..............................
من المؤسف حقاً أن يستغل بعض ضعاف النفوس الظروف الاقتصادية القاهرة وتطويعها للكسب الرخيص الذي لا يثمن ولا يغني من جوع، هكذا يفعل بعض التجار وسائقي المركبات العامة، فهل هذه السياسة المتبعة يمكن إدراجها في ﻓﺴﺎﺩ ضمائر هؤلاء أو أولئك الذين ﺃﻋﻤﺎهم (الجشع)، (الطمع) و(الهلع) عن مراعاة الظروف الطارئة التي يمر بها المواطن الذي لم يعد يدري ماذا يفعل ولمن يلجأ في ظل ارتفاع الأسعار وزيادة تعريفة المواصلات بما لا يتوافق مع دخله، ومع هذا وذاك أصبح ﻛﻞ ﺷﻲﺀ قابل للزيادة حسب الأهواء والأمزجة الشخصية، لذلك يجد محمد أحمد (الغلبان) اختلاف في أسعار السلع من تاجر لآخر، وزيادة في تذكرة المواصلات من سائق مركبة لأخرى ، وفي كل الأحوال يكون المشتري للسلعة أو المستقل للمركبة مضطراً للدفع في حال أنه يملك المال أو يتركهما للبحث عن بديل يلبي رغباته ولكن هل يجده ؟ الإجابة في غاية البساطة لا، مع التأكيد أنه ليس أمامه ما ﻳﻤﻜﻦ ﻋﻤﻠﻪ لمجابهة الظروف القاسية، مما جعلت الكثيرين يشككون فيها إستغلال الظرف الراهن وتطويعه بالكيفية التي تتناسب مع الكسب غير المشروع الذي قادهم إلى أن لا تكون هنالك أﻣﺎﻧﺔ، وعليه فقد الإنسان ﺍﻟﺜﻘﺔ في أخيه الذي ينهش في لحمه دون رأفة أو رحمة ناسياً أو متناسياً الموت والحساب من رب العباد، فالدين الإسلامي يدعو ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺧﻼﺹ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ، وعدم أكل أموال الناس بـ(الباطل)، وأن تتم فيه ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ الأخلاق والقيم : (ﻣَﻦ ﻏﺸﻨﺎ ﻓﻠﻴﺲ ﻣﻨﺎ) ﻭ(ﺃﺣﺐ ﻷﺧﻴﻚ كما تحب ﻟﻨﻔﺴﻚ).
ها نحن نمر بإشكالية ﻛﺒﻴﺮﺓ جداً تتمثل في موت ضمائر البعض من ﺿﻌﺎﻑ ﺍﻟﻨﻔﻮﺱ الذين ﻻ ﻫﻢ ﻟﻬﻢ سوي ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﺎﻝ بصورة من الصور المشروعة أو غير المشروعة ، وهذا إن دل علي شيء فإنما يدل علي أنهم ﺗﻨﺼﻠﻮﺍ عن ﺃﺧﻼﻗﻬﻢ وقيمهم، ومما أمرنا به الدين الإسلامي ﺍﻟﺬﻱ أوجد للناس الخير وحذرهم من الشر الذي يجنون به علي الآخرين، لذا يجب ﺃﻥ ﻳﻨﺎﻝ كل من يستغل ظروف المواطن البسيط ﺟﺰﺍﺀه بما ﺍﻗﺘﺮﻓﺖ ﻳﺪﺍﻩ.
لم يعد (جشع)، (طمع) و(هلع) بعض التجار وسائقي المركبات أمراً مخفياً، ففي كل صباح جديد ﻧﺴﻤﻊ ﻭﻧﻘﺮﺃ ﺣﻜﺎﻳﺎﺕ مثيرة للدهشة في زمن فقدت فيه الدهشة خاصة وأن ارتفاع الأسعار وزيادة تعريفة المواصلات ليس لها ما يبررها سوي أنهم بدون ﻭﺍﺯﻉ ﻣﻦ ضمير، وكأنهم نسوا أن هناك ﺭﻗﻴﺒﺎً ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﻻ ﺗﺨﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﺎﻓﻴﺔ، ﻭﺳﻴﻘﺘﺺ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﺎﺟﻼً ﺃﻡ ﺁﺟﻼً.
إن ارتفاع أسعار السلع وزيادة تعريفة المواصلات أصبحت من الأمور التي فاقت طاقة الإنسان البسيط الذي يجأر بالشكوى، ولكن لا حياة لمن تنادي في ظل ظروف اقتصادية طاحنة ﺍﺳﺘﻄﺎع من يستغلونها ﺗﺤﻘﻴﻖ ما يصبون إليه من أﻣﻮﺍﻝ يندرج تصنيفها في بند (ﺍﻟﻐﺶ)، وذلك يعود لعدم وجود رقابة تحفظ للمواطن حقه.
ﺇﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ إنسان يستغل أخيه دون وجه حق ، خاصةً أولئك الذين يأذون المستهلك والراكب للمواصلات بالزيادات غير المبررة، لذا يجب ﻋﺪﻡ ﺍﻟﺘﻬﺎﻭﻥ معهم ، وأن لا تأخذكم بهم رأفة أو ﺮﺣﻤﺔ طالما أنهم لا يتعاملون بأخلاق وقيم الدين الإسلامي، عموماً من ﻻ ﻳﺮﺣﻢ الناس يجب أن ﻻ يرحم، ﻭﻣﻦ أوجب الواجبات ﻋﺪﻡ ﺍلإﻛﺘﻔﺎﺀ بالرقابة وإنزال العقوبة، ﺑﻞ ﻳﺠﺐ عكس ذلك عبر وسائل الإعلام حتى يكونون عظة وعبرة لآخرين ربما ينتهجون نهجهم غير القويم.
آخر الدلتا
ظل بعض التجار يرفعون الأسعار دون مسوغ قانوني يكفل لهم هذا الحق، بالإضافة إلى سائقي المركبات العامة الذين يستغلون المواطنين استغلالاً بشعاً برفع سعر تعريفة المواصلات بحسب المزاج، ويعود ذلك لأزمة المواصلات، فهل تصدق أن هنالك سائقين لـ(الحافلات) يأخذون الركاب من الخرطوم لام درمان بـ( 10) و(15) جنيهاً، وهكذا كل لديه تعريفه خاصة به، ولا يعرف المواطن لمن يلجأ ليحفظ له حقوقه المنتهكة.
وأرجع الأزمة إلى الرؤية غير الواضحة من الجهات المعنية بضبط حركة المركبات العامة وترك سائقيها يقررون متى يخلقون الأزمة لرفع التعريفة المقررة، ومتى يفرجونها، والضحية في النهاية المواطن، إذ يجد نفسه مضطراً إلى الرضوخ، لعدم وجود رقابة من السلطات المختصة، فهنالك مركبات عامة غير مرخص لها بالعمل تكتفي بقطع إيصال مخالفة مرورية من الصباح، ويظل يعمل به حتى المساء.