الأربعاء، 10 يناير 2018

سراج النعيم يكتب : قضايا شعراء ضد فنانين عرب



تبقى قضايا المبدعين السودانيين ضد فنانين عرب يمارسون انتهاكات على إبداعاتهم الغنائية دون أن يحفظوا لهم حقوقهم الأدبية والمادية المنصوص عليها في قانون الملكية الفكرية الذي يتمتع في إطاره الشعراء والملحنين والفنانين السودانيين بحماية مصنفاتهم تبقى تلك القضايا قائمة ، وفقاً لحق المؤلف كحالة الاعتداء الذي تعرض له شاعر جمهورية الحب إسحق الحلنقي من قبل الفنان المصري محمد منير الذي غني أغنية (وسط الدائرة)، بالإضافة إلى الفنان شرحبيل أحمد من طرف الفنان المصري محمد فؤاد في أغنية (الليل الهادي)، وفي سياق ذي صلة أتهم الشاعر عبدالوهاب هلاوي الفنانه اللبنانية نانسي عجرم بالسطو على فكرة أغنية (شخبط شخابيط) فيما يحفظ هذا القانون حقوق من يرث أو يخلف أصحاب الحقوق الأصيلة أمثال ورثة الفنان الراحل سيد خليفة الذي صدحت له فرقة ميامي الكويتية بأغنيتين هما (المامبو السوداني ) و(أزيكم)، وهذا الأمر ينطبق تماماً على ورثة الشاعر الراحل الهادي آدم الذي غنت له سيد الغناء العربي أم كلثوم أغنية (أغداً القاك) في حال تأديتها بأصوات غنائية أخري إلي جانب الإسرائيلية (رحيلا) التي غنت عدد من الأغنيات السودانية، المهم أن هؤلاء يشار إليهم عامة بمصطلح (أصحاب الحقوق) الذين لهم الحق الاستشاري في الانتفاع بالمصنف أو التصريح للغير الانتفاع به على شروط متفق عليها، وبإمكان أصحاب الحقوق منع الأعمال التالية أو التصريح بها، استنساخ المصنف بكل الأشكال ومنها الطباعة والتسجيل الصوتي وأداءه علناً ونقله للجمهور، وإذا تمت ترجمته إلى لغات أخرى وتحريره كتحويل رواية إلى سيناريو، وتنطوي الحقوق المجاورة على حقوق مشابهة لحق المؤلف ومنها حق التسجيل والاستنساخ.
ووفقاً لنص المادة (3) من قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 1996م يشمله تعريف المؤلف وهو كل شخص طبيعي ابتكر المصنف وتم نشره (النص الشعري زائد التأليف الموسيقي للحن) والتسجيل له يتم وفقاً لنص المادة (23) من القانون اختيارياً وهو ليس شرطاً للحماية وإنما دليل إثبات أي دليل على نشأة المصنف أو تأليفه وإذا نشأ نزاع أو اتخذت إجراءات قانونية بشأنه، وفي هذا اشارة إلى حفظ حق المبدع السوداني من التغول عليه من بعض الفنانين العرب، فالنص الشعري للقصيدة والتأليف الموسيقي للحن يحفظان بالحماية القانونية ..وهي مقررة بموجب قانون الملكية الفكرية وحق المؤلف والحقوق المجاورة والاتفاقيات الدولية مثل الاتفاقية العالمية لحقوق المؤلف ومعاهدة المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الوايبو ) بشأن حق المؤلف وهو يقوم على حماية الابتكار، وذلك بحسب ما جاء في كتاب (ما هي الملكية الفكرية).
وكان الشاعر الكبير إسحق الحلنقي قد عزم العقد جاداً على استرداد حقوقه الأدبية والمادية من الفنان المصري محمد منير الذي غنى (وسط الدائرة) التي نقلها بصوته علناً في حفلاته الخاصة والعامة للجمهور بدون مقابل أدبي أو مادي أو مجرد الأذن فيما يخص النص الشعري، وهذا الاعتداء يعد جريمة بموجب المادة (8) من قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 1996م مقرونة مع المادة (36) من ذات القانون، وقد تعرف على هذه الحقيقة من خلال البوم غنائي  (وسط الدائرة)، وأحتفظ بالألبوم، لأن العملاق محمد وردي كان رافضاً فكرة مقاضاة منير لدى سلطات الملكية الفكرية بالقاهرة باعتبار أن الإجراءات القانونية في هذا الإطار لا تروق له، ومن أجل خاطره استجبت في ذلك الوقت لما ذهب إليه، ولكنني الآن أوكلت مستشاري القانوني لكي يقوم مقامي في الاتجاه على هذا النحو، وأكد ليّ أنه لا تسقط الحقوق الأدبية والمادية بالتقادم حتى ولو مر عليها مائة سنة.
فيما أستمع الفنان المصري محمد منير للأغنية في جلسة خاصة بصوت الدكتور الفنان الراحل محمد وردي بالقاهرة وكان أن أحب الأغنية، وأخذ الأذن منه، بالإضافة إلى ذلك فقد شارك بها في مهرجان بفرنسا وحازت على الجائزة الأولي ولكن بالرغم من ذلك تجاهل المؤلف، والمؤسف أنه في الألبوم الغنائي الذي أنتجه قبل السنوات كتب في خانة الشاعر (تراث)، ولم يحتفظ بالحقوق والأدبية كالذي يتم مع الشاعر الراحل الهادي آدم في أغنية (أغداً القاك) التي رددتها الفنانه المصرية أم كلثوم.
وحينما نلخص اعتداءات الفنان المصري محمد منير على المنتوج الإبداعي السوداني نجد أن الفنان النوبي صالح ولولي سبق وأعلن عن هذا الانتهاك في مجموعة من الأعمال الغنائية التي صاغ هو كلماتها ووضع لها الألحان التي تجاوزت الألفي أغنية ردد منها الكثير بالإضافة إلى فرقة تهتم بتراث النوبيين وأنتج العديد من الأغاني المعروفة كأغنية (اكاجلي كمشكا) التي تغني بها في بادئ الأمر الفنان محمد وردي ثم الفنان محمد منير ، ضف إليهم الأغاني التي تحمل عناوين (ياجميل سلانقي) و(الليلة ياسمرا) و (أوبابا) وهكذا اعتدى منير علي هذه الأغاني بالضبط كما فعل مع أغنية (وسط الدائرة) للشاعر اسحق الحلنقي وفي جميع هذه الأغنيات كتب في خانة الشاعر (تراث) دون وجه حق، وهو الامر الذي استدعى صالح ولولي والحلنقي عقدهما العزم على مقاضاته لدى السلطات المختصة المصرية في وقت سابق .
ونلتمس من هذه المحصلة الحقيقية أن الحقوق الأدبية والمادية لا تسقط  للفترة الزمنية التقادمية لأن قانون الملكية الفكرية وقانون حق المؤلف والحقوق المجاورة راع فيهم المشرع  لهذه القوانين نقاط تحفظ للأطراف المعنية بهذا الأمر حقوقها كاملة حيث أنها عرفت في هذا السياق حق المؤلف بمجموعة من القوانين التي تمنح المؤلفين والفنانين وغيرهم من المبدعين الحماية لما ينتجونه من إبداع كل في مجاله ويشار إليه بمصلح (المصنفات) ولحق المؤلف علاقة وثيقة بمجال آخر من الحقوق المرتبطة به والمشار اليه بمصطلح (الحقوق المجاورة) التي تنطوي على حقوق مشابهة أو مطابقة للحقوق التي يكفلها نظام حق المؤلف.
ومن هنا لابد من توضيح شيء في غاية الأهمية وذو صلة بالقضية التي نناقشها في كل  الجوانب والأبعاد من حيث الاعتداءات  على المنتوج الإبداعي السوداني من بعض الفنانين والفنانات العرب الذين قد يكونون متناسين حق الأداء العلني للمؤلف الذي له  الحق  في استغلاله مالياً ولا يجوز أن ينال هذا الحق غيره إلا بعد أن يمنحه صاحب الحق الأصيل إذنا كتابياً أو من يخلفه  ويحتوي بين سطوره على طريقة ونوع وحدة  الاستغلال وعلنية أو خصوصية المنبر أو المكان الذي يؤدي فيه الفنان أو الفنانة هذا المؤلف مع العلم أنه لا ينفي بأي حال من الأحوال حقوقه الأدبية والمادية في فتح بلاغ جنائي أو رفع عريضة دعوي جنائية بسبب الاعتداء على حقوقه المنصوص عليها في قانون الملكية الفكرية وقانون حق المؤلف، مهما كانت الطريقة التي حدث بها الانتهاك الذي تم بثه بصورة مباشرة للمتلقي أو بصورة خاصة كانت ذلك بمقابل مادي أو دونه لأن أداء النص الشعري زائد اللحن الموسيقى وعرضه علناً أو بثه عبر أثير الإذاعة أو التلفاز أو تسجيله على البومات غنائية أو عبر مكبرات الصوت يدخل في معني الأداء العلني، وبالتالي للمؤلف الحق في اتخاذ الإجراءات القانونية، وفقاً لنص المادة (8/أ) أولاً فيما يتعلق بنقل المصنف (أداء الأغنية متكاملة بأضلعها المثلثة)  التي للشاعر أو الملحن  الحق الأدبي والمادي فيها.


ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...