.................
كشف العازف المعروف سعيد عبدالرحمن محمد أحمد الشهير بـ(سعيد
طرمبة)، البالغ من العمر (42) عاماً، عضو اتحاد الفنانين، العازف بالفرقة الموسيقية
للفنان الكبير كمال ترباس، كشف تفاصيل مثيرة ومؤثرة حول علاج شيخ (للغضاريف) بطريقته
الخاصة بمدينة (ابوزبد) بولاية غرب (كردفان) غرب السودان.
وقال : شعرت في بادئ الأمر بألم شديد في ظهري، لدرجة إنني
لم أعد قادراً على الحركة بصورة طبيعية، ما حدا بي بداية رحلة البحث عن العلاج لدي
الأطباء هنا وهناك، وفي عز ذلك الألم أخذت الكثير من الأدوية المسكنة (كبسولات)، (حقن)
و(مراهم)، وهي جميعها كانت مجرد مسكنات للألم بشكل مؤقت، لذلك كان يعتريني خوفاً ويؤرقني
هاجساً من (الغضاريف)، والتي يجب أن أهيئ نفسي لمعركة طويلة معها، والتي بدأت بالفحوصات،
الصور المقطعية والتشخيصات، ثم الاستعداد التام للتدخل الجراحي، والذي لا أعلم مدي
نتائج نجاحه.
هكذا روي الموسيقي (سعيد) قصته الأغرب للخيال مع (شيخ ابوزبد)،
والذي قطع له مسافة طويلة جداً قائلاً : أولاً لابد من التأكيد أن التجربة علمتني معني
الحياة، وأن لا أأيأس من رحمة الله سبحانه وتعالي، عموماً ارشدني صديقاً لي جزاه الله
خيراً أن أشد الرحال من الخرطوم إلى مدينة (ابوزبد) حيث يوجد هنالك شيخاً يجري عمليات
جراحية (للغضاريف)، ولا أنكر تخوفي من خوض التجربة المجهولة، إلا إنني بعد تفكير عميق
في الفكرة، وما آلت إليه حالتي الصحية، ومع هذا وذاك توفر الإرادة والثقة لتلقي العلاج
بأي شكل من الأشكال، لذا قررت أن أخوضها مهما كانت نتائجها النهائية، وعليه سافرت إلى
هناك، وما أن وصلت إلا وأجري لي (شيخ ابوزبد) الفحوصات والتشخيصات بالطريقة التقليدية
(شفوياً)، ومن ثم أجري لي العملية الجراحية التي لم تستمر زمناً طويلاً، وما أن أنتهي
منها إلا وشعرت بأن آلام زالت، وعلى خلفية ذلك بدأت أتحرك بشكل طبيعي، وبعد أن مرت
ثلاثة أيام اكتشفت أنني تماثلت للشفاء تماماً لدرجة إنني زاولت عملي مباشرة، كما عدت
للعزف على آلتي الموسيقية مع الفنان الفخيم كمال ترباس.
واسترسل : قابلت الكثير من الأطباء، والذين بدورهم قرروا
أن ألزم السرير الأبيض بالمستشفي بمدينة امدرمان لإجراء العملية الجراحية، وذلك
على ضوء الصور المقطعية والتشخيصات التي أثبتت أن (الغضاريف) ضاغطة على العصب في الفقرتين
الرابعة والخامسة من السلسلة الفقرية، وأثناء ما كنت طريحاً للفرش زارني صديق لي أكد
أن لديه قريباً له يعالج (الغضاريف) في مدينة (ابوزبد)، وبما إنني كنت أبحث عن العلاج
سافرت رغم آلام بالبصات السياحية حوالي الساعة الثانية صباحاً، ووصلت إلى هناك الساعة
الخامسة صباحاً، وما أن استقر بي المقام في (أبوزبد) إلا وجاءني الأصدقاء أحمد آدم
الصافي، الشيخ عجبنا ومبارك المنا مدير مكتب سفريات (عرجون)، بالإضافة إلى شقيقي وشقيقتي
وزوجها وأبنها، وتوجهنا جميعاً إلى (شيخ ابوزبد)، والذي وصلته محمولاً على السرير،
مما دفع مرضي (الغضاريف) الذين ينتظرون دورهم استثنائي، وكان أن قابلت الشيخ المعالج،
وقبل أن اشرح له حالتي الصحية وفقاً للفحوصات والتشخيصات الطبية التي اجريتها في الخرطوم
تفاجأت به يطلب مني (بياضاً)، فما كان مني إلا واعطيته عشر جنيهات، فأخذها ثم أعاد
إلي خمس جنيهات، ثم سألني عن أسمي؟، ثم قال : (داير أشوف لك الخيرة أولاً)، ثم طلب
مني عدم التحدث، والاكتفاء بالاستماع له فقط، وكان أن نفذت توجيهاته، وكان أن تحدث
هو عن كل الوقائع المتعلقة بمرضي، وهي دون أدني شك صحيحة بما في ذلك الأطباء الذين
التقيت بهم في الخرطوم، وأكد أن الألم الذي أشعر به يتركز في الفقرتين (الرابعة) و(الخامسة)،
ومن ثم قرر إجراء العملية الجراحية، موجهاً إلي سؤالاً، هل أنت جاهز لهذه الخطوة؟،
فقلت : نعم، ثم طلبت إحضار مبلغ إجراء العملية الجراحية، وكان أن سلمته له ثم بدأ فيها
من خلال إدخال (إبرة) طويلة في (انفي)، ثم يطعنني بها في اتجاهات مختلفة دون (بنج)،
ولكن لم أكن أحس بها رغماً عن نزف الدم الكثيف، وكل نقطة دم كانت تتجمد وتظهر سوداء،
وما أن توقف النزف، إلا وضربي على (رقبتي) مرتين فنزفت للمرة الثانية دماً أسوداً وتجمد
أيضاً، ثم قام شيخ ابوزبد بغسل (رأسي)، (انفي) و(وجهي) بمادة ما لم أعرف ما هي!، والتي
بعدها (عطست) مرتين، ثم انتقل إلى مرحلة إجراء العملية الجراحية جالساً على (مصلاية)،
فيما كنت أنا جالساً أمامه، وكان هو يرش على مادة ما، ويتحسس في ذات الوقت الفقرات
الرابعة والخامسة من السلسلة الفقرية بـ(الجفط)، ومن ثم يضغط على المنطقة مرتين، وما
أن أنتهي من هذه المرحلة إلا وقام بتخديري بـ(البنج الموضعي)، ومن ثم فتح المكان المحدد
بـ(الطعانة)، والتي بعدها أدخل (الجفط) في المكان، بينما كنت أسمع شيئاً ما (يطقطق
في ظهري)، وما أن مرت دقائق إلا واستخرج (الغضاريف) المتمثلة في ثلاثة عظام صغيرة الحجم،
ثم عمل (الحجامة) في المنطقة، مما نتج عن ذلك حدوث نزف كثيف لدماء سوداء، ثم مسح منطقة
الفقرتين الرابعة والخامسة من السلسلة الفقرية بـ(كريم)، ومن ثم رشها بـ(بخاخ)، وبعد
ذلك طلب النهوض وقوفاً على ارجلى، فقلت : هل انتهيت، فقال : نعم، وكان أن تحركت من
هناك إلى المنزل راجلاً بعد أن أتيت محمولاً على سرير، وهو ما جعلني ابكي بكاءاً شديداً،
لأن الإحساس بالألم زال، وبعد ثلاثة أيام شددت الرحال من مدينة (ابوزبد) إلى الخرطوم.
وأضاف : حقيقة مازلت في ذهول ودهشة كبيرين من طريقة (الشيخ)
في عالج الحالات المصابة بـ(الغضاريف)، وعلى هذا النحو بدأت قصتي التي لم استوعبها
حتى الآن، إذ أن الألم الذي كان بسيطاً بدأ يزداد يوماً تلو الآخر إلى أن أصبحت عاجزاً
عن الحركة، وكنت خلال ذلك أبحث بحثا مضنياً عمن يضع حداً لمعاناتي، المهم أنه وبإذن
الله تعالى لجأت (للشيخ المعالج) الذي نجح في العملية الجراحية التقليدية بنسبة
(100٪)، وهي العملية التي استخدم لها أدواته البسيطة، واتضح لي من تجربتي أنه يقوم
باستخراج (الغضاريف) بيده من منطقة الظهر حتى لا يضغط على العصب، وهو ذات الأمر الذي
يفعله الأطباء لدي أجرائهم للعمليات الجراحية.
وأردف : في رأي الشخصي أن الأسلوب الذي يستخدمه ذلك الشيخ
في العلاج يعتمد اعتماداً كلياً على المهارة والفنيات في تحسس مكان الألم، لذا أنصح
كل من يعانون من الغضاريف أن يخوض التجربة مثلما فعلت، وأتمني في ذات الوقت أن يعلم
ذلك الشيخ الراغبين هذه الطريقة العلاجية الغريبة، العجيبة والمثيرة للاهتمام بما في
ذلك الأطباء، فإنهم ودون أدني شك سيستفيدون من الفكرة الفنية التقليدية ذات الأبعاد
والدلائل المهمة في حياتنا الإنسانية، خاصة في ظل ارتفاع تكاليف العلاج في إطار ظروف
اقتصادية (قاهرة).
وتابع : وخلال فترة مرضي حرصت على أن أثقف نفسي حول طرق علاج
الام الانزلاق الغضرفي ، فوجدت أن هناك عدة طرق لعلاج الام الانزلاق الغضروفي مثل إجراء
جراحة لإزالة الأجزاء الزائدة التي تضغط على الأعصاب، وهي الخطوة التي كنت متخوفاً
جداً منها بعد أن نجاني الله سبحانه وتعالي من اللجوء إليها، كما أنه نجاني أيضاً من
العلاج الطبيعي، أو تناول بعض المسكنات أو الأعشاب الطبيعية.
ومضي : كنت كسائر الناس أعتقد بشكل قاطع أن العلاج الوحيد
لمرض (الغضروف) هو التدخل الجراحي، إلا أنني اكتشفت أنه اعتقاداً خاطئاً، فهو يهدف
إلى تقليل الآلام والتنميل وضعف حركة الطرف، فهناك مراحل علاجية يمر بها الإنسان الذي
يشكو من (الغضاريف) إلا وهي المسكنات والعلاج الطبيعي لتحسين الحالة، فإذا احس المريض
بتحسن فإن في إمكانه الاستمرار، وإذا حدث العكس فإنه لابد من التدخل الجراحي.
فيما يري أطباء أن علاج (الغضاريف) لا يتوقف على تجربة واحدة
ناجحة، لأنه وربما تكون آلام الظهر ناجمة عن (ميكروب) أو (التهابات) أو (انزلاق غضروفي)،
وفي كثير من الأحيان يلجأ الأطباء للعلاج التقليدي باستخدام أنامل الأصابع لعلاج الانزلاق
الغضروفي، إلا أن لكل حالة مرضية علاج يتلاءم معها، وبالتالي لا يمكن اعتماد طريقة
بعينها في عملية علاج (الغضاريف)، وأن كانت هنالك تجارب ناجحة في بعض الأحيان، إلا
أنه لا يصلح معها التعميم لكل الحالات، فهذا المرض في غاية الخطورة، والطريقة التي
استخدمها ذلك الشيخ في علاج (سعيد طرمبة) يعتبرها بعض الناس طباً بديلاً إلا أن للطب
البديل شروطاً وضوابطاً تحكمه ولا يحق لأي معالج تقليدي تجاوزها.
وأوضحوا : إن العلاج بـ(الأعشاب) للغضاريف لم يثبت من الناحية
العلمية، وحينما يفعل أي مريض ذلك فإنه يرمي إلى تقليل الآلام فقط، أمثال هؤلاء أنصحهم
بأن يعرضوا أنفسهم على أطباء العلاج الطبيعي ليحددوا لهم الأعشاب المفيدة.
وتشير المعلومات إلى أن التدخل الجراحي في حالات مرضي (الغضاريف)
الهدف الرئيسي منه التخلص من الجزء الزائد الخارج من (الديسك) في الظهر والضاغط على
الأعصاب، والذي يسبب الأعراض والآلام التي يشكو منها المرضى.