الخميس، 14 أغسطس 2014

سراج النعيم : معضلة الدراما السودانية

المتابع لمسيرة الدراما السودانية المعروضة ما بين الفينة والاخري عبر الفضايية السودانية وقناة الشروق وبعض المسارح بولاية الخرطوم و نطلق عليها مجازراً درامية نجدها ليست كذلك فهي أقرب إلي الحكي خاصة وأن لفظ دراما لا ينطبق عليها بالرغم من أمتداد سنواتها إلا أنها لم تبارح مكانها قيد أنملة بإستثناء بعض التجارب التي تركت بصمتها إذاعياً الي جانب بعض المسلسلات التلفزيونية المأخوذ فكرتها من مسلسلات عرضت أولاً بالإذاعة السودانية كـ( الدهباية) أما دون ذلك فإن الدراما تواجه معضلات من بينها الإنتاج والسينارست وعوامل أخري متمثلة في عدم تلقائية بعض الممثلين في أداء الأدوار سواء بالمسرح أو عبر الشاشة البلورية لذلك لا اتفق مع الآراء التي ترمي باللائمة علي السينارست والإنتاج فقط وان كان الاخير هو الاهم ولكن المنتج في نهاية الامر يبحث استثماراً للربح وليس الخسارة.
كثير ما اطالع تصريحات تحمل الإنتاج والدولة مسئولية تأخر الدراما وعدم لحاقها برصيفاتها فإذا في تلك التصريحات بعضاً من الصحة فإن الدولة والمنتج ساهموا في إنتاج الكثير من الاعمال بشكل مباشر اوغيره ولكن من أين يأتي أهل الدراما بسيناريست ومخرج وممثل تلقائي لذا لا تدفنوا رؤوسكم في الرمال وتتركوا المشكلة الاساسية التي بدأت منذ سنوات خلت وظلت قائمة إلي الآن فالاعمال التي طرحت قبلاً كان لها الضلع الاساسي في إحجام المؤسسات والشركات عن خوض التجربة نسبة إلي قناعات راسخة بأن الدراما السودانية فاشلة للاسباب التي تطرقت لها فإذا كانوا يجهلون ويغفلون فذلك جهلاً فتلك مصيبة كبري وإذا فعلوا ذلك عمداً فالمصيبة أكبر وبالتالي علي الدراميين معالجة المشكلة الحقيقية ثم البحث عن (شماعة) يعلقون عليها ( الفشل) فلا يمكن أن يتجاوزوا ذلك لأنه ليس بمعزل عن الاشكاليات موضوع الشكوي وبدلاً من ان يندبوا حظهم العاثر عليهم مشاهدة الاعمال الدرامية السابقة عبر التلفاز والمسرح حتي يلتمسوا بشفافية أين تكمن علة الدراما التي لا يتم التأسيس لها بالصورة المطلوبة فالبعض منها مستقاة من بعض الأخبار والقضايا التي تنشرها الصحف وتأكيداً علي ذلك قال مخرج شهير إنه إستفاد من تناول صحيفة ( الدار) في إنتاج مسلسل بثه التلفزيون القومي ما يؤكد أن الدراما السودانية أقرب إلي الحكي فالبعض من الممثلين لا يجيدون التعبير بتغمس الشخوص وكأنهم لم يشاهدوا النجوم المصريين عادل إمام ويونس شلبي وسعيد صالح ومحمد هنيدي وأخرين خاصة عندما ينتجون دراما كوميدية يختلفون في ادائها عن الدراما التراجيدية ولكن الناظر بمنظار فاحص الي الدراما السودانية يجدها تمتاز بالهرج والمرج واللامبالاة وكأن الغرض من ذلك اضحاك المتلقي باي شكل من الاشكال دون التفكير جدياً في ملامسة هموم وقضايا الجمهور وشتان ما بين دراما الهرجلة والمرج واللامبالاة والدراما المحبوكة.
وعليه معظم الافكار سطحية ويبدو أنها تنتج دراما للاستهلاك ليس إلا وكأنهم لا يدرون ان العمل الدرامي بناء متماسك ومتكامل وليس فيه مساحات للافتراضات او الاجتهادات الخاصة وإذا تأملنا الدراما السودانية نجد أنها لا يمكن ان تجد قبولاً من المتلقي في ظل ( العولمة ) ووسائطها المختلفة التي جعلت التطور منشود ولكن اين هو في ظل التيه الذي تعيش فيه.
ومن يشاهد الاعمال الدرامية في العالم بصورة عامة سيجد أنها لم تنتج من فراغ وإنما وفق افكار ورؤي مدروسة وممنهجة ما حدا بها أن تحظي بالقبول المنقطع النظير فالعمل لا يقدم إلا في حال أنه اكتمل وبالمقابل نجد أن الاعمال السودانية تفتقر إلي أدني المقومات المحفزة للجمهور الذي يحس بالتكلف في إنتاج المسرحيات والمسلسلات والتمثيليات التي لا تحدد الهوية الفنية الضائعة ما بين الهزلية والجدية.
لذا عندما تشاهد عملاً دراماً سودانياً تلحظ انه خجولاً متواضعاً في كل جوانبه ما يدل بشكل قاطع أنها اضحت بلا شك مفلسة لا يمكنها ان تؤسس لدراما سودانية تفلح في اللحاق بركب الدراميات اللواتي حققن الريادة حتي خارج حدود أوطانهم.
استغرب كثيراً من أولئك الذين يسألون أين هم اهل الدراما ومكمن الاستغراب نابع من أنهم موجودين ببيت المسرحيين أو بالمسرح القومي أو بالإذاعة أوالتلفزيون دون البحث عن حلول ناجزة تخرجهم من شبح النسيان خاصة وأنها إذا استمرت علي هذا النحو فانها ستوسع من الهوة الموجودة أصلاً بين الاجيال فمن السذاجة الوقوف في محطات درامية تاريخية انتجت في زمنها الماضي وبرزت فيها اسماءاً يشار لها بالبنان كالعمل المسرحي الخالد ( خطوبة سهير) التي أجاد فيها الممثلين الكبيرين مكي سنادة وعلي مهدي والنجمة تحية زروق واخرين.
أن التسليم لذلك الواقع الاليم معناه ان الدراما السودانية لن يكن لها وجود في الخارطة ما لم يلتفت أهلها اليها بعقد الورش الجادة ومناقشة الاشكاليات بعيداً عن تعليقها علي شماعة مما زاد الامر سوﺀًﺍ فغاب الممثل الموهوب عن المشهد وأطل بدلاً عنه المضحكاتية الذين دخلوا الي الدراما من باب النكته وبالتالي تركوا النكته واتجهوا إلي التمثيل فانعكس ذلك سلباً عليها بافتقاد الدراما السودانية هويتها.
ويكفي ان نترك حبل الدراما السودانية علي القارب رغماً عن أنها تشوبها بعض الشوائب التي يجب ان نبذل مجهوداً خارقاً في إزالتها وإعادة صيغتها بما يتناسب والامكانيات. السؤال الذي يفرض نفسه متي تحظي الدراما السودانية ولو بقليل من الاهتمام وبافكار لا يكون بعضها هشاً والبعض الاخر فيه خللاً لأنها لا تمس القضايا الاساسية و غير ملامسة لواقعه الي جانب الاشكاليات التي تعتريها أصلاً.
ومن الأسباب المؤدية لعدم وجود دراما سودانية منذ سنوات وقوفها في مرحلة التأسيس وعدم تجاوزها
بالبناﺀ المتين في مجال الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني والمسرحي حتي تجد تلك الاعمال الاولوية وكنا نعول علي الشباب كثيراً في الخروج بها من ذلك النفق المظلم بإضافة افكار تساهم في محاولات جادة تجيد كتابة النص بعيداً عن الحكي غير المحبوك درامياً وبتحويله إلي حوار جاذب لا يدع الممثل يتكلف في اداء الشخصية وإلي أخره من مشكلات تناولتها في ذات السياق.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

حسناً، لكن واقعيين الدراما الموجودة الأن معظمها من فرقة الأصدقاء أو ممثلين معينن تكرر وجوههم وقد كبر هؤلاء الممثلين حقاً بعضهم ليس من المفترض أن يلعب دور البطولة أصلاً، ولكن الحل الحقيقي برأيي ان يترك المجال للشباب الجدد فقط انظر للدراما الاجنبية هل وجدت وجوه مكررة؟ بالطبع لا، يوجد هنالك دوماً فرص لمواهب جديدة لتتحف الجمهور بفنها.
عدم شعبية الدراما السودانية حالياً هو عدم الجاذبية، الدرما والتلفزيون كفن هو فن إبهاري لذلك أنت محتاج لذلك العامل المهم الذي هو غير متوفر للأسف في الجيل القديم الحالي الذي يسيطر بقوة رغم فشله الزريع وتحججه بشماعة الدعم والإنتاج...
ربما الإستعانه بالمغنين لأداء أدوار تمثيلية؟!

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...