..............................
الناظر بمنظار فاحص إلي التسلسل التاريخي للتطور تقنياً، يجد أنه يمضي بخطي متسارعة مع مصاحبته لبعض السلبيات في شتي مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بحيث أن التطور أدي إلي الاستعراض، ﻭﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪ الأعمى، ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺭﻧﺔ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ لدرجة اختلاط الأشياء اﻟﻀﺮﻭﺭية بما هو أقل أهمية، وذلك في إطار (العولمة) ووسائطها المنتشرة عبر الهواتف الذكية لمواكبة التطور، الذي ﺃﺗﺴﺎﺀﻝ في ظله كثيراً عن الأمر الذي يدفع البعض إلي فضاءات مفتوحة، وبالتالي هل وقف كل واحداً منا يوماً مع نفسه لتقييم الظواهر السالبة، وﻫﻞ أياً منا فكر فيما آل إليه المجتمع السوداني من ﻤﺘﻐﻴﺮﺍﺕ أملتها الظروف المحيطة بنا؟ وبلا شك جعلتنا نستوعب كل المتناقضات والمستجدات بقدرة فائقة جداً، إلا إنني وبالرغم من ذلك أؤيد بشدة سعي الإنسان للتطور تكنولوجياً، علي أساس أنه سنة الحياة، ولكن يجب أن يكون متسقاً مع عاداتنا وتقاليدنا المتصلة بالدين الإسلامي، وأن نستفيد مما ينتجه الغرب ثقافياً وفكرياً، والاتجاه بهما نحو النهج السليم، الذي ﻳﺮﻓﺾ سلوكيات وافدة عبر الميديا الحديثة الموظفة آنياً توظيفاً سالباً.
ومن الأسباب الرئيسية لاختراق المجتمعات بصورة عامة، أن الجهات المختصة لم تلتفت إلي ما يجري عبر وسائط التواصل الاجتماعي، المفتقرة لتوعية وإرشاد العائشين في العالم الافتراضي، الذي أفرز الكثير من السلبيات، التي تحتاج منها أن نجابهها، خاصة وأن المد الثقافي والفكري الغربي يتمدد يوماً تلو الأخر، رغماً عن أن فئات ﻛﺜﻴﺮة ﻣﺘﻤﺴﻜﺔ بالحفاظ علي ما اكتسبته، وأمثال هؤلاء يقع علي عاتقهم العبء الأكبر لحماية وتبصير إنسان السودان بالخطر المحدق به.
السؤال الذي يدور في ذهني هو هل الإنسان يبحث عن التطور بأي شكل من الأشكال، الإجابة بحسب مراقبتي لما يجري أن البعض لا يستوعب التطور التقني إيجابياً، الأمر الذي يقوده للانجراف به نحو السلبية، هكذا إلي أن تصبح تلك الممارسة عادة من عادات الحياة اليومية.
إن هنالك من يحاول أن يقاوم المد الثقافي والفكري الغربي، وذلك بالحفاظ علي ما تبقي من ثقافتنا، وعدم ترك المتغيرات تحدث ما ذهبت إليه، وأخلص من وراء ذلك إلي أن الإفرازات السالبة ناتجة عن بذر البذور الفاسدة، وبالتالي نجني ثماراً غير جيدة.
الكثير من الدول المتفشية فيها ذات الإشكاليات، بدأت تبحث عن حلول، خاصة بعد ارتفاع نسب الطلاق وسط الأزواج، وعزوا ذلك إلي غياب البرامج التوعوية التثقيفية، إلي جانب عزوف الشباب عن الزوج، والذي توصلوا فيه إلي حث الرجال علي التعدد في الزيجات تقليلاً لـ(العنوسة) وسطـ الفتيات.
أأمل أن يغرز الآباء تربية الأبناء باﻟﻘﻴﻢ ﺍﻟﻨﺒﻴﻠﺔ، وعدم الانشغال عنهم بحجة الظروف الاقتصادية التي ربما قادت بعض الأمهات للخروج من منازلهن بحثاً عن العمل، وترك ﺍﻷﺑﻨﺎﺀ لقمة سائغة للشوارع ومواقع التواصل الاجتماعية والقنوات الفضائية، ومع هذا وذاك يفاخر البعض من الآباء بأن أبناءهم أصبحوا يجيدون فن التعامل مع التقنية الحديثة، ناسين أو متناسين أن إتقانهم لها قد يدعهم أقرب إلي التعلق بها، واكتساب سلبيات غزت المجتمع، ﻭهي ﻣﺨﻄﻄﺎً لها تخطيطاً دقيقًا، بدليل أنها أفرزت ظواهر أبرزها ظاهرة ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ (ﺍﻟﻌﺮﻓﻲ)، ما يؤكد أن الأبناء يتعلمون من (العولمة) ووسائطها المختلفة، ولا يضعون في الاعتبار نهج تربية الآباء الغائب عمداً، وهو النهج الذي ربما يتسم بعدم اللامبالاة، في حين أن الأبناء في أمس الحاجة لاكتساب الصفات النبيلة في كل المراحل العمرية، وذلك بالتربية الممنهجه منهاجاً تربوياً ﻭﺍﺿﺤﺎً، يوفر لهم التوعية المستمرة، حتى لا تكون وسائط التقنية الحديثة المربي لهم، بعد أن وجدت في المجتمع ﻣﺮﺗﻌﺎً ﺧﺼﺒﺎً أحدثت فيه الكثير من التغيير بالثقافة والأفكار المغايرة، بعد أن غاب الدور التربوي للآباء والأمهات، والذي فيه قصوراً بالانصراف عنه، مما أتاح فرصة للغزو الفكري والثقافي الغربي، علماً بأن هنالك من يدخلون للقفص الذهبي بلا دراية بما يمكن أن تسفر عنه مؤسسة الزواج في المستقبل، ما يؤكد تأكيداً جازماً أنهم لم يضعوا في حساباتهم المتغيرات التي تطرأ علي حياتهم بعد إكمال نصف الدين، لذا يلجئون إلي التهرب من المسئوليات المنوطة بهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق