الأحد، 17 نوفمبر 2019

طرد مراجعي وزارة المالية من مؤسسات الدولة العميقة


كشفت منال شنقر بالإنابة عن لجنة التسيرية لتكوين نقابة (المراجعة الداخلية) بوزارة المالية الاتحادية، كشفت أسباب تعرضهم للطرد من مؤسسات الدولة العميقة.
ما هي المراجعة الداخلية التابعة لوزارة المالية وما الدور المنوط بها ؟
إن المراجعة الداخلية تمثل درع الحماية الأول للمال العام، إلا أنها عانت ما عانت في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير ونظامه الذي استشري فيه (الفساد) في معظم مفاصل الدولة العميقة.
ما الإشكالات التي تواجه المراجعين خلال مراجعة مؤسسات الدولة ؟
الإشكاليات كثيرة، وهي بلا شك تتطلب إعفاء محمد سرالختم الباهي، مدير المراجعة الحالي.
لماذا ؟
أولاً عمل المدير المشار له على تهميش كل القيادات السابقة، والذين قامت علي اكتافهم المراجعة، وحل محلهم صغار الموظفين الذين لا كفاءة ولا خبرة لديهم، ولا يمتلكون شيئاً غير الانتماء لحزب النظام البائد.
ماذا عن هيكل إدارة المراجعة بوزارة المالية ؟
هيكل المراجعة الداخلية ضعيف جداً.
ما القرار الخاطئ الذي اتخذ في إطار إدارة المراجعة ولم يكن سليماً ؟
تعيين نائباً للمدير العام للمراجعة الداخلية دون أن تكون له علاقة بالمراجعة، علماً بأنه يتبع إلى جهاز أمني.
هل كانت إدارة المراجعة تولي تدريب الكوادر البشرية اهتماماً للتأهيل واكتساب المزيد من الخبرات ؟
 لا لم يكن هذا الأمر يحدث معنا، بل انحصر التدريب بالداخل والخارج على من هم موالين للنظام السابق.
كيف تنظرون إلى قانون المراجعة الداخلية ؟
قانون المراجعة الداخلية من القوانين الضعيفة التي تحتاج للمراجعة حتي تتم محاسبة كل من يثبت تورطه في التعدي على المال العام، وتقديمهم إلى محاكمات عادلة، وبما أن هذا الأمر لم يكن موجوداً في العهد البائد، فإنه لعب دوراً رئيسياً في التشجيع على (الفساد) و الاعتداء على المال العام بعد أن تم إضعاف المراجعة الداخلية.
مما ذهبتي إليه ما هي مطالبكم التي تضعونها على طاولة الحكومة الانتقالية ؟
المطالب تتمثل في اعطاء المراجع الداخلي حصانة تحفظ لنا حقوقنا وفقاً للقانون، وحماية لنا من مؤسسات الدولة التي نقوم بمراجعتها، بالإضافة إلى أننا نطالب بالاستقلالية الكاملة للمراجع الداخلي.
هل تتعرضون للاعتداء والضغوط من مؤسسات الدولة التي تقومون بمراجعتها ؟
بكل تأكيد هنالك مؤسسات كثيرة قامت بطرد المراجعين من حرم مؤسساتها، ومؤسسات آخري لم يستطع المراجعين عبور بوابتها للولوج إلى داخلها مطلقاً، منها على سبيل المثال ديوان الزكاة ووزارة الداخلية ووزارة النفط وغيرها.
كم مؤسسة من مؤسسات الدولة استطعتم مراجعتها قبل الإطاحة بالرئيس المخلوع عمر البشير ؟
كل ما استطعنا مراجعته في تلك الفترة (25٪) من مؤسسات الدولة العميقة.
هل انتي شخصياً تعرضتي للطرد من مؤسسة من مؤسسات الدولة وما هي تحديداً ؟
نعم حدث معي ذلك عندما قمت بمراجعة الشركة السودانيه للموارد المعدنية، والتي تم طردنا منها أكثر من مرة، وذلك يعود إلى ضعف المدير العام الذي كان ينصرهم علينا.
ما الأسباب التي يتم من خلالها طردكم، هل هم غير معترفين بالمراجعة أم لديهم وجهة نظر أخرى ؟
دائماً ما تكون أسباب طردنا من مؤسسات الدولة قائمة على رفض وجود المراجع أصلاً أو الإختلاف أو إيقاف المراجع لأي شيك أو دفعية من وجهة نظر المراجعة هنالك مخالفه للوائح والقوانين، فيما يكون المنتهك لديه الرغبة الملحة لتمرير المخالفة.
هل تم ضبط مخالفات في مؤسسات الدولة التي قمت بمراجعة حساباتها؟
بكل تأكيد هنالك الكثير من المخالفات التي تم ضبطها.

سراج النعيم يكتب : انفصال جنوب السودان


إن نظام الرئيس المخلوع عمر البشير كان على قناعة تامة بأن توقيعه على اتفاقية (نيفاشا) سيقود جنوب السودان للانفصال، وهذه الخطوة لم تكن الحل الجذري للصراع التاريخي، الذي أحدث زعزعة ليس على مستوي السودان، بل على مستوي القارة، مثله مثل صراعات شهدتها أفريقيا لسنوات وسنوات مثل يوغندا، الكونغو، رواندا، نيجيريا، وتشاد وغيرها.
ومن أجل استمرار الحرب الدائرة في السودان انتهج الاستعمار خطة جديدة في العام 1989م مرتكزاً على سياسة إضعاف الوجود الشمالي في الجنوب واللغة العربية، والاستعاضة عنها باللغة الإنجليزية، وعمل على ايقاف الدعوة لاعتناق الديانة الإسلامية، وبالمقابل شجع البعثات التنصيرية المختلفة، مما وضع الحكومات السودانية المتعاقبة أمام معضلة حقيقية من حيث مفاهيم ارساها الاحتلال البريطاني في ذهنية الجنوبيين، وعليه فإن النزاع ظل قائماً لدرجة أنه اشتهر إعلامياً باطول حروب القرن، ورغماً عن الانفصال إلا أنه مازال يترك آثاره السالبة في الشمال، والذي تضرر ضرراً بالغاً منه، ومن السياسة الاستعمارية الإنجليزية في البلاد، إذ أنها شرعت قوانيناً للمناطق المنغلقة في العام 1922م، وتم تنفيذها عملياً في جنوب السودان، وعلى خلفية ذلك تم أبعاد الموظفين السودانيين والمصريين من الجنوب، ومن ثم أصدرت القرارات العامة في جنوب السودان، مما نجم عنها إعادة التوتر في المنطقة مجدداً، وفي العام 1982م صدر قرار يقضي بإعادة تدوير القوات العسكرية في جنوب السودان، وهذا القرار قاد عدد من الضباط الجنوبيين للهروب من الخدمة في القوات النظامية، وصادف ذلك محاولة تصدير البترول خاماً، وفي بداية العام 1972م وقعت اتفاقية نصت على منح الحكم الذاتي لمحافظات الجنوب الثلاث تحت إشراف المجلس التنفيذي الأعلى، كما نصت على تشكيل جمعية تشريعية، بالإضافة إلى أنها شملت على ملاحق ونصوص تتعلق بإعادة توطين اللاجئين وترتيبات وقف إطلاق النار وتشكيل قوة عسكرية محلية من 12 ألف رجل نصفهم على الأقل من أبناء الإقليم.
وعندما تم اكتشاف النفط، والذي على خلفيته بدأ نزاع بين الحكومة والتمرد، فالمواقع البترولية أضحت بؤرة للصراع الذي نتج عنه عنفاً في العام 1965م، كما ظهرت في الساحة حركات سياسية تطالب بانفصال الجنوب عن الشمال، وهو الأمر الذي قاد إلى السلطة العسكرية في العام 1969م، وذلك من واقع أن الجنوب شهد (فوضى) احدثتها الحركة المتمردة (الأنيانيا)، والتي اتجه في إطارها النظام المايوي لإيجاد الحلول لهذه الأزمة بالتهدئة، وإعلان العفو عن السياسيين والمتمردين الجنوبيين.
وفي العام ١٩٨٣م تمردت حامية مدينة (يور) التابعة للقوات المسلحة، ثم صدر البيان الأول لحركة تحرير السودان بزعامة العقيد جون قرنق الذي أبعد عن حركته الدعوة لانفصال الجنوب عن الشمال، مؤكداً بالوحدة، واستطاع أن يستقطب المقاتلين خلال ثلاثة أشهر وتجنيد كتائب كاملة من المقاتلين، ومن ثم وجد الدعم من النظام الليبي برئاسة العقيد معمر القذافي، وبذلك الدعم استطاع أن يصيب حقول التنقيب عن النفط باضرار بالغة وبالرغم من الإختلاف القائم حول مدينة (أبيي) إلا أنها تشهد تعايشاً بين القبائل المختلفة، والذي تم بين (المسيرية ودينكا نقوك)، والذي وُقّع بين الناظر (علي الجلة) والسلطان (أروب)، وقد أثنى على ذلك التعايش المفتش الإنجليزي في تقريره الصادر في العام (1920م _ 1921م)، بالإضافة إلى مدير مديرية بحر الغزال من خلال خطابه الذي القاه بتاريخ 21/7/1927م وأوصى بأن يستمر دينكا نقوك في مجلس ريفي المسيرية نتيجة لعلاقتهم الجيدة، إلا أن أصل الإشكالية يعود إلى عصر الاحتلال البريطاني، إذ أن المستعمر اجري استفتاء لدينكا نقوك، ومنحهم حق البقاء في الشمال أو التبعية للجنوب إلا أنهم اختاروا أن يكونوا تابعين لمجلس ريفي المسيرية، ورغماً عما أشرت إليه إلا أن المستعمر الإنجليزي سعي سعياً حثيثاً لإقناع (كوال أروب) سلطان دينكا نقوك بالانضمام إلى جنوب السودان بدلاً من البقاء في الشمال إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل الذريع، وفي العام 1943م توفي السلطان (كوال أروب)، وخلفه نجله (دينق)، والذي حاول المفتش البريطاني إقناعه بالفكرة القديمة المتجددة أثناء الاستعداد لمؤتمر جوبا في العام 1943م، ورغماً عن الرفض إلا أن الإنجليز ظلوا يحاولون في هذا الإطار إلى أن تم إجراء استفتاءات في السنوات (1950م و1951م و1953م و1954م و1955م)، إلا أنها لم تنجح، وانتهت بخروج بالاستعمار في العام 1956م.
وعلى خلفية ذلك هدأت الأوضاع في جنوب البلاد، إلا أنها تجددت مع انقلاب نظام الرئيس المخلوع عمر البشير على شرعية الإمام الصادق المهدي في الثلاثين من يونيو في العام 1989م، وعليه ابرمت اتفاقيات حول مدينة (أبيي) في العام 1997م، كما أنها وضعت جدول أعمال في العام 2000م بغرض إيجاد الحلول للاشكالية كجزء من تنفيذ اتفاقية الخرطوم للسلام المؤكدة إن مدينة (أبيي) موطناً للمسيرية ودينكا نقوك، وهي ليست جزءاً من الجنوب، وأنها منطقة تعدد عرقي وثقافي، وهي واحدة من المناطق الأقل نمواً في البلاد، وأن لها إشكالية خاصة، ورغماً عن ذلك أخذت القضية بعداً آخراً عندما شرعت أمريكا في عمل تسوية للقضية عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، إذ أنها أثارت صراعاً حاداً بين النظام البائد والحركة الشعبية لتحرير السودان، مما نجم عن ذلك تدخل المبعوث الأميركي آنذاك وطرح رؤية للحل سُميت بالورقة الأميركية، وذلك في 2004م، وهدد الطرفين قائلاً: (إن الإدارة الأميركية تحمّل المسؤولية في حال انهيار المفاوضات لأي طرف يعوق مسيرة السلام)، مما أدي إلى أن تصبح الورقة الأميركية جزءاً من اتفاقية (نيفاشا)، وهي من الاتفاقيات الخطيرة التي تثبت مبدأ الاستفتاء، والذي حُدد له العام 2011م تزامناً مع استفتاء الجنوب ولم ترسم حدود جغرافية لمدينة (أبيي)، وترك الأمر برمته للجنة من الخبراء، ورئيس اللجنة سفير أميركي سابق بالسودان، ونائبه من جنوب أفريقيا وثلاثة أعضاء من دول الإيقاد، إلا أن اللجنة فشلت في مهمتها، وبالرغم من فشلها إلا أنها رسمتها وفق الحدود واعتبرته تغولاً على الأراضي الشمالية، فيما باركته الحركة الشعبية لتحرير السودان، مما أدي إلى حدوث اشتباكات في ديسمبرمن العام 2007م واشتدت في العام ٢٠٠٨م، وعلى خلفية ذلك اتفق نظام الرئيس المعزول عمر البشير ودولة الجنوب على إحالة ملف النزاع إلى هيئة تحكيم دولية بلاهاي في العام ٢٠٠٨م، مما أدي بنظام حكم المؤتمر الوطني الفشل لحل الإشكالية بطريقته التي تعد سابقة خطيرة تاريخياً نسبة إلى أنها جعلت السودان لقمة صائغة للانقسامات، والمطامع الخارجية، إذ أنها احتكمت إلى هيئة التحكيم الدولية، وهو الأمر الذي وضع القضية موضع شد وجذب بين طرفي الصراع، وبالتالي مضي نظام المعزول عمر البشير نحو الفشل الذي لم تجد في إطاره الحلول الجذرية للصراعات الدائرة في جنوب السودان، جبال النوبة، النيل الأزرق، أبيي، دارفور وشرق السودان، وهي بلاشك لا يمكن أن تنتهي من خلال اتفاقية (نيفاشا) الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية، أو غيرها من التفاهمات السياسية، وذلك يعود إلى أن ما يستند عليهم النظام السابق ما هم إلا جزء أصيل من الأزمات المتتالية في البلاد، وبالتالي لا يمكن أن يكون الداء هو الدواء الناجع، علماً بأن ما يجري من أحداث قائم على أسباب كثيرة منها تعميق الأنظمة المتعاقبة على حكم السودان، والمصالح المحلية، الإقليمية والدولية في مناطق الصراعات للإشكاليات المبنية على أن الحكومات تهمشهم، ووجدوا في هذا الجانب المساندة من الخارج الذي دعم أطراف الصراع، بالإضافة إلى السيطرة التامة على آليات التسوية.

المواطنون يشكون من أزمة مواصلات حادة وزيادة التعريفة بالمزاج


شكا عدد من المواطنين من أزمة مواصلات حادة تشهدها ولاية الخرطوم ما حدا ببعض سائقي المركبات العامة استغلال الظرف ورفع تعريفة المواصلات على حسب المزاج فبالأمس سائق حافلة هايس من الخرطوم إلى امدرمان رفع التعريفة إلى (30) جنيهاً ومن الخرطوم إلى الدروشاب (20) جنيها بينما استغل اخر ظرف مواطني منطقة دردوق ورفع القيمة إلى (50) جنيها، فيما استغلت الامجادات والسيارات الترحال الموقف ورفعت سعرها لتعريفات مختلفة، وذلك على حسب الأهواء الشخصية دون التقيد بالتعريفة المقررة من سلطات ولاية الخرطوم.
وطالبوا السلطات بفرض ضوابط مشددة على المركبات وفرض رقابة عليها من حيث عدم تقيدها بالتعريفة الصادرة من السلطات المختصة فالزيادات التي ينفذها سائقي الحافلات أنهكت ميزانيات الموظفين والعاملين البسطاء الذين ينشدون تدخلاً سريعاً يساهم في تخفيف الأعباء الملقاة على كاهلهم من فواتير أخرى.
فيما وﺍصلوا ﺷﻜﻮﺗﻬﻢ ﻣﻦ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﺻﻼﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺒﺮﺡ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﻗﻴﺪ اﻧﻤﻠﺔ ﻣﺎ ﺣﺪﺍ ببعض ﺳﺎﺋﻘﻲ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺇستغلاﻝ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﺑﻤﻀﺎﻋﻔﺔ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺔ ﺍﻟﻤﻘﺮﺭﺓ بشكل غير معلن ﻭﻭﺿﻊ ﻋﺪﺩﺍً ﻣﻨﻬﻢ ﺃﺳﺒﺎﺑﺎً ﻟﻸﺯﻣﺔ ﻣﺆﻛﺪﻳﻦ ﺃﻧﻬﺎ ﺑﺪﺃﺕ ﻣﻊ ﺭﻓﻊ ﺍﻟﺪﻋﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻗﺎﺕ، بالإضافة إلي ﺇﻳﻘﺎﻑ ﺇﺳﺘﻴﺮﺍﺩ ﻗﻄﻊ ﺍﻟﻐﻴﺎﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ، إلي جانب ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻮﺍﺻﻼﺕ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻘﻞ ﺍﻟﺮﻛﺎﺏ ﺑﺘﻌﺮﻳﻔﺔ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﻳﻔﺔ ﺍﻟﺤﺎﻓﻼﺕ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻫﻨﺎﻟﻚ ﻫﻮﺓ ﻋﺠﺰﺕ ﺷﺮﻛﺔ ﻣﻮﺍﺻﻼﺕ ﻭﻻﻳﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻋﻦ ﺭﺩﻣﻬﺎ، لذا على ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ الإلتفات ﻟﺘﻨﻈﻴﻢ اﻟﺨﻄﻮﻁ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﻠﺖ ﺗﻌﻤﻞ ﺑﺤﺴﺐ أﻣﺰﺟﺔ ﺳﺎﺋﻘﻲ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺇﺫ ﺃﻧﻬﺎ ﻻﺗﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺃﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﺬﺭﻭﺓ ﺑﺎﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ، ﻣﺎ ﻗﺎﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻟﻠﻮﻗﻮﻑ ﺑﺎﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻄﻮﻳﻠﺔ ﻓﻲ الإﻧﺘﻈﺎﺭ ﺑﻼ ﺃﻣﻞ ﺳﻮﻱ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻤﺮﻛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ يستغل ﺳﺎﺋﻘﻮﻫﺎ ﺍﻟﻈﺮﻑ ﻓﻴﻀﺎعفوﻥ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺔ.


قصة مؤثرة لسيدة وطفلها يفترشون الأرض ويلتحفون السماء


توفى لها اربعة آخرهم حرقاً ومرافقها (عضه كلب) على رأسه
المريضة وطفلها في حاجة لتلقي العلاج في المصحة وابنها في المستشفي
أبلغ عدد من الشباب السلطات المختصة بقضايا الأسرة والطفل في البلاد أن هنالك سيدة مريضة مرضاً نفسياً، وبرفقتها طفلها الذي يعاني من الإصابة في رأسه جراء تعرضه للعض من احد الكلاب الضالة، ويبدو أن السيدة المشار لها بلا زوج يساعدها في الظروف القاهرة التي تمر بها ومع هذا وذاك لا تمتلك مأوي مما قادها للاستسلام لتقلبات الأجواء على مدي العام، وبالتالي تكون مضطرة إلى افتراش الأرض والتحاف السماء أمام احدي المبانى الواقعة بمنطقة (جبرة) بالخرطوم، وعندما طال بقائها في ذلك المكان غير المؤهل لحياة الإنسان، قام عدداً من الشباب المتطوع بموقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) بمبادرة كريمة لعلاج الأم وابنها ووجدت المبادرة استجابة كبيرة من فاعل خير ابدي استعداده التام للتكفل بكامل نفقات علاجها وطفلها معاً، وعندما ازفت ساعة تسليم السيدة المريضة لمصلحة الأمراض العقلية والنفسية، والطفل الذي يرافقها إلى المستشفى المعني، طلبت إدارتي مصحة الأمراض العقلية والنفسية والمستشفي المتخصص بالحالة الصحية للأطفال من شباب المبادرة اتخاذ إجراءات لدي السلطات المختصة بحماية الأسرة والطفل، فما كان منهم إلا وذهبوا مباشرة إلى الجهة الرسمية المعنية بذلك، والتي بدورها استلمت منهم السيدة وطفلها المريضين لحين إكمال الإجراءات القانونية في صباح اليوم التالي، والذي تفاجأوا من خلاله شباب المبادرة بأن المسئول يقول لهم : (اخلينا سبيلها)، وعلى خلفية ذلك دار نقاش بينهم والمدير المسئول عن حماية الأسرة والطفل حول الأمر إلا أنه لم يكن منتجاً، مما حدا بأولئك الشباب التحرك سريعاً للبحث عن السيدة وطفلها المريضين منذ الصباح إلى أن عثروا عليهما  تحت كوبري (كوبر) في المساء، وأتضح من خلال الارهاق الذي يبدو على السيدة وطفلها المريضين أنهما مشيا مسافة طويلة بالإقدام من العمارات (٤١) بالخرطوم إلى كوبري (كوبر)، وعليه توجه شباب المبادرة الإنسانية إلى السلطات الرسمية وكالة النيابة المختصة، والتي بدورها وجهتهم للذهاب إلى رئاسة شرطة أمن المجتمع بالخرطوم، واتخاذ إجراءات بالواقعة حافظاً على حقوق السيدة وطفلها المريضين، والتي كفلها لهما القانون.
وتشير الوقائع إلى أن شباب المبادرة ظلوا على ثلاثة أيام متصلة يراقبون السيدة وطفلها المريضين مراقبة لصيقة، لدرجة أنهم تخلوا عن المسئوليات الملقاة على عاتقهم، وذلك للمحافظة على الأم وطفلها من تعرضهما للخطر، إلا أنهم كلما ذهبوا بهما إلى مصحة الأمراض العقلية والنفسية والمستشفي لعلاج الطفل يطلب منهم قبل إستلام الحالتين إجراءات قانونية من طرف السلطات المسئولة، وعندما لجأوا لها على أساس أنها السلطة الوحيدة المنوط بها هذا الأمر لم تتم مساعدتهم، وبالمقابل لم يستطيعوا تسليم السيدة للمصحة ولا طفلها إلى دار الرعاية الإجتماعية، وذلك لتقلي العلاج والبقاء في مكان آمن يحافظ على حياتهما القائمة على مصير مجهول، وحتى لا تؤول الام وطفلها لذلك المصير قام شباب المبادرة بالاهتمام بالحالتين الإنسانيتين بعد العثور عليهما، وذلك من خلال إنشاء قروب عبر موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك) لهذا الغرض، والذي حثوا به الخيرين لعلاج السيدة وطفلها المريضين.
فيما تؤكد الوقائع أن الأم تمر بحالة نفسية سيئة جداً، وبالتالي يتطلب الأمر بقائها في مصحة للأمراض العقلية والنفسية، كما أن طفلها يحتاج لمقابلة الأطباء أيضاً من واقع أنه مصاباً في رأسه جراء تعرضه لـ(عضة) من أحد الكلاب الضالة، وبما أن الحالتين إنسانيتين من الدرجة الأولي، كان لزاماً على أولئك الشباب تبني الفكرة، والتي ظلوا في إطارها يرعونهما خمس أيام على التوالي دون كلل أو ملل، تأكيداً منهم على أن إنسان السودان مازال بمروءته، شهامته، ورجولته، وهي الصفات التي كادت أن تندثر من حياتنا للظروف السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية المحيطة بالبلاد على مدى ثلاثة عقود.
بينما نجد أنه وخلال رعاية شباب المبادرة للأم وطفلها كانوا يبحثون عن حلول ناجزة لوضع حد لمعاناتهما، فما كان منهم إلا والتوجه إلى المصحة والمستشفي المختصتين بالحالتين على أمل أن لا تواجههم أي معوقات أو متاريس، عموماً كلما ذهبوا إلى هناك يتم استقبالهم في هذا المصحة أو تلك المستشفى، إلا أنهم يتفاجأون بعدم قبول الحالتين الإنسانيتين، وعندما يسألون لماذا؟ يأتيهم الرد مؤكداً أن استلام مثل هذه الحالات المرضية لا يتم إلا بإذن أو خطاب من نيابة حماية الاسرة والطفل، فما كان من شاب المبادرة إلا وذهبوا بالحالتين إلى النيابة المختصة لأخذ الإذن أو الخطاب الذي تمت الإشارة إليه، وعلى ضوء ذلك أكد لمهم المسئول أنه سيتم حجز الحالة إلى اليوم التالي، إلا أنه وفيما بعد وجدوا أن السيدة وطفلها تم إخلاء سبيلهما رغماً عن أن حالتهما الصحية تستوجب تلقي العلاج بموجب الإذن أو الخطاب، والذي يخول لهم إيداع السيدة في مصحة الأمراض العقلية والنفسية، وأبنها في المستشفي.
وتؤكد قصة السيدة المريضة أنها كان لديها أربعة أطفال توفوا إلى رحمة مولاهم بسبب الإهمال وآخرهم توفي محروقاً، لذا يجب الوقوف مع هذه الحالات الإنسانية وتبسيط الإجراءات حتى لا نفقد مزيداً من الأرواح التي في مقدورنا منحها حق الحياة بقليل من الاهتمام.
ومما أشرت له، فإن شباب المبادرة تواصلوا مع العديد من السلطات المختصة قبل اللجوء إلى وسائط التواصل الاجتماعي، وذلك بغرض البحث عن حلول تضع حداً لمعاناة السيدة وطفلها المريضين، والتي جري البحث عنها من خلال نشر العديد من البوستات مرفقاً معها صور الحالتين، وذلك على أمل العثور عليهما، هكذا ظلوا يبحثون عنهما إلى أن تم العثور عليهما تحت كوبري (كوبر)، وكان أن تجمع الشباب المعني بالمبادرة بالقرب من مستشفى (المعلم)، وقام الشباب المتبني للحالتين باصطحابهم جميعاً في سيارة، والتي توجهوا بها مباشرة إلى نيابة حماية الأسرة والطفل لمعرفة الأسباب التي أدت إلى إخلاء سبيل السيدة وطفلها المريضين، فيما تواصل آخرين مع السلطات المختصة لإجراء اللازم، بينما توجه البعض الاخر إلى النيابة العامة في (المقرن) لفتح بلاغ بالواقعة،  إلا أنه تم احتجاز الحالتين لحين إكمال الإجراءات القانونية، والتي تخول منح الإذن أو الخطاب الخاص بتسليم السيدة وطفلها لتلقي العلاج بمصحة الأمراض العقلية والنفسية والمستشفي لابنها، ومثل هذين الحالتين يجب أن تهتم بهما الجهات المنوط بها ذلك، خاصة وأن النظام البائد أغفل هذه الجوانب الإنسانية، مما أفقد البعض من الشعب صفات كانت متأصلة في داخله من واقع الفساد الذي استشري في معظم مفاصل الدولة العميقة.

azsuragalnim19@gmail.com

*الدكتور أسامة عطا جبارة يشرح الإقتصاد السوداني في ظل الحرب*

..........  *تواصل شبكة (أوتار الأصيل) الإخبارية، وصحيفة العريشة الرقمية نشر الحوار الهام مع الخبير في الإقتصاد العالمي الدكتور أسامة عطا جب...