بحث رئيسا السودان وجنوب السودان
خلال لقاء قمة جمعهما في ساعة متأخرة من مساء الأحد قضيتي ترسيم الحدود
المشتركة بين البلدين واستئناف تصدير نفط جنوب السودان، لكن الزعيمين لم
يتوصلا بعد إلى اتفاق أمني لإنهاء الأعمال العدائية بين الطرفين.
إلا أن مسؤولين توقعوا أن يتوصل الرئيس السوداني،
عمر حسن البشير، ورئيس جنوب السودان، كير، إلى اتفاق الاثنين، وذلك بعد
تمديد غير رسمي للمهلة التي وضعها مجلس الأمن الدولي للبلدين للتوصل إلى
اتفاق أمني بينهما.وقال الور للصحفيين بعد بدء القمة بين الرئيسين في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا: "سننتهي من الأمر غدا، وسيكون هناك اتفاق".
وقد شوهد الرئيسان البشير وكير وهما يتجاذبان أطراف الحديث لدى مغادرتهما قاعة الفندق الذي عقد فيه الاجتماع الذي جاء بعد مرور أسبوعين على بدء المحادثات بين البلدين في إثيوبيا.
من جانبه، قال بدر الدين عبد الله، المتحدث باسم الوفد السوداني إلى القمة: "لا تزال هناك خلافات قائمة بيننا. لقد اتفقنا على الكثير من الموضوعات، لكن لا تزال هناك قضايا لم نتوصل إلى اتفاق في شأنها بعد، وتحديدا قضية الأمن".
"لقد اتفقنا على الكثير من الموضوعات، لكن لا تزال هناك قضايا لم نتوصل إلى اتفاق بشأنها بعد، وتحديدا قضية الأمن"
بدر الدين عبد الله، المتحدث باسم الوفد السوداني إلى قمة أديس أبابا بين رئيسي السودان وجنوب السودان
انتهاء المهلة
وقد انتهت مهلة الأمم المتحدة رسميا منتصف ليل السبت، لكن أمام الطرفين فعلا فسحة حتى نهاية القمة التي يقودها الاتحاد الأفريقي للتوصل إلى اتفاق.ويحاول دبلوماسيون التوسط بين الخصمين اللذين لهما سوابق فيما يتعلق بالتوقيع على اتفاقات وعدم تنفيذها.
وكانت الدولتان قد توصلتا إلى اتفاق مؤقت في أغسطس/ آب الماضي لاستئناف صادرات النفط من جنوب السودان، الذي لا يطل على بحار أو أنهار، عبر موانئ السودان المطلة على البحر الأحمر، وذلك بعد أن أوقفت جوبا إنتاجها من النفط إثر خلاف في شأن رسوم التصدير.
إلا أن السودان يصر على التوصل إلى اتفاق أمني أولا قبل البدء بعمليات تصدير النفط من جنوب السودان عبر موانئه. ويحتاج كل من الطرفين بشدة لعائدات النفط.
خارطة الحدود
وكان السودان قد أنعش السبت الآمال بقرب التوصل إلى اتفاق شامل مع جنوب السودان، إذ أعلن عن موافقته المشروطة على خارطة وضعها الاتحاد الإفريقي لمنطقة حدودية منزوعة السلاح بعد اعتراضه عليها لشهور.وقد اجتمع البشير الأحد أولا مع رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد، هايلي مريم ديساليغن، ثم قضى -مثله مثل كير- معظم اليوم مع أعضاء الوفد المرافق له.
وقال وزير الدولة الإثيوبي للشؤون الخارجية، بيرهاني جبريكريستوس، بعد اجتماع البشير وديساليغن: "القضايا مطروحة على الطاولة، ويحدونا أمل وتفاؤل شديدان بأن تمضي الأمور قدما".
وكان مسؤولون أفارقة وغربيون يأملون بالتوصل إلى اتفاق سلام واسع النطاق بين الخرطوم وجوبا، لكن جولات عدة من المحادثات بين الجانبين في أديس ابابا لم تثمر تقدما ملحوظا بشأن تحديد مصير خمس مناطق حدودية متنازع عليها.
وسيترك هذا، على الأرجح، إلى جولة مستقبلية، أو لعملية تحكيم طويلة محتملة بين الجانبين.
طرود أسلحة
من جانب آخر، اتهم جنوب السودان الخرطوم بإسقاط ثمانية طرود من الأسلحة والذخائر بالمظلات لقوات زعيم الميليشيا، ديفيد ياو ياو، في شرق البلاد يومي الجمعة والسبت الماضيين.وقال المتحدث باسم جيش جنوب السودان، فيليب أقوير، إن طائرات عسكرية سودانية من طراز أنتونوف أسقطت أسلحة وذخائر حول بلدة ليكوانغول أمام الجميع، بما في ذلك بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان.
ونفى المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية، الصوارمي خالد، هذا الاتهام.
ولا توجد علامات على إحراز تقدم في المحادثات غير المباشرة التي جرت في أديس أبابا بين السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال المتمردة التي تقاتل جيش السودان في منطقتين متاخمتين لجنوب السودان.
وتتهم الخرطوم جوبا بدعم الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال، بينما يتهم جنوب السودان جاره الشمال بدعم ميليشيات في الجمهورية الجديدة.
منطقة أبيي
ومن المتوقع أن يبحث الرئيسان أيضا سبل إيجاد حل لمنطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها، حيث فشلت محاولات سابقة لإجراء استفتاء بسبب عدم الاتفاق بين الطرفين حول من يحق له التصويت في الاستفتاء في الإقليم المذكور.وخاض جيشا الدولتين معارك لأسابيع في أبريل/ نيسان الماضي على امتداد الحدود المتنازع عليها التي لم يتم ترسيمها بشكل كامل بعد.
ونشبت المواجهة بين الطرفين عقب احتدام الخلاف بشأن حجم الأموال التي يتعين على جنوب السودان أن يدفعها لاستخدام خطوط أنابيب النفط الشمالية.
البشير: الأمم المتحدة لا تستطيع أن تفرض على السودان ما لا يريده
وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد قال
الخميس إن الأمم المتحدة لا تستطيع أن تفرض على السودان "ما لا يريده"،
وذلك بعد نحو أسبوع من صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يدعو الخرطوم وجوبا
إلى وقف القتال.
وأضاف، في تصريحات في الخرطوم بمناسبة استعادة حقل
هجليج النفطي، "بالنسبة للقرارات سننفذ ما نريده، وما لا نريده لا مجلس
الامن ولا مجلس الامن والسلم (التابع للاتحاد الافريقي) سيجعلنا ننفذه".يذكر أن مجلس الأمن الدولي أصدر قرارا بتاريخ 2 مايو/ أيار الجاري يدعو دولتي السودان وجنوب السودان لوقف "الأعمال العدائية" عبر الحدود.
وتأتي تصريحات البشير بعد يوم من تجدد تبادل الاتهامات بين الخرطوم وجوبا بشان شن هجمات عبر الحدود.
واتهم جنوب السودان الجيش السوداني بقصف مناطق داخل اراضيه، مما يعد خرقا لقرار مجلس الامن الدولي.
وقال وزير الاعلام في جنوب السودان برنابا ماريال بنيامين لبي بي سي إن عددا من المناطق في جنوب السودان كانت اهدافا لغارات جوية من قبل الجيش السوداني خلال يومي الأربعاء والثلاثاء.
وقال بنيامين إن الضربات الجوية الجديدة وقعت يومي الثلاثاء والاربعاء في ولايتي النيل الازرق وغرب بحر الغزال.
ووصف القصف الجوي بأنه خرق لقرار مجلس الامن الدولي الداعي إلى انهاء الاعمال العدائية بحلول يوم الجمعة الماضي.
واضاف متحدثا الى برنامج "فوكس اون افريقيا" في بي بي سي ان "الخرطوم تقصف اهدافا مدنية وتقتل النساء والاطفال وتدمر ممتلكات الناس البسطاء في هذه المناطق".
"معارك ضارية"
لكن الخرطوم تقول إن لها الحق في الرد على الاعمال العدوانية الموجهة ضدها.
من جانبه، قال الملحق الاعلامي بالسفارة السودانية في لندن خالد المبارك لبي بي سي إن هذه الهجمات ترتبط بهجمات وقعت داخل الاراضي السودانية ودعمتها جوبا.
واضاف المبارك متحدثا للبرنامج نفسه في بي بي سي إن قواتنا لديها اوامر بالرد على أي اعتداء يحدث ضدنا في أي مكان من جمهورية السودان.
وأكد ناطق باسم الجيش السودان عن وقوع "معارك ضارية" في مناطق على الحدود مع جنوب السودان.
وقد اعلن الجيش السوداني في بيان له الاربعاء ان "معارك ضارية" دارت بينه وبين قوات جنوب السودان على الحدود بين البلدين تمكنت في اعقابها قوات الخرطوم من دحر القوات الجنوبية وحلفائها من المتمردين السودانيين حسب تعبير بيان الجيش السوداني.
قضايا عالقة
وتخشى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي من أن تتحول الاشتباكات الحدودية المتقطعة إلى حرب شاملة بين البلدين.
وكان الجانبان خاضا أكثر من عقدين من الحرب الأهلية (1983-2005) عندما كان السودانان بلدا واحدا.
وعلى الرغم من توصل الجانبان إلى اتفاق السلام الشامل عام 2005، الذي مهد الطريق لانفصال جنوب السودان، إلا أن العديد من القضايا لا تزال عالقة أبرزها ترسيم الحدود ورسوم عبور النفط من الجنوب إلى الشمال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق