سمسار
يخوض أطول قضية في عمولة قطعة أرض استثمارية
........................
عمولتي
(850) ألف جنيه وتمثل نسبة 5% من ثمن البيع
.......................
جلس إليه : سراج النعيم
....................
كشف
سمسار تفاصيل مثيرة حول قضايا وبلاغات السمسرة من واقع قضيته ضد إحدى المؤسسات التجارية
المعروفة متهماً إياها بتجاوز حقوقه في المعاملة التي توسط فيها بين البائع والمشترى،
وقد وصل بقضيته إلى المحكمة العليا – الدائرة الجنائية.
وقال
: السمسرة تمثل عندي مهنة وهي المهنة التي عرفها الشرع الإسلامي وحفل بها فقه المعاملات
وبحث فيها كثير من الفقهاء إلى اكتمال مهمة السمسار عند التوسط بالبيع والشراء حتى
بات معروفاً ومسلماً به أن السمسار يتم تكليفه من أحد طرفي المعاملة ليسعى في البحث
عن الطرف الآخر – دون تكليف منه بذلك – وعندما يحصل عليه يسعى للتقريب بين هذين الطرفين
ويستحق بذلك العمولة المعروفة أو المتفق عليها من الطرفين عند إتمام البيع والشراء
.
ويسترسل
: هذا بطبيعة الحال هو المعروف في فقه المعاملات في باب السمسرة بداهة وهو ذاته ما
جرى عليه العمل لدى شعبه أصحاب الوكالات العقارية السودانية كجهة وحيدة يعترف بها في
تنظيم هذه المهنة، وبناءاً على هذا المبدأ صدرت كثير من السوابق القضائية المعتبرة
.. لذلك أتسأل هل يحتاج السمسار إلى تكليف لمباشرة عمله الذي يستحق عليه العمولة أم
أن قبول المتعامل مع السمسار للقطعة محل البيع يكفي لاستحقاق العمولة؟، وبالتالي عرضت
مستندات أشارت إلى معرفة المشكو ضده بطبيعة عملي.. وهذا الأمر بالتحديد أشارت إليه
حيثيات حكم المحكمة العليا الموقرة في تقارب أقوال الشهود.
وتابع
: ظللت أؤكد أنني أعمل سمساراً منذ أكثر من ثلاثة عشر عاماً، وقدمت شهادة قيد تم تحريرها
لرفع الدعوى، وهذه الشهادة .. شهادة قيد .. تحرر فقط لرفع الدعوى ولا تحرر بأثر رجعي،
لا لبس ولا غموض بأنني سمسار قديم ومرخص، وليس بعد المعاملة أو بعد رفع الدعوى، بل
أن طرفي المعاملة يعرفان أنني سمسار سبق لهما أن تعاملا معي، ومن هنا لابد ليّ من الإشارة
إلى سابقة طرفها سمسار وإحدى شركات النقل وقضية السمسار ضد مؤسسة قومية وآخرين، فهاتان
السابقتان اللتان أسهبتا في تفاصيل السمسرة ومهمة السمسار حتى رسخ ما رسخ عنهما من
مبادئ قيمة ومهمة في فقه المعاملات من باب السمسرة الأمر الذي يجعل من مخالفتها مسوغاً
شرعياً يستوجب المراجعة.
وجاء
في الحكم أن المحكمة لم تقم بمراعاة حكم سابق أصدرته المحكمة العليا حول موضوع العمولة
وقامت بالاستناد على حكم تم إلغاؤه بواسطة المحكمة العليا – كما يأخذ على المحكمة أنها
قامت بتناول الدعوى من جديد رغم أن الحكم الذي أصدرته المحكمة العليا كان يتعلق بتحديد
العمولة ويرى بوجود التناقض في قرار المحكمة حيث أنها ترى في حكمها بأن الطاعن لا يستحق
ما حكم به من عمولة لأنه لم يقم بأي عمل للمطعون ضده، بينما أكدت استحقاقه للعمولة،
كما أن المحكمة أصدرت حكمها في مواجهة المطعون ضده وهو أصلاً لم يقم باستئناف الحكم.
إذاً
عدنا للدعوى فقد أقامها الشاكي في مواجهة المشكو ضده حيث يقول بأن الأخير طلب منه بيع
قطعة أرض يملكها بهذه المدينة الخرطومية، وبحكم أن الطاعن يعمل في مجال السمسرة ولديه
ترخيص بذلك فقد قام بالبحث عن مشتر للقطعة إلى أن عثر على المدعى عليه الثاني الذي
قبل بشرائها بمبلغ 18.000.000 مليون ويقول بأنه يستحق كمقابل لذلك مبلغ يعادل نسبته
10% من القيمة حسب العرف الجاري.
ويستمر
في الاستدلال بالقضية سالفة الذكر إذ أشارت المحكمة العليا إلى أنه تم الطعن في عدة
مرات وكانت الدعوى عند عرضها على المحكمة قد قامت بإلغاء تقدير النسبة التي صدر بها
الحكم وهي 10% كأتعاب سمسرة للطاعن.
وقد
قامت محكمة الموضوع بسماع شهود وتوصلت من البينات إلى أن النسبة المعمول بها هي
2.5% كعمولة وليس 5% وأن نسبة الـ 5% هي مجموع ما يدفعه الطرفان ولهذا قامت محكمة الاستئناف
بتعديل الحكم الاخير بنسبة 2.5% كأتعاب سمسرة وليس 10% وهذا ما أدى إلى عدم رضاء الطاعن
وتقدم بهذا الطعن وتمسك بالحكم لسلامته ... والخ.
أما
عندما أعرض قضيتي التي قمت باستئنافهما لدى محكمة استئناف الخرطوم المدنية الصادر من
محكمة الخرطوم الجزئية بشطب الدعوى التي رفعتها في مواجهة إحدى الشركات المعروفة تجارياً
في السودان في القطعة (....) مربع (...) بالخرطوم وهي قطعة استثمارية وذلك بغرض شرائها
وقد عرضتها على مدير الشركة وهو بدوره أحالني للمستشار القانوني للشركة والذي طالبني
بمستندات القطعة وبالفعل دفعت له بها ومن ثم بدأت المفاوضات بين البائع والمشترى عبري
بحسباني وسيطاً حتى إتمام الصفقة في ذلك العام
مقابل مبلغ سبعة عشر مليون جنيهاً إلا أن المدعى عليها رفضت سداد عمولتي
(850) ألف جنيه وتمثل نسبة 5% من ثمن البيع وفق ما هو متعارف عليه وبعلم المدعى عليها
مما حدا بيَّ إنذارها بالسداد ومن ثم كانت هذه الدعوى والتي اتسع صدر عدالتكم صبراً
وأناة لسمعها .
ويضيف : انحصرت نقطة النزاع الأولى أن محامي الدفاع
قد اشترط شيئاً حينما اشار للمادة (165) من قانون المعاملات المدنية بل لعله جانب الصواب
حينما اعتمد على مقولة بانني استخرجت شهادة قيد كسمسار مرخص بعد بيع القطعة محل العمولة
ولعمري فإن استخراجي شهادة القيد كسمسار تعني بالضرورة أنني مقيد سلفاً بسجل الوسطاء
ومن ثم فإن التعويل على هذه الجزئية لا يستقيم.
أما
فيما يلي نقطة النزاع الثانية فأنني أرى احتراماً بأن التعويل على إفادة المستشار القانوني
للمدعى عليها من أن شاهدة الدفاع الوحيدة قد عرفت القطعة محل العمولة للمدعى عليها
في منتصف ذلك العام، وهو ما تكذبه حقيقة أنها
قد عرضت القطعة المعنية للمدعي عليها في العام المذكور، وما يعيب مثل هذه الإفادة أنها
مجرد حديث إلا أن ما يقضي علي هذه الشهادة أكثر مما تقدم السؤال : تري أين ذهبت المستندات
التي تحدثت عنها الشاهدة؟ في حين أن المستندات ظلت بطرفي وقد شهد الطرف البائع بأنني
ودون غيري هو الذي أخطرهم بأنه المندوب الحصري عن الشركة المدعي عليها، وأنني ودون
غيري من أخذ أصل المستندات منهم.
ويستأنف
: إنني إزاء كل ما ذهبت إليه أعود إلى نقطة النزاع الثالثة فبرغم أن السابقة التي استهللتها
والتي أرفقتها في عرض القضية أن الاتفاق على ما دون الـ 5% عمولة إنما يبقي عبئاً على
الدفاع وهو الذي يفيد منه بالضرورة وحال فشله تبقي العمولة بهذا المقدار هي الواجبة
في ذمته دون غيرها رغم ذلك فأنني ازيد بأن الشاهدة قد عمدت لإخفاء حقيقة هذا الاتفاق
شأنها شأن المدعي عليها، إلا أن شاهد الادعاء قد أكد أن الشاهدة قد خاطبت المستشار
القانوني للشركة بقولها (فلان دا مازي فلان بيأخذ 5% ولو ما أخذ 5 % مابتم
الشغل)، ثم أن شاهد الادعاء قد أكد على هذه النسبة وأبرز المنشور الاداري لسنة
2000م وتكمن أهمية هذا المنشور فوق ما اشتمل
عليه من مضمون إنه بمثابة إعلان بالتعاقد يلزم الطرف الآخر في حالة عدم الاتفاق على نسبة أخرى بذاتها زادت أو نقصت
أو حالة السكوت عن ذكر أي نسبة أن نسبة 5% هي الواجبة.
ويضع
على منضدة الصحيفة القرار الذي أصدرته المحكمة القومية العليا – الدائرة الجنائية في
طعنه ضد حكمي محكمة استئناف الخرطوم ومحكمة الموضوع حيث جاء القرار على النحو الأتي:
-
يشطب
الطعن إيجازياً برسومه ويخطر مقدمه ومن ثم تمت إعادة الأوراق إلى محكمة استئناف الخرطوم وذلك لإجراء اللازم.
وتتلخص
الوقائع في أن الطاعن قام بعمل دعواه في مواجهة المطعون ضدها وجاء فيه بأنه يعمل سمساراً
وقد قام بعرض القطعة محل العمولة الى المطعون ضدها وجرت مفاوضات بينه وبينها حتى تم
الشراء مقابل مبلغ سبعة عشر مليون جنيه بعدها طالب بمنحه العمولة ونسبة لرفض المطعون
ضدها لجأ الى القضاء وقام بعمل هذه الدعوي مطالباً بعمولته البالغة 5% وفقاً للعرف عند الرد على الدعوي أنكرت المطعون
ضدها عمل الطاعن وأقرت بالشراء وناهضت مبلغ الشراء، قامت المحكمة بتحديد نقاط النزاع
وسمعت الدعوي وأصدرت حكمها الذي قضي بشطبها برسومها وهو الحكم الذي أيدته محكمة الاستئناف،
لهذا جاء الطعن بالنقض في الحكم ويقول الطاعن فيه أن المطعون ضدها قد قبلت عرض الطاعن
ومهمته أصلاً هي التوفيق بين الطرفين وتنشأ الرابطة القانونية بمجرد قبول المشتري للقطعة التي عرضها
السمسار له وهذا ما حصل بالنسبة لبيع القطعة موضوع الدعوي.
خلال
ما ورد في عريضة الدعوي وما وضع من الوقائع فان الطاعن قد قام بعرض القطعة موضوع الدعوي
على المطعون ضدها وأن الأخيرة قد قامت بشرائها ووافقت على ما قدمه الطاعن من عرض لها.
وقد
فشل الطاعن في إثبات وجود عمولة فيما قام به من عمل لأنه لم يستطع إثبات وجود تكليف له من
المطعون ضدها للبحث لها عن قطعة أرض ووجود علاقة قانونية تشير إلى أنه قد قام بعمله
على أساس أنه سمسار وما قام به جاء على اتفاق مع المطعون ضدها، وليس مجرد عرض منه للشراء
كما أن قضية الإدعاء لم تؤكد واقعة عرض الطاعن
للعقار للمطعون ضدها، وهناك تضارب في أقوال الشهود وهي نقطة النزاع المهمة، لكن النقطة
التي لابد من مناقشتها وأشار إليها الدفاع هي أن الوقائع ينطبق عليها القانون الولائي
رقم (6) لسنة 1999م، فهو القانون الذي عرف عقد السمسرة وجاء في التعريف بأن السمسار
هو الشخص الذي يكلفه أحد طرفي المعاملة التجارية
بقصد التوسط لدي الطرف الآخر لإتمام المعاملة
بينهما والسمسرة هي العمل الذي يقوم به السمسار
مقابل جعل عيني أو مادي متفق عليه، ولكن إذا راجعنا الضوابط التي اشترطها القانون آنف
الذكر في المادة 9/1 نجد أنه جاء فيه : (لا يجوز لأي شخص ممارسة السمسرة دون الحصول
على رخصة وشهادة قيد في السجل التجاري من المحلية المختصة).
وأقوال
الطاعن ورد فيها بأنه يعمل سمساراً على سبيل الاعتراف، ولكنه لم يكن في وقت ممارسته
للمهنة لديه رخصة للعمل بها بل يقول قد قام باستخراجها بعد عملية بيع الأرض موضوع الدعوي
لهذا يكون ما قام به بصفته تلك لا سند له قانوناً
حيث أنه عمل بدون ترخيص ويعتبر مخالفاً للقانون لأنه بإقراره قد قام به وهو لا يملك
الرخصة القانونية التي ينص عليها القانون المشار إليه.
وإذا
كان الادعاء قد فشل في إثبات أن التعامل كان على اساس القانون المشار إليه وأن الوقائع
أشارت إلى أن الطاعن هو مجرد مندوب من المطعون
ضدها في تعامله مع مالك القطعة فلا سبيل إلى منحه العمولة التي يطالب بها في الدعوي
لأنه لا يستحقها وقد توصلت المحكمة إلى القرار الصحيح عندما قامت بشطب الدعوي وهو القرار
الذي أيدته محكمة الاستئناف وهو قرار يجد منا
التأييد لسلامته وصحته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق