لم يخطط عرفات ورفاقه لاغتيال السفير شلومو ارغوف الذي كان السبب المباشر للخروج في عملية 'سلامة الجليل' ولم يتم من اجل الفلسطينيين. بل كانت تلك مؤامرة شرير آخر كان في ذلك الوقت في بغداد واسمه صدام حسين.
قبل 31 سنة في ساعات المغرب من السابع من حزيران، هاجمت طائرات سلاح الجو الاسرائيلي المفاعل الذري العراقي ودمرته، وهكذا تلاشى في بضع دقائق حلم صدام الأكبر باحراز سلاح ذري ينشىء 'توازن رعب' مع 'التهديد الذري الاسرائيلي للأمة العربية' ويساعد العراقيين على انهاء حربهم مع ايران.
'ليسمع بيغن'، قال صدام في غضب في تباحث سري أجراه مع كبار مستشاريه بعد قصف المفاعل بيومين. 'إننا دائما نجعل كل درس خطة ولهذا سنبني من جديد بأيدينا (صناعتنا الذرية)'. وأعلن الطاغية العراقي في مقابلة صحافية في نهاية ذلك الشهر ما يلي: 'سنؤجل ردنا على عملية الصهاينة العدوانية للمستقبل. ولن ينسى شعبنا هذا العمل العدواني'.
ولم ينسَ العراق في الحقيقة، فقد انتظر وقتا مناسبا للرد ووجده في حرب الخليج في 1991 حينما أطلق نحوا من 40 صاروخا على أهداف في اسرائيل، لكن صدام نجح قبل ذلك في الانتقام من اسرائيل بأن قدم لها طُعم الخروج الى حرب لبنان.
في ربيع 1982 هُزم العراق هزيمة شديدة على أيدي القوات الايرانية. واستقر رأي صدام على أثر ذلك على انسحاب جميع القوات العراقية من المناطق الايرانية التي احتلتها، واستعدادها من جديد على طول الحدود الدولية في محاولة لانهاء الحرب. واتخذ صدام مع ذلك قرارا حاسما آخر وهو إحداث مواجهة عسكرية بين اسرائيل وايران والدول العربية مؤملا ان يقنع ذلك الايرانيين بوقف اطلاق النار.
علم صدام جيدا أنهم في اسرائيل ينتظرون فرصة لمهاجمة القوات الفلسطينية في لبنان بسبب التوتر الذي ساد تلك المنطقة منذ صيف 1981 وبسبب اطلاق القذائف الصاروخية الكثيف على الجليل ونصب بطارية الصواريخ المضادة للطائرات السورية في البقاع اللبناني. واستقر رأيه اذا على إحداث الشرارة التي تشعل الحريق الكبير فكانت الفكرة اغتيال اسرائيلي على أيدي رجال منظمة أبو نضال التي استعملتها الاستخبارات العامة العراقية برئاسة برزان التكريتي، أخ صدام من أمه. وكان الهدف الذي اختير سفير اسرائيل في بريطانيا شلومو أرغوف. واعترف محاولو الاغتيال الذين اعتقلتهم شرطة سكوتلاند يارد البريطانية في التحقيق معهم بأنهم أُعطوا الأمر من مبعوث جاء من بغداد وأنهم حصلوا على السلاح من ناس سفارة العراق في لندن.
أمل صدام ان تنشب حرب بين اسرائيل وم.ت.ف وسوريا، وهذا ما حدث، لكنه لم يكتف بذلك فقد عرض الزعيم العراقي على ايران انهاء الحرب بينهما على أن يُمكّن الايرانيين مقابل ذلك من نقل قواتهم الى سوريا عن طريق العراق لتحارب اسرائيل. وهكذا يحارب ثلاثة من أعداء صدام هم عرفات والاسد والخميني عدوه الرابع اسرائيل وتنجو بغداد.
لم يؤتِ ذلك الاجراء أُكله لصدام، واستمر الايرانيون في مهاجمة ارض العراق. لكنه نجح في ان يرد لنا الصاع صاعين عن هجومنا على المفاعل الذري قبل ذلك بسنة، فقد ورطنا في لبنان 18 سنة وما عدا ذلك تاريخ.
يديعوت 14/6/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق