الأحد، 23 سبتمبر 2012

وفاة وتعرض 4 أشخاص للحريق داخل طلمبة بأم جر الغربية


شاهد عيان يتحدث للاستاذ سراج النعيم


القبض علي مستأجر الشاب المتوفى والشرطة تحقق في البلاغ

استخراج الحالات بالربط بحبل من الأرجل في حالة إغماء تام وإسعافهم للمستشفي

أم جر/الخرطوم : سراج النعيم/تصوير: محمد إسماعيل

سنبحر في لجة هذه القضية بكل تفاصليها المثيرة جداً مع شاهد عيان تربطه صلة بمن تعرضوا لهذه الحادثة ويأتي هذا الإبحار ميمما شطر البداية المأساوية التي حملت في معيتها تداعيات قيدت الذات الإنسانية في فضاء ذلك العالم الذي أدخل أهالي تلك المنطقة في حيرة شديدة من أمرهم في كيفية التصرف أمام هذه الواقعة التي لم تتبادر إلي أذهانهم في يوم من الأيام مما استدعي أن تعلن هذه الأحداث عن نفسها بالشكل المختلف الذي أطلعني عليه شاهد العيان كمال حسن إبراهيم كاشفاً القصة بالسيناريو الكامل لوفاة وتعرض الأربعة شبان للحرق داخل بئر الطلمبة الخاصة بتزويد السيارات بالمحروقات البترولية.
ومن هنا ندلف بصورة مباشرة لهذه القضية التي تأخذ أبعادا لم تكن في الحسبان إي جانب أنها غير مألوفة لمن راقبها في تلك الأثناء عن قرب خاصة وأن الشاب الذي كلف بمهمة نظافة بئر الطلمبة من المياه التي يعتقد أنها تسربت لها يضع في مخيلته أن العملية سوف تتم بكل سهولة ويمكنه إنجازها في دقائق معدودة بعيداً عن أدوات السلامة المتعارف عليها في هذه الحالة التي نقوم بتشريحها تشريحاً دقيقاً فلم تكن هذه الاتفاقية بين الطرفين المستفيد والمتضرر نزهة للأخير لقطف الثمار ومطاردة الفراشات في حقول اللهو إنما كانت عبارة عن عملية تحمل بين طياتها كل عناصر الخطورة علي حياة الإنسان.

شاهد العيان

وفي سياق متصل قال محدثي : كان الشاب المتوفي في هذه القضية يعمل معي في العربة التي أتولي قيادتها متنقلاً بين بعض المناطق السودانية وفي ذلك اليوم كنا قد آتينا من سفريه طويلة تستوجب علينا قضاء يوم أو يومين راحة ومن ثم نشد الرحال مرة أخري إلي وجهتنا وفي هذه الفترة الزمنية ألتقي به من يدير الطلمبة البترولية بمنطقة أم جر الغربية الواقعة بمحافظة الدويم بولاية النيل الأبيض وكان أن اتفق ذلك الشخص المشار إليه مع الشاب المتوفى علي نظافة البئر من الداخل دون الإشارة إليه بخطورة هذا العمل مستقلاً في ذلك الظروف الاقتصادية القاهرة التي تقف حائلاً أمام الكثير من الشباب الذين يعتمدون في حياتهم المستقبلية علي العمل الحر وبما أنه قدم له الإغراء بالمال ما كان منه أي الشاب المتوفى إلا والمجازفة بالدخول لبئر الطلمبة لبداية النظافة ولكن نسبة إلي أن البئر بها المادة البترولية أغمي عليه في الحال وعندما تأخر في الخروج تأكد للجميع أن أمراً جللاً قد حدث له لذلك انحصر التفكير في الكيفية التي يمكن إنقاذه بها من هذا الخطر الذي لم يكن يدري أنه سوف يمضي به علي هذا النحو.

حالات الإغماء

ويضيف : ومما ذهبت إليه في حالة الإغماء التي تعرض لها الشاب الأول الذي دخل للبئر بالاتفاق مع من يدير الطلمبة مسرح الحادث وكان النقاش الدائر لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الواقعة التي أدخلت الجميع في حيرة من أمرهم لأنها في المقام الأول والأخير جديدة عليهم ولم يسبق لهم أن وضعوا في حالة مماثلة لها طوال السنوات الماضية وبما أن الأمر لم يكن يحتمل التأخير ويحتاج إلي من ينقذ ذلك الشاب من الخطر المحدق به من كل حدب وصوب ما دفع شقيقه عمر الذي قبل في الجامعة هذا العام اللحاق به من أجل استخراجه إلا أنه أيضا أغمي عليه ما حدا بالشاب عبدالرحيم الانضمام إلي الشقيقين داخل البئر ولكنه أغمي عليه أيضا هذا المشهد استفز صديقهم الرابع الذي كان واقفاً في الخارج ينتظر ما تسفر عنه عملية الإنقاذ التي قام بها من سبقوه  وحينما وجدهم قد تأخروا في الداخل قرر اللحاق بهم داخل البئر لاستكشاف ما حدث لأصدقائه ومحاولة إنقاذهم إلا أنه أغمي عليه  أيضا ما قاد أهل المنطقة لعقد اجتماع طارئ من أجل إيجاد حل لهذه المعضلة فما كان منا إلا وقمنا بإحضار بنشر من اجل أن نمدهم داخل البئر بالأكسجين ومن ثم ربطناهم من الأرجل قمنا باستخراجهم من الداخل وما أن وقعت عيني علي الشاب المتوفى اختناقاً إلا وتأكد لي أنه متوفيا أما البقية الذين كانوا برفقته فكانوا أيضا في حالة إغماء تام.      

 نقل الضحايا  الأربعة للمستشفي

ويسترسل: وهم على تلك الحالة قمنا باسعافهم الى مستشفي أم جر القريبة باسطوانة اكسجين واحدة للضحايا الأربعة الذين نقلناهم الى هناك عبر السيارات الخاصة التي تحركنا بها من المستشفي آنف الذكر الى مستشفي الدويم  الذي يبعد تقريبا ساعة وفي هذا المستشفي تم اسعافهم في ذلك اليوم وفي اليوم التالي ظهرت حروق على اجسادهم التي كانوا يسلتقون بها على مشمع ماحدا بنا نقلهم منه الى عنبر خاص الا ان الطبيب المشرف على حالتهم الصحية يطلب منهم الخروج.. ما اشعرنا بخيبة أمل في الطب السوداني لانك لو شاهدت الوضع الراهن لهم لن تقرر ذلك بدليل ان بعض الاطباء بذات  المستشفي  رفضوا الفكرة باعتبار انهم متابعين لهذه الحالات الصحية السيئة جدا فالحريق الذي تعرضوا له لم يكن حريقا سهلا فقد تمدد في الجسد كله.

مواراة جثمان المرحوم

وعن الاجراءات القانونية المتخذة في هذه القضية قال: لم يتم استلامهم في المستشفي الا  بارونيك (8)  فتح على ضوئه بلاغ جنائي بقسم الشرطة الى جانب القاء القبض على الشخص العامل في الطلمبة على أساس انه اتفق مع الشاب على نظافة البئر البترولية بمبلغ مالي فيما تمت مواراة جثمان الشاب عبدالرحيم مدثر الثري دون تشريح بناء على رغبة اهله فهو في الاساس ميكانيكي ولا علاقة له بنظافة البئر الملحقة بالطلمبة من قريب أو بعيد فالشيء الذي جعله يقبل بهذا العمل حوجته للمبلغ المالي المتفق عليه لأن نظافة من هذا القبيل تقوم بها كوادر متخصصة في  هذا المجال الشائك المتشابك والمهمة التي دخل من اجلها البئر تنحصر في وجود بعض المياه حتي تكون جاهزة لاستقبال المواد البترولية القادمة.. والمثير في هذه القصة ان الثلاثة الذين لحقوا بالاول لم يتم منعهم من ذلك مما أدي بالعامل في الطلمبة ان يقول انه لم يستأجر الثلاثة الذين حرقوا داخل البئر انما متفق مع الأول الذي توفي متأثرا بما اصابه من اختناق  والسؤال الذي يفرض نفسه طالما انك على اتفاق مع الضحية الاولي فلماذا سمحت للضحايا الثلاث اللحاق به؟ الاجابة عندي في غاية البساطة انه كان يبحث عن حلل ولم يكن يتوقع ان يتوفي الأول ويصاب الثلاثة بتلك  الحروق.

المتوفي عبدالرحيم مدثر

ويستطرد: هذا الحادث المؤسف بكل ماتحمل هذه الكلمة من معني حدث قبل اسبوع تقريبا منذ تلك اللحظة ونحن في حيرة شديدة من امرنا ماذا نفعل في هذه القضية التي راح ضحيتها شاب من شباب المنطقة وتضرر منها ثلاثة في اعمار متقاربة من بعضها البعض ما أثار ردود فعل عنيفة تدخل  على اثرها الكبار امام روح من التحدي والاصرار على ان يتلقي هؤلاء الشباب العلاج الذي لم يكتمل بعد ورغما عن ذلك قرر الطبيب ان يخرجوا من مستشفي الدويم.
واردف: وعندما دخل المتوفي عبدالرحيم مدثر بئر الطلمبة لم يكن ذلك سوي اتفاق بينه وعامل الطلمبة  لأن أسرته حينما علمت بهذا الأمر تفاجأت لأنه لا صلة له بهذا العمل الذي يتطلب ادوات السلامة فمثلا صديقه كان في الزراعة التي عاد منها الى المنزل فسمع بالخبر  الذي جعله يهرول نحو المكان تاركا كل مافي يده لتقصي الحقيقة.

الاتفاق مع المتوفي

واشار الى ان الشاب الذي دخل بئر الطلمبة في الأول لم يتوف انما توفي المنقذ الذي لحق به ثالثهم مايعني ان الشقيقين على قيد الحياة الا ان اجسادهما محترقة. وقال: المتوفي هو عبد الرحيم مدثر يبلغ من العمر (19 عاما) جلس لامتحان الشهادة السودانية هذا العام وقد نجح و عبدالرحيم نفسه لا علاقة  له بنظافة بئر الطلمبة فهو عامل في البنطون وفي الفترة التي لا يكون فيها عمل بالبنطون يعمل معي في عربتي مساعدا ولكن الضغوطات  الاقتصادية تلعب دورا كبيرا في خوض الصعاب حتي ولو كان فيها خطرا على ارواحهم كالذي حدث بالضبط في بئر الطلمبة اما شقيقه الاخير الذي يدعي (عمر) الذي لحق به في المرتبة الثانية يبلغ من العمر (17 عاما) وهو طالب امتحن الشهادة السودانية وحقق النجاح الذي على خلفيته قدم للقبول في الجامعة وهو قادم من الخرطوم في نفس اليوم حيث كان في طريقه الى الجزيرة أبا بغرض احضار خطاب فوجد شقيقه مغمي عليه في البئر المشار اليها فما كان منه الا ان ينزل الى داخلها لانقاذه.







رسالة تحذيرية للجميع

وبعث رسالة قائلا: على الجميع الحذر من الانقياد وراء الاغراءات المالية في هذا العمل او ذلك اذا لم تكن لديكم فيه خبرة كافية حتي لا تعرضوا انفسكم للخطر الذي دفع هؤلاء الشباب الى ان يحترقوا  هذا الحريق وان يتوفي احدهم اختناقا دون ذنب يقترفوه سوي انهم سعوا جميعا الى انقاذ صديقهم الذي اتفق معه عامل الطلمبة على نظافة البئر الخاصة بالمواد البترولية وهم الآن يفتقدون للعناية الطبية.


ليست هناك تعليقات:

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...