺏ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ، ومثل هذه الجرائم تؤكد أن الأجانب يرتبطون بالظواهر السالبة والجرائم الغامضة المندرجة مباشرة في واﻗﻌﺔ اللاجيء السوري الذي يعمل ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ تجميل في كوفير ﺩﺍﺧﻞ ﻣﻨﺰﻝ، مخالفاً به القوانين ﻭﺍﻟﻘﻴﻢ والأخلاق ﻭﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ والتقاليد، ﻭﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻣﻮﺍﺩ ﺳﺎﻣﺔ ﻭﻣﺠﻬﻮﻟﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ وإلي آخره.
ومن خلال النماذج السابقة نجد أن الوجود الأجنبي في السودان يشكل ﻫﺎﺟﺴﺎً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺒﻌﺾ منه ﻏﻴﺮ ﻣﻘﻨﻦ، مما أﻓﺮﺯ بعض الظواهر ﺍﻟﺴﺎﻟﺒﺔ والجرائم ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﺎﺭ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺳﺎﺑﻖ ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺷﺮﻃﺔ ﻣﺤﻤﺪ أﺣﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ كان ﻣﺪﻳﺮاً لدﺍﺋﺮﺓ ﺍﻟﺠﻨﺎﻳﺎﺕ ﺑﺸﺮﻃﺔ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ، فالوجود ﺍﻷﺟﻨﺒﻲ يحتاج إلي سن ﺗﺸﺮﻳﻌﺎﺕ عاجلة، خاصة في ظل ﺑﻌﺾ ﺍﻟﺘﻔﻠﺘﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺙ ﻫﻨﺎ ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺪﺧﻞ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻏﻴﺮ ﺷﺮﻋﻴﺔ ﺃﺩﺕ ﺇﻟﻲ ﺯﻳﺎﺩﺓ ﺍﻟﻌﺪﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﻻ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻣﻊ ﺍﻟﺘﺄﻛﻴﺪ ﺃﻧﻬﺎ ﺃﺛﺮﺕ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺒﺮ ﺑﺜﻬﺎ ﺛﻘﺎﻓﺎﺕ ﻣﻐﺎﻳﺮﺓ ﻟﻌﺎﺩﺍﺗﻨﺎ ﻭﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻧﺎ ﻭﻗﻴﻤﻨﺎ ﻭﺃﺧﻼﻗﻨﺎ، ﻭﻋﻠﻴﻪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﻮﺍ ﺃﻥ ﻳﺆﺛﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺶﺀ ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺑﺎﻻﻧﺤﺮﺍﻑ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ، ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﻭﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻟﻤﻨﺤﺮﻑ ﻣﺘﻔﺸﻴﺎً.
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻭﻝ ﻳﻘﻮﺩﻧﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ ﺍﻟﻤﺘﺰﺍﻳﺪﺓ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﺠﻮﺍﺭ جنوب السودان، اثيوبيا، ارتيريا، تشاد، مصر، سوريا وغيرها، ﻭﻫﻲ ﻓﻲ ﺍﻏﻠﺒﻬﺎ هجرات غير مقننة، أي أن معظمها يتم من خلال التهريب عبر الحدود، وﻳﻨﺸﻂ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﺮﺍﺋﺠﺔ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺩﻣﻨﻮها، ﻭﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻟﻌﺒﻮﺍ ﺩﻭﺭﺍً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻓﻲ ﺗﺰﺍﻳﺪ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻷﺟﻨﺒﻲ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ارتفاع ﻣﻌﺪﻻﺕ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ. وبالرغم من ذلك فاﻷﻏﻠﺒﻴﺔ ﺍﻟﻌﻈﻤﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ الأجانب فتيات ﻳﻌﻤﻠﻦ ﻓﻲ ﺑﻴﻊ ﺍﻟﺸﺎﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﺃﻭ ﺍﻟﻜﺎﻓﺘﺮﻳﺎﺕ، ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻳﻤﺘﻬﻦ ﻣﻬﻦ ﻻ ﺗﺪﻓﻊ ﺑﺎﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﻟﻸﻣﺎﻡ، ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺧﺼﻤﺎً ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻠﻤﺎً ﺑﺄﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﻢ ﺗﺤﺼﻴﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﻣﻦ ﻋﻤﻼﺕ ﺗﺮﺳﻞ ﻟﺪﻭﻟﻬﻢ ﺿﻒ ﺇﻟﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺁﺛﺎﺭ ﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﻃﺒﻴﺔ ﻭﺃﻣﻨﻴﺔ ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺔ.
ﻭﺍﺳﺘﺮﺷﺎﺩﺍً ﺑﻤﺎ ﻃﺮﺣﻨﺎ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺣﺼﺮ ﻭﺿﺒﻂ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﻴﻦ ﻭﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﺗﺸﺮﻉ ﻗﻮﺍﻧﻴﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﺻﺮﺍﻣﺔ ﻟﺘﻘﻨﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻷﺟﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻫﻞ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﺇﺣﺼﺎﺀﺍﺕ ﻟﻠﻌﻤﺎﻟﺔ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ. ﺇﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻈﻲ ﺑﻤﻮﻗﻊ ﺟﻐﺮﺍﻓﻲ ﻣﻤﻴﺰ ﺍﺳﺘﺪﻋﻲ ﺍﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﺍﻟﻮﺍﻓﺪﺓ ﺇﻟﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺟﻬﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺩﻭﻝ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻭﺃﺻﺒﺤﻮﺍ ﻳﺪﺧﻠﻮﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﻄﺮﻕ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺗﻀﺎﻓﺮ ﺟﻬﻮﺩ ﺍﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﻭﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺗﻘﻨﻴﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻷﺟﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭﺃﻥ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻴﻪ ﻃﻔﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻮﺍﺣﻲ ﺍﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺗﺸﺠﻴﻊ ﺍﻻﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻻﺕ ﺗﺠﺎﺭﻳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎﺕ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺻﺒﺢ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺘﻄﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻗﺮﻳﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻻ ﺑﻞ ﻗﻞ ﺍﻧﻪ ﺃﺻﺒﺢ ﻏﺮﻓﺔ ﺗﺪﺍﺭ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﺮﻳﻤﻮﺕ ﻛﻨﺘﺮﻭﻝ.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...