...........................
دينارا تعبر عن إعجابها بصوت الأسطورة الراحل محمود عبدالعزيز
............................
البروف الفاتح حسين يروي قصة الحوت مع الروس والموسيقار (مخائيل)
...........................
وقف عندها : سراج النعيم
...............................
انتحرت الموسيقية الروسية (دينارا) التي شاركت بالعزف في ألبوم الفنان الأسطورة محمود عبدالعزيز بالعاصمة الروسية .
وتشير المعلومات إلى أن أسباب انتحارها انها دخلت في حالة نفسية بعد الانتهاء من إنتاج ألبوم (سكت الرباب) ومغادرة الفنان الراحل محمود عبدالعزيز (موسكو) عائداً للبلاد.
وكانت الموسيقية الروسية دينارا من أشد المعجبات بالامكانيات الصوتية المهولة التي يتمتع بها الأسطورة محمود عبدالعزيز.
وقال البروفيسور الموسيقار الفاتح حسين : إن دينارا قالت صراحةً أن محمود من الأصوات الغنائية التي لن تتكرر في الأوساط الفنية في الزمن القريب لما يتمتع به من خامة صوتية قوية يستطيع تطويعها كيفما يريد ويلونها لتتناسب مع هذا اللحن أو ذاك.
فيما عبرت الموسيقية الروسية دينارا قبل رحيلها عن عميق حزنها لرحيل فنان الشباب محمود عبدالعزيز الذي ربطتها به علاقة قوية من خلال مشاركتها بالعزف علي آلة الكمان في ألبوم ( سكت الرباب ) الذي وزعه وأنتجه الموسيقار الفاتح حسين في روسيا.
بينما كان البروفيسور الفاتح قد قال : بدأت قصتي مع الحوت كما يحلو لجمهوره في العام 1982م، حيث استمعت له من خلال شريط وقع في يدي بحي الديم بالخرطوم، فلفت نظري أداءه الجميل جداً، ولم أكن اعرف من هو صاحب الصوت، فسألت الموسيقيين المقيمين معي بالمنزل من هذا الفنان؟ فقالوا : إنه فنان شاب اسمه محمود عبدالعزيز، ويمارس نشاطه من مركز شباب الخرطوم بحري، المهم أن صوته ظل يرن في داخلي نسبة إلى أن أدائه كان ملفتاً للنظر ومتميز جداً، وأصبحت علي هذا النحو اسمع شريطه بصورة مستمرة إلى تلك اللحظة لم التق به باعتبار أنني كنت مشغولاً بالعزف مع الفنان الموسيقار محمد الأمين.
ومتى استطعت الالتقاء بالراحل محمود عبدالعزيز؟ قال : في العام 1988م تزوجت من الدكتورة مها بخيت، فانتقلت للإقامة بحي (المزاد) بالخرطوم بحري علي مقربة من منزل الفنان الراحل محمود عبدالعزيز دون أن الم بهذه المعلومة، وصادف في يوم من تلك الأيام أنني هيئت نفسي للنوم، فسمعت فناناً تعزف خلفه فرقة موسيقية مميزة، فلم أتمالك نفسي فارتديت ملابسي وخرجت بحثاً عن مصدر صوت (الساون)، وعندما وصلت وجدتها ليست بالبعيدة عن منزلي، وكان أن وقفت خلف صيوان مناسبة الزواج مستمعاً للفنان الراحل محمود عبدالعزيز الذي كان يغني آنذاك الوقت أغنية ذائعة الصيت (جاي تفتش الماضي) للفنان كمال ترباس، وظللت واقفاً إلى أن أنتهي من أداء الأغنية، ولكن أكثر ما دهشت له حجم الحوت الصغير والصوت الكبير، فعندما كنت استمع له عبر الكاسيت تخيلت أنه إنساناً ضخماً جداً، ومنذ ذلك الوقت قررت أن يكون بيني وبينه عمل مشترك احضر لي في إطاره جاري بالحي الحوت في منزلي، وكان أن دار بيني وبينه حواراً مطولاً، وأكدت له من خلاله أنني استمع له منذ ثمانينيات القرن الماضي، لذلك أتمني أن ننتج ألبوماً غنائياً في السودان إلا أنني وبعد مرور عامين من تاريخه شددت الرحال إلي روسيا بغرض الدراسة، وهناك لحنت أغنيات بحس الفنان الراحل محمود عبدالعزيز وساعدني في الفكرة الدكتور وجدي كامل السينمائي المعروف الذي كان يكتب لي النصوص الغنائية وتسجيلها في استديو بروسيا، وبعد ذلك عدت إلي السودان، وقابلت الفنان الراحل محمود عبدالعزيز وعرضت عليه الأغاني فرحب بالفكرة، وقال : (ما في أي مشكلة)، وبعد الموافقة أصبحت لدي إشكالية في إقناع شركة (حصاد) للإنتاج الفني باعتبار أنها تنتج الألبومات للفنانين الكبار فقط، ولكن استطعت أن اقنع صديقي أحمد يوسف بالفكرة للسفر إلى روسيا لإنتاج الألبوم بمصاحبة موسيقيين روس، وسافرنا شخصي ومحمود عبدالعزيز إلى (القاهرة) التي التقينا فيها بالموسيقار يوسف الموصلي والذي أصر علي أن ينتج البوم للحوت، وبعد الانتهاء من هذه المرحلة غادرنا إلى روسيا التي بدأنا فيها البروفات مع الفرقة الموسيقية الروسية، وكان أن دار حوار حول الخامة الصوتية للراحل محمود عبدالعزيز الذي غني في تلك الجلسة، وكان أن أندهش الموسيقيين الروس من الامكانايات الصوتية المهولة التي تميز بها (الحوت) والتي أنقسم علي أثرها الروس إلي قسمين قسم يطالب بالاستفادة من وجودي في (موسكو) وأسجله طالباً في الأكاديمية الموسيقية الروسية من أجل أن يدرس الصوت حتى يصقل موهبته بالعلم، إما القسم الثاني من الموسيقيين الروس فرؤيتهم أن لا يتلقي علماً موسيقياً لأنه إذا فعل ربما يفقد موهبته، فالدراسة الموسيقية قد تقيده، ودار نقاش أثناء التسجيل حول صوت الفنان الراحل محمود عبدالعزيز من قبل مهندسي الصوت بالاستديو الروسي فهناك مهندس الصوت دارس موسيقي وهو من شجعني على انتاج الالبوم و كان مندهشاً من الخامة الصوتية التي يمتلكها الحوت، وكان يقول : (هذا الشاب يمتلك صوت جميل)، وكنت أترجم للفنان الراحل محمود عبدالعزيز انطباعات الروس أولاً بأول.
وماذا حدث بعد ذلك؟ قال : عندما سافرنا إلى روسيا كان ذلك في شهر يناير، وهو توقيت شتوي في موسكو، فكان الجليد يتساقط بكثافة شديدة، ما أدي ذلك الجو بالتأثير علي صوت (الحوت) علي أساس أن الجو جديد عليه، وبالرغم من ذلك التغيير دخلنا الاستديو للتسجيل، وأثناء ما كان يغني قال لي مهندس الصوت الروسي : (يجب أن لا نسجل للفنان الشاب محمود اليوم لأنه لم يغن كما غني أمس)، وكان أن نقلت وجهة نظره للحوت علي أن نأتي يوماً آخراً للتسجيل فسألني لماذا؟ فقلت : مهندس الصوت الروسي قال : (إن صوتك فيه بعض التغيرات) فقال : لماذا يتدخل الروس في عملنا، فقلت له : (يا محمود المهندس الروسي معجب بصوتك جداً، وبالتالي يريد منك أن تخرج للناس الصوت الأجمل)، وأردفت : (يا عزيزي نحن لسنا علي عجالة من أمرنا فقط ما عليك إلا أن ترتاح يوم أو يومين ثم نعود لمواصلة التسجيل)، وكان أن استجاب لرغبة مهندس الصوت الروسي بعد أن مر علي ذلك يومين عدنا إلى تكملة إنتاج الألبوم.
ما هي الأغنية التي بدأتم بها تسجيل الألبوم؟ قال : بدأنا بأغنية (خلي العيش حرام)، وأثناء التسجيل لدي موزع روسي اسمه (ميخائيل) مشهور جداً علي كل مستوي روسيا جاء إلى الاستديو فوجدنا نسجل في الأغنية سالفة الذكر فقال لي : (من الاستحالة أن أصدق أن هذا الفنان من السودان)؟ فقلت : (يا أستاذ ميخائيل في السودان لدينا مثله كثر)، ثم سألته ما هو تعليقك علي صوت الفنان محمود عبدالعزيز؟ فقال : (لأول مرة أسمع فنان صوته كالآلة الموسيقية)، وهذا التعبير عميق جداً فالآلة الموسيقية حينما تكون موزونة تصدر نغم جميل جداً، وعليه فأن صوت الحوت كان موزوناً، حتى أن ميخائيل قال : (يا الفاتح عندما تعود إلى السودان أرجو أن تحضر معك الفنان محمود عبدالعزيز إلى روسيا مرة ثانية ومعه عشرين أغنية علي الأقل تكون ملحنه بدون توزيع موسيقي أي أنها الحان خام فأنا هنا سأقوم بتوزيعها موسيقياً لأنني أود أن أنتج له اسطوانة ( CD) أوزعها في أوروبا أكثر من السودان وبالتالي سأتكفل بكل نفقات الرحلة من السودان إلى روسيا)، وكان يضرب لي مثال بالفنان الشاب خالد الجزائري بأن انتشاره جاء عبر الاسطوانات الـ( CD) التي تم بيعها في أوروبا في الأول قبل موطنه الجزائر، وفعلاً جئت للسودان ومن المطار إلى الفنان الراحل محمود عبدالعزيز في منزله بحي (المزاد) بالخرطوم مباشرة، وبعد أن ألقيت عليه التحية أوصلت له رسالة (ميخائيل) الموسيقي الروسي الشهير، فلم يصدق الحوت ما أوصلته له من رسالة حملني إليها باعتبار أن محمود يعرفه من خلال السفرية التي رافقني فيها إلي روسيا لتسجيل ألبومه، وكان سعيداً بالفكرة إلا أن ارتباطاته الفنية في السودان وقفت حائلاً بينه والسفر إلى (موسكو) إلى أن انتهت إجازتي وعدت إلى روسيا لمواصلة الدراسة، وما أن وصلت إلى هناك إلا ووجدت الموسيقار الروسي ميخائيل في انتظار الفنان الشاب محمود عبدالعزيز، فتفاجأ بأنه لم يأت معي، فأحبط جداً، فقلت له : الحوت لديه ارتباطان كثيرة في السودان، لذلك لم يتمكن من تلبية دعوتك له، ولكن دعنا نبرمج له في وقت آخر.
كيف تنظر إلي تجربة الفنان الراحل محمود عبدالعزيز معك في موسكو؟ قال : التجربة كانت تجربة كبيرة، ولم تكن سهلة بأي حال من الأحوال، تعرف من خلالها علي الفن الروسي حيث أنه زار الكثير من المسارح الروسية، كما أنه أقام حفلات ناجحة بكل المقاييس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق