حكايات مأساوية لأبناء وضعوا الأمهات والآباء في دور الإيواء (2)
.................................
إعلامي شهير يترك عمه بدار العجزة والمسنين ومفاجأة حول قصته
.................................
مسؤول كبير يودع سائقه دار الإيواء واهماً إياه بإعادته بعد تلقي العلاج
.................................
جلس إليهم : سراج النعيم
......................................
حكايات (مأساوية) بكل ما تحمل هذه الكلمة من معني وقفت عندها بدور الإيواء للعجزة والمسنين من الأمهات والأباء الذين يعيشون وحيدين بعد أن افنوا زهرة شبابهم في خدمة فلذات الأكباد دون أن يبادلوهم ذلك الوفاء بالوفاء، فهل جرب أحداً منكم أن يسيطر عليه هذا الإحساس، المتمثل في الجلوس وحيداً لا أنيس سوي ذلك الظلام الذي يداعب وفقه الجدران المغبّر، ومع هذا وذلك هواجس لا تعرف معها ماذا يخفي لك الغد؟.
ﻭﺗﺴﺘﻘﺒﻞ ﺩﻭﺭ ﺍلإﻳﻮﺍﺀ ﺍﻟﻨﺰﻻﺀ ﻋﺒﺮ ﺛﻼﺙ ﻗﻨﻮﺍﺕ ﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺷﺮﻃﺔ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻣﺪﻳﺮﻱ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ، ﻭﻣﻌﻈﻢ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺮﺩ إلي دور الإيواء ﺗﺘﻔﺎﻭﺕ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﻰ ﺃﺧﺮﻱ، ﻓﺎﻟﺒﻌﺾ ﻣﻨﻬﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﺑﻐﺮﺽ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺃﻭ ﺗﻠﻘﻲ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺸﻔﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﺻﻤﺔ، ﻭﻻ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻬﻢ ﺻﻠﺔ ﻗﺮﺍﺑﺔ ﺑﺎﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻣﻤﺎ ﻳﻘﻮﺩﻫﻢ ﺫﻟﻚ إلي ﺍﻟﺘﺴﻮﻝ ﻭﺍﻟﺪﺟﻞ ﻭﺍﻟﺸﻌﻮﺫﺓ ﺑﻌﺪ ﺍﻥ ﺗﺨﻠﻲ ﻋﻨﻪ ﺃﻫﻠﻪ ﻭﺫﻭﻳﻪ ﻭﻣﺜﺎﻝ ﻟﺬﻟﻚ ( ... ) ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺠﺮﻑ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ، ﻭﻳﺰﻋﻢ أﻥ ﻟﻪ ﻋﻼﻗﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﺑﻜﺒﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﻦ، ﻛﻤﺎ أﻧﻪ أﺷﺎﺭ إلي أﻧﻪ ﻳﻨﻔﻖ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭأﺑﻨﺎﺋﻪ ﺍﻟﻤﻘﻴﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ( ﺍﻟﻘﺎﻫﺮﺓ )، إﻻ أن أﺳﺮﺗﻪ ﺭﻓﻀﺖ ﻓﻜﺮﺓ ﻣﻤﺎﺭﺳﺘﻪ ﺍﻟﺪﺟﻞ ﻣﻤﺎ ﺣﺪﺍ ﺑﻬﺎ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻣﻨﻌﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ به باعتبار أنه مخالف للشرع والقانون، ﻭﻫﻲ ﺗﻌﻤﻞ علي ﻟﻢ ﺷﻤﻠﻪ مجدداً، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻧﻤﺎﺫﺝ ﻻﺣﺼﺮ ﻟﻬﺎ ﻭﻻ ﻋﺪ ﻳﺤﺪﻭﻫﺎ ﺍﻷﻣﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻮﺩﺓ للأﺟﻮﺍﺀ ﺍﻷﺳﺮﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﻓﺘﻘﺪﻭﻫﺎ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻟﺘﻌﻮﻳﺾ قدراً ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻄﻒ ﻭﺍﻟﺤﻨﺎﻥ، ﺧﺎﺻﺔ ﻭأﻥ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻣﺴﻨﻴﻦ ﻣﻔﻘﻮﺩﻳﻦ ﻳﺘﻢ إﺣﻀﺎﺭﻫﻢ إلي ﺩﻭﺭ ﺍلإﻳﻮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﺟﺎﻫﺪﺓ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻟﻢ ﺍﻟﺸﻤﻞ ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻊ ﺷﺮﻃﺔ ﺃﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﺑﺎلإﺿﺎﻓﺔ إلي أﻥ ﺍﻟﻘﺎﺋﻤﻴﻦ علي ﺃﻣﺮ ﺩﻭﺭ ﺍلإﻳﻮﺍﺀ ﻳﺴﻌﻮﻥ سعياً حثيثاً ﻟﺮﺑﻂ ﺍﻟﻨﺰﻻﺀ ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ، ﻭﺫﻟﻚ ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺒﺎﺩﻝ ﺍﻟﺰﻳﺎﺭﺍﺕ ﺃﻭ إﻗﺎﻣﺔ ﺍﻟﺒﺮﺍﻣﺞ ﺍﻟﺘﺮﻓﻴﻬﻴﺔ ﻭإلي ﺁﺧﺮﻩ، ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻪ ﺗﺄﻃﻴﺮ ﻫﺬﻩ ﺍلأﻓﻜﺎﺭ لدي ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﺣﺘﻲ ﻳﺘﺄﻛﺪﻭﺍ أﻥ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻟﻢ ﻭﻟﻦ ﻳﻨﺒﺬﻫﻢ أبداً ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﻌﻤﺮ، ﻟﺬﻟﻚ ﺗﺴﻤﺢ ﺩﻭﺭ ﺍلإﻳﻮﺍﺀ ﺑﺨﺮﻭﺝ ﺍﻟﻨﺰﻻﺀ ﺳﻮﺍﺀ ﻟﻠﻨﺰﻫﺔ أﻭ إلي الالتقاء بالأصدقاء، ﻛﻤﺎ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺰﻳﺎﺭﺓ ﺫﻭﻳﻬﻢ ﺃﻭ اصدقائهم إﻥ ﻭﺟﺪﻭﺍ ﻓﻲ أﻱ ﻭﻗﺖ ﻭﻓﻲ أﻱ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺃﻳﺎﻡ ﺍلأﺳﺒﻮﻉ.
وأدلف في الجزء الثاني إلي ﻗﺼﺔ هذا المسن المنتمي لأﺳﺮﺓ إﻋﻼﻣﻴﺔ شهيرة، إذ أنه ﻋﻢ أحد الإعلاميين ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻈﻬﺮ ﺻﻮﺭته عبر ﺷﺎﺷﺎﺕ ﺍﻟﺘﻠﻔﺰﺓ، ﺍﻟﺼﺤﻒ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ، ﻭﻳﻄﻞ ﺻﻮﺗﻪ عبر ﺍﺛﻴﺮ الإﺫﺍﻋﺎﺕ، ﻭﻟﻜﻨﻪ رغماً ﻋﻦ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﺤﺮﺹ علي ﺍﺣﺘﻀﺎﻥ ﻋﻤﻪ ﻓﻲ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺑﺎﻗﻲ ﻋﻤﺮﻩ معه، ﺧﺎﺻﺔ ﻭأﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻟﺪﻳﻪ أﺑﻨﺎﺀ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻛﺎﻥ ﻳﻔﺘﺮﺽ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﻼﻣﻲ ﺃﻻ ﻳﺤﺮﻣﻪ ﻣﻦ ﺍلأﺟﻮﺍﺀ ﺍلأﺳﺮﻳﺔ ﻟﻤﺠﺮﺩ أﻧﻪ ﺗﻘﺪمت ﺑﻪ ﺍﻟﺴﻦ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﺪ قادراً ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻄﺎﺀ ﺃﻭ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ، ﻓﻴﻤﺎ أﻧﻪ أﺻﺒﺢ متأقلما ﻋﻠﻰ هذه ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ رغماً عن أنها ﻏﻴﺮ مأﻟﻮﻓﺔ ﻟﻪ قبلا، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻮﺿﻌﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻌﻤﺪ إلي ﺗﺠﺎﻭﺯﻫﺎ ﺑﺘﻮﺯﻳﻊ ﺍلإﺑﺘﺴﺎﻣﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺰﻻﺀ ﻭﺍﻟﺰﻭﺍﺭ ﻣﻌﺎ، ﻓﺎﻟﻜﻞ ﻳﻌﺮﻓﻪ ﺑﺤﻜﻢ أﻧﻪ ﻳﻨﺘﻤﻲ إلي ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻻﻋﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺮﻳﻘﺔ.
ﺃﻣﺎ ﺣﻴﻨﻤﺎ انتقلت إلي ﻧﺰﻳﻞ آﺧﺮ وجدت أﻧﻪ ﺗﺒﺪﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺎﻟﺔ ﺍﻟﺬﻫﻮﻝ ﻭﺍﻟﺸﺮﻭﺩ ﻓﻲ ﻋﻮﺍﻟﻢ ﻻﻳﺪﺭﻱ ﻋﻨﻬﺎ أﻱ إﻧﺴﺎﻥ شيئاً، إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ أﻥ ﻳﺘﺠﺎﺫﺏ ﻣﻌﻪ أﻃﺮﺍﻑ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺣﻮﻝ ﺫﻛﺮﻳﺎﺗﻪ، ﻓﻬﻮ ﻛﺎﻥ برتبة النقيب ﻓﻲ ﺟﻬﺎﺯ ﺍﻷﻣﻦ، وسكرتيرا ﻻﺑﻮ ﺍﻟﻘﺎﺳﻢ ﻣﺤﻤﺪ إﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﺍﻟﻤﺎﻳﻮﻱ ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻝ لي : ﻟﻢ ﺃﻛﻦ أﺗﻮﻗﻊ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺐ أو ﺑﻌﻴﺪ أﻥ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺑﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﻑ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻮ، ﻷﻥ ﻓﻜﺮﺓ إﻳﺪﺍﻉ ﺍﻟﻤﺴﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﺩﻭﺭ ﺍلإﻳﻮﺍﺀ ﻓﻜﺮﺓ ﻻﺗﺸﺒﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ.
ﻭﻋﻦ ﻭﺟﻮﺩﻱ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ أﻗﻮﻝ ﻟﻚ ﻛﻨﺖ متزوجا، ﻭﻟﺪﻱ أﺑﻨﺎﺀ ﺑﺎﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﺍﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ (ﺑﻴﺮﻭﺕ) ﺍﻟﺘﻲ ﻋﺪﺕ ﻣﻨﻬﺎ إلي ﻭﻃﻨﻲ رغماً ﻋﻦ إﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ مستقراً ﻫﻨﺎﻙ، ﻭأﺛﻨﺎﺀ ﻭﺟﻮﺩﻱ ﻫﻨﺎ أﺻﺒﺖ ﺑﺎﻟﺸﻠﻞ، ﻣﻤﺎ ﻳﺆﻛﺪ إﻧﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﻟﻤﻦ ﻳﻤﺪ ﻟﻲ ﻳﺪ ﺍﻟﻌﻮﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻜﺜﺖ ﻓﻲ إﻃﺎﺭﻩ ﻓﺘﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ ﺑﻄﺮﻑ ﺷﻘﻴﻘﺘﻲ، إﻻ إﻧﻨﻲ ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻌﺐﺀ أﺻﺒﺢ عليها ثقيلاً، ﺑﺎلإﺿﺎﻓﺔ إلي إﻧﻨﻲ ﻗﻴﺪﺕ ﺣﺮﻛﺘﻬﺎ ﻭﺣﺮﻛﺔ ﺑﻨﺎﺗﻬﺎ، ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻲ إﻻ ﻭﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍلأﻳﺎﻡ إﻧﻨﻲ ﺫﺍﻫﺐ إلي ﺻﺪﻳﻘﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻘﻴﺖ ﻣﻌﻪ ﻓﺘﺮﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻘﺼﻴﺮﺓ، ﻟﻜﻨﻨﻲ ﺷﻌﺮﺕ أيضاً ﺑﺎﻧﻨﻲ عبئاً ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺑﻌﺪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺮﺣاﻞ أﻧﺘﻬﻲ ﺑﻲ ﺍﻟﺤﺎﻝ إلي ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﺴﻨﻴﻦ .
ﻭﻓﻲ ﻣﺸﻬﺪ ﻣﺆﻟﻢ ﻧﻘﻒ ﻋﻨﺪ ﺣﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﻢ ﺣﺴﻦ ﻃﻪ ﺑﻴﻮﻣﻲ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﻟﻎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ أكثر من (60 عاماً) إذ أنه ﻗﺎﻝ : ﺗﻌﻮﺩ ﺟﺬﻭﺭﻱ إلي ﻣﺪﻳﻨﺔ (ﺣﻠﻔﺎ) التي آتيت منها إلي العمل في ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ، ﻭﺍﻗﻤﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺮﻳﻒ ﺷﺮﻕ، وعندما ﻣﺮﺿﺖ اﺳﻌﻔﺖ إلي ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻲ، إﻻ أﻥ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺮﺍﺣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺟﺮﻳﺖ ﻟﻲ ﺑﺎﺀﺕ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ ﺍﻟﺬﺭﻳﻊ، ﻣﻤﺎ ﺍﺳﺘﺪﻋﺎﻫﻢ إلي إﺣﻀﺎﺭﻱ إلي ﻫﻨﺎ، ﻭﺳﺒﻖ ﻟﻰ ﺃﻥ ﺗﺰﻭﺟﺖ، ﻭﻟﻢ ﺃﻧﺠﺐ ﻷﻧﻨﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1946 ﻡ.
ﻭﺍﻟﺘﻘﻂ ﻣﻨﻪ ﻗﻔﺎﺯ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻨﺰﻳﻞ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﻤﻮﻟﻲ ﺑﺨﻴﺖ ﺍﻟﺒﺎﻟﻎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ( 100 عاماً) حيث ﻗﺎﻝ : أﻧﺎ أصلاً ﻣﻦ ﺯﻫﺮﺓ ﻣﺪﻧﻲ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺄﻟﻨﻲ ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ آﺗﻲ ﺑﻚ إلي ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﺴﻨﻴﻦ؟ ﺃﻗﻮﻝ ﻟﻚ ﺍﻥ ﺃﺧﻲ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺣﻀﺮﻧﻲ إلي ﻫﻨﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺰﻭﺟﺖ، ﻭﺍﻧﺠﺒﺖ ﺑﻨﺘﺎ ﺗﻮﻓﺖ إلي ﺭﺣﻤﺔ ﻣﻮﻻﻫﺎ، ﺃﻣﺎ ﺯﻭﺟﺘﻲ ﻓﻘﺪ ﺭﻣﻴﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻴﻤﻴﻦ
ﻭﺣﻮﻝ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﻳﻘﻮﻝ الاخصائي : ﻳﻮﺟﺪ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺴﻨﻴﻦ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ خدماً ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ، ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺗﺘﻘﺪﻡ ﺑﻬﻢ ﺍﻟﺴﻦ ﻳﻮﺩﻋﻮﻥ ﻓﻲ ﺩﻭﺭ الإﻳﻮﺍﺀ ﻷﻧﻬﻢ ﻻ ﻳﺴﺘﻴﻄﻌﻮﻥ ﺭﻋﺎﻳﺘﻬﻢ ﺍﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ ﻣﺜﻞ ﺇﺩﺧﺎﻟﻬﻢ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﺃﻭ أﻱ ﺧﺪﻣﺔ أﺧﺮﻱ ﻳﺤﺘﺎﺝ إﻟﻴﻬﺎ، ﻣﻤﺎ ﻳﻀﻄﺮﻫﻢ ﺍﻷﺗﻴﺎﻥ ﺑﻬﻢ إلي ﻫﻨﺎ، ﻷﻥ ﺍﻟﻤﺴﻦ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻳﺼﻞ إلي ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻻ ﻳﺤﺘﻤﻠﻪ إﻻ أﺑﻨﺎﺋﻪ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺣﻆ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻻ ﺗﻌﻤﺮ كثيراً ﻓﻬﻢ ﻳﻨﺘﻘﻠﻮﻥ إلي ﺍﻟﺮﻓﻴﻖ ﺍﻻﻋﻠﻲ ﺑﻌﺪ أﺳﺎﺑﻴﻊ أﻭ ﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﺳﺘﻼﻣﻬﻢ ﺑﺎﻟﺪﺍﺭ.
ﻭﺗﺘﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﻘﺼﺺ ﺍﻟﻤﺆﺛﺮﺓ ﺟﺪﺍ ﺑﺎﻟﻮﻗﻮﻑ ﻋﻨﺪ ﻗﺼﺔ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺪﻭﻱ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﺒﺎﻟﻎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ أكثر من (70 عاماً)، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻤﻞ سائقا ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ أم درمان، ﻭﻗﺎﻝ : ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﺟﺒﺎﻝ ﺍﻟﻨﻮﺑﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺷﺪﺩﺕ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺮﺣﺎﻝ صغيراً إلي ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ مقيماً ﻓﻲ حي (اﻟﻌﺒﺎﺳﻴﺔ) ام درمان، إلا أن ﺍﻟﻤﺮﺽ ﻟﻢ ﻳﺪﻋﻨﻲ أﺗﺰﻭﺝ، ﻓﻴﻤﺎ أﻧﻪ ﻟﺪﻱ أﺷﻘﺎﺀ ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﻣﻜﺎﻧﻬﻢ، ﻭﺍﻟﺸﻲﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺩﻧﻲ إلي ﻫﻨﺎ ﻫﻮ إﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ أﻋﻤﻞ ﻣﻊ مسئوﻝ ﻣﻌﺮﻭﻑ ﺍﺣﻀﺮﻧﻲ أﺑﻨﺎﺀ ﻋﻤﻪ إلي ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﺴﻨﻴﻦ ﻗﺒﻞ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﺑﻌﺪ أﻥ ﺃﺻﺒﺖ ﺑﺎﻟﻌﻤﻲ، ﻭﻟﻢ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﺼﺮﻱ إﻻ ﺑﻌﺪ أﻥ أﺟﺮﻳﺖ ﻟﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺟﺮﺍﺣﻴﺔ ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ آﺗﻲ ﺑﻲ إلي ﻫﻨﺎ، ثم ﻗﺎﻝ ﻟﻲ : سأﺩﻋﻚ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ (ﺍﻟﺪﺍﺭ) إلي ﺃﻥ ﺗﺘﻌﺎﻟﺞ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﺄﺕ ﺍﻟﻲَّ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻌﺎﻡ 2008 ﻡ .
ﻓﻴﻤﺎ ﺍﺑﺘﺪﺭ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺣﺴﻦ ﺭﻭﺍﻳﺘﻪ ﻗﺎﺋﻼً : ﻛﻨﺖ ﻣﻐﺘﺮﺑﺎً ﺑﺎﻟﻌﺮﺍﻕ، ﻭﺃﺛﻨﺎﺀ ﻋﻤﻠﻲ ﻓﻲ ﻭﺭﺷﺘﻲ ﺍﻋﺘﺪﻯ ﻋﻠﻰَّ أﺣﺪ ﺍﻟﻠﺼﻮﺹ ﺑﺎﻟﻀﺮﺏ، ﻣﻤﺎ ﺳﺒﺐ ﻟﻲّ ﺟﺮﺍﺀ ﺫﻟﻚ ﺇﻋﺎﻗﺔ، ﻭﻗﺪ ﺃﺣﻀﺮﻧﻲ ﺇلي ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺭﺋﻴﺲ ﻟﺠﻨﺔ ﺍﻟﺤﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﻨﺖ أﻗﻄﻦ ﻓﻴﻪ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﺠﺪ إﻧﻨﻲ ﻟﺪﻯ ﺃﺳﺮﺓ ﻭﺃﺷﻘﺎﺀ ﻛﻨﺖ أﻋﻮﻟﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﺻﺒﺢ ﻣﻌﺎﻗﺎً ﺣﺮﻛﻴﺎً .
ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻤﺴﻦ ﺣﺴﻦ ﻭﻟﺪﺕ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺤﺮﻱ ﻭﺩﺭﺳﺖ ﺍﻟﻬﻨﺪﺳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪ، ﺛﻢ ﻋﻤﻠﺖ ﻣﻬﻨﺪﺳﺎً ﻟﻤﺪﺓ (37 ﻋﺎﻣﺎً)، ﻭﺃﺳﺮﺗﻲ ﺗﺘﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﻭﺑﻨﺖ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ، ﻭﻗﺪ ﻛﻨﺖ ﻣﻘﻴﻤﺎً ﻣﻌﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻘﺮﺭ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺇﺑﻌﺎﺩﻱ ﻣﻦ ﻫﻨﺎﻙ ﺑﺘﻠﻔﻴﻖ ﻻ ﺃﺳﺎﺱ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺣﻴﺚ ﺷﺎﻫﺪﺕ ﻃﻔﻠﺔ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﻟﻼﻋﺘﺪﺍﺀ، ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻨﻲ ﺇﻻ ﻭﺃﻭﻗﻔﺖ ﻋﺮﺑﺘﻲ ﻣﺘﺮﺟﻼً ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﻗﻤﺖ ﺑﺎلإﻋﺘﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺭﺗﻜﺐ ﺍﻟﺠﺮﻡ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﻄﻔﻠﺔ ﺍﻷﻣﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺩي ﺇلي أﻥ ﺗﺴﺘﺪﻋﻴﻨﻲ ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻲ ﺃﻧﻬﻢ ﻗﺎﻣﻮﺍ ﺑﺎﻟﺘﺤﻴﺔ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﻠﺸﺨﺺ ﺍﻟﺬﻱ ﺿﺮﺑﺘﻪ، ﻭﻛﺎﻥ ﻣﺼﻴﺮﻱ ﺍﻹﺑﻌﺎﺩ ﻟﻤﺪﺓ ﻋﺎﻡ ﻭﺳﺒﻌﺔ ﺃﺷﻬﺮ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق