من يتابع فضائيات السودان هذه الأيام، ويقرأ صحف الخرطوم، سيرى سيلا من التعبئة تحولت بموجبه تلك القنوات إلى ثكنات عسكرية، على هامش استعادة بلدة هجليج النفطية التي تنتج 55 ألف برميلا من البترول السوداني المصدر للخارج.
لقد وجد نظام المؤتمر الوطني في أحداث هجليج فرصة نادرة لاستعادة شرعية حق ومناسبة للشحن الوطني عبر استثمار العاطفة الشعبية المنفعلة بحدث
احتلال هجليج من طرف حكومة جنوب السودان. وكان ذلك الاستثمار بمثابة مشروع
مزدوج الهدف استطاع عبره المؤتمر الوطني إيجاد فرصة للعودة للرشد الذي كادت أن تطيح به الحشرة الشعبية علي حد تسمية البشير لها ووجدت في هذه العاطفة الشعبية مناخاً استثمارياً جداً للتصالح مع الشعب السوداني الذي لم يكن راضياً من سياسة الانبطاح لهذ الفئية التي تخدم في اجندة القوي الغربية واسرائيل ؛ فمن ناحية لم يتساءل
أحد في صخب الاحتفالات عن السبب الحقيقي وراء احتلال هجليج من قبل جيش
حكومة جنوب السودان، إذا وضعنا في اعتبارنا أن حقل هجليج هو تقريبا مصدر
الدخل الوحيد لحكومة الخرطوم، ما يعني أن هناك إهمالا متعمدا في الاستعداد
العسكري تمت من خلاله تنحية بعض الضباط الوطنيين، ونقل أكثر من نصف الجيش
إلى الخرطوم، لا سيما بعدما تصاعدت انتقادات ضد وزير الدفاع السوداني عبد
الرحيم محمد حسين، ومن ناحية ثانية عمل النظام علي التأكيد بأن هجليج
خياراً وطنياً وحيداً للسودانيين، وهي الرؤية التي اتفق معه حولها كل الشعب السوداني بلا استثناء هكذا علا صوت الهتافات لتتوارى من خلفه قضية مساءلة وزير الدفاع
عن احتلال هجليج مرتين خلال 14 يوما
استعادة هجليج جعلت الشعب ملتفا من حول القيادة السياسية والعسكرية مما استدعاه الارتياح من الاشادة بالقوى الحزبية التي تعاطت مع الوضع في هجليج باعتبارها جزء من الخرطوم ولادخل لها بالصراع السياسي مع دولة الجنوب،فكان من الطبيعي التشكيك في وطنية تلك القوى التي لم تدين احتلال مدينة هجليج الغنية بالنفط
وإذا كان النظام صادقا في الدفاع عن قضاياه الوطنية فإن الوطنية لا تتجزأ ولا تقبل القسمة إلا على كامل التراب الوطني ؛ إذ يعرف جميع السودانيين أن احتلال مثلث حلايب تم من قبل المصريين، واحتلال منطقة (الفشقة) تم من قبل الأثيوبيين في ظل حكم هذا النظام، ومنذ سنوات كان فيها الجنوبيون مواطنين سودانيين قبل انفصال الجنوب.
ولأن هذه الهوجة الإعلامية مفضوحة فهي فقط ستكون للاستهلاك المحلي الداخلي من اجل تعويم بروبغاندا شرعية للنظام. فليس هناك قدرة عملية للنظام على تنفيذ ماصرح به البشير. فهذه المرة لن يذهب معه بعض أبناء الشعب السوداني كما ذهبوا معه في سنوات (صيف العبور) ، ولا الشعب قادر بعد هذا على تصديقه بعد أكثر من 23 عاما أصبح فيها السودان منقسما وفقيرا ومعزولا. و النظام يدرك هذا، ويدرك تماما أنه لن يتجاوز حدود المجتمع الدولي، فهو لا يكترث أبدا إلا للمجتمع الدولي والقوى الكبرى. لهذا أعلن اليوم وزير الخارجية الروسي أن السودان مستعد للتفاوض مع حكومة الجنوب إذا وافقت جوبا على التفاوض. كما أكد اليوم أيضا وزير الخارجية السوداني لصحيفة الصحافة السودانية (أن النزاع مع جنوب السودان لن يقود لنشوب حرب بين البلدين) ففي مثل هذه الأنظمة الشمولية كنظام الإنقاذ لا تأتي الحقيقة إلا من الخارج أي من تلك المصادر التي يحسب لها هذا النظام ألف حساب، بالرغم من تصريحات البشير حول مواصلة الحرب ضد جنوب السودان، وتغيير النظام في جوبا. فتلك تصريحات هوائية لاتسمن ولا تغني من جوع، وهي فقط للاستخدام المحلي والداخلي والهدف منها تخدير عواطف العوام، وإيهامهم بوطنية حكومة الإنقاذ فيما هي حكومة انعزالية واقصائية قسمت الوطن الواحد، وقسمت الشعب الواحد، ولا تزال تسعى في تقسيم الوطن والشعب عبر سياساتها الدموية. ينسى الكثيرون أن هذا النظام كان منذ شهور يقصف شعبه في قرى جنوب كردفان وهو الأمر الذي كشفته مجلة تايم الأمريكية، وكشف عنه كذلك الممثل الأمريكي المعروف جورج كلوني في شهادته أمام الكونغرس، فيما لا تزال دارفور تراوح مكانها.
إن مأزق هذا النظام أساسا هو في عجزه عن تطبيق مبدأ المواطنة الذي يقوم على المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع أبناء الوطن بعيدا عن الدين والعرق واللون، ولهذا السبب تحديدا انفصل الجنوب وستنفصل (جنوبات أخرى) بسبب الايدولوجيا الإسلاموية الإنسدادية التي جسدها النظام عبر (المشروع الحضاري) فأنتج كابوسا تخبط فيه السودان ولا يزال يتخبط. فالمشروع الحضاري هو رؤية آيدلوجية انسداديه للحركة الإسلامية السودانية افترضت تأويلها المأزوم للإسلام كما لو أنه الشريعة الإسلامية أو التطبيق الحقيقي للإسلام، وللأسف كان ذلك وهما كبيرا اكتشف النظام زيفه بعد الانقسام التي طاوله أولا بسبب تلك الايدولوجيا عندما انفصل الدكتور حسن الترابي عن النظام في العام 1999، ثم انقسم السودان أيضا بسبب تلك ألايدولوجيا في العام الماضي بانفصال الجنوب، ولن يتوقف التقسيم مادامت تلك الآيدلوجيا هي البروبغاندا الحزبية لنظام الخرطوم.
وإذا كان النظام صادقا في الدفاع عن قضاياه الوطنية فإن الوطنية لا تتجزأ ولا تقبل القسمة إلا على كامل التراب الوطني ؛ إذ يعرف جميع السودانيين أن احتلال مثلث حلايب تم من قبل المصريين، واحتلال منطقة (الفشقة) تم من قبل الأثيوبيين في ظل حكم هذا النظام، ومنذ سنوات كان فيها الجنوبيون مواطنين سودانيين قبل انفصال الجنوب.
ولأن هذه الهوجة الإعلامية مفضوحة فهي فقط ستكون للاستهلاك المحلي الداخلي من اجل تعويم بروبغاندا شرعية للنظام. فليس هناك قدرة عملية للنظام على تنفيذ ماصرح به البشير. فهذه المرة لن يذهب معه بعض أبناء الشعب السوداني كما ذهبوا معه في سنوات (صيف العبور) ، ولا الشعب قادر بعد هذا على تصديقه بعد أكثر من 23 عاما أصبح فيها السودان منقسما وفقيرا ومعزولا. و النظام يدرك هذا، ويدرك تماما أنه لن يتجاوز حدود المجتمع الدولي، فهو لا يكترث أبدا إلا للمجتمع الدولي والقوى الكبرى. لهذا أعلن اليوم وزير الخارجية الروسي أن السودان مستعد للتفاوض مع حكومة الجنوب إذا وافقت جوبا على التفاوض. كما أكد اليوم أيضا وزير الخارجية السوداني لصحيفة الصحافة السودانية (أن النزاع مع جنوب السودان لن يقود لنشوب حرب بين البلدين) ففي مثل هذه الأنظمة الشمولية كنظام الإنقاذ لا تأتي الحقيقة إلا من الخارج أي من تلك المصادر التي يحسب لها هذا النظام ألف حساب، بالرغم من تصريحات البشير حول مواصلة الحرب ضد جنوب السودان، وتغيير النظام في جوبا. فتلك تصريحات هوائية لاتسمن ولا تغني من جوع، وهي فقط للاستخدام المحلي والداخلي والهدف منها تخدير عواطف العوام، وإيهامهم بوطنية حكومة الإنقاذ فيما هي حكومة انعزالية واقصائية قسمت الوطن الواحد، وقسمت الشعب الواحد، ولا تزال تسعى في تقسيم الوطن والشعب عبر سياساتها الدموية. ينسى الكثيرون أن هذا النظام كان منذ شهور يقصف شعبه في قرى جنوب كردفان وهو الأمر الذي كشفته مجلة تايم الأمريكية، وكشف عنه كذلك الممثل الأمريكي المعروف جورج كلوني في شهادته أمام الكونغرس، فيما لا تزال دارفور تراوح مكانها.
إن مأزق هذا النظام أساسا هو في عجزه عن تطبيق مبدأ المواطنة الذي يقوم على المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع أبناء الوطن بعيدا عن الدين والعرق واللون، ولهذا السبب تحديدا انفصل الجنوب وستنفصل (جنوبات أخرى) بسبب الايدولوجيا الإسلاموية الإنسدادية التي جسدها النظام عبر (المشروع الحضاري) فأنتج كابوسا تخبط فيه السودان ولا يزال يتخبط. فالمشروع الحضاري هو رؤية آيدلوجية انسداديه للحركة الإسلامية السودانية افترضت تأويلها المأزوم للإسلام كما لو أنه الشريعة الإسلامية أو التطبيق الحقيقي للإسلام، وللأسف كان ذلك وهما كبيرا اكتشف النظام زيفه بعد الانقسام التي طاوله أولا بسبب تلك الايدولوجيا عندما انفصل الدكتور حسن الترابي عن النظام في العام 1999، ثم انقسم السودان أيضا بسبب تلك ألايدولوجيا في العام الماضي بانفصال الجنوب، ولن يتوقف التقسيم مادامت تلك الآيدلوجيا هي البروبغاندا الحزبية لنظام الخرطوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق