.......................................
حزنت غاية الحزن للرواية التي روتها لي إحدي السيدات السودانيات المقيمات بأحدي دول العربية حول مأساتها مع الأغتراب.
وقالت : منذ أن وطأت قدماي أرض الدولة المعنية ولم أشهد فيها يوماً واحد حلواً، أنت عارف يا سراج كفيلتي مشاكلها كثيرة جداً حيث أنها تحرص علي تشغيل العاملات اللواتي ليس لديهن عقودات عمل وهي بدورها تعمل لهن الإقامة، ولكنها لا تسلمها لهن وتظل تشغل العاملات علي هذا النحو حتي تجعل حركتهن في نطاق محدد ولا تستطيع أي عاملة معها الخروج عن الموجهات التي تضعها ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل لا يوجد للعاملات سكن ولا حل لهن إلا الإقامة داخل مقر العمل الذي ليس فيه إجازات أو عطل رسمية حتي اللواتي يمرضن أي أنها لا تقبل أي عذر مهما كان موضوعياً نسبة إلي أن ساعات العمل تبدأ من الساعة (10) صباحاً حتي الساعة (11) مساء، وإذا جاءت إلي مقر العمل لا تكف عن الصراخ في وجه العاملات، ثم تطلب منهن أن يجمعن هواتفهن السيارة، وتجلس لتتصفح ملفاتهن وصورهن الخاصة وتجعلهن يعشن علي أعصابهن من أن تكشف أسرارهن للدرجة التي أدخلت بعضهن في حالات نفسية صعبة، وبالرغم من كل هذا الذل تخصم من المرتبات الشهرية، ولا تمنح مبالغ إضافية علي ساعات العمل.
المهم أنها اختلفت معي في مرة من المرات، وكان أن نعتتني بكلمات غير لائقة فلم أرد عليها، فأعتقدت أنني خفت منها ما استدعاها إلي أن تتمادي في غيها وجبروتها وطغيانها، الذي أخذت مني في إطاره هاتفين سيارين ماركة (نوكيا) و(جلكسي) داخلهما الشرائح الخاصة بي، ومن ثم بدأت في تصفح ملفاتي، وتشتم فيّ إلي أن وصل بها الأمر إلي تهديدي، فرديت عليها بتحدي قائلة : لو ما رجعتي لي جوالاتي سأضطر إلي أن أشكوك إلي السفارة السودانية، فما كان منها إلا وأرسلت الي هاتفين ماركة (جلكسي)، وأصبحت تتهرب مني وبحوزتها هاتفي بشرائحهما، ولا تأتي إلي محل العمل نهائياً، واستمرت علي هذا النحو (45) يوماً إلي أن تقليت منها إتصالاً هاتفياً عبر مديرة أعمالها، وأمرت بأن أفصل من العمل لأنها لا تريد أن تراني نهائياً، وكان أن جاءت اليّ مديرة المشغل الخاص بالمنسوجات وطلبت مني أن أذهب معها إلي السوق في تمام الساعة الثانية ظهراً، فقلت لها : في هذا التوقيت، قالت : نعم، فأردفت : ولكن السوق لا يكون فاتحاً للزبائن في هذا التوقيت، فاستدركت هذه الحقيقة وقالت : لا أنا دايراك تمشي معي الصرافة عموماً رافقتها إلا أن قلبي كان يحدثني بأن هنالك مكيدة تدبر لي، وكان أن توكلت علي الله سبحانه وتعالي، وذهبت معها إلي السوق الذي كانت كل محلاته التجارية مغلقة، فطلبت مني أن نجلس قليلاً في إحدي الشوارع إلي أن تفتح المحال التجارية، فسألتها متي ستحضر مخدمتنا إلي المشغل؟ فقالت : لن تأتي لأنها لا تريد أن تشاهدك عندها عزت عليَ نفسي، وشعرت بمرارة عجيبة والعبرة تقف في الحلق فقلت لها : اخبريها أن تسفرني إلي السودان أو أن تنقل كفالتي إلي أي كفيلة أو كفيل وبعد مرور ساعة ونصف من الحوار بيني ومديرة المشغل اتصلت مخدمتي بالمديرة وطلبت منها أن تعيدني إلي المشغل إلي هنا انتهت المحادثة بينهما.
وواصلت روايتها : عندما شددت الرحال إلي الدولة الخليجية كان ذلك من خلال عقد عمل في إطار محدد غير الذي أعمل فيه الآن وعرض عليّ في تلك الأثناء العمل في محل لتجميل السيدات بمواصفات محددة العرض كان مغرياً وافقت وأرسلت صوري وجوازي إلي الشخص الوسيط إلا أنه خدعني وأخذ مني ثلاثة ألف جنيه سوداني، وعندما هددته أحضر الفيزة التي قال : إن الراتب في إطارها (4) ألف بعملة الدولة العربية التي بدأت في ظلها الإجراءات، وعندما توجهت إلي مكتب العمل طلب مني عقد العمل الذي بموجبه يتم إكمال الإجراءات، فاتصلت علي الشخص المعني وسألته أين عقد العمل فقال : أدخلي جوازك السفارة وأشري بدون عقد عمل، وكان أن ساعدتني صاحبة المشغل وأرسلت لي ألف جنيه وتذكرة سفر، وعندما وصلت إلي هناك كانت تتعامل معي بلطف شديد، ومنحتني أول راتب ثلاثة ألف بعملة دولتها، فسألتها قائلة : أليس راتبي الشهري (4) ألف؟، فقالت : أبداً راتبك ألفين فقط، ثم سألتني من الذي قال لك إن راتبك (4) ألف؟، فلم أرد عليها وأتصلت علي الشخص المعني فقال : (4) ألف جنيه سوداني، ثم أصبحت مخدمتي تقول لي أنتي في البداية ولابد أن تصبري قليلاً حتي أرفع لك راتبك وصدقتها إلا أنها بعد الثلاثة أشهر غيرت طريقة تعاملها معي، وبدلاً من أن تزيد الراتب خفضته إلي (1600)، وهكذا أصبحت المشاكل تزداد بيننا يوماً بعد يوم إلي أن مر الشهر تلو الآخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق