الأحد، 11 فبراير 2018

قصص مؤثرة حول الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر (4)








.................
شاب يتفاجأ بـ(700) مهاجراً داخل (مركب الموت) بمياه ليبيا
......................
فرنسية تروي قصة وفاة زوجها السودانى غرقاً بمياه مالطا
.......................
جلس إليهم : سراج النعيم
.....................
يذهبون من أوطانهم إلى البلاد الأوروبية طمعاً فى الاستقرار، وهرباً من الظروف الاقتصادية القاهرة، لكن معظمهم يؤكدون أن أهدافهم وأحلامهم وأشواقهم تحولت فيما بعد إلى الحصول على أى وثيقة لإثبات الذات، وهنا بعض القصص المؤثرة التى يرويها مهاجرون أنقذتهم العناية الإلهية من الموت غرقاً أثناء بحثهم عن حياة مختلفة، إلا أنه لم يخطر ببالهم أنها ستحولهم إلى لاجئين في الدول الأوروبية.
وعلى خلفية ما أشرت له أختار شاباً سودانياً يبلغ من العمر (17) عاماً طريق الهجرة غير الشرعية عبر سماسرة يتاجرون فى البشر ناشداً العبور من ليبيا إلى أوروبا، واضعاً فى المخيلة تحقيق أحلامه بعيداً عن الظروف الاقتصادية المحيطة به، ورغماً عن مغامرته إلا أنه تفاجأ بما لم يكن فى الحسبان.
وقال : منذ العام 2013م حسمت أمري وقررت أن أشد الرحال من ليبيا إلى أوروبا، رغماً عن إننى كنت صغيراً، فأنا تم إنجابى فى ليبيا واستقريت فيها، ومع هذا وذاك انقطعت عن التعليم، ولم استطع  الحصول على الجنسية، الأمر الذى جعلنى بلا هوية مما سبب لى إشكالاً إبان نظام العقيد معمر القذافى، إلا أن الثورة التى شهدتها ليبيا مثلّت بالنسبة لي منعرجاً خطيراً في حياتى، ما قادنى للتفكير جدياً فى الهجرة غير الشرعية.
وأردف : المهم عندما عقدت العزم على التوجه إلى أوروبا كان لزاماً علىّ جمع مبالغ مالية لمن يتاجرون بالبشر، عندها بدأت أعمل أعمالاً حرة لمدة عام كامل إلى أن تمكنت من ذلك، ثم هربت من هناك إلى مدينة (زوارة) التى فيها وجدت السماسرة يعرضون خدماتهم ويتفاوضون معى فى ثمن الرحلة، وعندما قبلت بالشروط تم احتجازي فى مزرعة برفقة مئات آخرين حتى يحين دورنا للهجرة، أيام وساعات ونحن ننتظر داخل المزرعة التى كانت بمثابة السجن الذى عشنا فيه أسوأ أيام حياتنا حيث تعرّضنا فيه للمعاملة القاسية والإهانة والإذلال المتكرر، وكانوا يمنعونا من التحدث، أما الطعام فكانوا يقدمون لنا وجبة واحدة قطع من (البسكويت)، وبعد (10) أيام كان علينا دفع ثمن الرحلة للمهربين قبل الصعود إلى السيارة التى ستقلنا إلى الشاطئ وكان أن دفعت (800) دولار، وذلك بحسب الاتفاق فالتكاليف غير موحدة وتختلف من مهاجر إلى آخر، فهناك من تجاوز ثمن رحلته (1200) دولار.
ومضى : وفى الساعات الأولى من الصباح أحضروا شاحنة (تبريد) أخذتنا من مزرعة الاحتجاز بالشاحنة التي كدنا أن نتجمد فيها، وظللنا هكذا إلى أن وصلنا الشاطىء الذى لم يكن النهاية، بل سرنا راجلين حوالى (10) دقائق لنجد بعدها زورقاً مطاطياً فى انتظارنا ليقلنا إلى مركب الموت بالضفة الأخرى من المتوسط، عموماً نقلنا على امتداد الساعتين بالسلاح رغماً أن من بيننا أطفالاً ونساء ومسنين، وأجبرونا على التخلص من كل أمتعتنا.
 وعرج إلى مركب الموت قائلاً : هو من النوع القديم جداً، والمفاجأة غير السارة لنا أن حوالي (700) مهاجراً كانوا داخله، بعد الصعود إليه تيقنت أن طريقنا سيكون صعباً، وأننا مقدمين على مغامرة كبيرة جداً، لكن أكثر ما حزّ في نفسي أن المهربين عاملونا وكأننا بضاعة.
فيما كشفت السيدة الفرنسية الجنسية الإريترية الأصل (يوتا يونل كيلي) البالغة من العمر (29 عاماً) المولودة بمدينة كسلا شرق السودان، كشفت تفاصيل مؤثرة وحزينة حول وفاة زوجها السودانى أحمد علي التوم البالغ من العمر (36 عاماً) غرقاً في البحر بالمياه الإقليمية المالطية.
وقالت : في ذلك اليوم تحرك بنا قارب الهجرة غير الشرعية من السواحل الليبية إلي السواحل الفرنسية، إلا أن القارب تعطل في منتصف البحر، وقالت : بدأت قصتى منذ اللحظة التى شددت فيها الرحال من ولاية كسلا شرق السودان إلى ليبيا، وما أن أستقر بى المقام هناك إلا وتعرفت على زوجى السودانى الذى تعود جذوره إلى غرب السودان وعرض على الزواج فقبلت به زوجاً ثم أنجبت منه ابنتى (بنازير) البالغة من العمر (6 سنوات).
وأضافت : وعندما بلغت طفلتى الـ(8) أشهر فى العام 2008م فكر زوجى فى الهجرة غير الشرعية إلى فرنسا رغماً عن أنها محفوفة بالمخاطر، وكنت أعبر له عن مخاوفى من مغبة السفر بهذه الطريقة إلا أنه كان مصراً على ذلك فلم يكن أمامى بداً سوى الاستجابة له ومن ثم توجهنا على ضوء ذلك مع عدد من المهاجرين الأفارقة عبر مركب متخصص فى تهريب البشر إلا أن هذا المركب تعرض إلى عطب في منتصف البحر ما جعلنا في موقف لا نحسد عليه، وبالتالي تسرب لدواخلنا جميعاً الخوف والهلع من المصير المجهول الذى ينتظرنا في حال عدم عثور فرق الإنقاذ علينا ما اضطر زوجى (أحمد) إلى أن يجازف بحياته سابحاً من مكان المركب الذى نستقله إلى المركب الكبير الذى كان يقف بعيداً عنا، وظللنا ننتظر عودته إلا أنه لم يعد وعندما طال الانتظار لحق به شابان احدهما سودانى والآخر إريترى إلا أنهما أيضاً لم يعودا.
واسترسلت : ونحن فى المركب بعرض البحر فقد الجميع الأمل فى النجاة من الموت، وكان أكبر همى منحصراً في طفلتى التى كنت أحملها فى يدى، ما حدا بوالدها أن يتألم من ذلك المشهد الذى قال على إثره : (لن أدع طفلتي تغرق) فقفز من المركب سابحاً إلى ذلك القارب الكبير مؤملاً فى إنقاذ ابنته إلا أننى قلت له : لا تذهب فالخطر محدق بك من كل جانب فقال : (اسكتى يا ولية)، وكان من يرافقونا فى تلك الرحلة يقولون لى : زوجك أحمد موجود، وهكذا يبثون في دواخلى الطمأنينة إلى أن جاءت قوارب الإنقاذ المالطية التى أكد لى أحد أفرادها بأن زوجى (أحمد) قد توفي غرقاً، ثم لحق به الاثنان السودانى والإريترى، ومن هناك تم إدخالنا للأراضى المالطية، ومن ثم تم تسفيرنا إلى فرنسا للظروف الإنسانية التى كنت أعيشها بعد وفاة زوجى غرقاً، بالإضافة إلى أن نفسياتى وطفلتي (بنازير) كانت متعبة جراء ما شاهدناه من أحداث مؤلمة ومحزنة في المياه الإقليمية المالطية.
وأردفت : أما فيما يتعلق بمن ظلوا في القارب فقد أنقذتهم السلطات المالطية التى سمحت لهم جميعاً بدخول أراضيها، وقطعاً من بينهم أنا وطفلتى (بنازير)، واستقريت هناك حوالي عام و(8) أشهر رأت بعدها الحكومة المالطية أن ظروفى ظروفاً صعبة وقاسية، وعليه قامت بتسفيرى وابنتى للإقامة فى فرنسا، ومنذ ذلك التاريخ وإلى الآن نقيم فيها على نفقة الحكومة الفرنسية التى منحتنى الجنسية وجواز السفر اللذين بموجبهما قررت العودة إلى السودان للبحث عن أسرة زوجى المتوفى (أحمد علي التوم)، وأن تتعرف أبنتى الوحيدة (بنازير) المولودة في العام 2007م بهم عن قرب ثم نعود إلى فرنسا لكى تكمل طفلتى دراستها.
           

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...