قوات الجيش الجنوبي تثير غضبا عارما في الخرطوم لاستيلائها على هجليج
تساءل سايمون تيسدال في مستهل تعليقه بصحيفة غارديان البريطانية عن
سبب عدم قيام كفلاء اتفاق سلام السودان بالمساعدة في منع الحرب الوشيكة
هناك بعد انتشار الصدامات بين الشمال والجنوب.
وقال تيسدال إن السودان يحترق بينما العالم يتثاءب. ومع تزايد وانتشار
الصدامات على طول الحدود الشمالية والجنوبية مما ينبئ بحرب شاملة، تتحدث
الأمم المتحدة بغموض عن عقوبات جديدة. وبرلمان الخرطوم يصف السودان الجنوبي
المستقل حديثا بأنه "عدو" وحقول النفط تحترق. ووسيط الاتحاد الأفريقي ثابو
مبيكي يشير إلى أنه ليس هناك الكثير الذي يمكن عمله. وأضاف تيسدال أن
السودان على ما يبدو لا يرقى إلى مرتبة عالية في ترتيب الشأن العالمي.
واعتبر الكاتب هذا الأمر غريبا بالنظر إلى الجهد الهائل الذي بذلته
أميركا وبريطانيا والكفلاء الآخرون في تأمين اتفاق السلام الشامل الذي
أُبرم عام 2005 وأنهى 22 عاما من الحرب الأهلية. وهذا الاتفاق الذي أشيد به
وقتها قاد إلى انفصال الجنوب العام الماضي. ومع ذلك ما زالت هناك تفاصيل
لم تسو بعد وفي مقدمتها ترسيم الحدود وتقاسم النفط بين البلدين.
وقال إن الاحتلال المستفز من قبل القوات الجنوبية لمنطقة هجليج
المنتجة للنفط جنوب ولاية كردفان أثار عبارات إنذار كثيرة. فقد دعا الأمين
العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى وقف فوري للأعمال العدائية. وحاولت
مصر عبثا الجمع بين الجانبين. وتسعى الصين لاستئناف إنتاج النفط المعلق.
حتى إيران التي تلعب ظاهريا دور الرجل الطيب تدعو للتهدئة.
الغضب
يتراكم في الخرطوم، وساسة الحزب الحاكم المقربون من البشير شغوفون
باستغلال ما يبدو تجاوزا أحمق من سيلفاكير الذي يعتقدون أنه وضع نفسه في
موقف يستحق اللوم
لكن رئيس جنوب السودان سلفاكير، مثل نظيره في الخرطوم الرئيس عمر البشير، يتصرف بعناد مستلهما في ذلك عقودا من الارتياب المتبادل وسوء النية والعقلية الدموية في وقت يتخلى عن تعهدات حديثة بالتفاهم.
ومن جانبه أبلغ البشير وزير خارجية مصر أنه سيستأنف المفاوضات فقط بعد
مغادرة القوات الجنوبية هجليج التي تنتج نصف نفط السودان، وأنه يحتفظ بحق
الرد على هذا الاحتلال لهجليج بأي طريقة تضمن أمنها وسيادتها واستقرارها.
وهذا -كما قال تيسدال- تلميح واضح إلى أن هجوما مضادا قيد الإعداد. ولأول
مرة يحصل البشير على القليل من التفهم الغربي ما لم يكن تعاطفا.
وأشار الكاتب إلى أن الغضب يتراكم في الخرطوم، وساسة الحزب الحاكم
المقربين من البشير شغوفون لاستغلال ما يبدو أنه تجاوز أحمق من سيلفاكير
الذي يعتقدون أنه وضع نفسه في موقف يستحق اللوم. ويرون فرصة للانتقام من
إذلالات العام الماضي التي شقت البلد نصفين وقل اقتصاده الذي يعتمد على
النفط.
وهذه الأزمة تستقطب تأييدا لقيادة البشير الضعيفة، حتى إن نائبه علي عثمان محمد طه دعا هذا الأسبوع إلى "تعبئة عامة" في كل أنحاء البلد لصد "العدوان" الجنوبي. وحتى حزب الأمة الإسلامي للصادق المهدي عبر عن تضامنه مع هذا الموقف.
وقال تيسدال إن رد الخرطوم
عندما يأتي قد يمتد إلى ما وراء هجوم مباشر على القوات الجنوبية في هجليج.
فقد وردت تقارير بوقوع صدامات أمس على بعد 150 كلم غرب هجليج في جنوب دارفور. وقد يتحرك البشير أيضا لتعزيز سيطرته على منطقة أبيي المتنازع عليها التي ربط سيلفاكير تسليمها بغزوه لهجليج.
وختم تيسدال مقالته بأن حرب السودان الماضية راح ضحيتها نحو مليوني شخص.
والحرب القادمة إذا سُمح بوقوعها قد تجعل سوريا تبدو متواضعة بالمقارنة.
وما لم يستفق المجتمع الدولي لهذا الخطر فإن حلم دولتي السودان في العيش
بوئام جنبا إلى جنبا يمكن أن يضيع لجيل آخر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق