الثلاثاء، 11 يوليو 2017

قصة مكالمة هاتفية حزينة بين رئيس رابطة الحواتة وشقيقته المتوفاة




وضع إبراهيم همام اللحظات الحزينة التي جمعته بشقيقته المتوفاة، قائلاً : في ذلك اليوم كنتُ مشغولاً بمكالمةٍ هاتفية مع إحدي الشاعرات، فإتصلت بي شقيقتي (أماني)، وكان ذلك قبل وفاتها، ورغماً عن إنشغالي بمكالمةٍ هاتفية أخري، إلا أنها تعلم تمام العلم إنني سأعاودُ الإتصال بها عقب الإنتهاء من مكالمتي، إلا أنها كانت مصرة علي الإتصال لدرجة إنني خلتُ أن هنالك أمراً جللاً لا يحتملُ الإنتظار، فإستاذنت الشاعرة علي أن أضعها في الإنتظار حتي اتمكن من إستقبال مكالمة شقيقتي وكان أن فعلت فقالت : (يبدو أنك كنت نائماً، فإندهشت من حديثُها وباغتُها قائلاً : يبدو أنك التي لم تكوني تضعين الهاتف علي أذنك لحظة الإتصال، فردت قائلة : نعم كنت مستلقية على سريري، وودتُ أن أتصل بك، وظننتُ أنك تغطُ في نومٍ عميق فقلتُ : إنني كنتُ أتحدث في مكالمةٍ أخرى، ولكن دعيني قبل أن نبدأ حديثُنا أن أُسديك نصيحةً علها تُفيدك لاحقاً عند إتصالك بأي شخص عليك دائماً أن تضعي الهاتف على أُذنك لحظة إتصالُك بأي شخص فعسي أن يكون من تتصلين به مشغولاً بمكالمةٍ أخرى، فتُسببين له بعض الإزعاج بالإتصال المتواصل، وانتي لا تدرين أنه يتحدث مع شخصٍ آخر، فقالت : (حاضر)، ثم قلت لها هاتي ما عندك، فأخذت تُحدثني بنبرة صوت يملؤها الفرح والسعادة، وهي تؤكد لي كيف أنها أكملت كافة ترتيباتها للعيد، بل حزمت كل أمتعتُها وحقائبها تأهباً للسفر من بورتسودان إلى عطبرة لحضور زفاف حماة شقيقة زوجها  في عيد الفطر المبارك، فأخذت تترجاني للحضور إلى عطبرة، وحضور حفل الزفاف، وقالت ضاحكة : (عسى ولعل تجد لك عروساً)، فضحكتُ وقلتُ : فعلاً إنني لم أتمكن من حضور عدد من المناسبات التي تخصُ أهل زوجك بسبب مشاغل الحياة والعمل، ولكنني أعدُك إنني سأحضر إلى عطبرة، ففرحت فرحاً شديداً بذلك، وأخذت تحدثني كيف أن زوجها قد أعطاها كل ما تحتاجُه لشراء مستلزمات العيد، مؤكدة أنه لم يقصر معها في أي شئ واردفت قائلة : بعد أن أكملت كافة ترتيباتي، ها أنا أنتظر السفر، إلا أن هناك بعضُ النساء اللاتي لا أستطيع أن أرفض لهُنّ أي طلب قد طلبنّ مني أن أعد لهنّ بعض الفطائر وأُحضرُها معي إلى عطبرة، ولكنني لا أستطيع أن أعدها لهنّ، بعد أن أكملت ترتيباتي وحزمت حقائبي، وهيأتُ نفسي من أجل السفر ولا املك ثمنها، ولا أريد أن أرهق زوجي بأي طلباتٍ جديدة بعد أن منحني كل ما أحتاجه، وأخذت تحدثني عن زوجها، وكيف أنه دائماً يُلبي لها كل ما تحتاجُه ولا يقوم تجاهها بأي تقصير، لذلك أُريدك أن تُرسل لي قيمة هذه الفطائر فقلت : وكم قيمتها؟ فقالت : مائتان وخمسون جنيهاً، وفوراً ارسلتها لها عبر هاتفي، وأخذت تشكرني على ذلك، وودعتني بكل سرور قائلة : في أمان الله إلى أن نلتقي في العيد ولكن كثيرٌ في تلك المحادثة يا أختاه لم أفهمه، إلا صبيحة خبر وفاتك، ولم أكن أعلم أن السفر الذي تتحدثين عنه إلي غير رجعة، ولم أكن أعلم أن سفرُك هذا سيُدمينا ويُرهقنا ويُحزننا، أتسافرين بكل هذا الزاد؟، ولكني أعلم أنك الآن وصلتي مملوءةً نوراً وطيباً ، تركتينا غارقين في الحُزن وغرقتي أنتي في الفرح والنعيم ، ما ظننتُ قط أن تتجلى آيات القرآن أمامي عند موتك فالليل بعدُك يا أختي ممدود .. لماذا كنتي تُحدثيني بكل ذاك الفرح والسرور؟ ماذا كنتي تُخبين ماذا كنتي تريدين أن تقولي وماذا كنتي تخفين؟ ولكنني علمتُ في ذاك الصباح ما عجزتي عن قوله لي فقد أخبرني زوجُك أنك كنتي في كل جمعة تمنحيه جنيهاً واحداً ليضعه لك على صندوق الصدقات بالمسجد .. نعم عجزتي أن تقولين لي أنك أكملتي ترتيبات السفر وحزمتي حقائبُك ولكن ليس لمغادرة بورتسودان بل لمغادرة الدنيا ولم تحزمي حقائبُك للسفر إلى عطبرة بل سفراً في سبيل الله و إلى لقاء الله عز وجل وأنتي قائمة صائمة وفي العشر الأواخر من شهر رمضان أو السفرُ عندك بهذا اليُسر؟ بلا إنتظار؟ أم أن الدرب عندُك هكذا موصولٌ وموفورُ الزاد حتى ذهبتي باكراً محملةً بالتهاني والمعاني والأماني .. ولكن يا أختاه ستبقى المسافةُ بين إتصالُك وقبرك أمرها عجب .

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...