هرب الجنوبي (جبرائيل)
من الحرب المشتعلة بضراوة في بلاده، لكي يعيش وأسرته في أمن وأمان بالعاصمة المصرية
(القاهرة)، التي تعلق بحبها منذ نعومة أظافره، وظل كذلك إلي أن سنحت له فرصة أن يشد
الرحال إلي هناك، والإقامة بمنطقة (عين شمس) التي استأجر فيها شقة بسيطة يأوي إليها
وأسرته الصغيرة المكونة من زوجته وأبنائه، وكان سعيداً بالاستقرار في مصر والعيش فيها
بسلام بعيداً عن الحرب التي تشهدها بلاده والتي شردت وقتلت الكثير من أهله وزملائه
وأصدقائه وأبناء قبيلته.
وبمرور الأيام قرر
(جبرائيل) أن يؤسس مدرسة يعلم من خلالها اللاجئين الأفارقة والسودانيين المقيمين بمنطقة
(عين شمس)، وتهدف إلي إزالة أثار الحرب وما خلفته من دمار نفسي، وتخريب معنوي، هكذا
انصب جل تفكيره بالخروج بهم من ذلك النفق المظلم الذى عانوا في إطاره معاناة كبيرة
في أوطانهم، وهكذا ظل يخطط للمستقبل دون أن يعلم بما يخبيه له القدر، ولم يكن يدري
أنه سيقتل وسط طلابه على يد مالك المحل التجاري الذي فقد عقله عندما شاهد (جبريل) وطلابه
يتوجهون نحو مدرستهم، إذ أنه اندفع اتجاهه بهستيرية وهشم رأسه بالشومة متحججا بأن تلاميذ
الأستاذ (جبرائيل) يحدثون (الضوضاء) كلما مروا أمام محله المجاور للمركز التعليمى الذي
أسسه المجني عليه.
وأدلى المتهم بقتل
مدرس بمركز تعليمى باعترافات تفصيلية عن الواقعة المحزنة التي تركت أثرا بالغا في نفوس
الطلاب الأفارقة والسودانيين والجنوب سودانيين، وقال الجاني في أقواله عندما استجوبته
الشرطة إنه صاحب محل لبيع أدوات البناء، وهذا المتجر يجاورمركز تعليمى للأطفال الأفارقة
والسودانيين والجنوب سودانيين وأكد في محضر التحري بأنه ابلغ المجنى عليه عدة مرات
بأن تلاميذه فى المركز التعليمى يحدثون (الضوضاء) ويلعبون أمام محله التجاري، ورغم
عن الشكاوي المستمرة، إلا أنه لم يحسم الأمر وظل الوضع قائماً علي ما هو عليه إلي أن
خرج في ذلك اليوم الذي شهد واقعة الاعتداء التلاميذ (الأطفال) من المركز التعليمي،
ثم وقفوا أمام محلي التجاري وأحدثوا حالة من الهرج والمرج، فما كان مني إلا وتوجهت
للمجنى عليه مباشرة، وعاتبته علي استمرار الوضع علي ما هو عليه، مما أدي إلي أن تنشب
بيننا مشادة كلامية اضطرتني إلي إحضار (شومة)، واعتديت بها علي المجني عليه ضرباً ولكنني
لم أقصد قتله بأي حال من الأحوال.
وحينما وقفت عند
التحقيقات وجدت أن المستشار محمد جمال رئيس النيابة، قد كشف تفاصيل حول الجريمة البشعة
مؤكداً أن المجنى عليه (جبرائيل) سودانى الجنسية، ويعمل مدرسا بمركز تعليمى للأطفال،
قتله المتهم المصري (عماد) بتهشيم رأسه بالشوم، وذلك بسبب شكوته من (ضوضاء) التلاميذ
(الأطفال) الذين يتعلمون فى المركز، ولهوهم أمام محله، حيث توجه المتهم إلى المجنى
عليه، ونهره بسبب لعب الأطفال مما يعوق حركة الزبائن أمام محله، وهشم رأسه بـ (شومة)،
حيث لفظ على إثرها أنفاسه الأخيرة .
واستمعت النيابة
لأقوال شهود العيان الذين أكدوا أن المجنى عليه (جبرائيل) جاء إلي مصر بسبب الحروب
فى جنوب السودان وعمل مدرسا فى مركز رعاية الأطفال السودانيين التعليمى بعين شمس وقام
بالتدريس للأطفال السودانيين.
وأضافوا فى يوم الحادث
حضر المتهم عماد حمدى إلي المركز وهدد المدرسين والعاملين السودانيين قائلا: (هموت
واحد فيكم النهارده)، وأثناء خروج المجنى عليه اعتدى عليه المتهم بـ (شومة) على رأسه
أدت إلى وفاته فى الحال.
بينما قال مدير المركز
التعليمى السودانى إن الحادث فردى ولا توجد خلافات شخصية بين القاتل والمجنى عليه وأن
القاتل اعتاد على سب والاعتداء على أى سودانى يمر فى الشارع .
وأكد أن المتهم
(عماد) صعد إلى المركز التعليمى ووجه السباب لهم وأن جبرائيل حاول تهدئة المتهم، لكنه
فشل فتركهم وصعد للدور الثالث من المدرسة وأثناء خروج القتيل انهال المتهم بالشومة
على رأسه .
ليقرر المستشار محمد
جمال مدير نيابة عين شمس إحالة المتهم محبوسا لمحكمة الجنايات بتهمة القتل العمد ،
واستلمت النيابة تقرير الطب الشرعى للمجنى عليه (جبرائيل) حيث أثبت أصابته بكسر فى
الجمجمة ونزيف داخلى نتيجة الاعتداء عليه بـ (شومة) على رأسه.