..............................
إليانا : هذه رسالتي للشرطة السودانية لفك طلاسم إختفاء زوجي الغامض
..............................
كل الإتصالات الهاتفية عبر الشبكة العنكبوتية باءت بالفشل الذريع
............................
استمع إليها : سراج النعيم
.................................
بعثت سيدة الأعمال الروسية (إليانا) عبر حسابها الشخصي بالموقع الإجتماعي الروسي (ميل ديت رومو)، برسالة مؤثرة للشرطة السودانية مفادها : (أرجو شاكرة من السلطات السودانية المختصة مساعدتي في العثور على زوجي (صمويل حداد)، والذي شدَّ الرحال إلى أفريقيا بموجب عقد إبرمته معه الجهة المشرفة على إنشاء سد (مروي) شمال السودان قبل سنوات من إختفائه عني في ظروف غامضة، فهو كان قبل ذلك الإختفاء يتواصل معي عبر الإتصالات الهاتفية وموقع التواصل الإجتماعي الروسي (ميل ديت رومو)، وقد أرسل لي صوراً من الموقع الذي يعمل فيه إلى أن إنقطع التواصل معه في السنوات الأخيرة، وكلما ادرت مكالمة هاتفيه برقم هاتفه الجوال يأتيني الرد : (هذا المشترك لا يمكن الوصول إليه حالياً)، وهو الأمر الذي استدعاني للبحث المضني عن عنوان لصحيفة سودانية، وعبر الشبكة العنكبوتية تواصلت مع (سراج النعيم) لإيصال صوتي إلى قيادات الشرطة السودانية للبحث عنه، خاصة وأنه تم الإنتهاء من إنشاء المشروع، لذلك أطلق صرخة إستغاثه بعد أن طرقت كل الأبواب لا لشيء سوى أن أحافظ علي زوجي، وهذا هو ديدن السيدة الروسية التي دائماً ما تهدف إلى الأسرة والعائلة، وتراها محبة لبيتها، وتسعد حوله أكثر من الإناث الآخريات، وعادة ما تضع النسوة الروسيات العائلة فوق المهنة أو أي أمر آخر.
واسترسلت : زوجي المختفي عن الإنظار لديه شركة تعمل في مجال أنابيب المياه بالخرطوم، وبما أنه مفقود عني لسنوات، ها أنا أرسل لكم صورته الشخصية، وصورة أخرى تجمعه بالطاقم الذي نفذ مشروع سد (مروي)، مما يؤكد أنه عمل فيه، الشيء الذي يقودني للبحث لكي أصل إلى حقيقة حول هذه القصة، لأن كل المراسلات والمحاولات التي أجريتها في هذا الإطار باءت بالفشل الذريع، مما ساد في دواخلي واقعاً راهناً تفشت على إثره أفكار كثيرة، ولكن يبقي الأمل معقود في أن أضع نصب عيني أنه موجود في مكان ما حتى يثبت لي العكس، لأنني وهبته أفضل ما في الطبيعة الروسية الممزوجة بالفطرة المتأصلة في كل إمرأة روسية، فهن مليئات بالرضي والسعادة، وذلك لما تتحلى به من رغبة قوية في الحب وتبادله مع من تحب، وأن تبني وفقاً لذلك أسرة تسعد بها زوجها، وترعي أطفالها، بالإضافة إلى أنها الصديقة الصدوقة والمشجعة والزوجة المحبة والأم الحنون.
ومن هذا المدخل بدأ حواري مع (اليانا) حول إختفاء زوجها بتاريخ 5/4/2012م.
وقالت : هل في الإمكان أن أطرح عليك سؤالاً في الخرطوم العاصمة السودانية أو المدن التي حولها توجد شركة تسمي (GIS)، وإذا كان في السودان إتصال (نت) أرجو الإتصال بيَّ، لأنه مرت سنوات للوراء وهناك شخص مفقود، ولا أعرف ماذا حدث له، وهو يعمل في شركة ذات صلة بمشروع سد (مروي)، والصورة التي بعثتها إليك تشير إلى أنه إلتقطها مع مجموعة خلف السد مباشرة.
وكان أن شكرتها على الأسئلة التي وجهتها لمعرفة حقيقة إختفاء زوجها.
وما أن شكرتها إلا وصرخت بملء صوتها قائلة : حين ينكسر شيء في عمري أحزن، ويكفي أن أتحسس بيدي قبضة تراب حية مسكونة بالبذور اللامرئية، وأنا أهمس أين أختفى زوجي، ومن سكب فيَّ تلك الضبابية، ومن كتب ليّ الألم المطلق حتى قاع عظمي، ومن له مصلحة في هذا الإختفاء الذي يخفق له قلبي حزناً، لذا أستمر في رحيلي مع زوجي بحثأ مهما كانت الرحلة مضنية، لأنني على إيمان تام بطبيعتي التي لا تعرف الخنوع أو الخضوع أو الإستسلام.
واستطردت : هنا إمرأة في الأرض الروسية، وجه جميل تمشي كملكة، لا تتردد أبداً في كبح جماح حصان هارب، ولاتخف من إقتحام بيت يحترق، فهي صفات موجودة في الدم الروسي ومتأصلة، ولحسن الحظ، فإن تلك المزايا، والصفات متجذرة في التربية والتنشئة الروسية، وبالتالي هن يملن إلى الروحية والتأمل حتى أن معظم مسرحيات الباليه مثل (بحيرة البجع) لمؤلفها (تشايكوفسكي) وغيرها الكثير من الإبداعات الفنية، تمت إعادة كتابتها خصيصاً لأجل الروس كي تنتهي نهاية سعيدة، وبالنسبة للروس يجب أن تكون النهاية سعيدة دوماً حتى أن معظم الروسيات مولعات بالثقافة الهندية وأفلامها.
وتابعت : البحث يتم بشكل يومي، وبإيجاز ما يمكن للمرء أن يقول في وصف المرأة الروسية، عموماً هي مفعمة بالجمال والحب والعناية والحياة، وهي أيضاً مثل كنز من اللؤلؤ مغلق بوعي، وإدارك كبيرين وسعي نحو العدالة، ولن تتردد أن تبادلك العطف والمودة والحب بأضعاف مثلها، الشيء الذي جعلني أبحث عن زوجي على (الإنترنت) إلى أن عثرت على عنوان صحيفة (الدار) في موقع التعارف الاجتماعي الروسي.
وأردفت : هذا الإختفاء يتطلب فيني سبر أغواره لمعرفة أين هو الآن؟، لذلك سأبحث عنه رغم المعاناة النفسية التي تلازمني دون إنقطاع، مضاف إليها قلقي عليه، لأن الغياب تخللته مراحل لا تنتهي إلا بإنتهاء فك طلاسم الإختفاء الذي لم أستفيق منه، ولن أستفيق، إلا بعد أن أحقق النجاح في مهمتي.
وزادت : في العام 2010م أخطرني زوجي بأنه سوف يسافر إلى السودان بغرض العمل في مشروع، وكان على إتصال دائم بيَّ إلى أن أنقطعت هذه الإتصالات تماماً، وهو يبلغ من العمر أكثر من (56 عاماً)، وعمل في المشروع بموجب توقيعه عقداً إتفاقياً مع الجهة القائمة على أمر إنشاء (سد مروي).
وعلى خلفية هذه المعلومات التي ملكتني إليها قمت بإجراء بحث عبر محرك البحث (قوقل) بأسم زوجها، فكانت النتيجة هي أن الذي ظهر لي على الشاشة هو إسماعيل حداد ويبلغ من العمر أكثر من (42 ربيعاً)، وعندما وضعت هذه المعلومات علي منضدتها قالت : ليس هو، لانه درس في الأعوام الماضية في (موسكو)، وهو يتحدث اللغة الروسية بشكل جيد جداً، وكان أن طلبت الإيميل لكي ترسل صوره من أجل نشرها، وبالفعل تمت هذه الأشياء في فترة زمنية وجيزة جداً، وكان أن سألت هل يوجد في السودان اسكايبي، وكان أن أكدت لها وجوده، ثم قالت : لأن التقنية الحديثة تساهم في التعريف ببوصلة مساري، وأنا غير معنية بموقعي بين الروايات التي تندرج في هذا الإطار بقدر ما معنية بمسار حياتي هذه وهي الرواية المقيمة في صدري والجرح ينزف يومياً بأعتبار أنني مسؤولة عنه، وهو الأمر الذي حدا بي أن أركن إلى الحزن، وأي حزن هو الذي يترك للتاريخ مهمة التوثيق على هذا الشكل، أما أنا فما علىّ إلا كتابة مذكرات، فأنا إمرأة مكشوفة للضوء والريح ولا أود أن أسقط في شرك العاصفة الهوجاء، وبما أنني تلك الريشة التي تعصف بها الرياح في مهب الأعصاير التي اتطاير واتفتت منها، ولكنني الآن ألملم في أشلائي من أجل أن أحلق في سماء العاصمة السودانية (الخرطوم) من جديد كي أصف لزوجي ألم الأعصار، وأنا أتأوه كمن يسأل الطيور الراحلة عن أسرار ترحالها الغامض أنها تطير وهذا يكفي.
وزادت اليانا : الحب في نظري يمثل الوفاء المطلق لمن تحب لأنه ببساطة يصبح الحب أمر واقعي، وأنا أحب أن ننظر إلى الحب بمفهومه الواسع أي بمفهوم العلاقة بين المرأة والرجل، ولكنني مع ذلك أرغب في التنويه بأن علاقتي بزوجي (صمويل) علاقة نقية، وهي علاقة حب بالمعني الشامل للكلمة، لذلك تجده يتسم بالعشق الثوري، وهو العشق القائم على الحقيقة والقيم الإنسانية كالعدالة والحق والخير والحرية إنهما في نظري مستقلان تماماً، الحب صمت محموم تجسده الأيام في سلوك بناء قد يصير بيتاً أو صداقة الغزل، وقد يكون العتبة، لكن الحب هو الدار والمعبد للعيش بالغزل وحده، هو كمن يغمس خبزه ببخار الشواء، ويتوهم أنه يأكل لحماً، ولكن لا بأس من شم رائحة الشواء قبل التهام وجبة الطعام ،عموماً هي رسالة أبعث بها إلى الشرطة السودانية لكي تعيد الىّ زوجي (صمويل حداد) أو أن أعرف ماهو المصير الذي آل إليه منذ أن افتقدته، خاصة وأنه كان على تواصل معي بدليل الصور التي بعثت لكم بها، وفي هذا الجانب لجأت إلى السلطات المختصة الروسية حتي تقف إلى جانبي، وتخاطب الشرطة السودانية بواسطة وزارة الخارجية الروسية والسفارة السودانية بـ(موسكو)، وإذا اضطرني الأمر إلى أن أسافر إلى الخرطوم ستجدوني على أهبة الإستعداد لأن آتي إلى هذا البلد حتي أبحث عنه عن قرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق