الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

الأستاذ احمد البلال الطيب يكتب عن زيارة وتكريم النائب الأول لرئيس الجمهورية للفنان النور الجيلاني

مشاعر شتى تنازعتني وأنا في طريقي من المنزل إلى مقر إقامة النائب الأول لرئيس الجمهورية الفريق أول بكري حسن صالح لمرافقة سيادته في زيارته الهامة للفنان الإنسان والمبدع النور الجيلاني بمنطقة أبوحليمة بالكدرو التي أحبها وأحبته وغنى فيها واحدة من أجمل أغنياته الخالدة (ودي للكدرو تحية). وبالرغم من علمي أن الفريق أول بكري يقيم في منزله الخاص منذ قرابة العامين إلا أنني وجدت نفسي تلقاءاً نتيجة للمشاعر الإنسانية التي كانت تنازعني بين أن أتوجه لمنزل النائب الأول وأرافق وفده المكون من وزيري الثقافة الأستاذ الطيب حسن بدوي والدولة بوزارة الإعلام الأستاذ ياسر يوسف لأحل (ضيفاً) على منزل الفنان الكبير مع الوفد الرئاسي، أو أن أتوجه لمنزل الأستاذ النور الجيلاني لأكون (مضيفاً) معه وأفراد اسرته الكريمة للنائب الأول ووفده الرفيع.. وما بين تلك وتلك وجدت نفسي تلقاءاً أمام المنزل القديم للفريق أول بكري بكوبر، ولقد داعبني النائب الأول وهو رجل سوداني أصيل وشيخ عرب وحاضر (البديهة) و (النكتة)، عندما أشرت لواقعة ذهابي عن طريق الخطأ قائلا: (ما قالوا أنت في الأمن، الحكاية دي فاتت عليك كيف؟)) وعندما نظرت لساعتي كانت عقاربها تشير إلى الثامنة إلا ربعاً حيث كان من المفترض أن يتوجه ركب النائب الأول من منزله إلى منزل الأستاذ النور الجيلاني الساعة الثامنة مساء، فوجدت نفسي تلقاءاً أتجه نحو منزل الأستاذ النور الجيلاني بمنطقة (أبوحليمة) وكانت تلك أول مرة في حياتي أزور منزل الأستاذ النور، وإلى أن وصلت المنزل وعلمت منه أننا التقينا كثيراً أيام مايو (بالإتحاد الاشتراكي السوداني وقتها) الحزب الواحد الحاكم حيث كنت أعمل صحفياً بصحيفة (الأيام) وقتها ومسؤولاً عن متابعة أنشطة وأخبار الاتحاد الاشتراكي وكان هو يعمل هناك ومن قيادات الحزب وقتها. وتعود قصة زيارة النائب الأول لمنزل الأستاذ النور الجيلاني إلى سلسلة (نقاط النظام) التي كتبناها خلال شهر رمضان الماضي ووجهنا عبرها رسائل مفتوحة للنائب الأول، لأننا نعرف انسانيته الكبيرة وهمته العالية لكي تتبنى الدولة علاج الفنان النور الجيلاني تقديراً ووفاءاً لما قدمه للوطن في مجال الفن والثقافة وتكريماً للفن والفنانين في شخصه، وأوضحنا أن الفنان الكبير أصيب بمرض عضال بحباله الصوتيه وأجريت له ثلاث عمليات، عمليتان بمصر والثالثة بتايلاند، وأنه منع من الغناء والكلام، ومن المفترض أن يتوجه لدولة الإمارات العربية لإكمال العلاج عن طريق التدريبات الصوتية والتي يمكن بفضل الله ومشيئته أن تعيده للكلام، وهو علاج مكلف وقد صرف الفنان كل ما بيده خلال السنتين الماضيتين إضافة للوقفة المشرفة لأفراد أسرته الممتدة ورابطة معجبيه ونادي المريخ ورئيسه الهمام السيد جمال الوالي كما أفادني صديق الأطراف الثلاثة د. عمر محمود خالد. والتقيت مصادفة وبمنزل الصديق الأستاذ عبدالرسول النور يوم رحيل الحاجة المبرورة والدته بالنائب الأول قبل عدة أسابيع، وبالرغم من أن المناسبة كانت مناسبة عزاء، إلا أنني كسرت حواجز البروتكولات و (الأتكيت) وربما حتى (الذوق)، وأثرت قضية الفنان النور الجيلاني والذي لا تجمعني به أية معرفة شخصية كما أنه رجل عفيف وعزيز نفس فإنه لم ولا ولن يتصل بأية جهة، ولكنني أعرف قدر هذا الرجل (أدباً) و (فناً) و (إحساساً) و(تواضعاً) و (بساطة) وحباً لهذا الوطن وأهله الطيبين بمختلف توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية والجهوية وقبل انفصال الجنوب كان هو فنان الجنوبيين قبل الشماليين بالشمال، وفنان الشماليين بالجنوب غير الجنوبيين، وكما قلت وأنا أقدم برنامج الحفل أمام النائب الأول أمس، فلقد كان النور الجيلاني بعيد النظر عندما دعانا جميعاً ومنذ وقت مبكر (لزيارة جوبا)... ( يا مسافر جوبا)، ولو سمعنا كلامه لما انفصل جنوب السودان. وكعادة الفريق أول بكري دائماً فإنه لم يتبرم وأكد إلمامه بالنداء الذي وجهته لسيادته عبر صحيفتي (أخبار اليوم) و (الدار) وبعد أيام اتصل بي الوزير الشاب الهمام والودود الأستاذ ياسر يوسف وزير الدولة بوزارة الإعلام وطلب مني أن أتصل بالفنان النور الجيلاني وأسرته الكريمة لتحديد ماهو مطلوب من الدولة وكنت قبلها قد اتصلت بأحد الأطباء السودانيين بدبي – د. هشام – وهو من الشباب (النابهين) و (الهميمين) وأرسل لي تكلفة العلاج ولن أنسى أبداً موقف هذا الطبيب السوداني الشاب وهو يقول لي أنه مستعد في فترة العلاج أن يستضيف الفنان النور الجيلاني بشقته، وهؤلاء هم أهل السودان، عظمة –والعظمة لله وحده- وحباً لبعضهم البعض. وبالفعل اتصلت بأسرة الفنان النور الجيلاني عبر الابن الشاذلي ابن شقيقه الأكبر عبدالعزيز الجيلاني والذي غلبه التأثر الشديد من الحديث، وأشاد باهتمام السودان كله حكومة وشعباً بالفنان النور الجيلاني. ومن ثم جاءت هذه الزيارة الكريمة من سعادة الفريق أول بكري حسن صالح للفنان النور الجيلاني بمنزله (بأبي حليمة) مساء أمس، ولقد تشرفت بمخاطبة الاحتفال وتقديمه وخرقت (البروتكولات) عندما طلبت من السيد النائب الأول أن يخاطب الحاضرين وأعلم أنه من (القادرين) على الحديث إلا أنه لا يميل إليه (كثيراً) وإلا (مضطراً) وارتجل كلمة رصينة ومؤثرة ومعبرة أشاد فيها باسم الدولة كلها رئيساً وحكومة وشعباً بما قدمه الفنان النور الجيلاني من فن راق، كما أشاد بالفن والفنانين واهتمام الدولة بهم وتقديرها لإبداعاتهم وما يقدمونه من إشراقات ساهمت وتساهم في تشكيل الوجدان الإنساني السوداني، وسبقه بكملة معبرة السيد الطيب حسن بدوي وزير الثقافة الاتحادي حول اهتمام الدولة ووزارته بالفن والفنانين خاصة والثقافة عامة وتطرق لأهمية الحوار المجتمعي دفعاً للحوار الوطني الذي كان يدور في نفس اللحظة –مساء أمس- بقاعة الصداقة بالخرطوم بين رئيس الجمهورية ورؤساء الأحزاب الذين وافقوا على مبادرة الحوار الوطني بجمعيتهم العمومية التي انعقدت أمس. نقطة النظام: وبالرغم من علمي التام بأن السيد النائب الأول كان يرى ووجه بالفعل أن تتم هذه الزيارة بعيداً عن الأضواء الإعلامية، باعتبار أنها واجب من الدولة تجاه أحد أبناء البلاد البررة، وقد ألمح لذلك في بداية كلمته، إلا أننا والأمانة رأينا أن تسلط عليها الأضواء وسعدت كثيراً بوجود الصديق العزيز والإعلامي النابه الأستاذ حسن فضل المولى مدير قناة النيل الأزرق والتي خصصت حلقة الوفاء ببرنامجها (الأشهر) و(والأبقى)، أغاني وأغاني خلال شهر رمضان الماضي للفنان النور الجيلاني، وقد استلهمت من تلك الحلقات ما كتبته بنقطة نظام وقتها حول الفنان الكبير، كما سعدت بمتابعة الشاب الإعلامي الخلوق والهميم الاستاذ الطيب صديق مدير العلاقات العامة بالتلفزيون القومي. ولقد كانت زيارة النائب الأول في حد ذاتها أكبر هدية قدمت للفن والفنانين عامة وللفنان الكبير النور الجيلاني وأسرته الممتدة، كما تضمنت الزيارة تبرعاً مبدئياً – تذاكر السفر ونثريات للعلاج – وهناك مفاجآت أخرى على حسب علمي في الطريق بناء على ما قدمناه من مقترحات ونعلم أن توجيهات مشكورة صدرت بشأنها من النائب الأول. وأقولها صادقاً أن واجب الوقوف مع الفنان النور الجيلاني لايقع على الدولة وحدها بل يقع علينا جميعاً ونثق تماماً أن المجتمع السوداني بكل فئاته ومكوناته يقدر الفن الراقي والأصيل الذي قدمه الفنان النور الجيلاني وقد علمت من الابن الأستاذ سراج النعيم والذي أجرى حواراً مساء أمس مع الأستاذ النور الجيلاني والذي يتحدث بصوت (خفيض للغاية) ويبذل خلاله الكثير من الجهد، ويتمتع بروح معنوية عالية وصبر الرجال المؤمنين على الابتلاءات الربانية، علمت أنه وبالرغم من مرضه قام بتلحين أغنية على طريق رائعته الخالدة (جوبا) يدعو فيها للعمل من أجل إعادة وحدة السودان بين الشمال والجنوب.

ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...